تشهد محافظة مأرب، شمال شرق اليمن، اشتدادا في وتيرة المعارك من جديد، بين قوات الجيش التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها، وبين مسلحي جماعة الحوثي، الذين يقاتلون باستماتة رغم التحذيرات من تداعيات استمرار الهجوم على هذه المحافظة التي تحوي أكبر تجمع للنازخين في البلاد. ويستميت الحوثيون في السيطرة على مأرب، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدوها خلال الأشهر الماضية، حيث قتل العديد من القادة البارزين في معارك المحافظة، بينهم قادة برتبة لواء وعميد. وفي الأيام القليلة الماضية، انطلقت عملية عسكرية كبيرة في أطراف مديريتي رغوان ومدغل (شمال وغرب مأرب)، تكبد الحوثيون فيها خسائر فادحة، وتتحدث مصادر عن عشرات القتلى والجرحى في صفوف المليشيات. وأفاد مصدر يمني مطلع بأن جبهة الكسارة في مديرية مدغل، مثلت "ثقبا أسود للمسلحين الحوثيين الذين عجزوا عن إحراز أي تقدم فيها خلال الثمانية الأشهر الماضية". ونقل المصدر عن قيادي ميداني بالجيش اليمني قوله: "إنه مع عجز الحوثيين عن أي تقدم ميداني، لجأوا إلى استهداف أحد المواقع الهامة في جبهة الكسارة بصاروخ باليستي بهدف نسف الموقع بكل من فيه". وبحسب المصدر فإن هذا جنون ودليل فشل من قبل المليشيات الحوثية من خلال استهدافها موقعا عسكريا مهما كانت أهميته بهذا الحجم من الصواريخ. وأكد المصدر أن الترتيبات والتحصينات التي أنشأها الجيش الوطني في جبهات الكسارة والمشجح والبلق، في الأطراف الشمالية والغربية، وكل الجبهات باتت عصية عن أي اختراق أو تهاو. ويقول الصحفي اليمني أحمد عايض، رئيس تحرير موقع "مأرب برس": "خلف كل جولات الحوار التي قادها المبعوث الأممي إلى اليمن أو جولات المبعوث الأمريكي، تيم ليندر كينغ، خارطة طريق جديدة للمنطقة قام بصناعتها وإعدادها "الهوامير" الكبار من الفاعلين في مسار المتغيرات ككل في المنطقة". وأضاف في حديث ل"عربي21": "قد يكون الملف النووي اليوم هو الملف الأبرز حول التقاسم والتحاور بين أولئك لرسم خارطة المنطقة العربية". وأشار عايض إلى أن "استماتة الحوثيين حاليا لا ترجع إلى قوتهم العسكرية أو الميدانية، وإنما للضغوط الإيرانية التي تمارس عليهم للمطالبة بحسم معركة مأرب كونها ورقة ستلعب في تغيير مسار الأوراق ليس في اليمن فحسب بل في المنطقة ككل". وبحسب عايض فإن النوعية التي يزج بها الحوثيون للقتال في جبهة مأرب "غالبيتهم من خريجي المخيمات الصيفية من عديمي الخبرة العسكرية ومن صغار السن". وقال: "وهو أمر لا تكترث له الجماعة كثيرا بقدر ما هو حاليا ينفذ الأجندة المطلوبة منه في هذه المرحلة مهما كانت النتائج". وبحسب الصحفي أحمد عايض فإن كل المؤشرات العسكرية تتحدث عن تكرار سيناريو الهزائم للمليشيات الحوثية باتجاه مأرب، مؤكدا أنه اليوم العاشر للعمليات العسكرية التي يخوضها الحوثيون، لكنهم لم يحققوا من ورائها إلا كلفة بشرية واسعة وخسائر كبيرة في عتادهم العسكري، ولم يتمكنوا من التقدم أي شبر في الجبهات. وأوضح الصحفي عايض أن الجيش الوطني يرتب صفوفه ويعزز مواقعة، والوقت حاليا يجري في صالحه، فهو ما زال محتفظا بقواته العسكرية "البشرية "ويستنزف الحوثي بطريقة ذكية ومنهكة.