الذكرى ال 58 لعيد الاستقلال.. دروس عن الخيانة والنضال    اجتماع استثنائي لحلف قبائل حضرموت لبحث تطورات المرحلة الراهنة    حوادث السير تحصد حياة 70 شخصاً وتصيب 414 آخرين خلال شهر نوفمبر    لان الامارات صنّاع العطاء.. احتفلت شبوة بيومها الوطني    أبناء لحج: في ذكرى الاستقلال... نجدد العهد للجنوب وللرئيس الزبيدي حتى استعادة الدولة "بيان"    لقاء مسلح هو الأكبر لقبائل بني صريم بعمران استعدادًا لمواجهة الأعداء    المغرب يفتتح مشواره في كأس العرب بالفوز على جزر القمر    هيئة المواصفات تنفذ نزولًا ميدانيًا إلى محلات الذهب وورش الصاغة بالحديدة    لقاء تنسيقي بمأرب يؤكد على أهمية مواجهة التحديات الإنسانية بالمحافظة    الجبواني والجفري يشهدان الحفل الفني الذي أقيم بمحافظة شبوة بمناسبة الذكرى ال54 لعيد الاتحاد الاماراتي    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    شهيدان وجرحى في تجدد القصف الصهيوني على غزة    تدشين امتحانات الفصل الأول في فرع الجامعة الوطنية بالحديدة    جنود الاحتلال اليمني في سيئون يتركون ملابسهم العسكرية في الشوارع من الرعب    سياسيون يطلقون وسم #تحرير_وادي_حضرموت    التوتر يعود مجددًا إلى حضرموت.. المنطقة الأولى تنتشر وقوات الانتقالي تضيق عليها الخناق    وزارة الإدارة والتنمية المحلية تبدأ حملة تقييم ميداني لأداء المحافظات    معجزة غزة.. فيلم لبناني يحصد جائزة في برلين    إعلان تشكيل لجنة تسيير لشراكة اليمن للأمن البحري بمشاركة دولية واسعة    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين ينعى الأديب عبدالإله البعداني    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    بدائل بسيطة لتخفيف السعال والتهاب الحلق في الشتاء    الذهب ينخفض مع جني الأرباح والنفط يرتفع بفعل الأخطار الجيوسياسية    الجبهة الشعبية": الإرادة الفلسطينية أقوى من جبروت العدو الصهيوني    كأس العرب.. فوز تاريخي لمنتخب فلسطين على قطر    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    خبير آثار: معبد أثري بمأرب يتعرض للاهمال والنهب المنظم    اتلاف 25 طنا من البضائع المنتهية في البيضاء    مباريات اليوم الثلاثاء في كأس العرب 2025    صراع النفوذ السعودي الإماراتي يطفئ مدن حضرموت    تنافس القوى الكبرى في البحر الأحمر في رسالة ماجستير للمقطري    8 سنوات على فتنة ديسمبر.. الخاتمة السوداء للخائن عفاش    هيئة الأوقاف في البيضاء تعيد تأهيل مقبرتي الخرقاء الشرقية والغربية    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    الحباري يرفض العودة الى نادي الأهلي    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    حضرموت.. وساطة محلية توقف القوات المتصارعة على خطوط التماس، وفتيل التوتر ما يزال قابلاً للاشتعال    عدن.. لملس يفتتح حزمة مشاريع خدمية وأمنية وحدائق عامة    الإمارات في عيدها 54.. اتحاد راسخ ورؤية تنموية رائدة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    لملس و الحريزي يفتتحان مشروع إعادة تأهيل شارع معارض السيارات في الشيخ عثمان    تهريب مئات القطع الأثرية من اليمن خلال شهرين فقط    8 وفيات و12 إصابة بحمى ماربورغ في إثيوبيا    المغرب يستهل كأس العرب بمواجهة غامضة واختبار صعب للكويت والسعودية    حضرموت.. بترومسيلة تعلن إيقاف إنتاج وتكرير النفط نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية    لا تخطئوا.. إنها حضرموت    خط ملاحي دولي يستأنف نشاطه إلى ميناء الحديدة    قراءة تحليلية لنص "أسئلة وافتراضات" ل"أحمد سيف حاشد"    "صور".. صقيع يضرب أجزاء من المرتفعات ويلحق أضرارًا بالمحاصيل الزراعية    الليغا ... ريال مدريد يستمر في السقوط    مرض الفشل الكلوي (30)    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعينية ضحايا مذبحة الإمارات.. الجاني طليق اليد
نشر في مأرب برس يوم 12 - 10 - 2019

أربعون يومًا مَرَّت على المذبحة التي نفذها الطيران الإماراتي بحق الجيش اليمني، أثناء تأديتهم لواجبهم الوطني في ردع المتمردين الانقلابيين المدعومين إماراتيًا، راح ضحيتها أكثر من 300 جندي وضابط بين قتيل وجريح على تخوم عدن، في واحدة من أكثر الصفحات دموية في سِجِلِّ التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، في الوقت الذي ما يزال فيه الجاني طليق اليد في ذات المكان الذي قارف فيه جرمه الشنيع دون ضابطٍ ولا نكير.
