رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    «كلاسيكو» الأهلي والهلال.. صراع بين المجد والمركز الآسيوي    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    جريمة مروعة في حضرموت.. قطاع طرق يقتلون بائع قات من عمران بهدف نهب حمولته    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    أبطال أوروبا: بايرن لقلب الطاولة على الريال.. وباريس يستهدف رقما تاريخيا    بالصور: بايرن ميونخ يكشف عن قميصه التاريخي الجديد    ميسي وإنفانتينو ينعيان المدرب الأسطوري    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    الحوثيون يطوقون أحد المركز الصيفية في صنعاء بعناصرهم وسط تعالي صراح وبكاء الطلاب    بسبب منعه عكس الخط .. شاهد بالفيديو قيادي حوثي يدهس متعمدا مدير المرور بصنعاء    العثور على جثة مواطن معلقة في شجرة جنوب غربي اليمن    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عندما قال شيخان الحبشي للشيخ محمد بن أبوبكر بن فريد أنت عدو للغنم    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    البدعة و الترفيه    عضو مجلس القيادة الدكتور عبدالله العليمي يعزي في وفاة المناضل الشيخ محسن بن فريد العولقي    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    فيديو مؤثر.. فنان العرب الفنان محمد عبده يكشف لجماهيره عن نوع السرطان الذي أصيب به    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    "ضمائرنا في إجازة!"... برلماني ينتقد سلوكيات البعض ويطالب بدعم الرئيس العليمي لإنقاذ اليمن!    "ثورة شعبية ضد الحوثيين"...قيادية مؤتمرية تدعو اليمنيين لهبة رجل واحد    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    ليفربول يعود إلى سكة الانتصارات ويهزم توتنهام    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ورشة في عدن بعنوان "مكافحة غسل الأموال واجب قانوني ومسئولية وطنية"    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    لماذا اختفت مأرب تحت سحابة غبار؟ حكاية موجة غبارية قاسية تُهدد حياة السكان    خصوم المشروع الجنوبي !!!    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بغزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و683    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    صحيفة بريطانية: نقاط الحوثي والقاعدة العسكرية تتقابل على طريق شبوة البيضاء    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاعدة..شهية مفتوحة للتدمير
استهداف الإرهاب للنفط.. محاولة أخيرة لإيقاف مفاصل الحياة
نشر في مأرب برس يوم 06 - 04 - 2009

مساء الأحد قبل الماضي (22 مارس)، انشغلت وكالات الأنباء الدولية والمواقع الصحفية المحلية بالحريق الهائل الذي تعرضت له مخازن شركة توتال الفرنسية في القطاع رقم 10 (خرير) –محافظة حضرموت. حينها صادف أن كنت منشغلاً في كتابة تقرير مطول عن "الإرهاب" على خلفية العمليتين الإرهابيتين الأخيرتين في بلادنا، واللتين استهدفتا سياحاً ومحققين كوريين جنوبيين (الأولى وقعت يوم الأحد 15 مارس، في شبام حضرموت، وأدت إلى مقتل خمسة: أربعة سياح كوريين، ومرشد سياحي يمني. والثانية تبعتها بثلاثة أيام: الأربعاء18 مارس، على طريق مطار صنعاء الدولي، ولم ينتج عنها أية إصابات عدا مقتل منفذ العملية).
حتماً تشير كافة الأدلة أن تنظيم القاعدة هو من يقف وراء تلكما العمليتين.. ومع ذلك كنت قد قررت أن أتصفح موقع "الفلوجة الإسلامي" الالكتروني – التابع لتنظيم القاعدة - لأبحث عن بيان أو أي معلومات توضح تبني التنظيم الإرهابي الدولي، لهما (حينها لم تكن القاعدة قد أقرت بشيء، لكنها وفي وقت متأخر - وبالتحديد يوم الجمعة الماضية 27 مارس - أعلنت تبنيها عملية شبام حضرموت).
أثناء تصفحي الموقع، وقع بصري على "خبر عاجل" نقل فيه الكاتب عن قناة الجزيرة، أنه – وقبل قليل - اندلع حريق في مخازن شركة "توتال" الفرنسية التي تعمل في استكشاف النفط والغاز في حضرموت. وفي إحدى التعليقات على الخبر، سخر أحدهم مما يمكن أن يقال أن ذلك الحريق اندلع لسبب آخر غير أن يكون "عملاً جهادياً" ودعا للمجاهدين بتسديد ضرباتهم..
قاعدة الشك ومؤشرات الاستهداف
ومع أن كافة الأخبار التي نشرت حول ذلك الحريق، لم تشر، حتى اليوم - لا من قريب و لا من بعيد - إلى غير ما أعلنت عنه الشركة، والجهات الأمنية، من أن "ماساً كهربائياً" كان وراء الحريق. إلا أن شكاًّ
ما، ظل يراودني حول أن تكون القاعدة هي من يقف خلفه.
لماذا؟ هذا سؤال يمكنني أن أخوض فيه معركة طويلة مع المعلومات التي يمكن أن تجعل من الشك – ربما - أقرب ما يكون إلى الحقيقة.
