لما انحرفت البوصلة الفلسطينية عن مسارها، ولما اتجهت البندقية الفلسطينية نحو صدور الفلسطينيين أنفسهم ، لم يبقى على الفلسطينيين المنشغلين بالتناحر سوى أخذ النصائح من العدو الصهيوني ، فقد أعلن نائب رئيس الوزراء الصهيوني المخضرم ، شيمعون بيريز ، أن اندلاع حرب أهلية فلسطينية سيكون مأساة بالنسبة للفلسطينيين وإسرائيل والسلام في الشرق الأوسط ، فيما تناولت صحف عبرية الأزمة الفلسطينية الداخلية بطريقة احتفالية، تنضح بصب الزيت على النار.. حيث عنونت صحيفة يديعوت الصهيونية تقريرها حول الموضوع بمانشيت (( حماس أخذت قرارا بتصفية قادة فتح . المواجهة الفلسطينية الداخلية خرجت عن السيطرة واتسعت إلى الضفة )) ؛ واستخدمت ذات الصحيفة مصطلحات تأجيجية من نوع (( قرار خطير ، و إعدام رجل دين و الغضب الشديد )) ، فيما وصفت ما يجري بأنه(( فقدان سيطرة على الشارع، الذي يأس من فقدان ثقة داخلية لصالح تفضيل الاحتلال!! )) . وعلى إثر إعلان الرئيس الفلسطيني ، محمود عباس " أبو مازن " نيته إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة تجددت معارك استعراض القوة بين حركتي فتح وحماس ، وبعد أن قرر عباس اعتبار القوة التنفيذية الأمنية التي شكلتها حماس غير شرعية زاد التوتر ، وزادت حدة التصريحات والتهديدات الهجومية من كلا الطرفين ، ففي حين هددت حركة فتح علانية قادة حركة حماس على لسان القائد الفتحاوي الشاب ، محمد دحلان برد الصاع صاعين على أي إعتداء يطال عناصرها ، هددت حركة حماس بمواجهة أي اعتداء على القوة التنفيذية التي قررت مضاعفة عددها من 5500 إلى 12 ألفا . وحذرت حماس في بيان لها وصل " برس " نسخة عنه ، ردا على تصريحات النائب دحلان في مهرجان انطلاقة فتح يوم الأحد الماضي ، من المساس بأي من قادة ورموز حركة حماس أو أي عنصر من كتائب القسام أو القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية التي تهيمن عليها حركة حماس ، معتبرةً أن أي اعتداء يجري هو لعب بالنار وسيحرق من يلعب به قبل أي شخص آخر، وفق تعبيرها. وقال الدحلان في مهرجان فتح بغزة للجماهير المحتشدة :"سنغادر هذا المكان دون أن نتحدث في السياسة فلا مكان لها اليوم وانه إذا اعتدي على فتحاوي واحد سنرد الصاع صاعين وإذا اعتقدت قيادات حماس أنها بمنأى عن قواتنا فهم مخطئين .. داعيا كتائب الأقصى الفتحاوية أن يبقوا في مواقعهم وأيديهم على الزناد..!! ويوم أمس الاثنين دعا مصدر مسئول في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بمدينة رام الله العقلاء في حركة فتح، إلى التحرك بشكل سريع وجدي للجم منفذي الاعتداءات المتكررة على قيادات وكوادر ومؤسسات في الضفة الغربية.. وهدد ذات المصدر بأن صبر حركة حماس بدأ ينفذ إزاء هذه الأعمال والاعتداءات الإجرامية .. ويوم أمس الاثنين شنت حركة حماس خلال مؤتمر صحافي عقده ناطقوها الرسميين هجوما على حركة فتح، وقال فوزي برهم الناطق باسم حماس في غزة : (( إن ما يحدث اليوم على أرض فلسطين من عدوان إسرائيلي وسياسي واقتصادي غير مسبوق ومن مناكفات داخلية ضد حركة حماس والمجلس التشريعي ما هو إلا جزء من الرغبة الجامحة لسحق التيار الإسلامي الذي نال ثقة الجماهير عبر صناديق الاقتراع عقاباً له لرفضه الاعتراف بالعدد الصهيوني)). وإعتبرت حماس في بيانها الذي تلاه ناطقها وجود تقاطع بين ما أسماه " التيار الانقلابي في حركة فتح الذي يمارس مجده الشخصي على مقدرات الوطن وإسرائيل ، متهما من وصفهم ب ((التيار الانقلابي" بالإستقواء بالإحتلال وبالدول الأوروبية)) وقال برهوم : (( إن حركة حماس هي صمام الأمان لوحدة الشعب وأنها دعت دائماً إلى الشراكة السياسية )). وردت حركة فتح على بيان حماس على لسان د . جمال نزال الناطق باسمها في الضفة الغربية الذي قال : إن حماس هي المستفيد الوحيد من الاقتتال الداخلي كونه يخدم برنامجها الذي يعتبر الفلسطينيين كفارا وفاسقين ما لم يكونوا من أعضائها ؛وأضافت فتح في بيان لها وصل "مأرب برس" أن الحكومة وحركة حماس أفلستا سياسيا واجتماعيا وأخلاقيا ، وان حماس ضلت الطريق ..!! على حد تعبير البيان. وكان مركز الميزان لحقوق الانسان، قد كشف في تقرير مفصل حول حوادث الفلتان الأمني خلال الأسبوع المنصرم، عن مقتل (26 فلسطينيا ) وجرح (135)، وخطف واحتجاز (32) شخصاً، كما ألحقت أضراراً متفاوتة ب (9) منازل سكنية، و(11) مركبة، و(5) منشآت، من بينها ثلاثة مستشفيات ومسجد، كما تم تدمير العديد من المحال التجارية..! فيما سجل العام 2006م سقوط 252 ضحية للفلتان الأمني بينهم 26 طفلاً ..!!
