دفعت النتائج المخيبة والفضائح الرنانة للمنتخب الفرنسي في مونديال جنوب افريقيا بعض الشركات الراعية للفريق لوقف حملاتها الدعائية التي تستخدم صورته خشية على سمعتها. فبعد تعادل سلبي مخيب للامال في مبارته الافتتاحية امام الاوروغواي, سقط المنتخب الفرنسي بطل العالم عام 1998 ووصيف مونديال 2006 امام المكسيك بهدفين نظيفين وبات بحاجة الى معجزة للتاهل للدور الثاني لدى ملاقاة جنوب افريقيا الثلاثاء. وساءت الامور اكثر بعد كشف صحيفة "ليكيب" الرياضية عن ان المهاجم نيكولا انيلكا وجه شتائم الى مدربه ريمون دومينيك بين شوطي المباراة مع المكسيك, ما دفع الاتحاد الفرنسي لكرة القدم الى استبعاده من المجموعة. واحتجاجا على طرد زمليهم رفض اللاعبون المشاركة في التدريب, وذلك امام عشرات المشجعين الذين ذهلوا لهذا المشهد. وقالت وزيرة الرياضة الفرنسية روزلين باشلو ان لاعبي المنتخب الفرنسي "اساءوا لصورة فرنسا". ورأت ان كرة القدم الفرنسية تواجه "كارثة اخلاقية", موضحة بعد اجتماع مع "الزرق" ليل الاثنين في مقر اقامتهم ان اللاعبين "استمعوا لي وكانوا يبكون". وقال هنري مونتيل المسؤول في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم ان اللاعبين استأنفوا بكاءهم عندما ذهبوا الى غرفة المدرب دومينيك للاعتذار له عن عصيانهم. وتابعت باشلو "قلت للاعبين انهم ربما لم يعودوا ابطال ابنائنا وان ما حطمتموه هو حلم شركائكم واصداقائكم ومشجعيكم", مؤكدة انهم "شوهوا صورة فرنسا". ومن خسارة فرنسا امام المكسيك الى طرد انيلكا ومقاطعة الفريق للتدريب: تواجه الشركات الراعية للمنتخب مثل مجموعة التوزيع الكبيرة كارفور وشركة الاتصالات اس اف ار ومصرف كريدي اغريكول والمجموعة العملاقة للطاقة "جي دي اف سويس" اختبارا صعبا منذ ايام بانتظار خروج الفريق على الارجح من الدور الاول الثلاثاء. وقد اعلن الاليزيه ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيشاهد المباراة ضد جنوب افريقيا على التلفزيون بعد ظهر الثلاثاء. لكن مشاكل الفريق ليست جديدة وبعض الشركاء كانوا اختاروا اصلا الحد من استثمار صورته. وقال فريديريك بولوتني الخبير في الاقتصاد الرياضي ان "الجهات الراعية اشترت حقوق استثمار صورة فريق فرنسا لكن قلة منها استغلت هذه الحقوق فعليا". ففي اوج المونديال, اختارت شركة الاتصالات "اس اف ار" لاعب كرة السلة توني باركر للترويج لعرضها لاتصالات الهواتف النقالة غير المحدودة. واوضح بولوتني "الامر كما لو اشتريت سيارة رياضية جميلة وباهظة جدا لكنك تبقيها في الكراج لانها استفزازية جدا". وبعد قضية انيلكا قررت بعض الشركات التي تخشى ان تؤثر السمعة السيئة للفريق عليها, الانفصال عنه. فقد اعلنت شركة الوجبات السريعة كويك منذ السبت سحب الاعلانات التي يروج فيها لاعب فريق تشيلسي لشطائر جديدة. وحذت حذوها شركة برينغلز للشيبس التي تملكها المجموعة الاميركية العملاقة بركتر اند غامبل الاثنين. من جهته, اوقف مصر كريدي اغريكول بشكل مبكر حملة اعلان تلفزيونية حول الفريق. لكن المجموعة المصرفية لا تنوي فسخ العقد الذي يربطها بفريق كرة القدم الفرنسي الذي تم تجديده مؤخرا لاربع سنوات. اما "جي دي اف سويس" التي قالت انها "جرحت" بسلوك اعضاء الفريق, فلم تستبعد الغاء بعض بنود العقد الذي يربطها بالاتحاد حتى .2014 في المقابل قال كارفور انه "لا ينوي تعديل المبادرات التجارية" التي قام بها بمناسبة بطولة كأس العالم لكرة القدم (توزيع صور ممغنطة لاعضاء الفريق وعروض تشجيعية على اجهزة التلفزيون). واضافت ثاني مجموعة في العالم للتوزيع ان "كارفور دعم دائما منتخب فرنسا في الاوقات الجيدة كما في الاوقات الصعبة". واكدت اديداس الراعية الرسمية للفريق ايضا انها ستواصل حملتها الدعائية التي تتمحور حول يوان غوركوف. واعترف رئيس المجموعة المتخصصة بالمعدات الرياضية هيربرت هاينر "من وجهة النظر المتعلقة بكرة القدم ما يجري مع الفريق الفرنسي ليس ايجابيا جدا". لكن الفائت في الارباح الذي يشكله القمصان التي لا تباع (بين مئتي الف و300 الف) لن يكون كبيرا جدا, موضحا ان "انتاجها كان محدودا والمخزونات عدلت" اذ ان العقد مع الفريق الفرنسي ينتهي في نهاية السنة. وقد تشعر نايكه منافستها وخليفتها في رعاية الفريق بالندم. فقد وقعت مع منتخب فرنسا اكبر عقد يبرم مع اتحاد رياضي بلغت قيمته 42 مليون يورو سنويا لمدة ثمانية اعوام. مكافحة العنصرية ويقول الاتحاد انه على اتصال مع كل الشركاء لتهدئة مخاوفهم بدون ان يستبعد اعادة النظر في بعض العقود في نهاية المباريات. وبموازاة استياء الشركات, لم يتردد السياسيون في فرنسا في التعبير عن مواقفهم من هذه القضية. فقد رأى رئيس الجبهة الوطنية اليمينية جان ماري لوبن ان اخفاق فريق فرنسا "امر يستحقه" و"قضية محض سياسية". وقال لوبن "كرهت السياسة التي جعلت من فريق علما لمكافحة العنصرية بدلا من جعله علما رياضيا". واضاف ان هذا الخيار "يمنع اي انتقاد لان اسطورة مكافحة العنصرية مقدسة اليوم". وتابع ان "وجود اثنين من البيض في الفريق الفرنسي يوحي بوجود رغبة سياسية بفرض صورة لفرنسا ليست صورتها الحقيقية على الاقل اليوم". وطالب لوبن باستقالة وزيرة الرياضة التي ردت عليه بالتشكيك في "قدراته على الحديث عن الرياضة". واخيرا قال مارك لافينير نائب رئيس كتلة الاتحاد من اجل حركة شعبية في الجمعية الوطنية انه طالب خلال اجتماع لكتلته بتشكيل "لجنة تحقيق حول الاتحاد الفرنسي لكرة القدم وعملها". وتساءل "كيف يمكننا الانحدار الى هذه الدرجة من السخف واهانة فرنسا بهذا الشكل في هذه القضية؟".