بعد انقلاب مشهود أطاح بمساعيه لعقد مؤتمر موسع لانفصاليي الخارج يفوضه بزعامة الجنوب، وفشل ذريع حتى في تشكيل لجنة تحضيرية، أطلق التيار الانقلابي حملته الرامية لإعادة إسقاط "البيض" في الساحة الجنوبية، وجند أقلام الانفصاليين لشن أشرس حملاته التعبوية باتجاه نبذه ومقاطعته. وفيما تؤكد مصادر عليمة الاطلاع في الخارج، أن الحملة المضادة للبيض تجتاح مختلف التكوينات الانفصالية، غير أنها تفاوتت في تحديد الجهة التي تقف ورائها، بين من ينسبها إلى ما يصفه ب"التيار الشبابي" المؤلف من مختلف التكوينات القائمة، وبين من يقول أن دعاة مشروع "الجنوب العربي" في "تاج" هم من يقفون ورائها، فيما عزتها أطراف أخرى إلى ما وصفتها ب"منابر مبيوعة"- على حد تعبيرها- تم شرائها من قبل أطراف للمشترك والسلطة، إلاّ أن الجميع يقرون بأن "البيض" يواجه أشرس حملة، وأن مصيره قد يؤول إلى عزلة مماثلة لتلك التي عاشها في سلطنة عمان. المواقع والمنتديات الانفصالية تغرق منذ أيام بالكتابات التي تهاجم علي سالم البيض، وتصفه بالفاشل، وتحمله مسئولية كل ما لحق بالجنوب منذ استقلاله في 1967م، من فتن وتصفيات وصراعات سياسية، وإنه لا يبحث سوى عن مصالحه الشخصية، ويتعامل بعقلية متخلفة، ودكتاتورية، ومناطقية مع سواه من أبناء الجنوب، وإنه إنسان مجرد من أي ثقافة سياسية، ولا يملك سوى أمواله التي يعتبرها ورقة رهانه في شراء الذمم وجمع المناصرين.. كما أنها تجمع على أن "البيض" أصبح هو مشكلة الجنوبيين التي لو تجاوزوها لحلت جميع مشاكلهم الأخرى.. ونستشهد أدناه بمقال لكاتب انفصالي معروف نشرها موقع "عدن برس"- أول وأقوى الناطقين بلسان الانفصاليين- ضمن سلسلة مقالات أخرى بنفس الاتجاه، وهي ليست الأشرس بل ننشرها لأنها خالية من الألفاظ الجارحة، أو المحظورة قانوناً- والتي شن فيها الكاتب هجوماً على "علي سالم البيض" ماسحاً بكرامته الأرض: "الجنوب أو البيض.. حان وقت التحرك" .... بقلم: ناصر قحطان أنتظر الجنوبيون قرابة عقد ونصف من الزمن لخروج علي سالم البيض من قصره في سلطنة عمان ولو بتصريح يظهر فيه تعاطفه مع أبناء الجنوب الذي يعتبر هو نفسه المتسبب الرئيسي فيما عانوه من وحدة 1990 المتسرعة التي ساقهم إليها دون أي تهيئة أو ضمان حقوق، وفيما عانوه من انفصال 1994 الذي تم دون إستعداد ودون إصلاح البيت الداخلي لتجهيزه لما سيواجهه من قبل نظام صنعاء. ثم أنتظر الجنوبيون قرابة العامين بعد خروج علي سالم البيض من قصره في سلطنة عمان إلى قصره الآخر في جبال الألب أن يعمل البيض على توحيد الصف الجنوبي أمام نظام صنعاء، وأن ينفق ما بحوزته من قدرات مالية لإعانة الجماهير الجنوبية على الصمود أمام ما تواجهه من صنعاء. طال إنتظار الجنوبيين وما زال البيض هو البيض الذي يضرب بعرض الحائط بكل ما لا يتوافق مع رغباته. حاول القادة الجنوبيون جميعاً إرضاء البيض الذي لم يقدم شيء للحراك سوى تصريحات كرنفالية وبيانات رئاسية تثير الشفقة أكثر من أي شيء آخر, حاولوا إرضاءه بعدم تجاوزه في أي تحرك يقومون به وفي أي مبادرة يعملون عليها وكان كل ما يقوم به علي سالم البيض في المقابل هو حرق هذه المبادرة وكشف تلك الإتصالات دون تقديم أي بديل حقيقي للشعب الجنوبي الساعي لإستعادة دولته. كان كل ما يقوم به البيض ومن حوله هو مهاجمة تلك القيادات الساعية لتكوين تكتل جنوبي قوي يعترف به العالم دون مناقشتهم فيما يطرحونه من مبادرات أوضحوا جلياً أنها للنقاش, فمقابلة تلك القيادات لحميد الأحمر خيانة بينما مقابلته هو للشيخ سنان أبو لحوم في بيروت تكتيك..! طرحهم لمبادرة للحوار حول مستقبل الجنوب تسويق للفيدرالية بينما بياناته عن فك الارتباط دون أي عمل حقيقي ملموس هو الوطنية بعينها. علي سالم البيض في اعتقادي الشخصي غير مرغوب به إقليمياً, مرفوض عربياً, ومنسي عالمياً, لم يبق له أي تواصل مع العالم الخارجي إلا عبر مجموعة صغيرة تحيط به, حريصة على قدرته المالية وعلى حجز مواقعها المستقبلية أكثر من حرصها على الجنوب الذي يذبح يومياً قرباناً لنظام صنعاء. هناك في المقابل قادة جنوبيين آخرين, نتفق معهم أو نختلف, لكنهم مرحب