إلى جانب مجموعة من المؤشرات، والأحداث التي مرت بها بلادنا في حربها مع تنظيم القاعدة، هناك تقارير دولية، يمكنها أن تتعاضد مع بعض التصريحات والمقالات لقادة تنظيم القاعدة، لتسفر في مجموعها عن الاستراتيجية المستقبلية للتنظيم في استهداف الاقتصاد. وعلينا هنا – حين نشير إلى الاقتصاد – أن نجعل النفط والسياحة في مقدمة الأهداف التي تسعى "القاعدة" لاستهدافها.
أما المؤشرات التي يمكن أن تشير إلى ضلوع القاعدة في حادثة الحريق، فيمكن تقسيمها إلى قسمين.
القسم الأول: وقائع مرافقة للحادثة. والقسم الثاني: حوادث سابقة مشابهة. وبالربط بينهما، يمكننا استخلاص النتيجة النهائية، أو الاقتراب منها على الأقل.
وفي جزء التفاصيل – في هذا الملف البسيط - سنتطرق إلى بعض تصريحات وأفكار قياديي تنظيم القاعدة بشأن النفط واستهدافه، إلى جانب تقديم ملخص لتقرير دولي يتحدث عن استراتيجية القاعدة في استهداف المنشآت النفطية، وما يمكن أن يترتب على ذلك، من خسائر.. وسنعتمد طريقة الفصل بنشر كل مادة على حدة حتى يسهل على القارئ متابعة ما يناسبه.
لماذا القاعدة؟
لماذا علينا أن نشك بضلوع القاعدة في الحريق الذي شب في مخازن شركة توتال الفرنسية في القطاع 10 بحضرموت؟
إلى جانب تكرار استهداف القاعدة للمنشآت النفطية في اليمن خلال الفترة الأخيرة – هذا ما سنتناوله لاحقاً ببعض التفاصيل - هناك عدة مؤشرات مرافقة للحادثة، ولعل أهمها تلك الزيارة التي قام بها نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي إلى موقع الشركة قبل ثلاثة أيام من الحادث(بالتحديد يوم الخميس 19 مارس). الخبر الرسمي أكد زيارة نائب الرئيس لكنه ربط الأمر بالاطلاع على طبيعة سير العمل وتدشين التركيبات الجديدة بالأنبوب الجديد الموسع لاستيعاب الإنتاج المتزايد في هذا الحقل.
لكن حينما نستعرض أسماء بعض الشخصيات الأمنية الهامة التي رافقت نائب الرئيس، سيتوجب علينا إعمال قاعدة الشك بنسبة 100%. من مثل: نائب رئيس جهاز الأمن السياسي اللواء علي منصور رشيد، ووكيل وزارة الداخلية لشئون الأمن اللواء الركن محمد عبد الله القوسي، ووكيل جهاز الأمن القومي العميد احمد درهم، وقائد المحور العميد الركن علي احمد الكليبي..!!
إنها شخصيات أمنية رفيعة المستوى لم تقتصر على تلك القيادات الأمنية في المنطقة المستهدفة، بل تعدت إلى الدرجة الثانية من كبار الشخصيات الأمنية في اليمن. والسؤال: ماذا كان يعمل مثل هؤلاء مع نائب رئيس الجمهورية إذا كان الأمر يتعلق بتدشين التركيبات الجديدة بالأنبوب الجديد..؟!!
الإجابة المناسبة: كانوا مع نائب الرئيس كمكلفين معه لمتابعة الحادث الإرهابي الذي طال السياح الكوريين الجنوبيين. قد يكون ذلك صحيحاً ولا غبار عليه. ولكن ما معنى أن يقوم النائب مع هذه المجموعة بزيارة شركة توتال قبل ثلاثة أيام من الحريق؟ يظل السؤال عالقاً، إلا إن كانت الإجابة: أنهم تلقوا معلومات أمنية تفيد باستعداد تنظيم القاعدة لتنفيذ عملية إرهابية في هذه المنشأة، فكانت الزيارة لتفقد الحالة الأمنية والتحذير من أجل التأهب لأي هجوم إرهابي يمكن أن يطال المنشأة النفطية الهامة.
ذلك مؤشر. وهناك مؤشر آخر، مرتبط بحالة التخبط الإعلامي الذي رافق الحادث. فبينما أكد موقع سبتمبر نت الأمني مساء يوم الحادث أنه نتاج مس كهربائي، كانت الشركة نفسها قد أصدرت بيانا لوسائل الإعلام أكدت فيه أن التحقيقات ما تزال جارية لمعرفة أسباب الحادث. وفي اليوم الثاني كان موقع وزارة النفط يؤكد على ما تضمنه بيان الشركة: أن التحقيقات ما تزال مستمرة.
إلى جانب ذلك هناك مؤشر ثالث، يتعلق بإعلان الأمن القبض على ستة من تنظيم القاعدة – بعد أيام من الحادث – وأكد المركز الإعلامي الأمني – التابع لوزارة الداخلية – أن قيادة الوزارة كشفت عن مخطط إجرامي لتنظيم القاعدة كان يهدف إلى تنفيذ 12 عملاً إرهابياً ضد للمنشآت النفطية ومصالح للدول الصديقة في اليمن وسياح أجانب.
