يقضي الجمهور العربي ساعات عصيبة في قاعة الجلوس.. يقاوم النعاس بالقهوة والحبوب المنبهة لكي يتمكن من متابعة بطولة كوبا أميركا لكرة القدم المقامة حالياً في الأرجنتين وتستمر حتى 24 تموز/يوليو الجاري، إذ تجري أغلب المباريات في ساعات الصباح الأولى! وعلى الرغم من السهر الطويل والتضحية بالحضور الذهني في أعمال اليوم التالي فإن البطولة القارية الأقدم في العالم لم تظهر في نسختها الثالثة والأربعين بالصورة المتوقعة في ظل ازدهار تلك الأرض بثمار ناضجة كروياً تعد الأفضل والأغلى في العالم الأمر الذي أزعج الجماهير ودفعهم لانتقاد البطولة والمستوى الفني المتواضع للبطولة حتى الآن لأن المشجعين يرهقون أجسادهم سهراً ولم يجدوا المقابل المقنع، ولسان حالهم يقول: "هرمنا لرؤية ميسي برشلونة وباتو ميلان وأتلتيكو فورلان!"
أين المتعة؟ وافتقدت نسخة كوبا أميركا في الأرجنتين إلى المتعة فالمنتخبات الكبيرة لم تكن كذلك أما الصغيرة فكشرت عن أنيابها وأثبتت أنها مقاتلة وبإمكانها اللعب تحت الضغط وتقييد النجوم، كيف لا؟ وقد فعل مدافعو بوليفيا ما عجز عنه لاعبو ريال مدريد عندما حجبوا نجم برشلونة ليونيل ميسي –أفضل لاعب في العالم- عن مرماهم، وأبطل مدافعو فنزويلا مفعول البرازيليين باتو وروبينيو والطفل المدلل نيمار! وكان راقصو التانغو قد تعادلوا مع منتخب بوليفيا 1-1 فيما سقط سحرة السامبا في كمين فنزويلا بالتعادل السلبي، دون أن يقدموا كرة القدم الحقيقية التي اعتاد أنصارهما على تذوقها سواء على المستويين الفردي أو الجماعي.
ملل كوبا أميركا تفتقد للكثير، فالمباريات مملة والنجوم باهتة والتعادلات أرهقت الجماهير، في وقت كانت البطولة تتسم عن نظيراتها في القارات الأخرى بكثرة الأهداف وجماليتها وبروز المواهب ولكن رياح الأرجنتين جرت بما لا تشتهي سفن الجماهير المتعطشة لتذوق المتعة! وما يثير حفيظة الجماهير أن اللاعبين النجوم لا يقدمون مع منتخباتهم المستوى نفسه الذي يظهرونه مع أنديتهم في القارة العجوز، فالأرجنتيني ميسي لم يقو على التهديف في المباراة الأولى ورفع من وتيرة غضب جمهور بلاده بعد التعادل مع بوليفيا، وأصابت العدوى عملاق الأوروغواي دييغو فورلان ومواطنه سواريز في مواجهة البيرو، ولم يكن حال راقصي السامبا أفضل حيث تعرض روبينيو وباتو ونيمار لصافرات الاستهجان خلال لقاء فنزويلا. المنتخبات الثلاثة الكبيرة أحد أقوى المرشحين لنيل اللقب ولكن المستوى العام لا يطمئن عشاقهم مع انتهاء الجولة الأولى من المنافسات، فهل تصدمنا النسخة الحالية ونشهد وداعاً مبكراً للأرجنتين والبرازيل والأوروغواي؟ أم أن منصة التتويج لن تخلو من أحدهم بعد نفض غبار الجولة الأولى والعودة إلى الواجهة من جديد؟ من محمد الحتو