كشف تقرير حكومي يمني أن ظاهرة انتشار السلاح بمختلف أنواعه في اليمن قد تسببت في وقوع الكثير من الجرائم الجنائية والحوادث غير الجنائية خلال السنوات الثلاث الماضية. وأوضح التقرير الصادر أخيراً عن وزارة الداخلية اليمنية أن الوفيات والإصابات خلال الفترة من 2004 إلى 2006 بلغت 23.577 ألف حالة وفاة وإصابة نتيجة استخدام السلاح الناري بنسبة 84.72 في المائة من الحوادث والجرائم الأخرى التي بلغت في مجملها 31.711 ألف حادثة، منها 7088 حادثة نتيجة استخدام أدوات أخرى. وأفاد التقرير الرسمي أن عدد الوفيات في الجرائم والحوادث المشار إليها 5559 حالة وفاة، منها 4886 حالة وفاة نتيجة استخدام السلاح الناري بنسبة 87.89 في المائة، فيما بلغ عدد الوفيات نتيجة الأدوات الأخرى 760 حالة وفاة ، وبلغ عدد الإصابات في الجرائم والحوادث غير الجنائية 22.312 ألف حالة إصابة، منها 18.821 ألف إصابة نتيجة استخدام السلاح الناري بنسبة 84.35 في المائة والإصابات نتيجة الأدوات الأخرى 3491 شخصاً. وأبان التقرير أن الأجهزة الأمنية تمكنت خلال الأعوام المشار إليها من ضبط 13.106 ألف قطعة سلاح آلي و3115 مسدساً و251 قنبلة و204 أسلحة مختلفة و41.573 ألف ذخائر مختلفة، إضافة إلى العديد من المتفجرات والبارود والألعاب النارية. وأشار التقرير إلى أن وزارة الداخلية اتخذت العديد من الإجراءات للحد من ظاهرة انتشار الأسلحة من خلال تنفيذها مراحل خطة الانتشار الأمني في عموم محافظات البلاد وتعزيز وتكثيف الدوريات والنقاط الأمنية في العاصمة صنعاء وبقية محافظات البلاد وتنفيذ برنامج وخطط منع حمل السلاح والتجول به داخل المدن الرئيسية، إضافة إلى وضع خطة لتجميع الأسلحة النارية وشرائها من المواطنين والتنسيق مع وحدات القوات المسلحة بمنع العسكريين من ضباط وأفراد من حمل أسلحتهم أثناء الإجازات الممنوحة لهم. وأكد التقرير وجود تناسب طردي بين انتشار الأسلحة النارية وانتشار الجريمة بمختلف أنواعها حيث تزداد الجرائم الجنائية في المناطق التي تم فيها انتشار ظاهرة حمل السلاح الناري. وكانت دراسة حديثة قد كشفت أن اليمن يتكبد خسائر فادحة بسبب سوء استخدام الأسلحة الخفيفة، وقدرت الخسائر ب 18مليار دولار خلال العشرين عاما الماضية. وحسب تقارير وإحصائيات غير رسمية ينتشر السلاح في اليمن بصورة كبيرة، إذ يوجد نحو 60 مليون قطعة سلاح في البلد، ويمتلك كل مواطن ثلاث قطع من السلاح يبلغ عدد سكان اليمن 20 مليون نسمة. إلى ذلك علمت " الاقتصادية " من مصادر في وزارة الداخلية اليمنية أن الوزارة أمهلت المواطنين في اليمن ستة أشهر لتسليم ما لديهم من أسلحة متوسطة ومفرقعات. واعتبر الدكتور رشاد محمد العليمي نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اليمني ظاهرة حمل السلاح في بلاده شائكة ومعقدة وتحتاج إلى جهود على كل المستويات. وقال إن الحكومة تبذل جهودا كبيرة للحد من هذه الظاهرة بما في ذلك خطة جمع الأسلحة المتوسطة والمفرقعات التي تشكل أولوية ملحة خلال هذه المرحلة. وأضاف ": تم تشكيل لجان ستقوم خلال الستة الأشهر المقبلة بحصر وتوثيق