الواضح من ذلك كله، أن هناك صلة ما، بين ما حدث في حضرموت للسياح الكوريين، وما حدث من حريق في مخازن شركة توتال الفرنسية.
سوابق القاعدة في استهداف النفط:
لعل بياناً ما سيرد متأخراً عن القاعدة يكشف تبنيه للعملية. حتى وإن لم يحدث ذلك، فسيظل الأمر تحت دائرة الشك خصوصاً وأن القاعدة تفضل – غالباً - عدم تبني عملياتها التي تعتبرها فاشلة. وهذا ما يدعمه عدم تبنيها العملية "الفاشلة" التي استهدفت وفد التحقيق الكوري على طريق المطار – على الأقل حتى الآن - في الوقت الذي أعلنت فيه تبنيها عملية شبام حضرموت.
إلى جانب أول عملية للقاعدة في اليمن استهدفت النفط في 2002 في الهجوم الذي نفذته على الناقلة الفرنسية "ليمبورج"، هناك سوابق لعمليات إرهابية ضد منشآت نفطية في اليمن، كانت الجهات المعنية-أحياناً- تقول إنها نتاج خلل فني، فيما تعلن القاعدة تبنيها فيما بعد. نذكر منها تلك العملية في أواخر مارس من العام 2008 حين تم تفجير خط أنابيب نفط فرنسي (يتبع شركة توتال الفرنسية) في منطقة ساه بحضرموت، وبعدها بيومين تم استهداف حقل نفط صيني. وفيما كانت وزارة النفط أكدت أن العملية الأولى ناتجة عن عطب فني للأنبوب، جاء رد تنظيم القاعدة بعد أسبوع إذ أعلن تبنيه الهجوم الأول. ونشرت الوكالة الفرنسية الخبر، بحسب ما قالت أنه بيان نشرته مجموعة "سايت انتليجنس غروب" التي ترصد المواقع الإسلامية. كما أعلن التنظيم – في ذات البيان- تبنيه للعملية الثانية، وأفاد أن مجموعته شنت هجوما بقذائف الهاون على حقل نفطي تملكه شركة صينية لم يكشف اسمها في حضرموت شرق البلاد.
بعدها بشهرين تقريباً، تبنى تنظيم القاعدة الهجوم بقذائف الهاون، الذي نفذ الجمعة 30 مايو 2008 على مصافي عدن بمديرية البريقة. وبرر الهجوم – كما جاء في بيانه الذي نشر في موقع إسلامي على الانترنت– أن هذه المصافي "سخرها طاغوت اليمن لتزويد الصليبيين بالوقود في حربهم على الإسلام".
وقبلها أعلنت وزارة الداخلية في سبتمبر 2006 أنها قتلت إرهابيين فشلوا في تنفيذ عمليات إرهابية في كل من محافظتي مأرب وحضرموت. وهو ما أكده بيان للقاعدة، حيث أعلن جناح القاعدة في اليمن عن مسؤوليته عن الهجمات التي وقعت في 15 سبتمبر على منشآت نفطية وتعهد بشن مزيد من الهجمات على الولايات المتحدة وحلفائها. وقالت الجماعة في بيان نشر على الانترنت أنه على الأمريكيين وحلفائهم من "عبدة الصليب" ومساعديهم "المرتدين" أن يعلموا أن هذه العمليات هي مجرد الشرارة الأولى وان ما هو قادم أشد وأمر.
ومؤخراً في يناير 2009 قالت وزارة الداخلية أن قوات الأمن أحبطت (29 يناير) عملية تخريبية كانت تسعى لنسف خط إمدادات النفط في اليمن، وذلك من خلال استهداف أنبوب نفطي يربط منطقة مصفاة صافر بميناء رأس عيسى النفطي المطل على البحر الأحمر غربي اليمن. وهي المحاولة الثانية منذ مطلع العام الجاري 2009 التي تستهدف نسف إمدادات النفط ولم تسفر عن عرقلة الصادرات أو الإنتاج. وحول من يقف وراء العملية "توقع مصدر أمني في محافظة مأرب أن تكون عناصر القاعدة وراء تفجير الأنبوب النفطي في منطقة وادي عبيدة الذي كان هدفاً مُتكررا لهجمات رجال قبائل ساخطين" وذلك حسب ما نقله موقع "الوطن" المحلي في حينه..
ونسب الموقع ذاته لمصدر أمني قوله: "إن معلومات تلقتها أجهزة الأمن تفيد أن تحركات تقوم بها عناصر يشتبه بتعاونها مع تنظيم القاعدة في اليمن ترافقت مع محاولات لإشغال النقاط الأمنية بمناوشات ليلية خلال الأيام الماضية".
"النفط" بالنسبة للقاعدة:
تعتبر قيادة تنظيم القاعدة أن النفط هو ثروة المسلمين التي حباها الله لهم. وقد رزقهم تلك الثروة باعتبارهم مسلمين ليبارك لهم حياتهم في الدنيا من جهة، ولاستخدامها كقوة في مواجهة أعدائهم، من الجهة الأخرى. غير أن استخدام هذه الثروة من قبل زعماء الأمة الإسلامية لم يسر على الهدى الذي يعتقده قادة القاعدة: بدعم المسلمين كعتاد قوة، وإصلاح حياتهم التعيسة. بل - زيادة على ذلك – ذهب لدعم أعداء الإسلام، بحسب اعتقادهم. حيث تعتمد كثير من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بدرجة كبيرة على النفط الموجود في منطقة الشرق الأوسط. وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي العدو الأول الأكبر لدى تنظيم القاعدة. مما يعني ضمنياً أن فكرة استهداف النفط، أمر واجب – لدى التنظيم – لإضعاف قوة أمريكا والدول الغربية الأخرى التي تعتمد بالأساس على نفط المسلمين.
