حذر مشاركون في حلقة نقاش عقدت الخميس بصنعاء، من خطورة الانفلات الأمني بمحافظتي عدنوحضرموت، واصفين ما يجري بأنه يثير حالة من القلق والخوف في ظل الغياب الواضح لدور الأجهزة الأمنية. وأشار المشاركون في الحلقة النقاشية التي نظمها برنامج دعم الحوار الوطني التابع لمنتدى التنمية السياسية بالتعاون مع مؤسسة برغوف الألمانية، ومبادرة المساحة المشتركة في لبنان وبدعم من وزارة الخارجية الفيدرالية الألمانية، لعدد من المظالم التي تعاني منها المحافظتان، المتمثلة بتعثر المشاريع والانفلات الأمني، فضلاً عن المشاكل التي يعاني منها الشباب وأبرزها البطالة، نتيجة الأثر السلبي لتسلط المركز وغياب تطبيق الحكم المحلي كامل الصلاحيات خلال الفترة الماضية. وتطرقت حلقة النقاش التي أدارها الإعلامي نبيل الصوفي إلى رؤى المجتمع المحلي حول قضايا التعليم، الصحة، والأمن، مؤكدين على ضرورة توسيع تجربة الحوارات المحلية في إطار المحافظات ليشمل كافة الشرائح الاجتماعية والفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدني للخروج برؤى تعالج الإشكاليات التي تعاني منها.. وقال مراد الحسني من حركة النهضة السلفية بعدن بأن الوضع الأمني في عدن يهدد بانزلاق سيئ جدًا خاصة مع الانفلات الحالي، متمنياًّ أن يتدارك المسؤولون الوضع قبل فوت الأوان. فيما دعت عضو الحوار المحلي بعدن رئيس اتحاد نساء عدن فوزية المريسي، لإنقاذ عدن وتحويل الوضع المزري الذي تعيشه إلى سلام، متمنية أن تكون عدن بوابة المستقبل. فيما حمل علي حسن بافطيان من مؤسسة آراء بحضرموت، القيادات الأمنية والمحلية مسؤولية ما يجري، مشيراً بأن مسؤولية الأمن مشتركة بين الأمن والمجتمع في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. وفيما يتعلق بالحوار المحلي وعلاقته بالمركز، قال بافطيان بأن المركز سيطر على المحلي وأوجد حالة من الغبن المجتمعي، ضارباً مثلاً على ذلك بدفع طالب الثانوية مبلغ 300 ألف ريال لاستخراج شهادة من صنعاء. وأشار إلى قلة ما يمنح للمحافظة من ميزانية الدولة مقارنة بمحافظات ريمة ومحافظات أخرى، وقال: تجد تلك المحافظات تأخذ ضعف ميزانية حضرموت . وأكد بأن نفس العقلية السابقة هي من تدير البلاد حالياً، مشيراً إلى فساد تمارسه السلطات العسكرية من خلال أخذ مبالغ طائلة من ميزانية حضرموت مقابل حمايتها للشركات النفطية، في نفس الوقت تقوم بأخذ مبالغ بمئات الآلاف من الدولارات من تلك الشركات. ويقول عمر عوض عامر من حضرموت بأن المركز ولد خللاً ومشاكل بين قيادة السلطة المحلية والمجتمع، إثر عرقلة العديد من مشاريع البني التحتية والاستثمارية، بسبب سيطرة المركز على مجمل القرارات والصلاحيات. ويقول زميلهم نبهان عبدالله نبهان مستقل، بأن تأثير المركز ولد نشاطاً حقوقياً واحتجاجات جراء الشعور بالظلم. وقال بأن مشاكل الفساد في حضرموت ارتبطت بشكل كبير بالمجال السياسي. فيما رأى مراد الحسني من حركة نهضة عدن السلفية، بأن المركز لا يعرف معاناة عدن، والتي لم تشهد منذ أربع سنوات أية مشاريع خدمية. وقال بأن المحافظة تعاني من المحاصصة السياسية وقيادة غير فاعلة، منتقدًا التجاهل المتعمد لعدن في التعليم والصحة وكافة الخدمات. وأشار الحسني لما قاموا به في الحوار المحلي، من مناقشة قضايا تلامس حياة المواطن، بدلاً من الجانب السياسي. وأكد بأن جميع المشاركين في الحوار المحلي، كان الهم المجتمعي الهدف الأساسي لهم. وأشار إلى العديد من المشاكل التي تعاني منها عدن بدءًا من الأمن والذي قال بأنه وصل إلى مرحلة غير متوقعة، إضافة إلى تسرب الطلاب من التعليم، ونقص مدارس المحافظة من المدرسين وضعف الخدمات الطبية، واصفاً ما يجرى بالمرافق الطبية أنه يندى له الجبين وكارثة بحق المواطنين . وتقول المريسي بأن الحوار المحلي بعدن اتفق على رؤية موحدة، بعيدًا عن الإطار السياسي والحزبي، وتم التطرق لما يجرى بعدن . وأضافت: "للأسف عدن التي ضحت بأولادها وثقافاتها اليوم نبكي عليها لما وصلت إليها من حالة فساد وتدهور في الأمن وتدمير للتعليم". وقالت بأن ثقافة أبناء عدن، تغيرت اليوم بشكل كبير، حيث