إذا كانت الولاياتالمتحدةوإيران ترغبان في الهروب من دائرة الاستفزاز والتصعيد التي تنخرطان فيها حاليا، فيجب عليهما البدء بإنهاء مشاركتهما في الحرب التي يتواجهان فيها بالفعل في اليمن. وسوف يظهر إنهاء المشاركة في ما بدأ كتمرد محلي، وتحول إلى حرب بالوكالة يرعى فيها كل بلد طرفا مختلفا، رغبة متبادلة في التراجع عن احتمال المواجهة المسلحة المباشرة. ويعد هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، نظرا لعدم الاستقرار والدمار والخسائر في الأرواح البشرية التي تسببت بها الحرب في أكثر دول الشرق الأوسط هشاشة. ويمكن للولايات المتحدةوإيران إنهاء الدعم لوكلائهما في اليمن، المملكة العربية السعودية والحوثيين على الترتيب، للخروج من ساحة يتخللها سوء التقدير المستمر، وانعدام الثقة، وسوء المعاملة، والتصعيدات غير المبررة. وسيكون هناك العديد من الفوائد للقيام بذلك. فوائد إنهاء حرب اليمن أولا، لا يؤدي استمرار النزاع في اليمن إلى تعزيز المصالح الأمنية لأي من البلدين أو تحسين مكانتها الدولية، ولكنه في الواقع يقوض أمنهما، وأثبتت بيئة اليمن، الذي مزقته الحرب، أنها كانت مناخا مضيافا للقاعدة والفصائل الجهادية الأخرى، ما يشكل تهديدا أمنيا حادا لكلا البلدين. وتتحمل الولاياتالمتحدةوإيران المسؤولية عن جرائم الحرب التي ارتكبها وكلاؤهما، وفقا لما توصلت إليه الأممالمتحدة مؤخرا، سواء كان ذلك القصف السعودي العشوائي، أو سجن الحوثيين المدنيين وتعذيبهم، علاوة على ذلك، يجد كل من الممثلين المنتخبين والمواطنين العاديين في كل من إيرانوالولاياتالمتحدة أن مشاركة بلادهم في الحرب إشكالية ومضللة ومكلفة للغاية. ومن منظور الأمن والمصداقية والمواقف المحلية، ستستفيد الولاياتالمتحدةوإيران من إنهاء الحرب أكثر من إدامتها. ثانيا، من خلال قطع الدعم عن وكلائهما في اليمن، يمكن لكل من الولاياتالمتحدةوإيران مواجهة اتهامات سوء السلوك الإقليمي الموجهة لكل منهما. ومن وجهة نظر طهران، فإن الولاياتالمتحدة تقدم دعما ثابتا لحلفائها الإقليميين من أجل مواجهة إيران بأي ثمن. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإنها ترى أن إيران تحافظ على دعمها الثابت للوكلاء الإقليميين الذين يعارضون الحلفاء والمصالح الأمريكية في كل منعطف، ووفرت الحرب دعاية واسعة لادعاءات كلا البلدين حول تطلعات كل طرف للهيمنة الإقليمية. ونظرا لأن المشاركة الأمريكيةوالإيرانية في اليمن مبنية على شكوك كل بلد حول الدوافع والمناورات الإقليمية للآخر، فإن الموافقة على الخروج من اليمن من شأنه أن يسهل عمليات إعادة تقييم أكثر دقة لأفعال كلا الطرفين، وسوف يخفف من مبررات الردود المتشددة المستمرة التي ينطق بها القادة في البلدين. ثالثا، سوف يُظهر إنهاء الحرب اليمنية للمجتمع الدولي وللشعب اليمني أن حياة اليمنيين وسيادتهم لم تعد أمرا هامشيا، خاصة بعد أن دخلت الحرب عامها الخامس، وخلفت أكبر أزمة إنسانية في العالم. وقد تأخرت كثيرا خطوة أن تعمل جميع أطراف النزاع من أجل الأمن السياسي والاقتصادي لسكان اليمن، وليس ضدهم. ولم يُظهر التحالف الذي تقوده السعودية، والمتمردون الحوثيون، سوى