عبدالحفيظ الزريقي الحفاظ على المدن التاريخية دخلت إلى مديرية زبيد وكأنها نذير شؤم على المواطنين فمديرية زبيد التي يعمل غالبية سكانها عمالاً في المزارع وغالبية المواطنين فقراء معدمين استبشروا خيراً بقدوم منظمة gtz واعتقدوا بأنها ستعيد مدينتهم إلى عهدها القديم ولم يكونوا يدركون أن المنظمة لن تعمل لهم شيئا سوى ما يسمونه المساعدة بنسبة والتي يقوم مهندسوها بعمل مناقصة للمبنى بالطريقة الحديثة (بلك الاسمنت) ويقدرون قيمة المبنى بالطوب الأحمر والطين ويصرفون له الفارق والتي قد تصل في أقصاها إلى 50% ناهيك عن تكاليف استخراج الترخيص وهذه الطريقة هي ما جعلت المواطنين يرفضون هذه المنظمة ويتهربون من التعامل معها لأنهم فقراء لا يستطيعون دفع تلك التكاليف الباهظة وان البناء ب"البلك" قد يفقد عمره الافتراضي بينما الطوب لا يستطيعون إلا دفعة واحدة. يوم دامٍ وغضب جماهيري خرج المواطنون صباح يوم الثلاثاء 8/6/2010م يحملون لافتات لا لهدم المنازل ووقفوا في حارة الجامع امام "الشيول" الذي يتقدمه قادة المديرية الأشاوس ووكيل النيابة وبدون أي أمر قضائي سوى ما يقولون عنه أوامر مجلس الوزراء وقاموا قبل أربعة أيام بهدم أربعة من المنازل وأعادوا الكرة لاستكمال ما يقولون عنه إنه "إزالة المخالفات" وكانوا يحاولون تهديم منزل يتبع احد المواطنين يدعى المرزوقي وحاول المواطنون منعهم إلا إن رجال الأمن الأشاوس بدلا من أن يقفوا محايدين أمام رغبة جموع المواطنين قام احدهم كما قال الأهالي وأراد تلقين المواطنين درسا على الرفض وعدم الانصياع لأوامر الأسياد فصوب بندقيته الآلي وأطلق أعيرتها النارية الحية لتصيب رأس الشاب اليتيم الأعزل سعيد محمد داوود المعمري وحيد أمه بعد وفاة أبيه والعائل لأسرة أخيه الأيتام أيضا ويعمل على دراجة نارية ليفارق الحياة على الفور واصيب زميلاه حسن احمد جناح وعمر احمد قائد الذي يقال أنهما يرقدان بمستشفى الأقصى بمديرية زبيد وهما بحالة خطرة فيما غادر المستشفى اثنان كانت جراحهما طفيفة وولى هاربا وقيل انه تم القبض عليه. المواطنون اخذوا الشهيد وتم الصلاة عليه في الجامع الكبير وحملوه ولفوا به المديرية وهم يرددون الشعارات المناوئة للسلطة وهيئتها المشئومة وتوجهوا به إلى منزل الأمين العام بالمديرية وعضو مجلس النواب ومدير المديرية وإدارة الأمن والذين فروا هاربين أمام الغضب الجماهيري العارم وبعد أن طافوا جميع الحارات والأزقة تم قبره. فيما أمه لا تزال في غيبوبة حزنا على عائلها وفلذة كبدها التي قتلته رصاصة السلطة الحاكمة التي ننفق عليها من عرقنا وقوت أطفالنا. ماذا قال المواطنون عن ذلك التهديم وهيئة المحافظة على المدن التاريخية فوجئ المواطنون قبل أربعة أيام بقيام شيول يتقدمه المسئولون بالمديرية يقومون بهدم عدد من الاحواش والسواتر للمنازل والتي يتهمون فيها المواطنين باستحداثها وبدون سابق إنذار وبدون أي حكم قضائي بات ولكن تنفيذا لأوامر مجلس الوزراء كما يدعون ذلك وقالوا إن لجنة وزارية زارت المديرية يتقدمهم صادق أمين أبو راس ووزير الثقافة ووزير التعليم الفني والتدريب المهني وحددوا (18) منزلا اعتبروها مخالفة لبنائها،اي بدون تراخيص ومخالفة للمواصفات وطالبوا الجهات التنفيذية بالمديرية بإزالتها وتم تشكيل لجنة من كل من مدير عام مكتب هيئة المدن التاريخية ومدير عام المديرية رئيس المجلس المحلي ومدير امن زبيد ووكيل نيابة زبيد. ومن اجل إعطاء عملية الهدم صيغة قانونية وبعد هدم أربعة منازل وجهوا مذكرات إلى العديد من المواطنين بتاريخ 5/6/2010م حصلت الصحيفة على صورة أحداها والتي نصت على " لقد سبق إشعاركم بإزالة المخالفة التي قمتم بها وهي عبارة عن قيامكم ببناء سور بمادة البلك بدون ترخيص والتعدي على الشارع العام وذلك في حارة الجامع وذلك مخالفا لقانون البناء رقم (19) لسنة 2002م وقرار