فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا انتقلت الزعامة البهرية إلى الهند؟
نشر في حشد يوم 17 - 10 - 2010


الحلقة الاولى:
من هم البهرة ؟ وكيف نشأة الطائفة البهرية في اليمن؟ ولماذا انتقلت الزعامة البهرية إلى الهند؟ وما هي عقائدهم التي يدينون بها؟
طائفة البهرة في اليمن واحدة من الطوائف الغامضة, التي لا يعرف عنها 90% من الشعب اليمني شيء بسبب التكتم الذي يحيط بهذه الدعوة التي يغلب عليها السرية والكتمان الشديدين, طائفة لها معتقداتها الخاصة, وطقوسها الدينية التي يستحيل وجودها في أي طائفة أخرى, ولم تكن لطائفة بهذا الاسم شهرة في اليمن كما هو حال بقية أسماء الطوائف الأخرى كالشيعة والمكارمة والقرامطة والصليحية، فهذه المسميات لها حضور في أذهان اليمنيين، وذلك ناتج لما لها من أحداث عبر التاريخ اليمني، ودول قامت باسمها، وشخصيات شهيرة، فمن علي بن الفضل إلى ابن حوشب إلى الملكة أروى بنت أحمد الصليحي.
أما طائفة البهرة فلم تكن لها أحداث شهيرة باسمها وإن كان البعض يدرجها ضمن (المكارمة)، ولكن شهرتها بدأت منذ ظهور احتفالاتها الدينية في اليمن قبل بضع سنوات فقط عندما سمحت للآخرين بالحضور في مركزهم الديني بصنعاء –الفيض الحاتمي- وكان لوسائل الإعلام دور كبير في إظهار هذه الطائفة، حيث دأبت معظم وسائل الإعلام -الرسمية والحزبية والأهلية– في إبراز هذه الطائفة عقائدياً وسلوكياً، وأماكن انتشارها، وصوّرتها كطائفة هامة لها ثقافة دينية تراثية قديمة، ووسطية في المنهج.
وإلى جانب ما سبق يظهر الاهتمام الرسمي بهذه الطائفة، فعند وصول سلطان البهرة إلى اليمن يجد في استقباله بعض المسؤولين في الحكومة, وفي أحيان كثيرة يكون رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح في استقباله سواء في قصر الرئاسة أو أماكن أخرى, وفي الرابع عشر من شهر سبتمبر المنصرم وصل إلى مطار صنعاء الدولي الدكتور محمد برهان الدين في زيارة لليمن استغرقت عدة أيام التقى خلالها عدداً من المسؤولين في الحكومة للتشاور إزاء القضايا التي تهم الأمة الإسلامية, بحسب مصادر رسمية, شارك فيها أبناء الطائفة البهرية في اليمن احتفالاتهم الدينية التي تقام كل عام.
ثلاث فرق شيعية
تمكن عبد الله بن سبأ اليهودي اليماني وأتباعه من شق وحدة الأمة الإسلامية إلى سنة ، وشيعة ، وخوارج،ولم يقتصر هدفهم على ذلك ،فهو أبعد من ذلك بكثير؛ألا وهو إفساد وتخريب عقائد الذين اتبعوهم ، لإخراجهم نهائيا من صف المسلمين ، تحت شعار الدفاع عن آل البيت .وقد كان الخوارج والشيعة ضمن معسكر واحد وهو معسكر علي – كرم الله وجهه - ، وبعد موقعة صفين امتاز الخوارج عن الشيعة ، وسلك كل فريق مسلكا يناقض الآخر ، وأصبح الفريقان يتبرأ أحدهما من الآخر .
وقد انقسمت الشيعة إلى ثلاث فرق رئيسة هي : الزيدية ، والكيسانية ، والإمامية ، وجميع هذه الفرق متفقون على أن الإمامة لا تخرج عن أولاد علي - كرم الله وجهه - وأحفاده ، وإن خرجت فبظلم من غيرهم ، أو بتقية منهم ، والإمامة عندهم لا تناط باختيار العامة ، إنما هي قضية أصولية ، تنصيصية ، تعيينية ، ومع ذلك لم تدعهم السبئية يتفقون على إمام واحد .
