يحي شباب الثورة بمحافظة تعز في ال 29 من شهر مايو من كل عام ذكرى محرقة ساحة الحرية التي ارتكبتها قوات الرئيس السابق على عبد الله صالح والذي يصفه شباب الثورة بالرئيس المخلوع. ومحرقة ساحة الحرية ستضل شاهدة على مدى القبح والطغيان والوحشية التي وصل إليها الحاكم المستبد .. وحشية لم تعرفها حروب الدول ولا غزواتها في مواجهة شعوبها أو حتى في مواجهة بعضها البعض . واستمر القتل والتدمير للساحة من الساعة الخامسة عصر يوم الأحد تأريخ 29 / 5 / 2011م وحتى الساعة الثامنة صباح اليوم التالي بمعركة غير متكافئة لا هدف لها إلا إطلاق النار و بشكل عشوائي على أناس عزل في ثورة سلمية لم يشهد لها التاريخ اليمن مثيل ومهما تحدث المتحدثون أو نسج الشعراء قصائد شعرهم ومهما ابتكر الفلاسفة أوصافا جديدة فلن يجدوا في قواميس اللغة والفلسفة ما يصفون به الحدث أو ما يصفون به المشاهد التي ارتكبت غير وصف واحد هو " هولوكوست" العصر. محرقة الساحة كان انتصارا لسلمية الثورة شباب الثورة وفي الذكرة الثالثة للمحرقة اعتبروا أن إقدام النظام السابق على إحراق ساحة الحرية كان حافزا وانتصارا لسلمية الثورة ومقدمة لسقوط رأس النظام بل كانت المحرقة محطة مفصلية بين عهدين وبين زمنين زمن الاستبداد والظلم والاستبداد وزمن الحرية كما اعتبروها جريمة العصر. وأكدوا على أن نزول الناس والشباب إلى الساحات ليس من اجل مطالب وليس من اجل هبات وحقوق وإنما نزلوا من أجل اهداف عالية وكبيرة وأن الثورة ليست خيام وإنما هي قيم ومبادئ مؤكدين أيضا على استمرار الثورة حتى تحقيق أهدافها كاملة وفي مقدمتها الانتصار لدماء الشهداء والجرحى وإقامة نظام العدالة والمساواة والمواطنة المتساوية.. منتقدين وبشدة المشككين والمثبطين لشباب الثورة سواء كانوا من شباب الثورة أو ممن لبسوا قناع الثورة وتحولوا اليوم إلى الثورة مضادة متباكين على الثورة مشددين على أن الثورة لا تحقق اهدافها بين ليلة وضحها وان النظام اليوم يريد استنساخ محرقة ساحة الحرية لإحراق الوطن برمته في ابين وشبوة وصعدة وعمران. وحثوا شباب الثورة وكل المكونات الثورية إلى التنبه للثورة المضادة وإلى النظام السابق الذي اصبح يشتغل على شق الصف الثوري والعمل على تشكيك الثوار ببعضهم البعض معتبرين ذلك بالأمر الخطير , ولفتوا إلى ان المبادرة الخليجية نقلت الثورة من الساحات إلى المؤسسات وتحولت من ثورة ضد نظام إلى ثورة وعى داخل المؤسسات ومختلف المرافق وأن هذه الثورة ستستمر حتى يبني اليمن الجديد الذي ينشده اليمنيون بكافة اطيافهم. المحرقة اليوم الأسود وتصف الممرضة وعضو الطاقم العامل بمستشفى الصفوة زينب النهاري يوم المحرقة باليوم الأسود وتقول " في العصر الساعة الخامسة مساء وفي أول الليل كانت أعداد الجرحى والشهداء تتوافد على المستشفى , الدماء تملأ الأرض كنت انظر يمين ويسار وأنا مذهولة مما أرى ولا اصدق ما يجري أمام عيوني هل أنا في اليمن أم في غزة أو العراق ؟ أصوات الرصاص تصم الآذان كنا في اقل تعبير في ساحة حرب كانت عاملات النظافة في المستشفى يسحبن الدماء بالسحابات ملابسي تلطخت بالدماء من الأرضية نفسها ، بيدي أمسكت دماغ احد الشهداء .. الجميع في ذهول الكل لا يصدق ما يجري .. بعد ذلك صعدت إلى الغرفة التي فيها أمي , كانت مريضة جدا و أقسمت أن أضل بجانبها , اقتربت أصوات الرصاص والقذائف من المستشفى ، المكان كله يرتج , كان الضرب على المستشفى مباشرة في تلك اللحظة استعدينا للموت , تيقنا بأننا لن نعود إلى بيوتنا اتصلت بابي وأخبرته بان اقتحام المستشفى بدأ … كنت اسمع أصوات التدمير وضرب الرصاص في الدور الأسفل " وتواصل قائلة كنت أتنقل ما بين الصفوة والمستشفى الميداني وإطلاق الرصاص والقنابل الغازية مازال مستمر حتى صار لون سماء الحرية رماديا , اكتظ المستشفى الميداني بحالات الاختناق والإصابات ولم يعد هناك مكان لإسعاف المختنقين , لذلك أنتقل الأطباء والمسعفون إلى أمام المستشفى الميداني بالخارج وامتلاء الشارع بالحالات وأشتد إطلاق الغازات حتى وصلت إلى البيوت . كان المشهد مهول وأشبه بأفلام الرعب , قررت حينها أن أبقى في الصفوة لإسعاف المختنقين حيث كان الغاز يتسرب إلى الداخل لذلك كان يقفلون باب المستشفى بين الحين والآخر لكثافة الغاز وأستمر إطلاق الرصاص واستمرت الحالات بالتوافد إلى الصفوة.
ثلاثة أعوام مضت على محرقة ساحة الحرية لكن الذاكرة لا تزال تحتفظ بالمشاهد وأثار الدماء وأصوات ازيز الرصاص والبارود المخلوط برائحة الدم لا تزال ماثلة في الذاكرة ورغم مرور ثلاثة أعوام لكنها لم تستطع محو الذكرى الأليمة في أذهان أبناء تعز بشكل خاص واليمن بشكل عام وإن كل القلوب العامرة بالمحبة والإنسانية والخير لتنفي صفة الإيمان عن كل من أقدم على اقتحام هذا المكان وإحراق اهلها فيها ومسجدها ومستشفياتها ولم يسلم منها حتى المصحف الشريف يحاول البعض التقليل من هول محرقة ساحة الحرية ويحاول آخرون قلب الحقائق وخلط الموازين غير مدركين ان التاريخ لا يرحم أحدا وأن من شهد زورا او نجا بفعلته في الدنيا فلن ينجو من الحساب بالآخرة يوم تبيض وجوه وتسود وجوه والإنسان يضع نفسه حيثما يريد ولا تحسبن الله غافلا على ما يعمل الظالمون فأرقام المحرقة ستضل شاهدة على مدى الطغيان والإجرام. المحرقة في أرقام 1-501 خيمة احرقت بكل محتوياتها المادية 2- 11شهيدا ليلة المحرقة غير المجهولين والمختطفين 3- 180 جريحا ومصابا برصاص وكسور وشظايا وقنابل 4- 106 يوما من الاعتصام السلمي في الساحة 5- 6 أجهزة امنية شاركت في المحرقة " الأمن العام الأمن المركزي النجدة الحرس الجمهوري معسكر خالد البلاطجة " 6- 6 وسائل نقل أحرقت داخل الساحة 7- 20 منزل ومنشأة ومرفق تعرضت لقصف بالأسلحة الثقيلة مما خلف خسائر مادية 8- 32 حماما موصلا بالصرف الصحي تم تهديمها محرقة مخطط لها يؤكد شباب الثورة والمراكز