في وقت سابق من الشهر الحالي، أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على التلفزيون الحكومي ان البلاد ستكون مقسمة إلى ستة أقاليم وسميت جمهورية اليمن الاتحادية. وجاءت هذه الخطوة بعد انتهاء 10 أشهر من محادثات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، وهي العملية التي كانت تهدف إلى المساعدة في التغلب على التوترات والمظالم الجارية في أعقاب استقالة الرئيس السابق علي عبد الله صالح في نوفمبر تشرين الثاني 2011. وترك صالح منصبه بعد 33 عاما في السلطة، قضى منها 12 في شمال اليمن وو 21 في الشمال والجنوب بعد الوحدة . وفي النهاية أجبرته احتجاجات مناهضة للحكومة على الخروج من السلطة وتسببت في عنف كبير وحالة عدم استقرار في البلد. وبلغت ذروتها في ما كان يمكن تسميته بالحرب الاهلية بعد عقدين من الصراع على مستوى منخفض وانعدام الأمن في جميع أنحاء البلاد. وقد قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة جمال بن عمر أن مؤتمر الحوار الوطني "أسس لبداية جديدة" في اليمن، بداية "تنبذ صراعات الماضي المؤلمة التي حكمت السلطة من خلال الفساد" ربما يكون أكثر دقة أن نقول إن الحوار الوطني أنشاء مساحة للتفاوض السياسي السائد من عمليات الحكم في اليمن، وهو تطور مهم في حد ذاته، ولكن دواعي النظام الفدرالي الجديد من أجل السلام والصراع هي غير محددة، وخاصة لأن شرعية النظام هي بالفعل محل تساؤل من قبل الجهات المعنية الرئيسية في اليمن. واليمن هي بلد مجزأة بشكل كبير، بعد أن كانت دولة واحدة فقط منذ توحيدها في عام 1990. فليس من المستغرب أنه تم اقتراح الفيدرالية كحل لمظالم متعددة من الجاليات اليمنية وحركات متمردة والحركات الانفصالية، وكثير منها تطالب بمزيد من الحكم الذاتي أو الاستقلال عن الحكومة اليمنية كجزء من الأجندات السياسية الأساسية. ومع ذلك، فإن جمهورية اليمن الاتحادية المكونة من ستة اقاليم، والتي قضت بتقسيم جنوباليمن إلى اقليمين عدن الإدارية وحضرموت وكذلك شمال اليمن إلى أربعة أقاليم، لا يرقى إلى مستوى تلبية توقعاتهم. فاللاعبين الرئيسيين الذين بدءوا بالفعل التعبير عن خيبة أملهم بشأن الحدود الداخلية الجديدة في اليمن هم الحوثيين والحراك الجنوبي. والحوثيين هم متمردون من الشيعة الزيدية ومقرهم أقصى شمال اليمن، في محافظة صعدة الحالية. وقد قاموا بمعارضة الحكومة اليمنية منذ عام 2004، عندما أرسل صالح أفراد الجيش لاعتقال زعيمهم حسين بدر الدين الحوثي، بسبب تحريضه على إقامة مظاهرات واسعة النطاق ضد سياسات الرئيس صالح على ما يبدو المؤيدة للولايات المتحدة. وتولد رفضهم لشرعية الدولة من ما يعتبرونه التهميش من برامج التنمية، التي يعتقدون أنها سياسة متعمدة ضد جماعتهم الدينية. وقد خاض الحوثيين حتى الآن سبع حروب ضد القوات الحكومية. وفي عام 2011 و 2012 ، استغل الحوثيون الفوضى الناتجة عن الربيع العربي لإقامة دولة فيدرالية خاصة بهم في لحظة حاسمة عندما فر عدوهم التقليدي الجنرال علي محسن من الجيش اليمني مع مجموعة من قواته الخاصة و وسلم صعدة للحوثيين كمكافأة لهم على دعمهم للاحتجاجات الشعبية. منذ ذلك الحين ، وسع الحوثيين من سيطرتهم الإقليمية في