«الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار وخفايا الحركة الاصولية المنصوصة في كتاب "إدارة التوحش" الأصولي الحلقة الاولى
نشر في لحج نيوز يوم 23 - 07 - 2011

: "إدارة التوحش"، كتاب يحكي عنوانه مضمونه، ويُصنِف مؤلفه الناس بين مسلم يؤيدهم، ومنافق وكافر، يجب محاربته، ويعد هذا الكتاب إمتدادًا لكتب نظرية دأبت الجماعات المتشددة على تأليفها منذ عشرات السنين تنادي خلالها بضرورة استخدام العنف كوسيلة للتغيير. كتاب إدارة التوحش كان بحوزة المقبوض عليهم من المجموعات الإرهابية خلال الحملة الأمنية التي قامت بها أجهزة الأمن السعودية، وينظر خلاله المؤلف لعملية تغيير الأنظمة بالقوة من خلال استباحة الدماء وكسب مشاعر الناس بأطروحات لا تمت للواقع بصلة.
ويصف مؤلف الكتاب أبي بكر ناجي، في غلاف كتابه المرحلة الراهنة بأنها اخطر مرحلة ستمر بها الأمة، كما يصف العالم بأنه يعيش مرحلة الفناء الحضاري، حيث أن الانحلال الأخلاقي والفساد وصل إلى أعلى مراحله في كافة أنحاء العالم.
ويتحدث صاحب الكتاب، في مطلع كتابه، عن النظام الذي يدير العالم منذ اتفاقية سايكس بيكو وهي المرحلة التي تلت الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة العثمانية، ويتكلم عن مركزية القوى العظمى.
وينادي بضرورة المواجهة العسكرية مع الغرب وضرب المصالح الاقتصادية ومصالح الشركات البترولية لإرباك العدو، والمقصود هنا الدول العربية، والأنظمة العربية بشكل عام، ولعل في بيان وزارة الداخلية السعودية الأخير، ما يؤكد تورط مؤلف هذا الكتاب في توجيه الفئات الضالة التي حاولت استهداف المنشآت النفطية السعودية.
ويركز المؤلف على التنظير لما بعد مرحلة سبتمبر 2001م، وضرورة استدراج الولايات المتحدة لحروب خارج الأراضي الأميركية،لتفريق قواتها وإضعافها، وتركيزه على العمليات الإرهابية التي تمت في السعودية منذ عام 2003 وتفجيرات بالي وغيرها للاستفادة منها في عمليات جديدة.
ويقول إن تعديلات طرأت على عمل المجموعات الإرهابية، بعد أحداث سبتمبر حيث استبعدت بعض المناطق من مجموعة المناطق الرئيسة، على أن يتم ضمها لتعمل في نظام بقية الدول، وأدخلت كل من بلاد الحرمين "السعودية"، ونيجيريا، مع دول أخرى تعتزم هذه المجموعات القيام بعمليات فيها وهي الأردن والمغرب وباكستان واليمن.
ويلاحظ على الكتاب كثرة الإحالات إلى مراجع أخرى مع نهاية كل فصل تقريبا، واهتم الباحثون بهذا الكتاب، بشكل لافت، وتمت ترجمته إلى اللغة الإنكليزية، وقام رجال السياسة الأميركيون بدراسته بتأنٍ، ولقي كتاب "إدارة التوحش" رواجًا واسعًا على مواقع الانترنت، حيث قدرت الروابط التي بث إليها ب11 ألف رابط إلكتروني.
وبقيت شخصية مؤلف الكتاب (أبي بكر ناجي) غامضة لحد كبير، ويقول مراقبون إنها شخصية وهمية لضابط مصري، هو سيف العدل، منسق الشؤون الأمنية والاستخباراتية في تنظيم القاعدة، وهو صاحب كتاب الخونة ويقيم حاليًا في إيران. ويحتوي الكتاب على خمسة مباحث يتحدث في الأول عن "التعريف بإدارة التوحش، فيما يتكلم في المبحث الثاني عن طريق التمكين الذي يركز خلاله على أهمية توتير العلاقات بين الدول وتوظيفها لصالحهم، في حين يفرد المبحث الثالث لأهم القواعد والسياسات التي تيسر لهم عملهم يركز خلالها على الإدارة العسكرية، واتخاذ القرارات، وفي المبحث الرابع يتكلم عن أهم المشاكل والعوائق التي يمكن أن تعترضهم.
ولعل أكثر ما يميز توحش مؤلف هذا الكتاب في طرحه هو تكفير كل من يختلف معه في الرأي وتشدده في طرحه ومغالطاته في الاستدلال بآيات من القرآن الكريم والسنة النبوية التي لم يستطع توظيفها بل على العكس من ذلك كانت هناك مغالطات كثيرة في هذا الكتاب الذي يبين مدى خطورة منظري هذه الجماعات وما يمثلونه من فكر هدام يهدد مقدرات الأمة.