بهم إقليمياً ومقبولين عربياً ومازالوا متصلين بالعالم. ومن خلال متابعتي للفترة منذ خروج البيض أيقنت أن كل ما يمتلكه ومن حوله هو صوت عالي وكثير من المال. يلجأ إلى الصوت العالي معتقداً أنه به يضمن ورقة معظم الداخل الجنوبي مقابل الأوراق الأخرى التي يمتلكها القادة الجنوبيين الآخرين.. قادة بدأوا في التكتل لتقديم مبادرة يقبلها الإقليم والعالم لترتيب وضع الجنوب دون إثارة مخاوف الجوار والعالم. لكنهم لا يمتلكون الصوت العالي ولا المال الكافي لشراء الولاءات وبيع الأحلام. أصبح علي سالم البيض- مرة أخرى- جزء أساسي من مشكلة الجنوب, لا جزء من الحل. يريد علي سالم البيض أن يلتف الجميع حوله, أن يعترفوا به رئيساً للجنوب, أن لا يطالبوه بأي أموال لدعم الحراك الجنوبي, ولا يقترحون عليه أو على الجنوب أو العالم أي مبادرة. بل عليهم تلقي بياناته – التي لا يكبتها هو غالباً- بالإيميل ومن ثم الرد عليها عبر وكلاءه بالشكر والثناء والتمجيد. مرة يرفض علي سالم البيض لقاء أشخاص معينين لأنهم من منطقة معينة, ومرة أخرى هو لا يقابل الزوار في رمضان, ومرة أخرى هو لا يقابل الناس في قصره, ومرة هو لا يقبل أن يحدد له من سيقوم بزيارته, ومرة هو لا يقبل بمبادرات لا تمر عبره ولا تقره رئيساً. ومرة يريد فرض نفسه على دول الجوار الرافضة له عبر القادة الجنوبيين المرحب بهم فيها. ومرة يريد أن يحدد نقاط اللقاء قبل الموافقة عليه. أن انتظار القادة الجنوبيين المقبولين عربياً وعالمياً والفاعلين سياسياً وإعلامياً للبيض وغير مقبول عربياً والمجهول عالمياً والمحنط سياسياً وإعلامياً هو تضييع لوقت الجنوبيين ولدمائهم التي تسيل على أرض الجنوب.. ولعل ما يميز البيض هو حضوره بوضوح وبقوة في كل نفق أسود دخل فيه الجنوب بسبب نرجسيته وإندفاعه وراء رغباته الشخصية وإدمانه على الشللية. للتذكير فقط, علي سالم البيض تولى وزارة الدفاع في أول حكومة في الجنوب بعد خروج البريطانيين, بدأ دوره السياسي بخلخلة الاستقرار الاجتماعي في حضرموت عن طريق هز قيمة الشخصيات الاجتماعية فيه عن طريق التفجيرات. ثم ضغط بشدة لإخراج القاعدة البريطانية من عدن على الفور على الرغم من جود مقترح جنوبي بإبقائها لحين إستثباب الأمر للدولة الجديدة كعامل حماية. ثم بدأ العبث بعلاقة الجنوب بدول الجوار بتزعمه لجبهة تحرير عمان والخليج العربي. تلك المنطقة التي ارتبطت تاريخياً بعلاقات قوية مع الجنوب كان من الممكن استثمارها لصالح استقرار الجنوب والمنطقة. البيض أيضاً هو من أصر بنفس الصوت العالي الحالي على الوحدة الفورية التي تمت داخل نفق مع حاكم صنعاء. وهو نفسه الذي أصر على انفصال فوري دون ترتيب البيت الداخل أو التنسيق مع الجوار. يؤخذ على القادة الجنوبيين عدم إصرارهم على رأيهم أمام كوارث علي سالم البيض ومغامراته التي لا تنتهي, يؤخذ عليهم موافقته على ما يقرره وعدم محاسبته على نتائجها. يؤخذ عليهم مجاراة البيض في قرارات دمرت الجنوب وقضت على أي فرصة أمامه لتكوين دولة مستقرة تنعم بتنمية واستقرار وعلاقات ودية مع الجوار. لم يملك البيض على الدوام أي شيء سوء التشنج والصوت العالي والتفرد باتخاذ القرار. حان وقت الفرز, هناك تكتل سياسي يقوده حيدر أبو بكر العطاس وعلي ناصر محمد, وقادة جنوبيين آخرين من الوزن الثقيل. قد لا يكون لهذا التكتل القدرة على الصراخ اليومي ضد الاحتلال بسبب حرص التكتل على عدم خسارة الجوار الذي خسره الجنوب لفترة طويلة في ظل النظام الحاكم لجنوب اليمن سابقاً. لكن لهذا التكتل آليات عمل أخرى أكثر فعالية من الصوت العالي والخطاب المهرجاني. فليتكون تيار جنوبي حول ناصر والعطاس ومحمد علي أحمد وصالح عبيد وعقلاء جنوبيين كثيرين آخرين ولا بأس في أن يتكون تيار آخر حول البيض أو غيره. ومن ثم أمام الجنوب والإقليم الخيار الذي سيعرضونه على العالم القلق من عدم الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم. علينا هنا أن نتذكر فشل وكارثية محاولة توحيد الجبهة القومية وجبهة التحرير التي كانتا مختلفتين في كل شيء. يكفي تكرار لنفس الأخطاء يا جنوب..!! والله من وراء القصد نبأ نيوز