أ – الشيعة الزيدية : نسبة للإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( ت122ه ) ، وقد انقسموا إلى ست فرق ، وقيل : ثماني فرق ، وقيل : عشر فرق ، ويقال : إنهم قريبون إلى أهل السنة والجماعة
ب – الشيعة الكيسانية : وقد ساقت الإمامة إلى ( محمد بن الحنيفية ) بالاستدلال ، لأن عليا كرم الله وجهه - د فع إليه الراية يوم موقعة الجمل ، وقيل : بالوصية .وقد اضطربت كتب المقالات والفرق في تحديد نسبة الكيسانية ، فمنهم من نسبها إلى كيسان – صاحب شرطة المختار الثقفي -، ومنهم من نسبها إلى المختار الثقفي نفسه ، والراجح أنه منسوبة إلى كيسان – مولى علي بن أبي طالب وتلميذ محمد بن الحنيفية -،وقد انقسمت الكيسانية إلى إحدى عشرة فرقة ، اندثرت جميعها ، وكلها فرق سبئية وغالية.
ت – الشيعة الإمامية : وقد ساقوا الإمامة إلى الحسن بن علي ، فالحسين بن علي ، فالامام علي بن زين العابدين ، فالامام محمد الباقر ، فالامام جعفر الصادق ، وهنا تفرقوا إلى فرقتين :
الفرقة الأولى : ساقت الإمامة بعد جعفر الصادق إلى موسى الكاظم ، فالإمام علي الرضا ، فالإمام محمد الجواد ، فالإمام علي الهادي ، فالإمام الحسن العسكري ، فالإمام الثاني عشر الغائب محمد بن الحسن العسكري ،وهذه الفرقة تسمى ب : الإمامية الإثني عشرية ، أو الجعفرية ، أو الكاظمية ، أو الموسوية ، ويسمون في جنوب لبنان بالمتاولة ، أي: المتأولة.
والفرقة الثانية : قالت بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق - بدلا عن موسى الكاظم - ، وهو الإمام السابع عندهم ، فيسمون لذلك بالإسماعيلية نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق ، وبالسبعية : نسبة إلى الإمام السابع . وانشقت الإسماعيلية إلى فرقتين كذلك :
الفرقة الأولى : نادت بإمامة مبارك - مولى إسماعيل بن جعفر الصادق - فسموا بالمباركية ، وعنهم انشقت فرقة الخطابية المغالية المنتسبة لأبي الخطاب الأسدي ، الذي غالى في تأليه آل البيت،وادعى النبوة.
والفرقة الثانية : ساقت الإمامة من محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي، وهنا أوقفت طائفة الدروز الإمامة عند الحاكم بأمر الله ، وقالوا برجعته ، وساق بقية الإسماعيليين الإمامة إلى المستنصر بالله ، وهنا انشقوا بدورهم إلى فرقتين هما:
1 - الإسماعيلية النزارية ( الاسماعيلية الشرقية) : - أتباغ أغا خان حاليا - ، وهم الذين اعتقدوا إمامة نزار بن المستنصر ، وطعنوا في إمامة المستعلي – أحمد بن المستنصر - ، وقد نقل كبير دعاتهم : الحسن بن الصباح الدعوة إلى فارس ، وكون دولة النزارية ، التي عرفت باسم دولة :(الحشاشين ) التي لعبت دورا سياسيا كبيرا في إيران ، والهند ، والشام ، وأفغانستان.
2 – الإسماعيلية المستعلية ( الاسماعيلية الغربية ) : وهم الذين قالوا بإمامة : أحمد بن المستنصر ، الملقب ب المستعلي ، ويعرفون باسم : البهرة ، وقد انشقوا كذلك إلى فرقتين هما : البهرة الداوودية ، والبهرة السليمانية وسيقتصر حديثي عن هذه الطائفة من الشيعة الإسماعيلية ، إذ هم المعنييون في هذا البحث.