وفي المبحث الخامس، يناقش الكتاب آلية العمل الجهادي، من خلال التركيز على الضربات الكبيرة، وينتقد تواجد مسؤولين عسكريين في بعض الدول الإسلامية، كما ينتقد بعض الحركات الإسلامية التي لا تتعامل بالجهاد والقتال، مستشهدًا بحديث القدسي " قاتل بمن عصاك من أطاعك " .
لذا فإننا ننشر كتاب ادارة التوحشالذي يتكون من 130 ورقة في حلقات متتالية ليفهم من لم يطلع عليه المخطط الجهنمي الذي تخطط له الحركة الاصولية في الوطن العربي وخاصة اليمن " الحلقة الاولى....
إدارة التوحش
أخطر مرحلة ستمر بها الأمة
تأليف
أبي بكر ناجي
المحتويات

 مقدمة
 مبحث تمهيدي: النظام الذي يدير العالم منذ حقبة سايكس بيكو
 وهم القوة: مركزية القوى العظمى بين القوة العسكرية الجبارة والهالة الإعلامية الكاذبة
 المبحث الأول: التعريف بإدارة التوحش وبيان السوابق التأريخية لها
 المبحث الثاني: طريق التمكين
 المبحث الثالث: أهم القواعد والسياسات التي تتيسر باتباعها خطة العمل وتتحقق أهداف مرحلة [شوكة النكاية والإنهاك] بصفة عامة وأهداف مرحلة [إدارة التوحش] بصفة خاصة - بإذن الله -
 الفصل الأول: إتقان فن الإدارة
 الفصل الثاني: من يقود ومن يدير ومن يعتمد القرارات الإدارية الأساسية ؟
 الفصل الثالث: اعتماد القواعد العسكرية المجربة
 الفصل الرابع: اعتماد الشدة
 الفصل الخامس: تحقيق الشوكة
 الفصل السادس: فهم قواعد اللعبة السياسية للمخالفين والمجاورين جيدا والتحرك في مواجهتها والتعامل معها بسياسة شرعية
 الفصل السابع: الاستقطاب
 الفصل الثامن: قواعد الالتحاق
 الفصل التاسع: إتقان الجانب الأمني وبث العيون واختراق الخصوم والمخالفين بجميع أصنافهم
 الفصل العاشر: إتقان التربية والتعلم أثناء الحركة كما كان العصر الأول
 المبحث الرابع: أهم المشاكل والعوائق التي ستواجهنا وسبل التعامل معها
 (1) مشكلة تناقص العناصر المؤمنة
 (2) مشكلة نقص الكوادر الإدارية
 (3) مشكلة الولاء القديم لعناصر الإدارة
 (4) مشكلة الاختراق والجواسيس
 (5) مشكلة التفلت أو الانقلاب من أفراد أو مجموعات أو مناطق بأكملها تغير ولاءها ( كيف نتفهمها ؟ وكيف نتعامل معها ؟)
 (6) مشكلة التحمس الزائد عن الحد وملحقاتها
 المبحث الخامس: الخاتمة: هل توجد حلول أخرى أيسر من ذلك الحل ؟
 المقالة الأولى: معركة الصبر
 المقالة الثانية: الابتلاء بين النفس البشرية وسنن الله في الدعوات
 المقالة الثالثة: رجالنا وأفراد العدو تحت النار
 المقالة الرابعة: السنن الكونية بين الأخيار والأغيار
 المقالة الخامسة: منهاجنا رحمة للعالمين
 المقالة السادسة: فتنة المصطلحات.. المصلحة والمفسدة نموذجاً
 المقالة السابعة: الاستقطاب والمال
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد:
كتبت في موضوع سابق عن قدر الإعداد المادي الذي قام به ذلك الفصيل من فصائل العمل الإسلامي الذي نحسبه قائمًا بأمر الله في هذا الزمن والذي نحسبه سيتنزَّل عليه النصر بإذن الله، وتطرق الموضوع إلى المشروع الذي يطرحه ذلك الفصيل للخروج بالأمة مما هي فيه من الهوان لتعود لقيادة البشرية للهداية وإلى طريق النجاة، ومقارنته بالمشاريع المطروحة من قبل باقي فصائل العمل الإسلامي والتي أصابت الشباب الإسلامي بالحيرة.