ولأن الدول العربية/المسلمة، المنتجة للنفط، دخلت في الحرب الدولية ضد ما يسمى بالإرهاب، وباتت تستخدم أموال تلك الثروة لقتل "المجاهدين" – كما يعتقدون – فالواجب هنا سيكون بضرب تلك المنشآت لإضعاف كافة الأطراف: العدوة الفعلية، والعدوة المتعاونة مع العدو الرئيسي.
وهناك الكثير من الأفكار - في هذا السياق - لقيادة تنظيم القاعدة ومنظريها. ظهرت بعضها في أكثر من خطاب – معلن وغير معلن – لقائدهم الأول: أسامة بن لادن، وتبعه بقليل نائبه أيمن الظواهري.
" زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، قال عام 2004 أن سعر برميل النفط يجب أن يكون 100 دولار، باعتبار أن النفط «ملك للأمة»، وهو عرضة ل «النهب» من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها. وكذلك دعا نائبه أيمن الظواهري عام 2005 إلى استهداف النفط، كي لا يكون «نهباً» لمن وصفهم ب «أعداء الأمة».
"وقد كان الصحافي الأميركي بيتر بيرغين، في كتابه المعنون ب «أسامة الذي أعرف: التاريخ الشفوي لزعيم القاعدة»، والذي استند على مقابلات مع أناس عرفوا زعيم «القاعدة» في مختلف مراحله العمرية والسياسية، ركز، في بعض صفحات الكتاب، على «رؤية» بن لادن إلى «نفط المسلمين»، وهي الرؤية التي شكلت، بالتالي، رؤية كل السلفيين - الجهاديين عموماً، وتستند إلى ان المسلمين لا يستفيدون من ثروتهم الأساسية، ذلك إن «ضمان تدفق النفط» هو سبب حماية اميركا للأنظمة العربية، بالتالي فإن ضرب المواقع النفطية، سيهدد هذا التحالف من ناحية، و «يطرد الاميركيين» من بلاد المسلمين من ناحية أخرى".(مراد بطل الشيشاني:"القاعدة"والنفط أهداف جديدة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية... وانحسار الأدوار التقليدية - الحياة - 2009/02/22)
حتى اعتبره الأتباع هدفاً رئيسياً لهجماتهم. مثلاً في العدد الأخير [العدد الثامن] من مجلة "صدى الملاحم" ظهر التركيز على النفط، في عدة كتابات. فتحت عنوان: من هنا نبدأ، لكاتب اسمه حامل المسك، جاء فيه: "..وأما الجزيرة العربية فهي تعيشُ فترةً عصيبةً وتبحث عن المنقذ من الجحيم الذي يستقبلها بعد أن هجم الغربُ عليها وسرق ثرواتها كالنفط وغيرها وحارب معتقداتها، وأصبح يتلاعبُ في دينها وذلك بتغيير المناهج الدراسية وحذف آيات الولاء والبراء حتى غَرّبَ كثيراً من أفكارها بإذنٍ من الحكام الخونة.."..!!
القاعدة والثروة المفقودة
وفي مقال آخر لأبي مصعب السوري – المعتقل - بعنوان: مسئولية أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين "وثرواتهم، ذهب الكاتب للحديث عن اليمن كقوة كبيرة في "الجزيرة العربية" من حيث العدد السكاني، وقال إنها تشكل 75% من سكان الجزيرة العربية. وفي معرض حديثه عن الحكم المترتبة على اختيار اليمن كمقر للجهاد، أكد في إحدى النقاط قائلاً".. أن يبقى بيت مالهم الأساسي وخزان ثرواتهم في أيديهم ليقسموها على حقوق أهل الإسلام عامة ومن سكن هذه الديار من المؤمنين خاصة، وعندما نتكلم عن ثرواتهم فإننا لا نتكلم عن دراهم معدودات، فإن 75% من نفط العالم المعروف هو مخزون في جزيرة العرب عدا المياه الجوفية والرزق الوفير الذي توفره لو استثمرت هذه الأموال بهذه الأراضي.."..!