نشأة الطائفة البهرية
ذكرنا أن طائفة البهرة هي الطائفة التي نادت بإمامة أحمد بن المستنصر الملقب ب المستعلي ، وولي إمامة الإسماعيلية بعد المستعلي ولده : أبو علي المنصور ، ( أحضره الأفضل بن أمير الجيوش وبايع له ، ونصبه مكان أبيه ، ونعته ب (الآمر بأحكام الله ) ونقل أبو المحاسن عن الذهبي قوله فيه :(كان رافضيا كآبائه ، فاسقا ، ظالما ، جبارا ، متظاهرا بالمنكر ، واللهو ، ذا كبر وجبروت ) وقتل سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، قتله النزاريون على الجسر إلى الجزبرة ( في القاهرة) . ولم يترك خلفا له ، على قول أكثر المؤرخين مثل : ابن الأثير ، والذهبي ، وغيرهم . ولكن الإسماعيلية المستعلية ينكرون هذا ويقولون : إنه ولد له ولد أسماه : الطيب ، وكناه : بأبي القاسم ، وجعل الإمامة فيه ، وأخبر بذلك الملكة الحرة أروى الصليحية باليمن ، وهذه الملكة أخفته ، وجعلت نفسها كفيلة عليه ، ونائبة عنه في تولي شئون الدعوة الإسماعيلية ، واتخذت لنفسها لقب : ( كفيلة الإمام المستور : الطيب بن الآمر ) . وقد انقرضت الدولة الصليحية في سنة 511ه ، ولم يقم أتباع الدعوة الطيبية بأي نشاط سياسي بعد ذلك ، بل ركنوا إلى التجارة ، وعاشوا في محيط خاص بهم ، وكان كثير منهم يتخذ التقية فلا يظهر إسماعيليته بالرغم من وجود داعية لهم ينوب عن إمامهم المستور في تصريف أمورهم الدينية . وقد هيأت التجارة التقليدية بين اليمن والهند فرصة لنشر الدعوة الإسماعيلية الطيبية في الهند ، ولا سيما في ( ولاية جوجرات) جنوب بومبي ،وأقبل جماعة من الهندوس على اعتناق هذه الدعوة حتى كثر عددهم هناك ،وعرفت الدعوة بينهم باسم (البهرة ) . وكلمة البهرة :كلمة هندية قديمة معناها : التاجر . واستمرت الدعوة المستعلية في اليمن تشرف على أتباعها في( جوجرات) ، إلى أن اضطرت الدعوة الإسماعيلية الدخول في دور الستر مرة أخرى، وظهرت سلسلة طويلة من الدعاة المستورين ، حتى كانت سنة ( 999ه/1591م) وإثر وفاة (داود بن عجب شاه ) الداعي السادس والعشرين في سلسلة دعاة دور الستر ، انشقت البهرة إلى فرقتين : فانتخب بهرة جوجرات ( داود برهان الدين بن قطب شاه ) خلفا له (1021- 1030ه) وعرف أتباعه ب ( الداودية) ، وداعيتهم الآن هو : ( د. محمد برهان الدين بن طاهر سيف الدين ) ، ويعد الداعي الثاني والخمسين من سلسلة دعاة الدعوة الإسماعيلية الطيبية ، ويقيم في مدينة بومباي بالهند . وهو برتبة الداعي المطلق ، وصاحبها يتمتع بنفس الصفات التي كان يوصف بها أئمة الإسماعيلية ، على أنها صفات مكتسبة وليست ذاتية .ومنصب الداعي ليس وراثيا كالإمامة ، بل هو مكتسب ، إلا أن الدعاة المتأخرين لم يلتزموا بهذه التعاليم ،وخرجوا على المعتقدات والأصول الأساسية للطائفة ، فادعوا لأنفسهم العصمة كالأئمة سواء بسواء ، وجعلوا منصب الداعي وراثيا في أبناء الداعي المهيمن على طائفة البهرة الداوودية .. بينما عارض بهرة اليمن ذلك ، وعاضدوا رجلا آخر يدعى : ( سليمان بن الحسن الهندي 1005- 1050 ه) وكان مقيما في ( أحمد أباد ) في الهند ، مدعين أن ( داوود بن عجب شاه ) قد اختاره وعهد إليه بالدعوة بوصية منه ، وسمى أتباعه ب ( السليمانية ) .