نعم.. كثير من الشباب قد اختار هذا الطريق أو ذاك بناءً على أنه وافق ما يميل إليه من العمل أو الهوى والراحة، إلا أن البعض قد أصابته الحيرة من تعدد المشاريع لحل قضية حسمت حلها النصوص الشرعية في أعين النابهين على الأقل ومما جاء في الموضوع المشار إليه مع شيء من التصرف:
(أن من كل تيارات الحركة الإسلامية لم يضع مشاريع مكتوبة إلا خمسة تيارات فبعد إخراج تيار التبليغ والدعوة وتيار سلفية التصفية والتربية [السلفية الصوفية] وتيار سلفية ولاة الأمر وغيرهم سنجد أن التيارات التي وضعت مشاريع مكتوبة وتصلح للنقاش لما لها من واقع عملي، هي خمسة تيارات:
(1) تيار السلفية الجهادية.
(2) تيار سلفية الصحوة الذي يرمز له سلمان العودة وسفر الحوالي.
(3) تيار الإخوان [الحركة الأم.. التنظيم الدولي].
(4) تيار إخوان الترابي.
(5) تيار الجهاد الشعبي [مثل حركة حماس وجبهة تحرير مورو وغيرها].
أما مشروع سلفية الصحوة خاصة في صيغته الأخيرة [إنشاء المؤسسات] فيشابه مشروع حركة الإخوان [التنظيم الدولي] إلى حد كبير قد يصل إلى التطابق في بعض فقراته إلا أني سأوضح بإذن الله أنه لا يمكن أن يتجاوز مراحله الأولى حتى بعد مرور آلاف السنين لأنه يتجاوز من السنن الكونية الكثير - التي هي شرعية أيضاً - مما يجعله يدور في حلقة مفرغة ليتلعب به الكفار والطواغيت وأهل النفاق، مع مفارقة أن تيار سلفية الصحوة يحاول تنفيذه كما على الورق.. أما تيار الإخوان فهم يطرحونه على الورق نظرياً لينفّذوا من خلاله مشروعهم البدعي أو قل مشروعهم العلماني ويمرروا مشروعهم العفن على القواعد التحتية من الشباب من خلال المنهج النظري المكتوب والشعارات البراقة حتى إنهم لا مانع عندهم من رفع شعار [الجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا..!] أو [حركة سلفية!! ولا مانع من حقيقة صوفية أيضاً كما يصرحون].
أما تيار السلفية الجهادية فهو التيار الذي أحسبه وضع منهجاً ومشروعاً شاملاً السنن الشرعية والسنن الكونية وعلى الرغم من أن هذا المنهج رباني إلا أن القائمين على تنفيذه بشر يعتريهم ما يعتري البشر من النقص وعدم الكمال وتنفذ فيهم السنن الكونية التي تنفذ في البشر ومشروعهم به من العثرات التي وقع فيها القرن الأول بل وأكثر بحكم أن الأفضلية للقرن الأول لا شك، وراجع إن شئت مشكوراً مقال المثالية والواقعية للشيخ عمر محمود أبو عمر فك الله أسره.
أقول ومع بعض العثرات التي يمر بها مشروعهم التي هي جزء قدري من مشروعهم لا ينفك عنه إلا أن خطوات مشروعهم تسير كما هي مكتوبة على الورق على السنن الشرعية والكونية الصحيحة، بل ينالهم بفضل الله من العناية والرعاية الإلهية ما يُطوى لهم فيه بعض المراحل، وهم وأعداؤهم في صراع لا يُنكر أحدٌ أنه شبيه بصراع الرسل مع أهل الكفر والطغيان، إن لم يعترف بأنَّه استمرارٌ حقيقيٌّ لذلك الصراع.
أما تيار إخوان الترابي [المنشق على التيار الأم] فهو تيار أخذ من السنن الكونية ما أهّله لإقامة دولة - دولة البشير والترابي بغض النظر عن التنافر الواقع بين البشير والترابي الآن - إلا أنه لتجاهل ذلك التيار لبعض الأوامر الشرعية وتحريفه لبعض آخر جعل هذه الدولة دولة علمانية ليس فيها من الإسلام إلا المتاجرة باسمه وشرح ذلك كله ومشروع ذلك التيار يطول.
أما تيار الجهاد الشعبي [مثل حركة حماس وحركة الجهاد بفلسطين..] فبالنظر إلى المشاريع الأربعة السابقة وما تعلمونه من أخبار ذلك التيار يمكنكم فهم طبيعة مشروعه، وهو باختصار شبيه بمشروع التيار السلفي الجهادي إلا أنه مخترق في فكره السياسي بمنهج الإخوان الأم ومنهج إخوان الترابي، مع قصور في بث المنهج العلمي الصحيح بين أتباعه أثناء ممارسة منهج البناء التربوي، ويُخشى عليه أحد مصيرين إما ضياع الثمرة في النهاية وسقوطها في يد المرتدين العلمانيين والقوميين، أو إقامة دولة شبيهة بدولة البشير والترابي بالسودان وشرح تفاصيل كل ذلك يطول..).