وتعتبر اليمن – بنظر القاعدة – مركز انطلاق مناسب – بسبب عدة عوامل – لتنفيذ عمليات القاعدة في الجزيرة العربية، وعلى رأسها المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية. وقد أسهب الكاتب في مقاله عن أهمية ثروة النفط وضرب أخماس في أسداس ليصل إلى الهدف. بدء بقيمة سعر البرميل المباع للخارج، فيما لو تم بيعه بسعر 40 دولار، (وهو ما اعتبره سعراً مزوراً مفروضاً على العرب بضغط الدول الصناعية) وضربه في عدد ما يتم تصديره يومياً (15 مليون برميل)، ليعتبر أن القيمة الإجمالية ستكون "ستمائة مليون دولار" يومياً، ويضيف: "فإذا أضفت إليها العائدات من الغاز والترانزيت وسوى ذلك، لوصل الرقم إلى نحو (1000،000،000) ألف مليون دولار يومياً، هذا "عدا الثروات الأخرى. فلو قسمت هذه الثروة الإسلامية على عدد المسلمين جميعاً وهم 1500 مليون لكان الناتج 1000،000،000÷ 1500،000،000 = 65 سنت للفرد يومياً، أي نحو 20 دولار في الشهر للفرد الواحد أي مائة دولار لكل أسرة من 5 أفراد، أب وأم وثلاثة أطفال.." واعتبر أن هذا الرقم يدخل فيه المسلمين جميعاً "من الفلبين إلى بنجلاديش إلى بلاد العراق والشام والهند والباكستان وأفريقيا ووسط آسيا إلى أقصى المغرب وما بينهما شمالاً وجنوباً، هذا لو قعدوا عن العمل، فما بالك لو شغلتهم هذه المليارات وأوجدت لهم موارد الرزق؟‍‍."
أما لو قسمت على أهل الجزيرة فقط، يقول "فلكان الرقم أكبر بكثير: 100،000،000÷35000،000 = 30 دولار تقريباً للفرد الواحد يومياً أي 900 دولار شهرياً للفرد الواحد، أي نحو 5000 دولار للأسرة المكونة من أب وأم وثلاثة أطفال فقط، فتأمل!"
ويصل الكاتب إلى القول "ولكانت حصة أهل اليمن وهم من أهل الجزيرة وهم عموم سكانها وغالبيتهم 75% من السكان إذن 75% من هذا الرقم أي 750،000،00 مليون دولار يومياً كلما طلعت الشمس وغربت".
ثم يستدرك "إن هذه الأرقام هي بالأسعار الظالمة المزورة التي فرضها أهل الصليب فما بالك لو امتلكنا نفطنا وسوقناه بسعره الطبيعي وفرضناه 260$ للبرميل كما يفرض الأمريكان أسعار السيارات والكمبيوترات والأسلحة والشكولاته الأمريكية على مستهلكي أهل الجزيرة وغيرها في العالم لا ينازعهم في هذا السعر أحد ولا يستطيع أن يفرض غيره".
ومن ذلك كله أراد الكاتب أن يخلص إلى النتيجة النهائية المطلوبة، حين يتساءل: "أهذا حق للنصارى وليس حق لأهل الإسلام؟"، ليؤكد "إنها ستكون أرقاماً خيالية لا يحتاج معها أهل الإسلام إلى الكد والكدح ولتفرغوا للدعوة والجهاد ومد نور الإسلام في العالم وأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم تماماً كما أخبرنا جل وعلا وتبارك وتعالى.."
وهي تلك النتيجة التي أشرنا إليها أعلاه، بجزئيها: اعتبار تنظيم القاعدة أن ثروة النفط – في الأرض الإسلامية – إنما هي رزق الله المبارك لعباده المسلمين، ليأكلوا ويشربوا، ويتفرغوا للجهاد في نشر الإسلام في العالم. غير أن خضوع الرؤساء العرب للغرب – على رأسهم أمريكا – أدى إلى سلب المسلمين ثرواتهم، وبالتالي يتحتم عليهم ضرورة الجهاد لاستعادة تلك الثروة الإسلامية بالقوة..!!
- تكييف شرعي:
.. مما سبق يلاحظ أن «القاعدة»، والتيار السلفي – الجهادي - بحسب الكاتب "مراد الشيشاني" - يعتبران استهداف النفط محورياً. واضاف الشيشاني في مقالته "وإذا ما قيس ذلك بارتباط نشاط التيار بأهداف إستراتجية، فإن التيار أصدر كتاباً تنظيرياً بعنوان «حكم استهداف المصالح النفطية» عام 2005، كتبه عبد العزيز بن رشيد العنزي، المعتقل لدى السلطات السعودية، وفيه، ما يمكن وصفه ب «التكييف الشرعي» لاستهداف هذه المصالح، والذي يقوم على جواز استهداف المصالح النفطية، واعتبارها من المصالح الشرعية، ولكن الدراسة تحددها في استهداف الأنابيب النفطية، والعاملين في مجال النفط القادرين على التأثير في سعره، وما يعني في هذه الحال الموظفين الكبار، وكذلك ناقلات النفط والعبارات، وما إلى ذلك، ولكن لا يجيز العنزي، استهداف آبار النفط وحقوله، باعتبار حكمها الشرعي، هو حكم ما يؤول للمسلمين كافة، بالتالي لا يجوز استهداف ما هو ملك «للأمة»، وفق تعبير العنزي.