وقبل وفاة ( سليمان الهندي ) أوصى لابنه ( جعفر ) بزعامة الدعوة وكان ما يزال طفلا ، وأوصى ل ( محمد بن الفهد المكرمي ) بكفالته وتربيته ، فانتقلت البهرة السليمانية إلى اليمن ثم تولى الدعوة من بعده أخوه ( علي ) الذي ألف كتبا كثيرة في المعتقد الإسماعيلي منها : ( إسعاف الطالب في جميع المطالب ) ، وانتقل بالدعوة مرة أخرى إلى الهند ، وقبل وفاته سنة ( 1088ه) أوصى بإمامة الدعوة إلى : ( إبراهيم بن محمد الفهد المكرمي ) فرجعت الدعوة إلى اليمن ، واستقر الداعي في بلدة ( طيبة) إلى أن توفي سنة ( 1094ه) ، وكان قد عهد بالدعوة إلى حفيده ( محمد بن اسماعيل بن ابراهيم المكرمي ) الذي حصل بينه وبين طائفة الزيدية حروب هزم فيها ، فخرج إلى القنفذة يريد الهرب إلى الهند ، إلا أن إسماعيلية قبيلة ( يام ) في نجران وعدوه بالحماية ، فذهب إلى نجران وسكن بلدة بناها أسماها ( الجمعة ) ، وظلت مركزا للبهرة السليمانية الذين يعرفون الآن ب ( المكارمة. وداعيتهم الآن هو : ( الداعي حسين بن إسماعيل المكرمي ) ويحمل الرقم ( 50) في سلسلة دعاة السليمانية وقد تولى هذا المنصب بعد خلاف على وصية الداعي السابق رقم (49) الحسن بن الحسين المكرمي ( ت1992م).
من عقائد البهرة
تعتقد طائفة البهرة كما يبين الداعي الواحد والخمسون طاهر سيف الدين إن القرآن ثراث إلهي لا تراث بشري ، فلا بد لهذا التراث من معلم إلهي لا معلم بشري ، يحفظه من زيغ الزائغين ، وضلال الضالين المضلين ، ويكشف أسراره وكنوزه ، وهذا المعلم هو ولي الله ، رسولا كان أو وصيا ، أو إماما ، أو داعيا مطلقا ..؟ فولي الله في شخص الرسول ، أو في شخص الوصي أو في شخص الإمام ، أو في شخص الداعي المطلق ، هو الضمان الوحيد والأكيد لحفظ كتاب الله تنزيلا وتأويلا ، على تعاقب الأعصار والأدهار ) وتعتقد طائفة البهرة – كبقية الشيعة – أن الإمامة من حق علي – كرم الله وجهه – وقد اغتصبت منه ، يقولون في إحدى رسائلهم : ( إن الأمة لما افتتنت بعد نبيها ، وأشهرت كل طائفة منهم سيفها ، وقال بعضهم : منا أمير ، ومنكم أمير ، قال كبيرهم : يقصدون أبا بكر رضي الله عنه – في أول قعوده : وليت عليكم ولست بخيركم .. وقال صاحبه عمر : كانت بيعة أبي بكر فلتة ، وقى الله شرها ..! وأقر أبو بكر على نفسه بالشك ، فقال : إني وددت لو أني سألت رسول الله لمن هذا الأمر من بعده ، والإمام الحق لا يشك في نفسه ، ولا يرجع عن أمره ، ولا يندم أنه غصب على حقه ، بل يثبت مستمرا على شأنه ، مفصحا عن محله ومكانه ، هاديا مهديا ، متبوئا من العصمة مكانا عليا كما فعل علي …! ) وتعتقد طائفة البهرة – كبقية الإسماعيليين - بوجود إمام يعيش في الخفاء ولا يخلو زمان من الأئمة المستترين ، بينما يقوم ( الداعي المطلق ) بالدعوة العلنية نيابة عن الإمام ، والإشراف الروحي على الطائفة ، وهو مصدر السلطات التي يحتكم إليها أتباع الطائفة في جميع شئونهم . ومن الواجبات المحتمة عندهم سجودهم لداعيهم ، ومما يؤيد إصرار الداعي على سجود أفراد طائفته له ، تلك المرثية التي رثى بها الداعي الحالي لطائفة البهرة الداوودية الدكتور محمد برهان الدين والده الداعي السابق ( طاهر سيف الدين ) حيث يقول :
سجدت له دأبا وأسجد دائما لدى قبره مستمتعا للرغائب.
