دعا مختصون اجتماعيون وشرعيون الجمعيات الخيرية إلى تسهيل زواج الأرامل والمطلقات المقيمات في الدور الخيرية وإلغاء كافة الشروط التي تعوق إقامتهن وتمنع بدورها من زواجهن ثانيا، حيث يجدن أنفسهن أمام خيارين: الزواج والخروج من السكن مع أبنائهن وحرمانهن من الإعانات أو رفض الزواج والبقاء أرامل ومطلقات إلى آخر العمر، خاصة أن إمكانيات بعض المتقدمين للزواج لا تسمح لهم بإعالة وتوفير سكن لأولئك السيدات وأبنائهن. وأكدوا ل«شمس» أهمية تكاتف كافة مؤسسات المجتمع لحل هذه المشكلة والعمل على مساعدة هذه الفئة من النساء على إحصان نفسها كما تفعل بعض الدول التي تتولى الإنفاق عليها ومساعدتها على الزواج وتوفير كافة نفقاته حتى لا يبقين أرامل ومطلقات إلى آخر العمر. جاء ذلك تعليقا على قصة أرملة سعودية «45 عاما» طلبت منها إحدى الجمعيات الخيرية حزم حقائبها وحقائب أبنائها والاستعداد للخروج من دارها السكنية التي يقيمون فيها منذ 11 عاما، حال عقد قرانها على رجل تقدم لزواجها، وهو أمر قد لا يتحقق في ظل عدم قدرة الرجل على إعالتها هي وأبناؤها وتوفير مسكن لهم، فهو فقير ويعتمد على إعانة الضمان وهو ما يعني حرمانها من حق طبيعي كفله لها الشرع. وقالت السيدة «ز. ح» إن زوجها توفي بعد معاناة مع المرض تاركا لها أطفالا أحوج ما يكونون للرعاية فعكفت على تربيتهم ورعايتهم حتى تقدم رجل طالبا الزواج بها: «أبديت موافقتي لكني صدمت عندما علمت من الدار أنه لا يحق لي ولأبنائي الإقامة بعد الزواج». وأشارت إلى أنها لا تملك عائلا تلجأ إليه خاصة أن العمر يتقدم بها وتخشى أن تجد نفسها وحيدة عندما تشتد بها مصاعب الحياة: «أريد أن أتقوى برجل حتى ولو كان فقيرا، فهو على الأقل سيكون سندا لي في مواجهة الكثير من المشكلات خاصة أن أبنائي ما زالوا صغارا». وتساءلت أم محمد: ألا يحق للأرملة أو المطلقة الفقيرة أن تتزوج وتستر نفسها؟ ودعت القائمين على أمر الجمعيات الخيرية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية إلى عدم وضع عراقيل أمام هذا الأمر وهو حق شرعي لا يتعارض مع السكن في الأربطة ودور الجمعيات الخيرية. من جانبها شددت عضو لجنة إصلاح ذات البين النسائية في مكة شادية غزالي على أهمية تزويج المطلقات والأرامل وطالبت الجهات المعنية بتشجيع الأمر وتبنيه لما فيه من درء للمفاسد والفتن: «هناك دول عربية وإسلامية تشجع على الاقتران بالمطلقات والأرامل بل تتكفل بكامل نفقاتهن وتخصص رواتب شهرية لهن نظرا لما تجده هاتان الفئتان من ضعف في عروض الزواج، إضافة إلى النظرة القاسية من المجتمع». ودعت غزالي المؤسسات والجمعيات الخيرية والحقوقية والجهات المختصة إلى دراسة هذا الملف والخروج بحلول تكفل لهاتين الفئتين من النساء والأرامل التمتع بحقهن في الزواج بدلا من الوقوع في حبال الزيجات والمشبوهة على حد تعبيرها. أما المتحدث باسم الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور صالح الخثلان فقال إن قصة السيدة محيرة بالفعل كونها تريد فقط إحصان نفسها والتعفف، مشيرا إلى أن مثل هذه القضايا تشكل لهم قلقا لأنها تحتاج إلى تدخلات عاجلة درءا للفتن وحماية لأبسط حقوق الإنسان. وذكر أنهم لا يدرون المبررات التي تستند إليها الجمعية الخيرية لكنهم سيقومون عن طريق المشرف العام على مكتب العاصمة المقدسة سليمان الزايدي بمتابعة ملف هذه القضية. وأكد الخثلان أن تنفيذ مشاريع الإسكان لذوي الدخل المحدود من شأنها حل كثير من مثل هذه المشكلات. ولفت إلى نجاح الجمعية في إنهاء قضايا ذات علاقة بجمعيات خيرية بسبب التعاون الكبير الذي تبديه إدارات تلك الجمعيات. من جانبه حمل المدير العام للشؤون الاجتماعية بمنطقة مكةالمكرمة عبدالله آل طاوي الهيئة العامة للإسكان مسؤولية تأخرها في تنفيذ مشاريعها الخاصة بذوي الدخل في ظل أن غالبية المساكن الخيرية مخصصة للنساء فقط. وأشار إلى أنهم في الشؤون الاجتماعية حملوا الجمعيات الخيرية فوق طاقاتها وكثيرا ما طلبوا منهم التغاضي عن العديد من أنظمتها من أجل إرضاء ساكني دورها، ولكن في مثل قضية هذه الأرملة فالأمر لا يقف على الشؤون الاجتماعية فقط بل هي مسؤولية مشتركة. إلى ذلك ناشد الداعية أحمد أبو علوة رجال الأعمال والقائمين على المؤسسات الخيرية والاجتماعية بالاهتمام بالنساء وخاصة الأرامل والمطلقات ورعايتهن وعدم وضع العراقيل أمام زواجهن. «لا يجب أن تضار هذه الأرملة من زواجها وإن كان لابد فبإمكانها الزواج دون أن تعلنه حتى تجد مخرجا آخر» .