بفضل القاعدة.. أمريكا تحكم السيطرة على نفط العرب:
ولكن، أمام فكرة القاعدة القائلة – التي أسلفنا الحديث عنها – من أن النفط ثروة إسلامية، يجب استعادتها من الحكام التابعين للعدو الأول للمسلمين، وهو هنا – حسب توصيف القاعدة - أمريكا والغرب المتعاون معها في الحرب الصليبية ضد المسلمين.. أمام تلك الفكرة ربما يبرز سؤال مهم، يفرض نفسه، على شاكلة: إذا كان تنظيم القاعدة يعتبر أن النفط هو ثروة المسلمين المباركة من الله.. فماذا يعني أن يلجأ التنظيم إلى استهدافها وتدميرها بدلا من المحافظة عليها؟ وتبعاً للتساؤل ذاته، هل يمكن اعتبار أعمال القاعدة في استهداف ثروات المسلمين، أنها أعمال تندرج تحت قوله تعالى ".. يخربون بيوتهم بأيديهم" في وصفه للمنافقين؟
في الأمر نظرية أخرى لدى القاعدة. فهو كما أشرنا سابقاً يعتبرها ثروة إسلامية، لكنها بيد الغرب – العدو – يتعاون معه أتباعه الخونة من الحكام المسلمين والعرب، من خلال تقديم تلك الثروة، لهذا العدو الأكبر بطبق من ذهب. وبالتالي فإن استهداف تلك المنشآت تأتي من أجل إضعاف هذا العدو وأتباعه الخونة الذين يعتبرهم التنظيم سواء في حربهم ضد المجاهدين.
وبحسب تقرير للكاتبة، ولاء شعبان سعيد، تحت عنوان: كيف يواجه العالم التهديد الإرهابي لمصادر الطاقة؟ قالت في مقدمته: "تُمثل الهجمات على الأهداف الاقتصادية خاصة على البنى التحتية للمنشآت النفطية تحولاً جديدًا في استراتيجية القيادة المركزية العليا لتنظيم القاعدة؛ حيث دعا زعيم التنظيم، أسامة بن لادن، من قبل، بمهاجمة منشآت النفط الخليجية. وقد تم تنفيذ هذه الاستراتيجية حتى الآن من قبل الفروع المحلية للتنظيم في كل من العراق والمملكة العربية السعودية واليمن. ففي فبراير 2006 وقع الهجوم الأول على منشآت نفطية سعودية واستهدف مجمع "أبقيق"، والذي يحتوي على حوالي سبعة ملايين برميل من النفط يوميًّا أو ما يعادل ثلثي إنتاج المملكة". (تقرير واشنطن - العدد 202، 21 مارس 2009)
هكذا هو الأمر بتفاصيله المتداخلة. وفيما يعتقد البعض أن المنطق يتعارض مع فكرة القاعدة تلك، بكونها أفكار تبريرية لشهية التدمير التي تستأسرها، تأتي التقارير الدولية لتؤكد أن المستفيد الأكبر من استهداف النفط هو فكر القاعدة التدميري.
وفي هذا السياق تقول الكاتبة – في نفس التقرير-: "ويرى البعض بأن محاولات تدبير الهجمات على منشآت نفطية وغيرها من منشآت الطاقة قد تمثل الوجه الرئيس لما يسمى بالجهاد الاقتصادي، وتنطوي هذه الهجمات على تهديد للدول المنتجة والمستوردة للنفط على حد سواء؛ حيث تعتمد كثير من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بدرجة كبيرة على النفط الموجود في منطقة الشرق الأوسط؛ لذلك وقعت مع المملكة العربية السعودية في 6 من مايو 2008 اتفاقًا يقضي بالتعاون من أجل حماية البنى التحتية للطاقة الخاصة بالمملكة من الهجمات الإرهابية خاصة مع تصاعد التهديدات التي أطلقها تنظيم القاعدة باستهداف المنشآت النفطية وحرمان الغرب من هذه الإمدادات".
قد ينظر آخرون إلى الأمر برمته على أنه فكرة أمريكية غربية بالأساس. ويحلو لمثل هؤلاء استنهاض فكرة "نظرية المؤامرة"، من أن أمريكا والدول الغربية المنطوية تحت لوائها فيما يسمى بالحرب العالمية ضد الإرهاب، يسعون للسيطرة على منابع النفط في الشرق الأوسط. وبالتالي، يجدد هؤلاء فكرة أن تنظيم القاعدة الإرهابي الدولي، مخترق من قبل الاستخبارات الأمريكية والغربية، وهو ما يجعلهم قادرين على تحريكه، في كل الاتجاهات التي تفرضها مصالحهم الخاصة. وعليه فليس بعيداً أن تكون فكرة التهديد باستهداف القاعدة للمنشآت النفطية – وخصوصاً في الشرق الأوسط - هي فكرة أمريكية غربية، من شأنها أن تبعث القلق لدى منتجي ومصدري النفط هناك، فيلجأون بموجب ذلك الخوف إلى إبرام وتوقيع اتفاقيات حماية مع الغرب وبالأخص أمريكا. وهو ما تم بداية مع المملكة العربية السعودية أكبر المنتجين والمصدرين للنفط في العالم. وذلك ما يعني أن أمريكا باتت - اليوم - هي الأقرب – من أي وقت مضى - لأكبر مخزون عالمي للنفط، في كل من السعودية والعراق.
