تعتزم حكومة البحرين الإشراف الكامل على المنابر الدينية على خلفية قضية اتهام 23 معارضا شيعيا بالإرهاب والتآمر للإطاحة بنظام الحكم، وفي سياق تفاعلات القضية طالبت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيعية المعارضة من أسمتهم عقلاء السلطة والمجتمع بالتدخل الفوري لوقف ما وصفته بالنزف المجتمعي بعد أن وجهت انتقادا شديدا للإجراءات الحكومية الخاصة بالقضية. وذكرت وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا) أن ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بعث برقية لوالده ملك البحرين بعد خطابه الأخير شدد فيها على إشراف الدولة على المنابر الدينية. واعتبر الأمير سلمان في برقيته أن نقطة البدء في تحقيق التوجيه الديني السليم الذي يعتبر واجب المجتمع كله ومسؤولية الدولة وحدها هو "استرداد المنابر للحيلولة دون اختطافها من مسيس غير مؤهل أو من خطيب أضل طريقه بعيدا عن مصالح الأمة، وتأكيد معنى ولاية الأمة من خلال ولاية الدولة على المنابر الإسلامية". وفي برقية مماثلة للملك أكد رئيس وزراء البحرين خليفة بن سلمان آل خليفة أن "الحكومة ممثلة في الأجهزة المعنية بالشؤون الدينية ستعمل على جعل المنبر الديني البحريني مكانا يعتليه فقط من هو قادر على تكريس قيم التسامح والوسطية والاعتدال". ووفق البرقية سيكون المنبر الديني "منبذا لكل من يستغله ويطوعه لتحقيق مآرب فئوية ضيقة لا تخدم المصلحة الوطنية أو وحدة الصف أو المقاصد الأخرى المرفوضة دينيا والمنبوذة وطنيا وشعبيا". وكان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ندد في كلمة متلفزة بالمؤامرة لتغيير نظام الحكم، معتبرا أنها "نوع من الفتنة والإرهاب". ودعا في خطابه بمناسبة العشر الأواخر من رمضان أمس إلى "برنامج متكامل للإصلاح ودعم أسس دولة الحق والقانون والديمقراطية". كما حث السلطة الحكومية المسؤولة عن الشؤون الدينية على "إيلاء مزيد من العناية لمنابرنا الدينية والحرص على ألا يعتليها إلا من تتوفر فيه الكفاءة العلمية اللازمة، والمواطنة الصالحة والخلق الحسن، ولزوم الجماعة، والتشبع بالوسطية والاعتدال ونبذ العنف". موقف الوفاق وإزاء التطورات الأخيرة وصفت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيعية الممثلة في البرلمان التقرير الذي بثته قناة البحرين الفضائية بشأن القضية بأنه عمل مخالف للمادة 20 من الدستور ويستبق القضاء وفيه تأليب ضد المتهمين عبر صناعة رأي عام ضاغط على السلطة القضائية. وكان التلفزيون الرسمي عرض أمس الأول صور وأسماء 21 شخصا من هذه الشبكة موقوفين لدى السلطات البحرينية، واثنين يوجدان خارج المملكة، وهؤلاء قياديون وأعضاء في حركات وأحزاب معارضة غالبيتها شيعية، وهي حركة الحريات والديمقراطية (حق)، وأحرار البحرين الإسلامية، وتيار الوفاء الإسلامي، وتيار الممانعة، ومركز البحرين لحقوق الإنسان المنحل. ورأت الوفاق في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه أن الخطوة تخلو من أي بعد حقوقي للمتهمين الذين لم توفر لهم أبسط حقوقهم, وشددت على أن المعلومات الواردة تؤكد وجود تعذيب وإعاقة لعمل لجنة الدفاع. ما استنكرت بشدة الزج باسم "المآتم والحقوق الشرعية" والتلميحات التي تشمل الطائفة الشيعية بأكملها، معتبرة ذلك "تحريضا واضحا على معتقدات دينية لطائفة من أبناء الوطن وتشطيرا خطيرا للمجتمع يدفع بالأمور إلى مزيد من التأزم". ورأت أن "ما جرى في ثلاثة أسابيع جعل أمل إنعاش الإصلاح حلما يتبدد"، وطالبت عقلاء السلطة والمجتمع بالتدخل الفوري لوقف النزف المجتمعي، واستنكرت الجمعية حجب موقعها الإلكتروني من قبل هيئة الإعلام الحكومية واعتبرته غير مبني على أسس قانونية وتبريرات موضوعية. توجيه الاتهام جاء ذلك بعدما وجه المدعي العام البحريني تهم "الإرهاب" والسعي للإطاحة بنظام الحكم إلى 23 شيعيا معارضا، أوقف معظمهم خلال حملة أمنية ضخمة جرت قبل ثلاثة أيام. وتشمل التهم الموجهة لأعضاء الشبكة -وفق وكالة أنباء البحرين الرسمية- "عقد لقاءات تنظيمية سرية في الداخل والخارج للتنسيق وتوزيع الأدوار