تكتظ سجون جدة باليمنيين وتزداد معاناة اليمنيين المعتقلين داخل السجون السعودية بشكل يومي في ظل صمت السلطات اليمنية وإهمالها من عدم متابعة قضاياهم، والتي غالباً تهم يتحملونها ظلماً وعدواناً، بالإضافة إلى مبررات غير قانونية.. وكثيراً ما نسمع عن مناشدات مستمرة للرئيس هادي وحكومته ممثلة بوزيري الخارجية والمغتربين اللذين يزوران المملكة السعودية ويلتقون مسئولين دون التطرق أو الحديث عن أوضاع أبناء الوطن المغتربين داخل السجون. ومن السجناء هناك من تلفق لهم تهم لا يعرفون طريقها وآخرون يمكثون سنوات داخل السجن دون إحالتهم إلى القضاء أو المحاكم، ومنهم من مرت عليه فترة العقوبة. وكالعادة فإن السفارة اليمنية في الرياض لا تحرك ساكنًا ولا ترد على تلفوناتها ولا تستقبل شكاوى أبنائها وتساؤلات من الهدف من وضع مقر للسفارة اليمنية وما فائدة القائمين عليها. وتساؤلات عما إذا كان وزير العدل اليمني يخجل من زيارته الأخيرة إلى المملكة، وهو يشيد بالقضاء السعودي ومعظم أبناء بلده لم يتم إحالتهم إلى المحاكم بعد عدة أشهر بتهم غير جسيمة، ومنهم اشتباه. وتأتي سلسلة الزيارات الرسمية لوزيري المغتربين والخارجية للمملكة المصحوبة بتصريحاتهم في صحف السعودية التي تحمل المدح والإشادات دون تلميحهم بوضع أبناء بلدهم الذين يعانون أوضاعًا مأساوية في السجون، بعيدين عن أسرهم، ومعظمهم يعولون على قوت أولادهم. وتزايدت في الآونة الأخيرة التعسفات والإجراءات غير القانونية من قبل بعض رجال الشرطة والأمن السعودي بسبب عدم قيام مسئولي سفارتنا في الرياض بمهامهم التي عينوا من أجلها، فمهام سفارتنا انحصرت فقط بفرض الرسوم والجبايات. وفي السجن الذي يعرف ب"بريمان" ويقع في مدينة جدة فإنه يكتظ بآلاف اليمنيين ويمارس ضدهم معاملات نستطيع بأن نصفها ب"الغير قانونية" يتحملها مواطنون أدركوا أن قيادتهم السياسية لا تعيرهم أبسط حقوقهم كمواطن يحمل الجنسية اليمنية والمشكلة أنه يعتز بهويته. وكشاهد يقول المواطن "محمد شعلان" في سجن بريمان بجدة: إنه مسجون ما يقارب العامين ونصف العام يأتي ذلك بعد أن وجد شعلان أدلة تثبت براءته إلا أنه استمر في السجن كون التهمة التصقت فيه ولا يمكنها التراجع حتى بعد وجود أدلة تثبت براءته. والتهمة التي وجهت ضد شعلان أن فلسطينياً تقدم بشكوى لقسم الشرطة أن ابنته التي تحمل جنينًا في بطنها منذ ثلاثة أشهر - ابنه - وعلى ضوء هذا تم استدعاء المواطن اليمني شعلان في نهاية يوليو 2011م، وحقق معه الادعاء السعودي الذي انسب عليه كلامًا، لكن فحص الحمض النووي ( DNA ) الذي اثبت بطلان التهمة، وأن الجنين ليس له، وعليه خرج بعد شهرين ونصف من نفس العام.. وتفاجأ شعلان في 12 نوفمبر العام قبل الماضي طلب من نفس قسم الشرطة الذي أحيل إلى الادعاء العام ليسجن مدة 35 يوما على ذمة القضية والتحقيقات، وبعدها تم إحالته إلى المحكمة التي – حسب قوله – ووجهت له نفس التهمة السابقة بمبرر أن جيران الفلسطيني شهدوا أنه ابنه، وهو ما أنكره تحليل الحمض النووي. وقال شعلان: إنه لم يتخيل فساد القضاء السعودي بقيام الادعاء العام بتغيير فحص الحمض النووي ( DNA ) وأوراق التحقيقات لتلفيق تهمة أن الجنين ابنه. ويطالب المواطن شعلان على الحكم الصادر ضده كونه تم تزوير الفحص والتحقيقات لتلفق عليه القضية، وقال: "سنتين ونصف داخل السجن لم يردوا على اعتراضي والادعاء يرفض أي طلب مني دون مبرر قانوني أو شرعي". وأضاف: يهددون أي شخص من زملائي يقوم بمتابعة قضيتي في المحاكم ويهددونه، ويشمل التهديد كل من يزورنا في السجن.. ووصف النظام السعودي "نظام مزاجية في التفكير وديكتاريوية في التأمير". ولا يجد شعلان سوى مناشدته لرئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي لمتابعة قضيته والآلاف من اليمنيين المسجونين معظمهم بدون تهم، ويرفض إحالتهم إلى المحاكم لنظر في قضاياهم إن وُجدت - حسب قوله. وعبر شعلان وزملاؤه عن استيائهم وتذمرهم جراء إهمال مسؤولي سفارتنا في الرياض.. مناشدين الرئيس هادي النظر لهم بعين الرحمة ومطالبة السعودية الإفراج عن اليمنيين الذين ليس عليهم تهم. وتحدث شعلان: "يوجد داخل السجن أبرياء وآخرين بتهم غير جسيمة منهم سنتين بقضية سكر إلى اليوم لم تحال قضيتهم إلى المحكمة وآخرين صدرت عليهم أحكام سنة وانتهت فترة عقوبتهم ولهم سنتين وغيرها من