تفكير بصوت مسموع، أم تخطيط مكشوف
قد لا يكون الأمر كذلك، بيد أنه ربما يكون..!! ولدراسة إمكانية استهداف القاعدة للاقتصاد العالمي عبر تنفيذ هجمات إرهابية على مصادر الطاقة، دعت مؤسسة التراث الأمريكية Heritage Foundation في يونيو من عام 2008 عددًا من المتخصصين في مجال الطاقة وبعض الخبراء السياسيين للمشاركة في إعداد دراسة لتقدير الآثار الاقتصادية للهجمات الإرهابية على مصادر الطاقة ومدى تأثير ذلك على أزمة الطاقة العالمية. وعن المؤسسة، صدرت دراسة تحت عنوان: الاستجابة العالمية للتهديد لأزمة توليد الطاقة. وتقول ولاء شعبان –التي قدمت تقريراً مفصلاً لتلك الدراسة، أنها تشبه دراسة تم إعدادها عن الطاقة في الفترة ما بين عامي 2006 و2007، ولكنها على نطاق جغرافي واقتصادي أوسع.
مشيرة إلى أن الدراسة الأخيرة "تهدف إلى تقديم نموذج عملي للآثار الاقتصادية المترتبة على حدوث هجمات إرهابية على الدول المصدرة للبترول مثل السعودية، وخطوط توزيع البترول بين الشرق الأوسط والدول الآسيوية المتقدمة اقتصاديًّا.."
يتوقع فريق الباحثين أن الأزمة يمكنها أن تتمثل في حالة " نجاح هجوم إرهابي منسق يقوم به تنظيم القاعدة أو الجماعات المنضوية تحت لوائه التي تعمل في آسيا الوسطى والمحيط الهادي، يهدف إلى حدوث أزمة نفطية عالمية، والتي بموجبها ستنخفض عمليات نقل البترول من الدول المنتجة إلي الدول المستهلكة؛ بهدف تدميرها اقتصاديا وكسر التحالفات السياسية الغربية".
وتطرح الدراسة تصورًا للهجمات الإرهابية على مصادر الطاقة وبناها التحتية، فتشير إلي أن الهجمات الإرهابية تبدأ بتدمير محطة رأس التنورة، وقيام التنظيم باحتجاز 300 تلميذ كرهائن، في الوقت الذي تكون فيه قوات الأمن السعودية مشتتة نتيجة للهجمات على عملية إنتاج وشحن البترول في كلٍّ من رأس التنورة وأبو كويك. كما يتم تدمير مقر شركة أرامكو السعودية. وفي الوقت ذاته تقوم الجماعة الإسلامية في إندونيسيا بهجمات على ناقلات النفط التي تعبر مضيق ملقا - مضيق في المحيط الهندي بين ماليزيا وجزيرة سومطرة - ووضع 52 لغمًا في مضيق ملقا (بالقرب من سنغافورة)؛ وهو الأمر الذي يعوق الوصول إلى الدول المستهلكة وزيادة تكاليف نقل البترول عبر العالم سواء للدول المستهلكة والمنتجة.
يبدو الأمر وكأنه تفكير بصوت مسموع، لتخطيط مفصل تقدمه المؤسسة الأمريكية لتنظيم القاعدة. ماذا يجب عليه أن يعمل لينجح؟ أو ربما يكون مجرد تهديد للسعودية والدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط للاستعانة بالحماية الأمريكية (يلاحظ أن التقرير تم نشره بعد شهر واحد من توقيع السعودية مع أمريكا اتفاق تعاون لحماية البنية التحتية للمنشآت النفطية السعودية، مما يعني إمكانية أن تكون السعودية قد حصلت على التقرير قبل شهر واحد من نشره بشكل رسمي)
ولكن هل يمكن لتنظيم القاعدة أن يقوم بالأمر، إن كان باستطاعته القيام به، أصلاً؟ ربما كان الأمر مغرياً إذا ما كانت النتيجة النهائية لهذه الأعمال الإرهابية ستؤثر بشكل أكبر على العدو الأول للقاعدة وهو هنا أمريكا.
وهو ما أكده الباحثون، الذين تقول الدراسة أنهم قاموا "باختيار مجموعة من الدول التي تمثل أهم الدول إنتاجًا واستهلاكًا للبترول وأكثرها تأثرًا بالأحداث الإقليمية". لتشير إلى أن "الولايات المتحدة الأمريكية هي أكثر الدول تأثرًا بأي خسارة تحدث في الإنتاج العالمي والذي لن يغطي احتياجاتها من البترول".
"أما الدول الأوروبية فتستورد أكثر من 3 مليون برميل في اليوم من الشرق الأوسط، أي أقل من الولايات المتحدة، ومن ثم فهم يتأثرون لحدوث أي خلل في انخفاض الكمية المعروضة للنفط إلى جانب اعتمادها علي موردين آخرين". كما تحدثت الدراسة عن تأثر الصين واليابان والهند وأستراليا بتلك الأعمال الإرهابية.
ولكن ماذا بشأن الاستجابة الدولية لتلك التهديدات؟ تشير الدراسة إلى أن استجابة تلك الدول للهجمات الإرهابية تنحصر في ثلاث مجالات: دبلوماسية واقتصادية وعسكرية.