وقد أشرت في ذلك المقال أني في سبيلي إلى استكمال دراسة أفك فيها الاشتباك لكامل الفقرات السابقة، وأبيِّن فيها الخطوط العريضة لمشروع أهل التوحيد والجهاد المتناثر في إصداراتهم وأدبياتهم منذ زمن طويل ويعلمه كل من تواصل معهم، كذلك نناقش فيها المشاريع التي تطرحها باقي التيارات وأسأل الله الإخلاص والإنصاف والعفو عن الزلل.
هذه الدراسة الموسومة ب [إدارة التوحش... أخطر مرحلة ستمر بها الأمة] عبارة عن خطوط عريضة لا تعنى بالتفاصيل وإنما تترك التفاصيل لفريقين، فريق المتخصصين في الفنون التي تتحدث عنها الدراسة وفريق قيادات الواقع في مناطق إدارة التوحش، وعندما تأتي بعض التفاصيل في ثنايا الدراسة فإنما تأتي لأهميتها أو كمثال لشحذ الذهن.
إدارة التوحش هي المرحلة القادمة التي ستمر بها الأمة، وتُعد أخطر مرحلة فإذا نجحنا في إدارة هذا التوحش ستكون تلك المرحلة - بإذن الله - هي المعبر لدولة الإسلام المنتظرة منذ سقوط الخلافة، وإذا أخفقنا - أعاذنا الله من ذلك - لا يعني ذلك انتهاء الأمر ولكن هذا الإخفاق سيؤدي لمزيد من التوحش..!!
ولا يعني هذا المزيد من التوحش الذي قد ينتج عن الإخفاق أنه أسوأ مما هو عليه الوضع الآن أو من قبل في العقد السابق [التسعينات] وما قبله من العقود بل إنَّ أفحش درجات التوحُّش هي أخفُّ من الاستقرار تحت نظام الكفر بدرجات.
مبحث تمهيدي
النظام الذي يدير العالم منذ حقبة سايكس بيكو
إن المتأمل في القرون السابقة وحتى منتصف القرن العشرين يجد أنه عند سقوط الدول الكبرى أو الإمبراطوريات بل والدول الصغرى سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية ولم تتمكن دولة مكافئة في القوة أو مقاربة للدولة السابقة من السيطرة على أراضي ومناطق تلك الدولة التي انهارت تتحول بالفطرة البشرية مناطق وقطاعات هذه الدولة للخضوع تحت ما يسمى بإدارات التوحش.
عند سقوط دولة الخلافة حدث بعض من هذا التوحش في بعض المناطق إلا أن الأمر استقر بعد ذلك على قريب مما أقرته معاهدة سايكس بيكو فكان تقسيم دولة الخلافة وانسحاب الدول الاستعمارية بحيث انقسمت دولة الخلافة إلى دول ودويلات تحكمها حكومات عسكرية أو حكومات مدنية مدعومة بالقوات العسكرية، وتمثلت قدرة هذه الحكومات على الاستمرار في إدارة تلك الدول بمقدار قوة العلاقة مع هذه القوات العسكرية وقدرة هذه القوات على المحافظة على شكل الدولة، سواءً بالقدرة التي تملكها هذه القوات في شرطتها وجيشها أو القدرة الخارجية التي تدعمها.
لا نخوض هنا في كيفية قيام هذه الدول وسيطرة هذه الحكومات، سواء حكمنا عليها أنها نالت السيطرة بحكم انتصارها على حكومات الاستعمار أو بحكم أنها كانت تعمل في الخفاء مع الاستعمار وكل ما في الأمر أنه انسحب ووكلها مكانه أو خليط من الأمرين، فخلاصة الأمر أن هذه الدول سقطت في أيدي تلك الحكومات بسبب كوني هو أحد هذين الأمرين أو كلاهما.
وسواءً كانت هذه الدول مستقلة حقيقة أو اتبعت كل منها في الخفاء الدولة التي استعمرتها في السابق إلا أنها بعد فترة أصبحت تدور في فلك النظام العالمي الذي تمخض بعد نهاية الحرب العالمية الثانية والذي كانت صورته المعلنة هيئة الأمم المتحدة وحقيقته قطبان هما عبارة عن دولتين يدخل تحت كل منهما معسكر من الدول الكبرى الحليفة ويتبع كل قطب عشرات من الدول التابعة.
ومقابل أن يدور نظام حكم دولة تابعة في فلك أحد القطبين محققاً مصالح هذا القطب الاقتصادية والعسكرية يقوم هذا القطب بدعم هذا النظام بمقومات الدعم المختلفة، إلا أنه وطبقاً لطبيعة سكان بلادنا التي تحكمها هذه الأنظمة - أي كبلاد سكانها مسلمون - كان هذا الدعم في الغالب دعماً محدوداً ويذهب جله لدعم أفراد الأنظمة الحاكمة أو دعم شخصي لقادة جيوش هذه الدول والقيادات المتنفذة في تلك الجيوش.