جاءت ثقافة دخيلة زرعت في أوساط سكانها لتحطم مجتمعها الذي امتاز بثقافة تحدث عنه المنطقة بكاملها. وتابعت: "نريد إعادة كيان هذه المحافظة وما آلت إليها"، مؤكدة بأن الحزبية هي من دمرت عدن وثقافة أبنائها. وتطرقت المريسي عن العاطلين عن العمل في المحافظة والذين قالت بأنهم تكدسوا بالشوارع وقامت بعض القوي باستغلالهم للعمل في الاختلالات الأمنية وغيرها. وعن مشاركة المرأة، قالت بأن مشاركتها في الحوار المحلي كانت قوية وكانت تعبر عن معاناة داخلية، في قضايا كثيرة، أبرزها عن "تسرب أولادها من المدارس والخدمات من ماء وكهرباء وصحة". عضو اتحاد عمال اليمن خلدون شائف، يؤكد ما تحدث عنه زملائه في عدن، عن تردى الخدمات والانفلات الأمني والسياسات في مؤسسات الدولة وقيام الحكومة بخصخصة الأغلبية منها، كميناء عدن وغيرها من المؤسسات وافتراش عمالها الشوارع. وأشار إلى تردي معاناة المواطنين من خدمات الكهرباء والمياه، وقال كانت عدن من أوائل المدن في الشرق الأوسط بالكهرباء والمياه، فيما اليوم مؤسسة المياه تهدد بالإفلاس، ومحطة كهرباء الحسوة كانت تنتج 120 ميجاوات فيما اليوم تنتج 40 ميجا. واعتبر المركزية سبباً بتردي الأوضاع بالمحافظة، والنهوض بها يحتاج لعشرات السنين. وأشار إلى سلوكيات غريبة دخلت على المجتمع العدني، متمثلة بالحبوب المخدرة والشمة وغيرها من العادات السيئة، إضافة للبناء العشوائي والسرقات والتعامل الأمني السيئ مع العديد من الأسر العدنية. وقال: "كنا في عدن نمر مع أسرنا بأمان والآن تخشي للخروج للحدائق والمنتزهات". ووصف ما يجرى في عدن انهزام للنظام والقانون ودخول الفوضى وفرض المنتصر لسياساته. أما نبهان عبدالله صالح بن نبهان، فتحدث عن تسرب الفتيات من التعليم في حضرموت. وقال بأن فتيات حضرموت تسربن بشكل كبير من التعليم، إضافة إلى حرمان الكثير من الشباب منه وعدم تمكنهم من الحصول على الشهادة الثانوية. وقال موضحًا: المدارس في حضرموت غير ملائمة من حيث البني التحتية والتجهيزات، وخاصة المدارس الجديدة والتي اعتمدت على الطابع المعماري الجديد الأمر الذي تسبب بارتفاع درجة الحرارة بداخلها، بعدما كانت سابقاً من الطين. وأضاف بأن التصاميم الجديدة ألغت منها المسرح المدرسي إضافة للحوش المدرسي. وقال بأن المدارس في المناطق ذات الكثافة السكانية لا تلبي الغرض من حيث عددها، مشيرًا إلى أن مدينة المكلا لديها ثلاث مدارس فيما عدد الملتحقين بالتعليم يفوق طاقاتها، مما يضطر الكثير من الطلاب بعدم الالتحاق. وفيما يتعلق بالمنح الدراسية التي تحظي بها حضرموت، قال بأن حضرموت لا تمنح بالمنح الخارجية، مشيرًا بأن أحد الطلاب المتفوقين قدم لصنعاء لمتابعة منحة أبلغه المسؤولون في التعليم العالي بأن عليه الحصول على منحة من رجل الأعمال الحضرمي بقشان، فيما منح صنعاء لأهلها- حسب قوله- وفيما يتعلق بمدارس البدو الرحل، قال بأنها أغلقت وتوقف دعمها من قبل الحكومة. وحذر نبهان من خطورة عدم التحاق البدو الرحل بالتعليم، موضحًا بأنهم على مناطق حدودية، وأن ضعف الوازع الديني والولاء الوطني قد يجبرهم على الانخراط في مجالات أخرى كتهريب المخدرات وغيره. وتحدث عمر عوض عمر الشقري عن الأمن وتنظيم القاعدة، متهمًا السلطة بخلخلة الأمن وتورطها مع الجماعات المسلحة. وعبر عن استغرابه من حوادث الاغتيالات المتكررة بحضرموت، والتي يتهم بها "السيكل الأحمر" تسمية حضرمية للدراجات النارية. وقال: أغلب الاغتيالات تتم في أماكن ضيقة، ولم نعلم بدور الأمن في ملاحقة الجناة، والذي يكتفي بتسجيل الجريمة ضد مجهول من القاعدة. يشار إلى أن برنامج دعم الحوار الوطني يستهدف من خلال الحوارات المحلية خمس محافظات تضم تعز، عدن، الحديدة، حضرموت، ذمار وبهدف دعم المشاركة السياسية للمواطنين اليمنيين والأطراف المعنية الرئيسية: الأحزاب السياسية، المرأة، الشباب، المجتمع المدني، والقطاع التجاري وغيرها على المستوى المحلي، وكذا التأكد من صياغة المصالح والمخاوف المحددة لكل المحافظات وارتباطها بمؤتمر الحوار الوطني وبعمليات التطبيق اللاحقة وأيضاً بعملية الانتقال السياسية ككل في اليمن.