وفيما لا يمكننا سرد كافة التفاصيل نقتصر على الاستجابة الأمريكية في المجال الدبلوماسي بالأتي: "أن استجاباتها الدبلوماسية تنطوي على التعاون مع الحلفاء للرد على هذه الهجمات". وأما في المجال العسكري، تقول الدراسة أن السياسة العسكرية الأمريكية ستتمثل "في تقديم أقصى دعم للبحرية الأمريكية في الممرات البحرية لمضيق هرمز وملقا، وإعادة تركيز الاستخبارات على التهديدات الجديدة وعلى غيرها من المنظمات المتحالفة مع تنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية. بالإضافة إلى توسيع نطاق تعاون الاستخبارات العسكرية مع الدول المتضررة وذلك بهدف مكافحة الدول الراعية للإرهاب".
أما الاتحاد الأوروبي، فقد أشارت الدراسة إلى الكثير من الإجراءات الدبلوماسية التي يمكنه عملها، وأهمها "العمل مع الولايات المتحدة، الهند، الصين، اليابان، وغيرها، لتنسيق السياسات وزيادة إنتاج الطاقة من خارج أوبك". فيما اقتصرت الإشارة في سياسته العسكرية، على اللجؤ إلى "استخدم قوات حلف شمال الأطلسي لتأمين خطوط النقل والبنى التحتية".
وأما الصين، فبحسب الدراسة سيكون لديها الكثير من الإجراءات التي تقوم بها دبلوماسياً، واقتصاديا، لتعزيز حصولها على الطاقة التي تحتاجها. وقالت أنها في السياسة الاقتصادية ستعمل على"بناء قوة عمل في حالات الطوارئ (50000 من المهندسين، والفنيين، والعمال المهرة) وإرسالهم إلى المملكة العربية السعودية لإعادة إعمار المنشآت المتضررة. وأما في الجانب العسكري "نشر 10 فرق عسكرية في منطقة غرب الصين لتأمين خط الأنابيب المشترك بين كازاخستان والصين يطلق عليها الشعبة المتخصصة لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الشركاء في آسيا الوسطى، بالإضافة إلى تقديم الدعم للقوات البحرية الأمريكية والقوات البحرية الأسترالية، والقيام بالدوريات حول مضيق ملقا وسوندا وعلى المدى الطويل العمل عل زيادة قدرات القوات البحرية لحماية واردات النفط.."
وبالنسبة للهند، فتتمثل سياستها الدبلوماسية في اقتراح رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران لزيادة النفط العالمي و زيادة التعاون مع كلٍّ من قارة أفريقيا وآسيا الوسطى لعمل عقود في مجال الطاقة فضلاً عن عرض للوساطة الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران. وبالنسبة للسياسة العسكرية تتمثل في إرسال قوة بحرية على مضيق ملقا فضلاً عن زيادة القوة العسكرية لتغطية الطرق البحرية المؤدية لخطوط الأنابيب وأماكن التخزين و تعزيز التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته الحفاظ على العلاقات مع روسيا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.
ومن الملاحظ في تلك الإجراءات، أنها تدعو الدول المنتجة والمصدرة للنفط - خصوصاً في منطقة الخليج العربي – إلى التخوف من المستقبل الذي سيفتح الباب أمام بروز إيران، لملئ الفراغ، كمصدر بديل للطاقة، تفرضه المتغيرات الجديدة فيما لو تم استهداف النفط الخليجي من قبل الإرهابيين. وفي هذا الصدد أشار فريق الباحثين ضمن ملاحظاتهم على سياسات الدول تجاه هذه الأزمة، إلى هذه النقطة حين قال "تميل الدول إلى التعاون مع بعضها البعض واتخاذ بعض الإجراءات لتأمين مصادر الطاقة، ومن الممكن أن تتخذ بعض الإجراءات العسكرية من أجل السيطرة على بعض مصادر الطاقة الإضافية، فضلاً عن التعاون مع إيران لملئ الفراغ".
الخلاصة:
وبحسب كاتبة التقرير، فقد رأى فريق الباحثين "أن انقطاع إمدادات الطاقة سيؤدي إلي زيادة كبيرة في الأسعار العالمية للنفط مع غياب مصداقية السياسات الوطنية والدولية، كما سيكون هناك انخفاض كبير في الناتج الاقتصادي للولايات المتحدة وغيرها من البلدان الصناعية، بالإضافة إلى فقدان 592.000 عامل وظائفهم".
لكنها عادت وقالت: "وبالرغم من كل هذه الآثار فإن فريق الباحثين يرون أن السياسات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية التي سوف تتخذها الدول تجعل من الممكن استيعاب معدل الطلب على الطاقة على المدى القصير، فضلاً عن أنه سيتم مواجهة والتغلب على كلٍّ من مسألة فقدان الوظائف ومعدل التضخم الخاص بالناتج المحلي الإجمالي و معدل التضخم الخاص بالدخل وذلك خلال عام واحد أو عامين من الهجوم".
"ويخلص فريق الباحثين إلى أنه بالرغم من أن الهجوم على مصادر الطاقة سيكون له أثر عميق ودائم على الاقتصاد العالمي وسيتعين علي الولايات المتحدة وحلفائها ممارسة قيادة فعالة وحاسمة لمعالجة ومواجهة التحديات التي تفرضها هذه الأزمة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.