الحقوقية التابعة للثورة ومنظمات المجتمع المدني أن اقتحام وساحة الحرية جريمة مخطط لها بعناية ولم تكن وليدة لحظتها وتشير معلومات متطابقة إلى أن مجزرة جمعة الكرامة ومحرقة ساحة الحرية خطط لها من قبل الرئيس المخلوع وأبنائه ونفذتها قواته و" بلاطجته " ومن الأدلة على مخطط إحراق ساحة الحرية نشر شباب الثورة في تعز عددا من الأدلة اهمها استئجار مدير امن تعز السابق العميد عبد الله قيران فيلا مطلة على ساحة الحرية لمراقبة الساحة قبل الهجوم ووجود الكميات الهائلة من الاحجار على سطح مبنى مديريه القاهرة واستعداد الامن لإطلاق الرصاص فور وصول المتظاهرين وحكاية الجندي عزت وفبركة قصته ودخول بعض الجنود بملابس مدنية كفرق استطلاع وعودتهم الى الخارج لتبدأ عملية الحرق والاقتحام ووجود الكم الهائل من الجنود من كل الوحدات والجرافات والاليات المصفحة والتي تحتاج الى وقت كبير لترتيبها وفقا لنظام العمليات الأمنية المشتركة وهو ما يعزز ذلك كله هو ظهور الوثائق الموقعة على حرق الساحة وتطهيرها. المحرقة اعتراف بفشل صالح وانتصار الثورة وأما الإعلامي محمود أبو خليفة فيعتبر أن محرقة ساحة الحرية اعتراف بفشل صالح ونظامه في مواجهة الثوار رغم استخدامه كافة الوسائل من ترغيب وترهيب وحشود ويضيف صحيح انها تظل ذكرى اليمة على قلب كل صاحب ضمير لكنها في الوقت ذاته عنوان فخر لنا كثوار ووسام شرف لأبناء تعز ولكل ساحات الحرية والتغيير في عموم الوطن .. ويواصل قائلا : اننا حين نطالب بمحاكمة القتلة والجناة ليس ذلك من قبيل التشفي او الانتقام اننا حينها نرد الاعتبار للإنسانية ولليمن شعبا وارضا ,,فعلى الاقل سيذكر التاريخ ان نظام مستبد احرق ساحة فيها ابرياء وفي المقابل نريد التاريخ ان يسجل ان يد العدالة قد طالت اولئك الجناة والمتهمين بالقتل ... والحقيقة التي يجب ان نقولها ويسمعها الجميع ان تعز رغم انها قدمت غالبية شهداء الثورة ورغم ان ساحتها اول ساحة اقيمت فيها جمعة البداية ورغم ان ساحتها هي الساحة الوحيدة التي احرقت ,,ورغم ان تعز هي المحافظة التي تميزت بتأييد ابناءها الكامل لانتخاب الرئيس هادي رئيسا للجمهورية ,,لكن تعز حتى الان وباعترافات الجميع لم ترى ثمار الثورة ولا حتى بنسبة بسيطة ,, فالقتلة ما يزالون في مواقعهم والفاسدون مستمرون في مناصبهم ," وكأن شئيا لم يكن " وأشار أبو خليفة أن تعز تعاقب بإبقائها رهينة بأيدي عصابة كانت تدير عمليات القتل والقنص للثوار كما انها تعاقب برفض اجراء أي تغيير للفاسدين فيها مطلقا وقال : نحن كثوار نحمل رئيس الجمهورية المسؤولية الكاملة عن عملية اعاقة التغيير في تعز الثورة والكرامة والحرية , وعن مسؤوليه التدهور الذي تشهده تعزفي كافة المجالات , وبطبيعة الحال فان صبر ابناء تعز لن يطول في حال استمر تجاهل اصحاب القرار لمطالب الثوار حيث لا يمكن ان تتخلى تعز عن مهمتها الثورية ومبادئها ووفائها لدماء الشهداء والجرحى .