الهجوم الإماراتي جاء في أعقاب نجاح قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية في دحر المليشيات التابعة للإمارات خلال عملية خاطفة مكنتها من استعادة ثلاث محافظات كان "الانتقالي الجنوبي" سيطر عليها، حيث استطاعت قوات الشرعية- خلال أيام قلائل- من استعادة محافظة شبوة الاستراتيجية بعد مواجهات مع المتمردين الانفصاليين، انتهت بهزيمتهم وانسحابهم من المحافظة، تلاها استعادة محافظة أبين، وصولاً إلى العاصمة المؤقتة عدن- المعقل الأول للمتمردين- بعد أن تمكن الجيش اليمني من دخولها خلال ساعات واستعادة مرافق الدولة الحيوية التي كان الانقلابيون، من وكلاء أبوظبي، سيطروا عليها خلال فورة التمرد التي انطلقت شرارتها من عدن.
هذه التطورات السريعة، ربما لم تدر بِخَلَدِ الإمارات التي كانت تُدير المشهد من بُعد، عن طريق أذرعها الأمنية من التشكيلات التي أنشأتها تحت عباءة "الانتقالي الجنوبي"، حيث رأت طموحاتها في التشطير والهيمنة على الجنوب التي كرّست لها كل طاقاتها خلال أكثر من أربع سنوات تتلاشى مع الريح وتتبدد في لحظة ربما لم تحسب حسابها.
الأمر الذي أثار جنونها ودفعها إلى مُبَاشَرة الحرب بنفسها لتحقيق ما فشل الوكلاء عن تحقيقه على الأرض، حيث استهدفت مقاتلات إف 16 الإماراتية في 28 أغسطس الفارط، قوات الجيش اليمني بمحافظتي عدن وأبين ب 13 غارة حوية، أسفرت عن محرقة مروِّعة راح ضحيتها أكثر من 300 قتيل وجريح بحسب الرواية الرسمية للحكومة الشرعية، إلى جانب إحراق 19 آلية عسكرية و4 سيارات اسعاف.
السلوك الإماراتي كان رسالة رهيبة كشفت عمق المفارقة بين الأهداف المعلنة للتحالف وشواهد الواقع بصورة عبثية ومسرفة، لم تترك مجالًا للجدل حول الأجندات التي تعتمل تحت سطحٍ رخامي في تركيبة التحالف، كما كشف للعلن ماهية الدور الذي تلعبه أبو ظبي في اليمن منذ خمس سنوات بعيدًا عن الجميع، وقدمتها عاريةً في صورتها الاستعمارية، المدفوعة بسُعار الهيمنة والتقسيم.
* تمايز الوجوه
المحرقة التي اقترفتها الإمارات بحق الجيش اليمني كانت برهانًا ثاقبًا وحاسمًا في تمايز المواقف والأهداف بين من هو في صف الشرعية ومن يقوِّض سلطتها ويهدُّ بُنيانها. ففي الوقت الذي ترفع فيه الإمارات شعار "تحالف دعم الشرعية في اليمن" في الإعلام والمنابر الدولية، تقوم بارتكاب محرقة شنيعة بحق مئات الجنود اليمنيين بدم بارد، ثم تتوعد بالمزيد، في مفارقةٍ غاية في التدليس والغرابة واللؤم.
يومئذٍ، لم تنفِ الإمارات صنيعها في اليمن، بل خرجت بكل ثقة ببيان رسمي أكدت فيه تنفيذها لغارات استهدفت الجيش اليمني، واصفة الضحايا ب"الإرهابيين" ومضى البيان بتلفيق قصة مختلقة زعم فيها أن غاراته جاءت ردة فعل على استهداف الجيش اليمني لقواتها في مطار عدن، وهو مالم يحدث ونفته الشرعية بشكل قاطع.
وذهب البيان الإماراتي إلى أبعد من ذلك حين قال إن من حقه أن يقوم بعمليات آخرى، في حال تكرار ما حدث، وكأنه مطمئن أن الحكومة اليمنية أضعف ناصرًا من أن تقوى على استبعاده من التحالف، أو أن تقول كفى.
* الإمارات مستمرة في التحالف!!
