التقى ضباط بحلف شمال الأطلسي أمس السبت بعائلات وضحايا ضربة جوية للحلف في شمال أفغانستان وظهر قائدهم على شاشات التلفزيون في محاولة لتهدئة الغضب الناجم عن حادث يقوض جهود الحلف لكسب قلوب وعقول الأفغان. ويقول مسؤولون أفغان ان عشرات الأشخاص وكثير منهم مدنيون قتلوا عندما استهدفت طائرة أميركية مقاتلة من طراز اف-15 استدعتها القوات الالمانية شاحنات وقود مخطوفة في أفغانستان قبل فجر أول من أمس الجمعة. ويأمل قادة حلف شمال الأطلسي تجنب رد فعل عنيف على الحادث الذي وقع بعد شهرين من إعلان القائد الجديد للقوات الأميركية وقوات الحلف في أفغانستان الجنرال ستانلي مكريستال عن اتخاذ اجراءات توجب اتخاذ احتياطات اضافية لحماية المدنيين قبل اطلاق النار. وفي حديث تلفزيوني غير مسبوق قال مكريستال ان الهجوم تم شنه على ما ظنته قوات الحلف هدفا تابعا لطالبان. ووعد بالإعلان عن نتيجة التحقيق. وقال في حديث مسجل عرض في نسخ مدبلجة باللغتين الدارية والباشتونية كقائد لقوة المساعدة الأمنية الدولية لا شيء أهم من أمن وحماية الشعب الأفغاني. وأضاف أنا أخذ احتمال فقدان الحياة أو الإصابة للأفغان الابرياء على محمل الجد الشديد. من جهتها أكدت ألمانيا ان قائدا المانيا أقر الضربة الجوية. وهذا الحادث يمكن ان يذكي جدلا بشأن الحرب التي لا تحظى بشعبية في المانيا. وتجري ألمانيا انتخابات عامة في غضون ثلاثة أسابيع وسيزيد الحادث من سخونة نقاش داخلي بشأن حرب لا تحظى بتأييد كبير هناك. ويقول حلف الأطلسي ان اهداف الهجوم كانت مقاتلي طالبان الذين خطفوا شاحنات الوقود لكنه أقر بأن بعض الضحايا كانوا من المدنيين. ودان عدة مسؤولين أوروبيين الهجمة التي شنها حلف الأطلسي خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في ستوكهولم. وسئل وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير عن دور الاتحاد الأوروبي في تحسين الموقف فقال للصحافيين من الصعب القول. لكن في الاساس العمل مع الشعب الأفغاني وليس قصفه بالقنابل. ليس قصفه فقط. وضربت الغارة الجوية ، في الصميم المخططات لإحداث تغيير تكتيكي في استراتيجية القوات الدولية في مواجهة متمردي طالبان. وتشكل مسألة سقوط خسائر من المدنيين في الحرب التي يشنها حلف شمال الأطلسي لهزم حركة طالبان في أفغانستان، موضوعا شائكا في العلاقة بين حكومة كابول والدول الغربية المانحة ومصدر استياء شديد في صفوف الشعب الأفغاني. فقد اعتاد المتمردون من طالبان في أفغانستان أو باكستان أو أماكن اخرى تغيير أوصاع ميدان المعارك للتسبب بسقوط قتلى من المدنيين بشكل يثير حساسيات الشعب إزاء وجود القوات الأجنبية في البلاد. وقال النائب احمد بهزد لوكالة الصحافة الفرنسية "انهم يقومون بذلك لتأجيج استياء الشعب من وجود القوات الأجنبية وعملياتها العسكرية لما فيه خدمة قضيتهم". واطلق حلف شمال الأطلسي ضربة جوية الجمعة على ناشطين من طالبان سرقوا شاحنتي صهريج تنقلان إمدادات للقوات الدولية العاملة ضمن القوة الدولية للمساعدة على إرساء الأمن في أفغانستان (ايساف). وبحسب ايساف فان الطالبانيين كانوا يحاولون نقل الشاحنتين إلى قرب الحدود الطاجيكية حين تعطلت احداها، فدعوا حينئذ القرويين للقدوم من اجل الحصول على الوقود. وقال شهود انه فيما كان المدنيون يحصلون على الوقود حصلت الضربة الجوية ما أدى إلى مقتل العشرات وتسبب بحروق بالغة للعديد. وقال مسؤولون ان ما يصل الى 90 شخصا قتلوا بينهم عدد كبير من الناشطين رغم ان الحصيلة الدقيقة لم تتضح. وتجرى تحقيقات حاليا في الحادث. ويأتي ذلك في وقت أدلى فيه رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون بخطاب انتقد فيه الاستراتيجية الغربية لمواجهة طالبان قائلا في الوقت نفسه انها ضرورية لوقف التهديد بالإرهاب في العالم. وقال مستشار في السياسة الخارجية في كابول ان "ضربة قندوز اتت في اسوأ توقيت للقوى الغربية التي تحاول تبرير وجودها في هذا البلد". وجاء تحذير الرئيس الافغاني حميد كرزاي من ان استهداف المدنيين غير مقبول ليسلط الضوء على نقطة خلاف رئيسية بين حكومته والدول الغربية المؤيدة لها. ويقول بعض النقاد ان كرزاي استخدم مسألة الضحايا المدنيين عمدا في محاولة لتحسين شعبيته التي تسجل تراجعا داخليا، مع تجاهل العدد الكبير من القتلى المدنيين الذين يسقطون من جراء هجمات حركة طالبان مباشرة. وأضاف بهزد انه "مع تجاهل دور طالبان في التسبب بضحايا مدنيين في عملياتهم المباشرة أو عبر الاختباء بين الناس للتسبب بضحايا مدنيين بعمليات القوات الأجنبية، انما الحكومة تساعد طالبان في حملتها الدعائية ضد القوى الأجنبية ووجودها". لكن القادة العسكريين حددوا الضربات الجوية على انه السبب الأبرز في الاستياء الشعبي من الوجود العسكري الأجنبي. وأمر قائد القوات الأميركية وقوات الأطلسي في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال بفرض قيود صارمة في جهد للحد من القتلى في صفوف المدنيين. وتحركت حكومات أوروبية سريعا لتدعو إلى تحقيق في الضربة الجوية حيث قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ان مثل هذه الحوادث "تقوض" التزام حلف شمال الأطلسي وأفغانستان. وقال ميليباند "أتطلع إلى تحقيق سريع في حقيقة ما حصل". وعبرت واشنطن "عن قلقها الشديد" إزاء مقتل مدنيين في القصف. وتقول الأممالمتحدة ان حوالي ثلثي المدنيين ال828 الذين قتلوا على ايدي القوات الموالية للحكومة في النزاع السنة الماضية، سقطوا في غارات جوية. والشهر الماضي، اصدر ماكريستال توجيهات لمواجهة التمرد تشدد على ضرورة تجنيب المدنيين الحرب ضد طالبان. وقال بهزد ان "الحكومة الأفغانية ساعدت طالبان عبر تجاهل الضحايا المدنيين الذين تسببهم عمليات طالبان والدور الكبير الذي تلعبه طالبان في التسبب بضحايا مدنيين على ايدي القوات الأجنبية". وأضاف "على الحكومة ان تعالج هذه الأمور والتحدث عنها في الإعلام وتوضيح حقيقة ان وجود طالبان في أفغانستان هو الذي يسبب ضحايا مدنيين".