في ميدان العرضي المغلق تم إيقاد الشعلة وعزفت الموسيقى وغنى المنشدون وللرئيس المحتفل بعيداً قدم الشباب وثيقة عهد كتبوها بالدم، وبالسلام الجمهوري اختتم برنامج الحفل المطوق بالأسوار والبنادق والجنود والتعزيزات الأمنية غير المسبوقة وما حول ميدان العرضي أخليت الشوارع من المارة وحال الطوق الأمني دون اقتراب المواطنين من المكان وبتغييب الشعب صاحب الشعلة الحقيقي أصبح الاحتفال احتفالاً حكومياً خالصاً وفي ميدان العرضي المحكم الإغلاق سجنت الشعلة فكانت شعلة واحتفال العرضي شعلة واحتفالاً عارضاً... لم تكن السماء تمطر ولم يكن فصل الشتاء قد دخل بعد لنقول أن صنعاء شهدت ليلة إيقاد الشعلة برداً قارساً وأن الثلوج المتساقطة لأول مرة حالت دون حضور الناس.. لم تشهد صنعاء ما يعيق حضور وتفاعل المواطنين أو يدعو الحكومة لتهميش الاحتفاء باليوبيل الذهبي لثورة سبتمبر الخالدة التي لم يفرق فقهاء السياسة الجدد بينها وبين صلاة الجماعة أثناء سقوط الأمطار والثلوج ومن مفهوم «صلوا في رحالكم» فاجأونا بمفهوم وفتوى سياسية جديدة واختاروا اليوبيل الذهبي للثورة اليمنية الخالدة ليقولوا لليمنيين احتفلوا في منازلكم.. ولن ينقصكم عدم الحضور من الأجر شيئاً لأن الحكومة ستتكفل بنقل وقائع الاحتفال وإيصال نار ودخان الشعلة إلى كل المنازل وإلى كل اليمنيين الذين ترى أنهم لن يخسروا شيئاً إذا ما اعتبروا أنهم في هذا العيد يعيشون خارج البلاد ولهم في رئيس الجمهورية إسوة حسنة.. ولن تدخر الحكومة جهداً في نقل وقائع الحفل فضائياً سواء عبر قنواتها الرسمية أو عبر القنوات الأخرى بما في ذلك قناة سهيل التي أثبتت أن وطنيتها تتوقف عند حدود حكومة فقهاء السياسة الجدد.. ستتكفل الحكومة بنقل وقائع الحفل وعلى اليمنيين الاحتفال بعيد ثورتهم الخمسين من خلال التلفزيون وسيمثل انطفاء الكهرباء عن منازلهم فرصة ليتفاعلوا مع الحدث ويترجموا إيقاد الشعلة بإشعال الشموع التي يفضل أن لا يقل عددها عن خمسين شمعة.. من حق اليمنيين الابتهاج بالثورة اليمنية الخالدة سبتمبر وأكتوبر ومن حقهم أن تنفق الحكومة القليل من أموالهم وتشاركهم الفرحة في عيد ثورتهم الخمسين.. ومن حق اليمنيين أن يشعروا بأن دماء وأرواح أبنائهم وإخوانهم وآبائهم لم تذهب سدىً وأن الثورة التي استرخصوا دماءهم وأرواحهم من أجل انتصارها أكبر من كل الحكومات وأكبر من كل الأنظمة وأكبر من كل الاتفاقيات والمبادرات السياسية وأكبر من كل الأحزاب وليس من حق الحكومة أن تقول غير ذلك وعلى هواها تنفرد بوضع برنامج احتفالي دون اعتبار لليمنيين ودون اعتبار للقوافل من الشهداء الذين تجسدت من خلالهم إرادة الله في الأرض عدلاً وسلاماً ومحبة. «وسيعلم الذين ظلموا أين منقلب ينقلبون».