رغم جسامة الجريمة التي ارتكبتها الإمارات، وسِجلِّها الغارق في الدم حتى أذنيه، ما تزال الإمارات حتى الآن ضلعًا محوريًا في قيادة التحالف الذي تقوده السعودية نظريًا، والتي من المفترض في الظروف الطبيعية أن تتخذ ضدها إجراءً يضع حدًا لسلوكها العابث في اليمن، أو على الأقل استبعادها من التحالف كإثبات حسن نية وتبييض يدها من جرائم حليفتها المارقة.
لكن ما حدث كان مخيبًا للتوقعات، بعد أن خرجت السعودية بنبرة حَمَّالة أوجه في بيان رسمي، أقصى ما استطاع قوله هو أن المملكة تؤيد شرعية الرئيس هادي كسلطة وحيدة تمثل البلاد، دون أن يتعرّض البيان للإمارات أو يقدح فعلها ويتبرأ منه على الأقل.
بعد حين من هذا البيان، ذهبت السعودية منحى أبعد، حين خرجت ببيان مشترك (سعودي إماراتي) يوحي بتناغم الحليفين على إيقاع وحدة المصير والهدف، زاد من الطين بلة، وجعل السعودية والإمارات في خندق مشترك، مثّلت فيه الرياض موقف المتواطئ _إن لم يكن الشريك_ في فعل الجريمة وتبريرها.
* مداهنة على حساب الثوابت
بالنسبة للحكومة الشرعية، لا شك أنها استاءت من المذبحة الإماراتية بحق جنودها، إلا أن استياءها هذا لم يحملها على اتخاذ موقف قوي ضد أبوظبي، أو إبطال مشاركتها في التحالف، بعد أن أصبح بقاؤها لا يقبل الأخذ والرد، واكتفت فقط بتوجيه الاتهام للإمارات والتنديد المناسباتي بالواقعة، والتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة، دون أن تتجرأ حتى على قطع العلاقة مع الإمارات أو على الأقل سحب السفير اليمني من أبوظبي، كأقل احتجاج، إذا ضاقت بها الحِيل.
جدير بالذكر، أن الموقف الواهن الذي ظهرت به الحكومة اليمنية في التعاطي مع الواقعة، التي تمس شرعيتها بالمقام الأول، قد ولّد حالة من السخط الشعبي تجاه ما وصفوه ب"الخيانة" للقضية الوطنية، بالصورة التي تجعل هادي وحكومته في مستوى واحد مع الجاني.
فالحادثة شكلت صدمة بكل المقاييس لدى جميع المراقبين والمهتمين بالشأن اليمني، ولليمنيين قبل غيرهم، شعروا حيالها بخيانة كبيرة، اعتبروها طعنة في صميم المشروعية التي خولت التحالف حق التدخل في اليمن قبل خمس سنوات، بمبرر إعادة الشرعية، في بجاحة سافرة تخطت القانون الدولي والإنساني وأخلاقيات الحرب، كما يقول اليمنيون.
* الشرعية.. مطية ذَلُول
الإذعان والمداهنة الذي دأبت عليهما الشرعية بعد الحادثة وقبلها، في سبيل شراء رضا الرياض وأبوظبي، ما يزال سيد الموقف حتى الآن، وذهابها مع الهوى السعودي إلى حيث سدد، فما لبثت الشرعية أن امتثلت لرغبة المملكة في القبول بالجلوس للحوار مع وكلاء الإمارات الذين يمثلهم "الانتقالي الجنوبي" في حوار جدة الذي دعت إليه وزارة الخارجية السعودية في مطلع سبتمبر الفائت، والذي تعثّر بادئ الأمر، قبل أن تنجح السعودية في إنعاشه مجددًا، وتقنع الحكومة اليمنية في القبول بالذهاب إليه معصوبة الأعين، بعد أن كانت أعلنت مرارًا أنها ترفض إقحام نفسها في أي مشاورات تكون بَيَادِق الإمارات (الانتقالي الجنوبي) طرفًا فيها، قبل عودة الأمور إلى نصابها في عدن، مؤكدة أن الشرعية إن كان لا بدّ أن تفعل ذلك، فسوف تتحاور مع عراب المشكلة (أي الإمارات) لا مع وكيله (الانتقالي).

الحكومة اليمنية اعتبرت _إنْ هي قامت بتلك الخطوة_ تفريطًا في الثوابت، لكنها اليوم _بفعل فاعل_ تناقض نفسها وتتقاسم الطاولة مع "الانتقالي الجنوبي" في مدينة جدة السعودية، علمًا أن "الانتقالي الجنوبي" كافر بشرعيتها من الأساس، ومنقلب عليها بقوة السلاح، ويده ما تزال لدنة من دم رعايا الشرعية التي تتودد إليه على حساب مستقبل اليمن، والسؤال هنا: ما الذي يجعل ما صار يُسمَّى اليوم ب"المسؤولية الوطنية" ما كان بالأمس "تفريطًا بالثوابت"!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.