القضايا التي لم يتم البت بها". وتحسر شعلان وزملاؤه اليمنيون من داخل سجن بريمان على وضعهم إثر قيام معظم سفارات الجاليات العربية بزيارات السجون ومتابعة قضايا مواطنيها إلا سفاراتنا في المملكة التي لم تقم بزيارة السجون من قبل الثورة الشبابية الشعبية السلمية. كما تحدث عن الممارسات الغير إنسانية التي يتعرضون لها داخل السجن، وقال بلهجته: "العيشة ضنكة من معاملة قاسية ومستفزة من رجال الشرطة والأكل غير صحي، إضافة إلى أن السجن الذي فيه 40 عنبرا بكل عنبر 500 شخص لا يوجد فيه رعاية صحية". وناشد البرلمان وأعضاء مؤتمر الحوار الوطني مناقشة قضايا اليمنيين القابعين داخل السجون السعودية والضغط على الحكومة خاصة وزيري الخارجية والمغتربين لمتابعة قضاياهم، ومطالبة سلطات المملكة الإفراج عنهم وإحالة المتهمين للقضاء. وأما المواطن محمود عبدالله صالح، الذي سجن ثلاثة سنوات مع تعذيبه من قبل مباحث أمن الدولة وسجنه انفردي، ويروى صالح قصة عذاب ثلاثة سنوات داخل سجون المملكة، مناشدًا رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق ووزير الخارجية والسفارة السعودية باليمن إنصافه من السلطات السعودية ومباحث أمن الدولة لما تعرض له من تعذيب وضرب مبرح وتقييد وحجز حريته وحبسه لمدة ثلاث سنوات في سجون انفرادية ذاق فيها المر وصنوف من العذاب والقهر. وقال المواطن صالح في مناشدته: لقد تعرضت للضرب المبرح وتم سحبه إلى الحمام ووضعوا وجهه في المرحاض وداسوا على رأسه ووجهه بأقدامهم وكلبشة يديه بالأصفاد الحديدية (قيود) وقاموا بجلده دون مراعاة للحقوق الإنسانية وفي مخالفة للقوانين والأعراف والتشريعات الإسلامية. وقال إن كرامة الإنسان اليمني تضيع في الحدود السعودية، حيث يتم قتل النفس التي حرم الله قتلها بغير حق وينتهك حرمة الإنسان اليمني ويبتز الأموال بالباطل. كما ناشد سجناء يمنيون في سجن نجران العام بالمملكة الرئيس هادي وحكومة الوفاق سرعة الإفراج عنهم كونهم محبوسين بدون أية تهم. وقال السجناء: إن غالبيتهم من المتهربين للبحث عن العمل، فيما آخرون بتهم ملفقة، والانتماء لجماعة الحوثي.. موضحين أن فيهم سجناء منذ 30 عامًا دون تهم ودون إحالاتهم إلى النيابة.. ونقلاً عن السجناء فإنهم يتعرضون للتقييد والصعق بالكهرباء والمياه الباردة والصفع المستمر، والضرب في الخدود، وحشر المئات منهم في أماكن وغرف ضيقة لا تصلح للسكن الآدمي. ويذكر أنه عند نشر معاناة اليمنيين داخل سجون المملكة من قبل أفراد الشرطة السعودية يفاجأون بمداهمة العنابر وتوجيه الإهانات وتعذيب البعض ومصادرة مقتنياتهم وحرمانهم من الوجبات مع الاستغراب من الصمت الحكومي مما يحدث لمواطنيها في المملكة دون أي تحرك يوقف ذلك المناقض للشريعة الإسلامية والقوانين المحلية والدولية. من جانب آخر أكد ضابط المعلومات في مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة بصنعاء، أوغاسوا أريك، أن الوضع اﻹنساني في اليمن حرجا جدا ويزداد صعوبة في ظل عودة نحو 300 ألف مغترب يمني من المملكة العربية السعودية منذ أبريل الماضي وحتى اليوم مع التوقع بعودة 450 ألف مغترب آخرين خلال الفترة القادمة. وقال ضابط المعلومات في مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة بصنعاء، أوغاسوا أريك في المؤتمر الصحفي الذي عقده المكتب بصنعاء - إن الوضع اﻹنساني في اليمن يزداد صعوبة مع عودة نحو 300 ألف مغترب يمني من المملكة العربية والسعودية واحتمال عودة 450 ألف آخرين خلال الفترة المقبلة ليشكلوا تحديا غير عادي للحكومة اليمنية إلى جانب ما يزيد عن 300 ألف لاجئ صومالي وأكثر من هذا العدد من النازحين اليمنيين بسب الاضطرابات المسلحة التي تشهدها العديد من المناطق اليمنية. وأشار إلى أن التحديات التي تواجه عمل الفرق اﻹنسانية في تقديم المساعدات تتمثل بنقص التمويل إذا لم تستطع اﻷمم المتحدة أن توفر عدا 51 بالمائة من 703 مليون دولار تحتاجها اﻷعمال اﻹنسانية في اليمن خلال العام الجاري، إضافة إلى الصراعات التي تهدد حياة العاملين اﻹنسانيين والمتفجرات والألغام التي خلفتها الصراعات في العديد من المناطق وتعرض العاملين في المنظمات الدولية للاختطاف حيث لا يزال نحو 8 من عمال المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة مختطفون ولا يعرف لهم مكان منذ مطلع العام الجاري.