المحافظات المجاورة. ولذلك فهي تعارض أصلا تشكيل الجمهورية الاتحادية من ستة اقاليم، وعلى الأرجح لأنه سيؤدي إلى تقسيم أراضيها واستيعابهم في منطقة إدارية واحدة تهيمن عليها محافظة صنعاء السابقة. هناك أدلة على أن الحوثيين وافقوا على الخريطة الجديدة في اليمن، ولكن من المرجح أن دعمهم مستقبلاً للنظام قد ينقلب. والحراك الجنوبي، وفي الوقت نفسه، اعترض بشكل قاطع على الأقاليم الجديدة المقترحة من قبل الرئيس هادي. وقد تصاعدت المشاعر الانفصالية في جنوباليمن منذ الحرب الأهلية عام 199 ، عندما غزت الشمال ودمرت مدن الجنوب وحلت الجيش الجنوبي. واستمرت الاحتجاجات العادية بقيادة الحراك في مدن الجنوب منذ عام 2007، وقد قوبلت بعمليات انتقامية وحشية من قبل الدولة. وهذا من شأنه قد أدى إلى تصاعد بشكل كبير العداء على الأرض، وبدأت العديد من المدن الجنوبية الآن برفع علم جمهورية الديمقراطية الشعبية القديمة في جنوباليمن في دعوة نحو التقسيم. وقد سيطر الشمال على الجنوب عدديا وسياسيا منذ توحيدهما. وفي عام 2012، قُدر عدد سكان اليمن الشمالي 20 مليون نسمة، وعدد سكان الجنوب 4 ملايين نسمة. لذا دفع العديد من الجنوبيين نحو دولة فيدرالية من إقليمين من لإدراك تساوي تمثيلها السياسي. ومع ذلك، فقد تم رفض هذه الفكرة من قبل العديد من الشماليين الذين يريدون النظم الإدارية لتعكس احتياجات عدد أكبر من السكان . ويزعم الحراك أن الجمهورية الاتحادية من ستة أقاليم تخالف الوعود التي قطعت في مؤتمر الحوار الوطني بأن يحصل الجنوبيين على الحكم الذاتي. وما يُعد أيضا مصدر قلق لجميع الأطراف المعنية في اليمن هو استمرار استقلال صنعاء كعاصمة، في ظل النظام الاتحادي الجديد. فصنعاء والأراضي المحيطة بها سوف يتم تصنيفها على الفور كمدينة الاتحادية، خارج نطاق اختصاص وسلطة أي من المناطق الجديدة. سيتم ضمان استقلالها بموجب الدستور اليمني، و سيتم منح المسئولين فيها سلطات تشريعية لتنفيذية خاصة. وهذه هي الإشكالية المحتملة، حيث أنه يوفر موطئ قدم للنظام الحالي للحفاظ على الهيمنة السياسية على اليمن، وفي سياق ما واجهت الطبيعة غير الديمقراطية لحكومة هادي المستمدة من حكم صالح وافتقارها إلى الشفافية من انتقادات شديدة. وقد ضعف إيمان سكان اليمن في النظام الانتخابي من أي وقت مضى منذ فشل الرئيس صالح في منح الطرفان التمثيل النسبي في الحكومة بعد الانتخابات الأولى في البلاد في عام 1993. كان ترشيح هادي إلى السلطة في عام 2012 من خلال انتخابات كان فيهاالمرشح الوحيد المسموح به. لذا فأن اقتراحه التقسيم القاطع اليمن إلى ستة أقاليم دون استشارة الأطراف المتضررة يسلط الضوء على مسار اليمن نحو إمكانية استمرار الاستبداد. مجتمعة، ترسم هذه العوامل صورة البلد الذي لا يزال يتعين عليه حل المظالم الرئيسية. وفي سياق استمرار النشاط الإرهابي، يعني هذا أن النظام الاتحادي الجديد من المحتمل أن لا يحقق الحقن المناسب لتحقيق الاستقرار الذي تحن إليه اليمن. ومع ذلك، فإن الرغبة المستمرة من الإطراف للتفاوض على التحديات في الساحة السياسية السائدة في أعقاب الحوار الوطني هو علامة واعدة للمستقبل. عن موقع وورلد بوليتيكس ريفيوا بقلم – اليكساندرا لويس