مجلس الوزراء رقم (204)لسنة 2001م بشأن لائحة ضوابط البناء في المدن التاريخية إلا إنكم لم تقوموا بالإزالة وعليه : فإننا نشعركم للمرة الثانية بضرورة سرعة إزالة المخالفة المذكورة خلال يومين من تاريخه ما لم يتم ذلك فسوف نقوم بإزالة المخالفة قهرا وتحميلكم كامل التكاليف والمسئولية " واعتبرت اللجنة تلك الرسالة أخلاء للمسئولية لتقوم بالإزالة ،وكانت تلك الفاجعة التي حدثت بعد يوم الثلاثاء اي بعد يومين فقط من تاريخ الرسالة مواطنون التقاهم مراسل الصحيفة في مديرية زبيد قبل الأحداث الدامية الشيخ / مقبول حسن المنصري رقيب بالحرس الخاص قال بيتي تقع أمام المدرسة وكنت في صنعاء وتم لاتصال بي وقيل لي إن منزلي تم هدمه ونزلت إلى زبيد ووجدت ان الهدم الذي حدث فوق رؤوس الساكنين عرى منزلي وأصبحت الحمامات على الشارع وتوجهت إلى مدير الأمن فقال إن الهدم تم بأوامر من رئيس الوزراء ولا ادري من غريمي بل إن العسكر قاموا بضرب أخي غير الشقيق الأستاذ الموجه عمر مشهور وسجنه يوم كامل لأنه اعترض عملية الهدم وها أنا أصبحت مشردا وبيتي مكشوفة وقال إن من يبني في الشارع لم يهدموا منزله وانا بنيت في ارضي وأملاكي وليس بالشارع ويتساءل لماذا هذا التعنت بالمواطنين في مدينة زبيد الشاعر الشعبي عبر عما يسمى بالآثار ببيتين من الشعر قال فيهما أما بشأن الآثار أمرٌ معلق كم له سؤال علينا مطروح ما لقينا حله عبد الكريم احمد قال وصلت من الحديدة الساعة العاشرة والنصف صباحا وكان الشيول أمام منزلي بعد أن هدم الغرفة الخارجية من قبل وكيل النيابة ومدير امن زبيد ونائب مدير الآثار يتقدمون مع الشيول ويوجهون بهدم المنازل بدون أي سابق إنذار للساكنين داخل البيوت واعترف وكيل النيابة ومدير الأمن بأنهم غلطوا عندما هدموا بدون سابق إنذار ليتداركوا ذلك في اليوم الثاني. مواطن طلب عدم ذكر اسمه قال :أنا معي منزل قديم آيل للسقوط ويحتاج إلى تدخل المنظمة لإعادة ترميمه وعرضت عليهم ذلك ولم احصل على أي تجاوب لأني لم استطع دفع النسبة كما يريدون وأنا فقير اعمل بالأجر اليومي وقال آخر إن مسجد النجم وهو مسجد قديم منارته حصل فيها ميول شديد يزداد عاما بعد آخر وان سقوط المنارة سيقع على احد المنازل المجاورة له وطرح عليهم ترميم المنارة فكان ردهم " يوجه لمدير الأوقاف رغم أخذهم عدة صور للجامع والمنارة المائلة والآيلة للسقوط". ختاما تلك هي ربما مشكلة زبيد التي راح ضحيتها شاب في مقتبل العمر زف عروسا إلى مثواه الأخير كان يحلم إن يرى منزله قد طاله الإعادة والإعمار لا أن يطاله التدمير وربما أن ولاة الأمر لم يوضحوا للمنظمة (GTZ) أن المواطنين مستعدون لوضعهم فوق رؤوسهم لو أنهم قدروا ظروفهم وحالتهم المادية الصعبة كونهم فقراء يعملون بالأجر اليومي ليقوتوا أولادهم ويحاربون الجوع والمرض بشق الانفس ولا يستطيعون أن يسهموا حتى بنسبة واحد في المائة ويفضلون العيش تحت البلك شديد الحرارة خير من المذلة والهوان وربما لم يدرك مجلس الوزراء إن تلك البلك التي يهدمونها بتوجيهاتهم هي من دم وعرق أولئك الفقراء ليشاهدوها تسقط أمام أعينهم وتعري منازلهم وتبدد أحلامهم بعش صغير يأويهم. إن الدماء الزكية التي سقطت يوم الثلاثاء في أعناق مسئولي البلاد قاطبة وأولهم مجلس الوزراء وحتى القاتل الفعلي ويطالب المواطنون النائب العام التوجيه بسرعة التحقيق مع الجاني وإعادة الاعتبار لأبناء زبيد كما يناشدون الأخ رئيس الجمهورية التدخل شخصيا لإنقاذ أبناء زبيد من مسئوليها الذين هربوا في يوم الغضب وتواروا كالفئران ودفع ما تطلبه المنظمة من خزينة الدولة إذا كان يهمه إعادة أعمار مدينة زبيد وعلى المنظمة وهيئتها المشئومة إذا كانت قادرة على إعادة أعمار زبيد بنفسها فإن المواطنين سيرحبون بها ما بقيت على ترابهم وإذا كانت لا تستطيع فل تترك المواطنين وحالهم ولا تكلفهم مالا يطيقون.