وتلا تلك الفترة انهيار بعض الأنظمة وقيام أخرى إما لتخلي القطب عنها أو عدم قدرته على حمايتها من السقوط أو لقيام القطب الآخر بدعم مجموعة أخرى اخترقت هذا النظام وأسقطته وحلت مكانه بأخذها بسنن كونية محضة.
هذه الأنظمة ما أن يستتب لها الأمر حتى تقوم بفرض قيمها التي تحملها على مجتمع كل دولة تحكمها وإذا كانت تدور في فلك قطب جديد أو مازالت تتودد للقطب الذي كان يدعم النظام السابق لها تقوم بخلط قيمها الاجتماعية والاقتصادية بقيم القطب الذي تدور في فلكه وتفرض الخليط على المجتمع، واضعة حول هذه القيم هالة من التقديس حتى لو كانت قيماً تأباها كل العقول.
خالفت هذه الأنظمة عقيدة المجتمعات التي تحكمها وقامت مع مرور الوقت والتدرج في الانحطاط بتضييع وبسرقة مقدرات تلك الدول وانتشرت المظالم بين الناس.
وطبقاً للسنن الكونية المحضة نجد أن القوى التي يمكن أن ترجع الحكم لقيم وعقيدة المجتمع أو حتى ليس من أجل العقيدة والحق من أجل رد المظالم والعدالة التي يتفق عليها الجميع المؤمن والكافر قوتان:
الأولى: قوة الشعوب وهذه تم تدجينها وتغييب وعيها بآلاف من الملهيات سواءً جانب شهوات الفرج والبطن، أو اللهاث خلف لقمة العيش أو اللهاث لجمع المال، فضلاً عن الهالات الإعلامية الكاذبة في اتجاهات شتى، ونشر الفكر الجبري والصوفي والإرجائي بين شرائحها، وبين فترة وأخرى يتم تقليم أنياب من يفيق من غفلته من هذه الشعوب عن طريق جيوش وشُرَط هذه الدول التي تعتبر هذه المهمة هي مهمتها الأساسية التي تتلقى الأموال والعطاء من أجلها وهي الحفاظ على هذه الأنظمة أو الحفاظ على دوران النظام الحاكم في فلك أحد القطبين.
الثانية: القوة الثانية التي يمكن من خلالها إرجاع المجتمع - ولو جزئياً طبقًا للسنن - إلى العدل وإلى عقيدته وقيمه هي قوة الجيوش وهذه تم إغداق الأموال المنهوبة عليها وشراؤها حتى لا تقوم بهذا الدور بل تقوم بنقيضه.
إلا أنه رغم أنف الشيطان تبقى فئة قليلة من العقلاء والشرفاء تأبى الظلم وتنشد العدل، فيدور في خلد هذه الفئة استغلال ما في أيديها من القوة لتغيير هذا الواقع للأفضل بحسب اعتقادها، إلا أن ثاني أمر يقع في خلدهم وجود القوة المجرمة التي لا تأبه بالقيم في هذه الجيوش أو في أحسن الظروف لو تم وضع خطة محكمة للالتفاف على تفاوت القوة سيقوم القطبان أو أحدهما تحت ستار الأمم المتحدة بإرغام النظام الجديد بالحيل أو بالقوة أو بالضغوط أو بكل ذلك على الدوران في فلك أحد القطبين وفرض منتفعين جدد على النظام الجديد، ويتحول هذا الشريف الذي تسلم الحكم إلى سيرة شبيهة لسيرة أمثاله السابقين وما سودان البشير عنا ببعيد.
وفي الغالب ينتهي التفكير بهؤلاء الشرفاء بالانصراف عن فكرة تغيير تلك الأنظمة والرضا بالأمر الواقع والانطواء على أنفسهم حاملين المرارة في قلوبهم، ومن يصدق مع نفسه الضعيفة منهم يستقيل من عمله العسكري وإلا فلا يلبث أن ينزلق إلى مستنقع الظلم والانحطاط تحت شعار [لا دين ولا دنيا] أو [لا خير وعدل ولا دنيا].. هكذا هي الصورة تدور في هذا الإطار منذ سقوط الخلافة.
وهم القوة
القطبان اللذان كانا يسيطران على النظام العالمي كانا يسيطران من خلال قوة مركزيتهما، والمقصود بالقوة المركزية هنا هي: القوة العسكرية الجبارة التي تصل من المركز للسيطرة على مساحات الأراضي التي تخضع لكل قطب بداية من المركز وحتى أبعد طرف من تلك الأراضي، والخضوع في صورته الأولية المبسطة هو أن تدين تلك الأراضي للمركز بالولاء والتحاكم وتَجبي إليه المصالح.
