إذا كانت كراسي السلطة تأتي بإزهاق الأرواح وإراقة الدماء فتباً لها ..! الشعب اليمني الذي يعاني من ويلات الفساد والفقر والجوع والبطالة منذ عقود من الزمن، وجاءت اليوم الاحتقانات السياسية والتدهور الاقتصادي وزادتها سوىً، وارتفاع وتيرة المواجهات إلى ما وصلت أليه اليوم بين أبناء الشعب الواحد في اغلب محافظات الجمهورية، والتي خلفت حصيلتها العشرات من القتلى وعشرات من الجرحى وتدمير العديد من المصالح العامة والخاصة . وهذا يؤسفنا جدا لأن كل تلك المحن جاءت بفعل فاعل، ولم نصل إلى سوى الأوضاع هذه إلا بسبب الحاكم الفاسد والمعارضة الفاشلة التي استمروا لسنوات طويلة وهم يتلاعبوا بمصالح الشعب حتى أنهم يحاولوا ألزج به اليوم في حرب أهلية هو في غنى عنها قد تحرق الأخضر واليابس في بلد عدد قطع السلاح فيه أضعاف عدد السكان . لم تتطور وتتفاقم مشاكل اليمن كلها حتى أصبحت أزمات وصراعات وطنية إلا من فشل وفساد سياسي واضح للحاكم والمعارضة معاً الذين لم يثق كل منهم بالأخر، ولم يتمكنا من تجاوز هذه الأزمات والوصول إلى اتفاقات قد تجنبنا شر هذه الفتن والأزمات بأقل كلفة ممكنة . وظل سقف مطالبهم في ارتفاع مستمر وكأنهم في دوري كرة القدم كل ما انتصر احدهم في مباراة أراد إن يفوز في الأخرى، وهم كل ما فرضوا طلب لهم جاءوا بغيرة، وهذا السبب جعلهم لا يقفون عند حد من هذه المطالب، واستمروا في التقدم الذي يعتبرونه انتصارات متكررة على خصومهم للسيطرة على كراسي السلطة حتى أوصلونا إلى ما نحن عليه ألان . نعم أنهم اليوم يريدون إن يعكسوا نتائج طمعهم وطيشانهم السياسي على الشارع ويثيروه نحو مواجهة واسعة النطاق قد يقتل فيها الشعب ويدمر فيها الوطن، ويبدوا إن ملامح هذه المواجهة قد باتت غاب قوسين أو أدنى، وما يحصل اليوم في تعز وصنعاء وعدن وأب والبيضاء والحديدة من مواجهات خير دليل، وأنا متأكد انه إذا لم يتوقفوا عند هذا الحد ومما لا شك فيه فأنهم سيتجهون بالشعب إلى نفق مظلم، إلى دمار وفوضى وقتل وكارثة لا يحمد عقباها الله يستر على شعبنا ووطنا اليمني منها . إن الشعب وفي ضل ما يعانيه من ظروف اقتصادية ونفسية سيئة لم يعد يستطع إن يتمالك نفسه أمام دعواتهم التحريضية للخروج للشارع للمواجهة، بل انه يعتبرها مخرجا لاستعادة حقوقه ولا يحسب عواقب وتبعات الأساليب والوسائل المتبعة التي أحلها له واتبعها جهلا السياسة في البلد، فمن غير المعقول بعد إن تحمل الشعب كل ويلات الفساد والفقر والبطالة يصبح يتواجه مع بعضة في الشارع وقادة السياسة في البلاد يطبلون من فوق كراسيهم ومن مكاتبهم . إن خلافاتهم التي أحلت فيها استخدام الوسائل والأساليب الهوجاء في مواجهة خصومهم في الشارع تعتبر جريمة غاشمة، والتي لا يهمهم فيها شي فهم ينطلقون من المثل الذي يقول الحجر من القاع والدم من رأس القبيلي، وهم يعرفون إن الشعب سيتواجه فيما بينه والقتلى والجرحى من الشعب والخسائر من ثروات الوطن، وهم سيجنون النتائج إذا كانت ايجابية بالبقاء على كراسي السلطة وتقاسم الثروات، أماء إذا كانت سلبية ومدمرة فالسفر خارج البلاد منتظرهم للعيش في قصورهم الفارهة في أوربا وأمريكا والخليج . أيها السياسيون في بلدنا الحبيب حكاما ومعارضة اتقوا الله في شعبكم وفي وطنكم لا تقحموا شعبكم في مواجهات هو بري منها، ولا تستخدموا وقود الشباب وحماسهم لغرض فرض نفوذكم والوصول إلى كرسي السلطة من خلال مصادمات الشعب للتقاتل وإراقة الدماء ،ولا تهدروا طاقات شبابكم في المواجهات الدامية لتغذية سياسات لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تدمروا خيرات ومقدرات وطنكم في صراعات لا تجدي نفعاً، فإذا كانت كراسي السلطة لا تأتي إلا بإراقة الدماء وإزهاق أرواح الشعب ودمار الوطن فتباً لها ومن فكر بها بهذه الطريقة .