هدفٌ وحيدٌ في شباك "المهزوز" شريف إكرامي حارس مرمى الأهلي المصري كفيل بأن يُطيح بنادي القرن الأفريقي خارج دوري أبطال أفريقيا، بعد أن سال لعابه على اللقب وتمكن - رغم تدني المستوى الفني - من بلوغ المربع الذهبي للبطولة الأكبر في القارة السمراء. موقعة الأحد بين الأهلي والترجي التونسي على ملعب رادس بالعاصمة التونسية في إياب الدور نصف النهائي خارج التوقعات، لأنها تأتي بعد نتيجة "فضفاضة" في مباراة الذهاب هي فوز الفريق القاهري بنتيجة 2-1. هو فوز في ظاهره تعادل في مضمونه، لأن 1 - صفر تكفي صاحب الأرض للتأهل لمواجهة مازيمبي على اللقب، بينما يحتاج الأهلي للتعادل بأي نتيجة، أو الخسارة الإيجابية بفارق هدف (أي أن يحرز الأهلي هدفا في المرمى التونسي) هذا بالطبع بالإضافة إلى فوز الأهلي. ولا يحمل الأهلي آمال عشاقه والمتيّمين به فحسب، وإنما باتت مسؤوليته أكبر بتضميد جراح الكرة المصرية بشكل عام، بعد الأداء المخيب للمنتخب المصري في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2012، الذي أطاح بإحدى قدميْ "الفراعنة" خارج البطولة، بينما يرتكز الجسد كاملاً على قدم واحدة قد تصيبها جنوب أفريقيا في مقتل الجولة المقبلة.
التاريخ وحده لا يكفي الأهلي لن يكون بوسعه اللعب فقط على أوتار التاريخ التي تُرجّح كفته على مضيفه في العقد الأخير، لأن الواقع يقول إن مسيرة الفريق الأحمر - الذي سيرتدي الأزرق الليلة - في إعادة هيكلة فريقه لا تبدو مطمْئنة على الإطلاق بالنسبة لجماهيره التي يتجاوز عددها عشرات الملايين داخل مصر فقط، أضف إلى ذلك العدد الهائل وغير المسبوق من الإصابات التي تضع حامل لقب البطولة 6 مرات في ورطة فنية لم يُواجهها ربما في آخر 10 سنوات، إذ يواجه بطل تونس بدون مهاجمين تقريبًا. في حوار العقول بين المديرين الفنيين الوطنيين، حسام البدري للأهلي وفوزي البنزرتي للترجي، لا يفكر الأول - إذا أراد بلوغ النهائي - سوى في إجبار صاحب الملعب على الإبطاء من وتيرة الأداء وخلق مساحات في دفاعات الترجي، ف"البطء" هو سلاح الأهلي الحالي، لكنه سلاح ذو حدين إذا ما ثار الترجي في الملعب، فبنسبة كبيرة سيواجه الأهلي طوفانًا هجوميًا يستعصي مقارعته على لثلاثي الدفاع المصري في ظل الأداء المتراجع لهم في الفتة الماضية. وفشل البدري في خطف ثقة محبي الأهلي منذ تولّيه المسؤولية العام الماضي، خلفًا للبرتغالي المخضرم مانويل جوزيه معشوق جماهير القلعة الحمراء، وصاحب ال"كاريزما" الملفتة للأنظار رغم علاقته المتذبذبة بالإعلام، والذي فضّل إنهاء مسيرته مع بطل مصر بعد أن حقق له 19 لقبًا، وصنع جيلاً يُعدّ - بلغة الأرقام - الأفضل في تاريخ فريق كرة القدم بالنادي.
البنزرتي يتفوق على البدري وعلى النقيض يلعب البنزرني، الأكبر سنًا والأكثر خبرة، بفريق شاب متجدد وبدماء طازجة، وبإرتياحية نفسية تضعه على الخط المؤدي إلى مرمى إكرامي الذي يتحمل - على الأقل - نصف مسؤولية هدف الترجي في لقاء الذهاب بالقاهرة، وبأفضلية نسبية إذا استغل "العقدة النفسية" التي يجيد لاعبو دول شمال أفريقيا استخدامها لصالحهم عندما يواجهون فرقًا أو منتخبات مصرية. نقطة أخرى تصب في مصلحة البنزرتي هي أن فريقه مازال منافسًا غامضًا للأهلي رغم أنهما التقيا منذ أيام بالقاهرة، لأنه لم يكشف عن وجهه الحقيقي ومفاتيح لعبه في مباراة الذهاب، بينما بدا الأهلي كتابًا مفتوحًا تمامًا للترجي يقرأه كما شاء، ويعرف صفحاته البيضاء التي يمكن اختراقها بمنتهى السهولة.
هدف مطلوب ورغم أن الأهلي يواجه الترجي بلا مهاجمين تقريبًا، فإن التسجيل بالنسبة للأول خارج ملعبه مطلب حتمي، إذا أراد أن يصالح جماهيره بعد الفوز "بطعم التعادل أو الخسارة" الذي حققه في استاد القاهرة الدولي منذ أسبوعين. هدف في مرمى الطرف التونسي سيُبعد الأهلي عن "حِسبة" الخروج بفارق هدف، فلن يكون بوسع الترجي وقتها تحقيق مُبتغاه بالفوز بهدف نظيف. هدفٌ مبكر يحرزه الضيف في مرمى الترجي سيُربك حسابات "النار والذهب" ويحوّل تحفزه للفوز إلى توتر وضغط عصبي، لا سيما في حضور جماهيري متوقع أن يكون كثيفًا في أكبر ملاعب "الخضراء"، لكن كيف يأتي هذا الهدف إذا لعب الأهلي بدون أنياب؟ يعتقد الملايين من المصريين المنتظرين للقاء بشغف، أن فرص الأهلي يكمن أغلبها بين قدميْ السيد "حظ" الذي لو كان لاعبا لتعاقد معه الفريق الأحمر، وأن "كرة القدم لا تعرف المستحيل"، وأن "إحدى تسديدات الموهوب محمد ناجي (جدو) قد تنقذ الأهلي وتضعه في النهائي مثلما حققت للمنتخب المصري لقب كأس الأمم الأفريقية 2010".. شريط أحلام يختلط بذكريات هل يتحقق الحلم وتتكرر الذكريات أم ترضخ كرة القدم للأمر الواقع.