اضطر مايقدر بنحو 17 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في شمال إسرائيل صباح الجمعة في الوقت الذي دخل فيه أسوأ حريق غابات تشهده إسرائيل في تاريخها يومه الثاني. وقد أسفر الحريق حتى الآن عن وفاة 41 شخصا. وقالت هيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية إن الحريق قضى على أكثر من 30 كيلومترا مربعا وما لا يقل عن 1,5 مليون شجرة ولم يتم بعد السيطرة عليه. وكان الحريق قد اندلع قبل ظهر الخميس على سفوح جبل الكرمل جنوب شرق ميناء حيفا ثالث أكبر المدن الإسرائيلية المحتلة. وتدفع الرياح القوية ألسنة النيران في اتجاه الغرب وفي اتجاه ضاحية دينيا في مدينة حيفا. ويسعى رجال مكافحة الحرائق إلى الحيلولة دون وصول الحريق الى الضاحية ودون عبوره الطريق رقم 4 الذي يمتد من أسفل سفح الكرمل من حيفا جنوبا صوب تل أبيب ويعزل القرى الواقعة على طول الساحل عن نطاق الحريق. وأمر عمدة حيفا بإخلاء العديد من الشوارع في حي دينيا الواقع أقصي جنوب شرق المدينة. وساعدت حالة الجفاف على انتشار الحريق بسرعة مما أدى إلى انبعاث أعمدة ضخمة من الدخان كان يمكن رؤيتها عند الساحل الواقع عند الجانب الغربي لسفح جبل الكرمل. وقال شهود عيان الجمعة انه كان يمكن رؤية طائرات الإطفاء وهى تحلق في السماء وكانت تقوم بجلب المياه من البحر الأبيض المتوسط لتسقطه فوق السنة اللهب. لم يتضح بعد ما إذا كان السبب في اندلاع النيران حادثا عرضيا، أم أنه كان متعمدا. وأسرع المشرع اليميني المتطرف ياكوف كاتز من حزب الاتحاد الوطني الخميس إلى القاء المسئولية عن الحريق على عاتق العرب بوصفه هجوما ارهابيا حسبما يعتقد. ولكن وزير الأمن العام يتسحاق أهارونوفيتش قال إن طاقم تحقيق باشر لتوه عمله وسوف يبحث عددا من الأسباب المحتملة بما في ذلك الاهمال أو الحرق العمد. وصرح قادة أجهزة الإطفاء والانقاذ للصحفيين بانه مع بزوغ شمس الجمعة، جرى استخدام 100 سيارة وأربع طائرات، تعذر نشرها خلال الليل، في جهود مكافحة الحرائق. وبدأ وصول طائرات إطفاء أجنبية إلى مطار رامات ديفيد العسكري في شمال إسرائيل، أربع طائرات منها من اليونان وطائرة نقل من طراز هيركوليز من بلغاريا على متنها نحو 150 من رجال الإطفاء. ومن المتوقع وصول 20 طائرة من دول أخرى من بينها تركيا وقبرص واسبانيا الجمعة. وقال وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان إن هناك مساعدات إضافية في طريقها إلى إسرائيل من بريطانيا وروسيا ومصر والأردن وأذربيجان ورومانيا كما سترسل الولاياتالمتحدة طائرة (بوينج 747) محملة بمواد كيميائية لمكافحة للحرائق. وهناك نحو 36 من حراس السجون بين القتلى البالغ عددهم 41 كان قد تم إرسالهم للمساعدة في إجلاء معتقلين سجن يقع في طريق الحرائق والتهمت النيران حافلاتهم. وكان الحراس في طريقهم للمساعدة في الاجلاء الناجح لنحو 900 معتقل من سجني كارمل ودامون الموجودين في نفس المنطقة. وقالت متحدثة باسم مصلحة السجون الاسرائيلية انه يوجد في سجن دامون فلسطينيون متهمون بارتكاب جرائم أمنية ودخول إسرائيل بطريقة غير مشروعة. وهناك ثلاثة أشخاص من بينهم مساعد رئيس شرطة حيفا في حالة خطيرة في مستشفي حيفا. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قام بزيارة المنطقة مساء الخميس، الحريق بأنه (كارثة غير مسبوقة). وقال ليبرمان إن من المحتمل أن يستغرق إطفاء الحريق أياما ولكنه أعرب عن أمله في أن يتم السيطرة على معظم النقاط الرئيسية للحرائق في وقت متأخر من يوم السبت. وصرح ليبرمان للاذاعة الاسرائيلية أن إسرائيل لجأت إلى المانيا طلبا للمساعدة التي طالبت بدورها تركيا بتقديم المساعدة مما دفع انقرة إلى إرسال طائرتين على الرغم من التوتر في علاقاتها مع إسرائيل. وفي واشنطن، أعرب الرئيس الأمريكي، باراك أوباما عن تعازيه لأسر ضحايا الحريق. وأبلغ أوباما اجتماعا للزعماء اليهود الأمريكيين في البيت الأبيض بمناسبة عيد حانوكا (عيد الأنوار) في الوقت الذي يواصل فيه رجال الانقاذ ومكافحة الحرائق عملهم أن "الولاياتالمتحدة تتحرك لمساعدة اصدقائنا الإسرائيليين على التصدي للكارثة". وفي السياق، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي في ختام اجتماع المجلس الوزراء المصغر للشؤون السياسية والأمنية الجمعة نظيره التركي رجب طيب أردوغان على إرسال طائرتين للمساعدة في إخماد حريق جبل الكرمل. وقال نتنياهو أمام وسائل الإعلام "أشكر رئيس الوزراء التركي أردوغان الذي أرسل طائرتي إخماد حرائق" فيما لم يحرص على ذكر جميع رؤساء الدول التي قدمت مساعدات لإسرائيل بالاسم. ويذكر أن أزمة عميقة للغاية تسود العلاقات بين إسرائيل وتركيا منذ الحرب على غزة وتدهورت العلاقات بين الجانبين في أعقاب أحداث أسطول الحرية. واعترف نتنياهو بعدم جهوزية إسرائيل لمواجهة كارثة مثل حريق الكرمل وقال إنه ينبغي الاعتراف بحقيقة أن وسائل إخماد الحرائق لدينا ليس بإمكانها مواجهة احتراق غابات من النوع الذي نواجهه الآن. وأضاف: ليس لدينا وسائل كهذه، وهذه الوسائل متوفرة فقط لدى قوات محلقة، في إشارة إلى الطائرات التي أرسلتها دول أجنبية إلى إسرائيل. ومن جهة أخرى ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الداخلية إلياهو يشاي من حزب شاس طالب خلال اجتماع الكابينيت بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاق مواجهة حريق الكرمل وعدم وجود وسائل متطورة لإخماد حرائق كبيرة لدى إسرائيل. واتهم مسؤولون في وزارة المالية الإسرائيلية يشاي الجمعة بأنه يتحمل المسؤولية عن هذا الإخفاق كوزير للداخلية ومسؤول عن قوات إطفاء الحرائق. وقال المسؤولون لموقع (واللا) الالكتروني إن وزارة المالية حولت ميزانية بمبلغ 100 مليون شيكل (حوالي 27 مليون دولار) منذ فترة طويلة لصالح قوات إطفاء الحرائق والإنقاذ لكن وزارة الداخلية لم تستخدم هذه الميزانية ولم تحولها إلى غايتها.