القدرة على إدامة النزاع بفضل تدفق الأسلحة الأمريكيةوالإيرانية وغيرها من وسائل المساعدة لكلا الطرفين. ومن شأن القضاء على هذا الدعم أن يزيد من إمكانية التوصل إلى تسوية تفاوضية قد تكون الخطوة الأولى في تخفيف المعاناة. وأخيرا، تعد حرب اليمن هي الساحة المركزية التي تنخرط فيها الولاياتالمتحدةوإيران في مواجهة منتظمة وغير مباشرة تشمل مخاطر سوء التقدير الذي قد يتحول إلى حرب مباشرة. وفي أعقاب توقيع الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، أو ما يسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة، سعت إدارة "أوباما" إلى تهدئة قلق حلفائها الخليجيين حيال الأمن الإقليمي وعلاقتهم بالولاياتالمتحدة، ورفضت فرض أي قيود على حملة السعودية والإمارات في اليمن. وكان تقديم الدعم للهجوم الجوي الوحشي، وتيسيره، بمثابة سوء تقدير فتح الأبواب أمام المشاركة الإيرانية. ومع تقدم حملة قصف التحالف، توسع الدعم الإيراني للحوثيين واكتسب أهمية استراتيجية إضافية، حيث كان في السابق ضئيلا وغير منسق في أحسن الأحوال. سوء التقدير وأثار انسحاب "ترامب" من الاتفاق النووي المزيد من الاعتداءات الإيرانية الانتقامية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ولكن في اليمن، كانت الشكوك المتبادلة بين الولاياتالمتحدةوإيران تحمل أكبر قدر من احتمالات سوء التقدير. وهناك خطر حقيقي في أن يكون اليمن نقطة اشتعال محتملة للمواجهة المباشرة بين الولاياتالمتحدةوإيران. وفي الواقع، إذا قام الحوثيون، أو إيران نيابة عنهم، بشن الهجمات على منشآت النفط السعودية، وأثار ذلك ردا مسلحا بقيادة الولاياتالمتحدة أو بدعمها، فسوف يجذب اليمن الدولتين إلى صراع مباشر. ومع ذلك، يبقى ملف اليمن هو المجال الأكثر وعدا لإحداث تراجع أولي في التوترات الأمريكيةالإيرانية، حيث لن يتطلب من أي بلد التضحية بأي مصلحة جيواستراتيجية كبرى، أو التخلي عن أوراق النفوذ في أي مفاوضات ثنائية مستقبلية. ويمكن إجراء هذا التقدم عبر مناقشات غير مباشرة من خلال مفاوضات الأممالمتحدة القائمة، ولن يظهر الأمر كتراجع من أي جانب، وفي الواقع، يبدو أن أطراف النزاع المتعددة مستعدة لاتخاذ خطوات لإنهاء إراقة الدماء. وتوجد دلائل تشير إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية تشرك الحوثيين في محادثات مباشرة، في حين أعلن الحوثيون استعدادهم للالتزام بوقف إطلاق النار. ومن جانبها، أبدت إيران رغبة في "التعاون مع الأممالمتحدة وجميع الدول التي تسعى إلى السلام في اليمن"، وفقا لمتحدث باسم الحكومة، وهذه كلها تطورات مرحب بها. ولن يؤدي إنهاء التورط الأمريكي والإيراني في اليمن إلى حل جميع مسائل الخلاف بين الخصمين، كما أنه قد لا يؤدي إلى إنهاء الأعمال القتالية في البلد الذي مزقته الحرب، لكنه سيكون الإجراء الأوضح الذي يمكن اعتباره خطوة أولية لإعادة بث قدر ضئيل من الثقة في علاقتهما، وكذلك وضع حد لتورطهما في هذا الكم الهائل من الخسائر في الأرواح البشرية. ومن المؤكد أن أي مواجهة مباشرة بين واشنطنوطهران ستكون سببا في إزهاق مزيد من تلك الأرواح. المصدر | كيفن شوارتز - لوب لوج