والمهام للعمل على تغيير نظام الحكم بوسائل غير مشروعة، وبث الدعايات والأخبار الكاذبة من خلال الخطب التحريضية في بعض دور العبادة، وبث النشرات والبيانات بغرض إثارة الشارع". ورجح دبلوماسيون غربيون أن تكون الاعتقالات محاولة للضغط على المعارضة لتخفيف الاحتجاجات قبل الانتخابات المقررة يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في حين رأى محللون أنها علامة على نهاية عملية إصلاح أطلقها الملك منذ نحو عقد أدت إلى تراجع الاضطرابات. وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد دعت الأربعاء إلى التحقيق في اتهام الموقوفين لأجهزة الأمن بتعذيبهم. ملك البحرين: ما شهدناه إرهاب وفتنة وصف ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ما شهدته بلاده مؤخرا من أحداث بأنه إرهاب وفتنة، وتعهد بمواجهته بحزم. ويتزامن ذلك مع اتهام البحرين لأكثر من 20 زعيما شيعيا معارضا بالتآمر للإطاحة بالأسرة الحاكمة. ونقلت عنه وكالة الأنباء البحرينية قوله إن ما شهدته البحرين مؤخرا من أحداث "نوع من الخروج عن الجماعة والفتنة والعدوان والإرهاب، وهي أمور محرمة شرعاً، وغريبة على شعب البحرين". وأضاف أن "الذين حرضوا عليها لم يقرؤوا عواقب ما يؤدي إليه التحريض من تلك الأحداث"، مشيرا إلى أنهم -دون أن يشير إلى حملة الاعتقالات الحالية- "واصلوا حتى التدريب على كل أنواع التخريب". وكانت البحرين قد اتهمت أكثر من 20 زعيما شيعيا معارضا -جرى اعتقالهم في حملة واسعة- بالتآمر للإطاحة بالأسرة الحاكمة من خلال التحريض على احتجاجات عنيفة وأعمال تخريب. ونقلت وسائل الإعلام في البحرين عن ممثلي الادعاء قولهم إنهم سيوجهون اتهامات إلى 23 رجلا، بينهم اثنان خارج البلاد وناشطون في حقوق الإنسان. وذكر التلفزيون الوطني البحريني أن قوات الأمن نجحت يوم 13 أغسطس/آب الماضي في تفكيك شبكة سرية "وإحباط خططها الإرهابية لتقويض الأمن القومي وزعزعة استقرار البلاد، وبث الشقاق في الوحدة الوطنية وتمزيق النسيج الوطني، ونشر العنف ومهاجمة الأبرياء، وتدمير الملكيات العامة والخاصة". وعرض التلفزيون صور وأسماء 21 شخصاً من هذه الشبكة موقوفين لدى السلطات البحرينية، واثنين يوجدان خارج المملكة. وهم قياديون وأعضاء في حركات وأحزاب معارضة، غالبيتها شيعية، وهي حركة الحريات والديمقراطية (حق) وأحرار البحرين الإسلامية وتيار الوفاء الإسلامي وتيار الممانعة ومركز البحرين لحقوق الإنسان المنحل. وأفاد التلفزيون بأن الشبكة "قامت بالتحريض على ممارسة الأعمال الإرهابية والحض على التخريب والإتلاف في مناطق مختلفة بمملكة البحرين قولاً وفعلاً، وذلك ضمن مشروع إرهابي وتخريبي منظم ومخطط عبر عدة محاور تتكامل فيما بينها". لقاءات تنظيمية وتشمل التهم الموجهة لأعضاء الشبكة -وفق وكالة أنباء البحرين الرسمية- "عقد لقاءات تنظيمية سرية في الداخل والخارج للتنسيق وتوزيع الأدوار والمهام للعمل على تغيير نظام الحكم بوسائل غير مشروعة، وبث الدعايات والأخبار الكاذبة من خلال الخطب التحريضية في بعض دور العبادة، وبث النشرات والبيانات بغرض إثارة الشارع". وأفادت الوكالة بأن عمل الشبكة شمل أيضاً "توفير الدعم المالي من مصادر في الداخل والخارج تحت غطاءات متنوعة، من تبرعات رجال أعمال وتجار أو الأموال المتحصلة من الخُمس (زكاة)، والقيام بتشكيل مجموعات تخريبية في مناطق مختلفة بالمملكة، ومحاولة الاتصال بجهات وأحزاب خارجية للحصول على الدعم لمساندة الشبكة في تنفيذ أهدافها". وأعلنت السلطات أن قيادة هذه الشبكة تتألف من ثمانية أشخاص بينهم القيادي في (حق) عبد الجليل السنكيس الموقوف منذ 14 أغسطس/آب، وحسن مشيمع الأمين العام للحركة، وسعيد الشهابي وهو قيادي مخضرم في حركة أحرار البحرين، وسعيد ميرزا أحمد النوري الذي ينتمي إلى تيار الوفاء الإسلامي، ومحمد حبيب منصور الصفاف (تيار الممانعة)، وعبد الغني خنجر المتحدث باسم اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب. يذكر أن البحرين كانت شهدت عام 2008 أعمال شغب استهدفت حرق ممتلكات وسيارات بعد مقتل شاب خلال مسيرة احتجاجية.