ولا شك أن القوة التي أعطاها الله للقطبين [أمريكا وروسيا] جبارة في حساب البشر إلا أنها في الحقيقة وبالنظر الدقيق في حساب العقل البشري المجرد أيضا لا تستطيع أن تفرض سلطانها من بلد المركز في أمريكا مثلاً أو روسيا على أراضٍ في مصر واليمن مثلاً إلا إذا خضعت تلك البلاد بمحض إرادتها لتلك القوى، صحيح أن هذه القوة جبارة وأنها تستعين بقوة أنظمة محلية من الوكلاء الذين يحكمون العالم الإسلامي إلا أنها رغم كل ذلك لا تكفي، لذلك لجأ القطبان إلى عمل هالة إعلامية كاذبة تصور هذه القوى أنها لا تقهر، وأنها تحيط بالكون وتستطيع أن تصل إلى كل أرض وكل سماء وكأنها تحوز قوة خالق الخلق.
إلا أن الأمر المثير الذي حدث أن هذين القطبين صَدَّقا لوهلة دجلهما الإعلامي وأنهما بالفعل قوة قادرة على السيطرة التامة على أي مكان في أرجاء المعمورة، وأنها قوة تحمل خصائص قوة الخالق، فطبقاً للدجل الإعلامي فإنها قوة جبارة محيطة ويخضع لها الناس لا خوفاً منها فقط ولكن حباً فيها أيضاً لأنها تنشر الحرية والعدل والمساواة بين البشر إلى آخر تلك الشعارات.
وعندما تخضع دولة - مهما بلغ قدرها - لوهم القوة الكاذبة وتتصرف على هذا الأساس فمن هنا يبدأ سقوطها.
وكما يقول الكاتب الأمريكي بول كينيدي: (إن أمريكا تتوسع في استخدام قوتها العسكرية، وتتمدد استراتيجياً أكثر من اللازم وهذا سيؤدي إلى سقوطها).
هذه القوة الجبارة مدعومة كذلك بتماسك مجتمعها في بلد المركز وتماسك مؤسسات ذلك المجتمع وشرائحه، فلا قيمة للقوة العسكرية الجبارة [الأسلحة والتقنية والمقاتلين] بدون تماسك المجتمع وتماسك مؤسساته وشرائحه، بل قد تصبح هذه القوة العسكرية الجبارة وبالاً على هذا القطب العظيم إذا انهار تماسك كيان المجتمع.
وعوامل انهيار هذا الكيان عديدة تتلخص في عبارة [عوامل الفناء الحضاري] مثل الفساد العقدي والانهيار الخلقي والمظالم الاجتماعية والترف والأنانية وتقديم الملذات وحب الدنيا على كل القيم.. الخ.
وكلما كان القطب تجتمع فيه مزيج هذه العوامل بصورة كبيرة، وتمتزج فيها تلك العوامل بصورة تنشط بعضها البعض كانت سرعة انهيار ذلك القطب أكبر، وهذه العوامل قد تكون موجودة بصورة نشطة أو موجودة بصورة خاملة تحتاج الى عامل مساعد لتنشيطها فيسقط ذلك القطب وتسقط مركزيته مهما كان يمتلك من القوة العسكرية لأنه كما قلنا أن قوة مركزيته المتمثلة في القوة العسكرية الجبارة والهالة الإعلامية الكاذبة لا تقوم بدورها إلا في مجتمع متماسك.
فما بالنا إذا كان هذا العامل المساعد هو قدر الله الذي قدره للعمل على هذه المحاور الثلاث فلا يعمل فقط على تنشيط عوامل الفناء الحضاري الخاملة بل يعمل كذلك على مواجهة القوة العسكرية بالإنهاك، فتعمل هذه المواجهة وذلك الإنهاك ذاتياً على المحور الثالث ألا وهو الهالة الإعلامية الكاذبة، فيقوم بنزع المهابة التي تصور هذه القوة أن لا شيء يقف أمامها البتة.
وهذا تماماً ما حدث للقطب الشيوعي عندما وُضع في مواجهة عسكرية مع قوة أضعف منه بمراحل بل لا تقارن به، ولكنها نجحت في إنهاكه عسكريا والأهم من ذلك تنشيط عوامل الفناء الحضاري في دياره:
عقيدة الإلحاد في مواجهة عقائد تؤمن بحياة أخرى وإله.
حب الدنيا والملذات والترف في مواجهة أفراد ليس عندهم ما يخسرونه.
انحلال خلقي أقل مظاهره أن يعود الضابط أو الجندي الروسي - إن عاد - فيجد زوجته قد أنجبت من غيره أو على علاقة بغيره.