موجودات القوات المسلحة والأمن من الأسلحة والذخائر وأرقامها وسيتم إدخال تلك المعلومات إلى قاعدة بيانات رقمية، وذلك حتى يسهل تتبع هذه الأسلحة والذخائر إذا تسربت بطرق غير مشروعة. وأشار إلى أنه سيتم بعد هذه الخطوة الشروع في إعلان نوجهه للمواطنين يمنحهم مهلة ستة أشهر لتسليم ما لديهم من أسلحة متوسطة ومفرقعات وفقاً للقانون الحالي. أزمة في بداية مناقشة القانون يأتي الكشف عن هذه الخسائر التي تتكبدها اليمن جراء استخدام السلاح في الوقت الذي بدأ أخيراً بعد طول انتظار مجلس النواب اليمني مناقشة مشروع قانون تنظيم حمل وحيازة السلاح المثير للجدل، بعد تأجيلات دامت أكثر من 15 عاماً على تقديمه إلى البرلمان الذي يعارض معظم أعضائه تضمينه نصوصا تقضي بتنظيم حيازة السلاح في وقت تواجه فيه الحكومة اليمنية الضغوط الخارجية للحد من ظاهرة انتشار السلاح وتهريبه إلى دول الجوار. ومع بداية مناقشة القانون المثير للجدل تفجرت أزمة بين أعضاء مجلس النواب واضطر نائب رئيس البرلمان يحيى الراعي لرفع الجلسة عقب انقسام حاد حول الفقرة (أ) من المادة (3) الخاصة بتنظيم حيازة السلاح في العاصمة والمدن الأخرى التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون حيث أيد نواب مقترحا للنائب محمد القاضي، وعلي عبد ربه القاضي، وصخر الوجيه، وحميد عبد الله الأحمر يقضي بحذف الفقرة واقتصار القانون حسب تسميته على معالجة حمل السلاح مبررين ذلك بصعوبة التنفيذ جراء احتمالية تعرض مساكن للتفتيش، أو الانتقائية في تطبيق هذه الفقرة، بينما آخرون شددوا على ضرورة وضع حلول جذرية لمشكلة السلاح في اليمن يتضمنها القانون الجديد. وتسبب الجدل على هذه الفقرة إلى تأجيل مناقشة القانون المثير للجدل إلى أجل غير مسمى . وتواجه الحكومة اليمنية صعوبة كبيرة في استصدار قانون جديد يمكنها من تنظيم التجار بالسلاح وحيازته وحمله في ضوء المعارضة التي يبديها نواب قبليون وإسلاميون وبعض من نواب حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الذين يرفضون البنود المتعلقة بتنظيم الحيازة ويتهمون الحكومة بعدم تطبيق القانون الراهن، ناهيك عن العشرات من أسواق السلاح تنتشر في مناطق مختلفة، كما أن ظاهرة المرافقين للشخصيات الحكومية وشيوخ القبائل تضاعف التحديات التي تواجهها للحد من انتشار هذه الظاهرة التي نفرت مئات المستثمرين الراغبين في إقامة مشاريع استثمارية في البلاد، وتبذل الحكومة حالياً جهوداً كبيرة للتقليل من سلبيات ظاهرة انتشار السلاح في اليمن. ويقول شيخ حمير عبد الله الأحمر عضو البرلمان اليمني: " منذ عام 1992 وحتى الآن عندنا قانون حمل السلاح وحيازته في مادة من أبوابه للحيازة والتجارة لم ينفذ منه سوى 50 في المائة، فكيف سيطبق قانون جديد ثلاثة أضعاف". ويطالب المعارضون للقانون الجديد الحكومة بفرض سيادة النظام والقانون وإقامة العدل قبل تنظيم حيازة السلاح، أما أنصاره فيرون أن انتشار السلاح يعد سببا رئيسيا في زعزعة الاستقرار وتمكين المتنفذين من السطو على الآخرين وإعاقة التنمية وتبديد فرص الاستثمار المحلي والأجنبي في البلاد.