ومن المعلوم أن السجود عبادة ، وهذه العبادة لا يجوز صرفها إلا لله سبحانه ، وقد بين الحق سبحانه ذلك في مواضع من كتابه ، فقال تعالى : ( فاسجدوا لله واعبدوا ) . وعقيدتهم في ( الظاهر ) لا تختلف عن عقائد المسلمين ، أما عقيدتهم في ( الباطن ) فهي بعيدة كل البعد عن عقيدة أهل السنة والجماعة .. فهم مثلا يؤدون الصلاة كما يؤديها المسلمون ،وإن كانوا لا يصلونها إلا في ( الجامع خانة ) وهي أماكن العبادة الخاصة بهم ، ولا يصلون الجماعة إلا بوجود إمام معين من قبل الداعي ، كما لا يصلون الجمعة بحجة عدم وجود إمام عادل ولهم صلوات عدة مثل : صلاة ليلة السابع عشر من شهر رجب ، وعدد ركعاتها اثنتين وعشرين ركعة وصلاة ليلة الخامس عشر من شهر شعبان ، وعدد ركعاتها أربع عشرة ركعة ، وصلاة ليلة الثالث والعشرين من رمضان ، وعدد ركعاتها اثنتي عشرة ركعة ، يرددون فيها : يا علياه سبعين مرة ، و يا فاطمتاه مائة مرة ، وياحسناه مائة مرة ، ويا حسيناه تسعمائة وسبع وتسعين مرة..؟ وصلاة الثامن عشر من شهر ذي الحجة ، يصلي فيه الواحد منهم ركعتين بعد زوال الشمس ، وهو يوافق اليوم المسمى عند الشيعة بيوم ( غدير خم ) . ويصلي الداعي أو نائبه على الميت منهم ، وينزل في قبره ويؤذن فيه ، ويقوم بكسر يده الشمال معتقدين أنهم بكسرها يمنعونه استلام كتابه بشماله يوم القيامة..؟
ويذهبون إلى مكة لتأدية الحج في موسمه ، شأنهم في ذلك شأن جميع المسلمين ، ولكنهم يقولون إن الكعبة التي يطوف حولها الحجيج هي رمز على الإمام .. ! ولا يقبل الحج إلا إذا كان بصحبة الداعي أو من ينيبه من الدعاة ، وغالبا ما يخالفون أهل السنة والجماعة في وقت الوقوف بعرفة ، فإما أن يتقدموا عليهم يوما أو يتأخروا يوما ، اعتمادا على حساباتهم الفلكية الخاصة . وإذا لم يتمكن البهرة من الوقوف بعرفة على وفق حساباتهم ، فإنهم يقلبون حجهم إلى عمرة .. هذا في الظاهر .. أما في الباطن فهم يؤولون فريضة الحج تأويلا فاسدا كبقية الإسماعيليين . يقول السجستاني ( أحد دعاتهم ) : ( حج البيت هو : قصد إمام الزمان ، مفترض الطاعة ، والغرض من حج البيت معرفة الأئمة ، والمراد من الزاد والراحلة في الحج : هو العلوم ، ودليل معرفة الإمام . والإحرام هو : اعتقاد معرفة الإمام ..)
أما الصيام فهم يؤولونه تأويلا باطنيا يقول الداعي الإسماعيلي السجستاني : ( الصوم هو : الصمت بين أهل الظاهر ، وصوم شهر رمضان هو : ستر مرتبة القائم ، ومن ( شهد منكم الشهر فليصمه ) أي : من أدرك زمان الإمام فليلزم الصمت ..) وكذلك بقية العبادات وإن عملوا بظاهرها أحيانا ، فإن هذا العمل مؤقت بظهور القائم .. فإذا ظهر القائم ( تخلص المؤمنون من الستر والكتمان ، وقدروا على كشف مذاهبهم ، وجب رفع هذه الشريعة التي هي سمة الستر والكتمان ..)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.