مظالم اجتماعية طفت بوضوح على السطح عندما ضعفت الحالة الاقتصادية بسبب الحرب، فعندما يقل المال وتبدأ الأزمات المالية يظهر اللصوص الكبار خاصة إذا بدأت المحاسبة الدقيقة.
مع ملاحظة هامة: أن الضعف الاقتصادي الناشئ عن تكاليف الحرب أو الناشئ عن توجيه ضربات النكاية مباشرة إلى الاقتصاد هو أهم عوامل الفناء الحضاري حيث يهدد الترف والملذات التي تلهث خلفها تلك المجتمعات فيبدأ التنافس بينهم حولها بعد أن تقل بسبب ضعف الاقتصاد، كذلك تطفو على السطح من خلال الضعف الاقتصادي المظالم الاجتماعية مما يشعل الحروب أو المواجهات السياسية والفرقة بين شرائح كيان المجتمع في بلد المركز.
كذلك عملت هذه القوة - على الرغم من ضعفها - على المحور الثالث أي بنزع المهابة من الجيش الروسي من قلوب الشعوب التي كانت تدور أنظمتها في فلكه في أوروبا وآسيا فبدأت بالتساقط منه والخروج عليه واحدة وراء الأخرى.
بل عملت هذه القوة الضعيفة على محور رابع خاص بالأمة ألا وهو إحياء العقيدة والجهاد في قلوب الشعوب المسلمة التي كانت خاضعة تحت كيان هذا القطب لما رأت المثل والقدوة في الجهاد من هذا الشعب الأفغاني الفقير المجاور لهم الذي استطاع الصمود أمام أقوى ترسانة حربية وأشرس جيش من حيث طبيعة أفراده في ذلك الوقت، فرأينا الجهاد يخرج من أراضٍ لم يسمع بها كثير من المسلمين كالشيشان وطاجيكستان وغيرهما.
وكل ما سجلناه هنا واقع حادث بل والأهم من ذلك أن من نعم الله على من يخوض المعركة أنه أقرب أهل العلم والفراسة في تحسب ذلك، فمثلاً تحدث الشهيد - نحسبه كذلك - سيد قطب رحمه الله عن سقوط الاتحاد السوفيتي وبين من السنن التي ستؤدي إلى ذلك الكثير لكنه ما كان يستطيع أن يحدد زمناً مُتوقعاً أو بيانات محددة، في حين أن للشيخ عبد الله عزام - الذي استشهد رحمه الله قبل سقوط الاتحاد السوفيتي - تحليلاً تنبأ فيه بسقوط هذه الدولة العظمى وتشرذم جمهورياتها ونشوء حركات إسلامية مجاهدة في بعض جمهورياتها، الأغرب من هذا أن تحليله كان مبنياً على أرقام حيث جاء فيه عدد قوات الجيش الروسي صاحب أكبر ترسانة سلاح في العالم وجيش أكبر من الجيش الأمريكي من حيث العدد وأشرس وأقدر على احتمال جو المعارك وخسائرها البشرية، والأغرب من ذلك أيضاً أنه لم يكن مبنياً على انسحاب الروس من أفغانستان وإن كان يأمل ذلك وإنما مبني على أن ضغط المجاهدين سيدفع الروس لضخ مزيد من أعداد الجند داخل أفغانستان مما يقلل الاحتياطي في الجيش السوفيتي وأن هذا الضغط والنقص سيُجرئ الجمهوريات السوفيتية على محاولة الانفصال خاصة الإسلامية التي رأى سكانها قدوة عملية على إمكانية المقاومة، وتقريبا كل ما قال حدث وكأنه فيلم سينمائي، ومن هذا نعلم أن معرفة قدرات العدو وموعد هزيمته لن تتأتى لنا إلا بخوض الحرب العملية معه مهما كان لنا من عقل أو دراسات نظرية.
هنا نسجل أن بانهيار ذلك القطب سقطت جمهورياته في الفوضى لكن بسبب توفر عوامل معينة سرعان ما قامت في أغلبها إدارات دول - دون المرور بمرحلة إدارة توحش - نجح بعضها في الاستمرار حتى الآن.
نجحت إدارات التوحش في الشيشان وأفغانستانأفغانستان لم تكن من الجمهوريات السوفيتية - في إقامة ما يمكن أن يُطلق عليه دول لكن تم إسقاطهما الآن، بل تم إعادتهما إلى مرحلة ما قبل إدارة التوحش وهي مرحلة شوكة النكاية والإنهاك، ونسجل أن تطور الأحداث في البلدين لم تكن بسبب أحداث دخول داغستان وأحداث سبتمبر، وإن كانت قد تكون عجلت به وتفصيل ذلك يطول وقد أشرنا لما يخص أفغانستان فيما سبق.
