الدوري الانجليزي الممتاز : البداية المتواضعة لل"حُمر" في الموسم المحلي لا تُبشر جماهير الفريق بالخير وخطط هودجسون الغامضة تستعصي على اللاعبين وخزائن بطولات ليفربول تشتاق إلى درع الدوري الغائب منذ عام 1990. القلق يسيطر على الجميع في المدينة العريقة، والجميع يتساءلون: أين ليفربول؟ متى ستعرف قدماه طريق لقب الدوري الإنكليزي الممتاز؟ متى ستعود تلك البطولة الغائبة عن خزائن "أنفيلد" منذ عقدين من الزمان؟ "لن تسير وحدك أبدًا".. هو شعار الفريق الذي تحفظه الجماهير العاشقة والمتيّمة عن ظهر قلب، إلا أن ليفربول يسير وحده فعلاً في طريق الكبار في إنكلترا، الذين تقاسموا بطولات الدوري المحلي في السنوات العشرين الماضية دون أن يتركوا لل"ريدز" شيئًا، فقد كانت آخر بطولة دوري فاز بها الفريق موسم 1990/1989، ومنذ ذلك الحين تحلم الجماهير العريق باللقب رقم 19 الذي لم يأتِ يعد. الزعامة تضيع من ليفربول في عام 1990 كان ليفربول أكثر فريق يفوز باللقب (18 مرة)، في حين أن منافسه اللدود على زعامة الكرة الإنكليزية، مانشستر يونايتد، لم يكن يحلم بالاقتراب من هذا الرقم، لأنه كان وقتها قد حصل على درع الدوري 7 مرات فقط. مرت السنون وتعاقبت أجيال اللاعبين في الفريقين، وشاءت الأقدار أن يحصل "الشياطين الحمر" على البطولة الأغلى في إنكلترا 11 مرة في العشرين عامًا الأخيرة، ليعادلوا رقم ليفربول الذي تنازل عن نصف زعامته لأندية إنكلترا لصالح مانشستر يونايتد. في هذين العقدين، توالى على ليفربول ستة مديرين فنيين، هم - على الترتيب - الإنكليزي رومي موران، والاسكتلندي غرايمي سونيس، والإنكليزي روي إيفانز، والفرنسي جيرار أولييه، والإسباني رافايل بينيتيز، وأخيرًا الإنكليزي روي هودجسون. فشل محلي ذريع وفشل هذا السداسي بشكل مُخيب للآمال في الفوز ولو لمرة واحدة ببطولة الدوري المحلي، لكن - بلغة الأرقام - بينيتيز يعد الأنجح بينهم، إذ نجح في إعادة دوري أبطال أوروبا إلى الفريق عام 2005، بعد 21 عامًا غابت خلالها الكأس ذات الأذنين عن "الحُمر". أما السؤال الذي يبحث عن إجابة شافية فهو: ما الذي ينقص ليفربول ليستعيد ذكريات التتويج بالدوري المحلي؟ فالفريق عامر دائمًا باللاعبين المتميزين، ويمتلك تشكيلة أساسية ومقعد بدلاء مليئين بالقنابل الموقوتة، وتسانده عشرات الآلاف من الجماهير في كل مباراة يلعبها سواءً على ملعبه أو خارجه، علاوة على اختيار مديرين فنيين يمتلكون أسماءً قوية وسُمعة لا يُستهان بها في عالم كرة القدم.. فأين العلة؟ خبراء كرة القدم في إنكلترا يعتقدون أن ليفربول مصابٌ بداءٍ كروي يعرف باسم "النفَس القصير"، فبإمكان لاعبيه الفوز بالبطولات التي تُلعب بنظام الكأس ومرور الفائز وخروج المهزوم، في حين أن الألقاب التي تحتاج إلى صبرٍ وجمع للنقاط عادةً ما تخرج عن طوعهم، وتستعصي على أقدامهم. بطل كؤوس لا دوريات ويبدو أن هذا الرأي يحمل في طياته جزءًا كبيرًا من الصواب، لأن جميع الألقاب التي فاز بها ليفربول خلال العقدين الأخيرين تحمل طبيعة الأدوار المتتالية والمنافسة المباشرة من مباراة واحدة أو مباراتي ذهاب وإياب، وهذه البطولات هي كأس الاتحاد الإنكليزي أعوام 1992 و2001 و2006، وكأس رابطة الأندية المحترفة (كارلنغ كب) أعوام 1995 و2001 و2003، وكأس الدرع الخيرية الإنكليزية عامي 2001 و2006. وعلى المستوى القاري تُوّج ليفربول في الفترة المذكورة ببطولات دوري أبطال أوروبا عام 2005، وكأس الاتحاد الأوروبي عام 2001، وكأس السوبر الأوروبية في العامين ذاتهما. لنطوي سجل الماضي وندعه جانبًا، ونفتح دفتر الحاضر الذي لا يبدو ناصع البياض بالنسبة لليفربول، فالفريق يمر الآن بمرحلة انتقالية على مستوى الإدارة الفنية بقدوم روي هودجسون، بسياسته التدريبية الغامضة حتى بالنسبة للاعبيه، القدامى منهم والجدد. الواقع يقول إن ليفربول المعدّل 2010 ليس بأفضل من ليفربول الموسم السابق، ذلك الموسم الصاعق لجماهير الفريق لأن ليفربول حل به في المركز السابع، وبالتالي خرج من السباق الأوروبي الكبير، دوري أبطال أوروبا، مكتفيًا بالمشاركة في بطولة المغمورين نسبيًا، كأس الاتحاد الأوروبي. توريس خارج الخدمة وبعد 5 أسابيع من الموسم الجديد بالدوري الإنكليزي الممتاز، لم يجمع ليفربول سوى 5 نقاط فقط من فوز وتعادلين وهزيمتين، ويحتل حاليًا المركز السادس عشر بفارق 10 نقاط عن تشيلسي صاحب الصدارة. لكن مستوى الفريق المتراجع حاليًا يعود بدرجة كبيرة إلى كوْن المهاجم الإسباني فيرناندو توريس "ضيف شرف" على الفريق منذ بداية الموسم، و"حاضرًا غائبًا" في صفوف فريقه، بل أصبح اللاعب الدولي الفائز بكأس العالم مع منتخب بلاده، عبئًا وعالةً على ليفربول، وفقد معظم قدراته التهديفية وحساسيته أمام المرمى مؤقتًا. وعلى عاتق القائد ستيفن جيرارد تُعلّق جماهير ليفربول معظم أحلامها، من أجل انتشال فريقها المفضل من بدايته "الكابوسية" في الدوري المحلي، إذ تناشده بأن يكون "مترجمًا" للغة هودجسون غير الواضحة إلى الفريق، مستخدمًا خبرته الواسعة على المستويين المحلي والأوروبي، مع فريقه ومع منتخب بلاده. فهل يحتمل كاهل جيرارد كل هذا العبء؟ وهل يجد العلاج الشافي لإخفاق ليفربول المبكر محليًا؟ وهل يستطيع وزملاؤه فك طلاسم المدير الفني الجديد الذي يحاول فرض فلسفته على الفريق؟ الأشهر الثمانية المقبلة تجيب على هذه التساؤلات. من مهند الشناوي - يوروسبورت