هكذا انهار ذلك القطب ولكن سرعان ما تمكنت حضارة الشيطان من تدارك الأمر والاستمرار في التحكم في العالم من خلال تماسك القطب المتبقي [أمريكا] بحيث يقوم مع دول العالم عامة ودول منطقتنا خاصة بنفس الدور الذي كان يقوم به القطبان، بل أصبحت الصورة أشد قتامة أمام بعض الشرفاء سواءً من أهل الدين أو من غيرهم في الدول الخاضعة لهذا النظام العالمي لظنهم أن القطب المتبقي مستعصٍ على الإفناء وأن عناصر قوته تختلف عن مثيلاتها في القطب المنهار، خاصة أن هالته الإعلامية أضعاف أضعاف الهالة الإعلامية للقطب المنهار.
والبعض الآخر من أهل الصدق والجهاد كانوا يطرحون ما أراهم الله وأنشأ به التصور في أذهانهم عن ضعف العدو وقلته ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، فكان هذا البعض يقول للباقين من أهل الدين والشعوب: يا قوم إن شراسة الجندي الروسي أضعاف ما عند الأمريكي، ولو قُتل لأمريكا عُشر من قُتل لروسيا في أفغانستان والشيشان لولت هاربة لا تلوي على شيء، وذلك لأن بنية جنود أمريكا والغرب الآن غير بنية جنودهم في حقبة الاستعمار، فقد وصلوا لمرحلة من الترف تجعلهم غير قادرين على تحمل المعارك مدة طويلة واستبدلوا ذلك بهالة إعلامية كاذبة، يا قوم إن المركز في الاتحاد السوفيتي كان قريباً على قدر ما من البلاد التي فيها المواجهات، بل كان لها حدود مشتركة مع أرض المواجهات فكانت تتدفق الإمدادات والآليات والمدرعات بسهولة وبدون تكلفة كبيرة بينما الأمر مختلف بالنسبة لأمريكا فبعد المركز الرئيسي عن الأطراف عامل جيد ليفهم الأمريكان صعوبة الاستمرار في خضوعنا لهم وتحكمهم فينا ونهبهم خيراتنا إذا قررنا رفض ذلك، فقط إذا قررنا وأشعلنا المواجهة لإثبات ذلك.
هذه كانت الصورة حتى أحداث سبتمبر وإرهاصاتها التي بدأت بأحداث نيروبي ودار السلام.
والخلاصة: خلصت حركة التجديد المعاصرة بعد أن عركتها الأحداث والمعارك وتراكمت لديها الخبرات خلال أكثر من ثلاثين عاماً إلى أن عليها القيام ببعض العمليات النوعية المرتبة بنظام معين والتي بدأت بعملية نيروبي ودار السلام لتحقيق الأهداف التالية - بإذن الله -:
أ - الهدف الأول: إسقاط جزء هام من هيبة أمريكا وبث الثقة في نفوس المسلمين من خلال:
(1) كشف الهالة الإعلامية الكاذبة بأنها قوة لا تقهر.
(2) جعل أمريكا تستبدل حربها على الإسلام من نظام الحرب بالوكالة إلى أن تحارب بنفسها لتكشف أمام أعين شرفاء الشعوب وقلة من شرفاء جيوش الردة أن خوفهم من خلع الأنظمة لكون أمريكا تحمي هذه الأنظمة ليس في محله، وأنهم عند خلع الأنظمة يمكنهم مواجهة أمريكا إذا تدخلت.
ب - الهدف الثاني: تعويض الخسائر البشرية التي منيت بها حركة التجديد في الثلاثين عاما الماضية عن طريق مد بشري متوقع يأتي لسببين:
(1) الانبهار بالعمليات التي سيتم القيام بها في مواجهة أمريكا.
(2) الغضب من التدخل الأمريكي السافر والمباشر في العالم الإسلامي، بحيث يتراكم ذلك الغضب على كم الغضب السابق على دعم أمريكا للكيان الصهيوني مع تحويل الغضب المكبوت تجاه أنظمة الردة والظلم إلى غضب إيجابي ومد بشري لا ينضب لحركة التجديد، خاصة عندما ينكشف لأهل الغفلة من الشعوب - وهم الأكثرية - حقيقة عمالة هذه الأنظمة لأعداء الأمة بصورة لا ينفع معها أي أقنعة كاذبة، وبحيث لا يبقى حجة لأي مدعي بإسلام هذه الأنظمة وأعوانها.
ج - الهدف الثالث: العمل على إظهار ضعف القوة المركزية لأمريكا بدفعها إلى استبدال الحرب الإعلامية النفسية والحرب بالوكالة إلى أن تحارب بنفسها فينكشف للمترددين من جميع الطوائف والأصناف بل وينكشف للأمريكان أنفسهم أن بعد المركز الرئيسي عن الأطراف عامل هام جداً في إمكانية حدوث الفوضى والتوحش.
نقلا عن الرأي الثالث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.