كيف يُمكن لجماعة الحوثي إعادة تعريف نفسها للتخلص من نقطة ضعفها القاتلة المتمثلة في تجليها كحالة سلالية طائفية؟ هذا هو التحدي الحقيقي أمام الجماعة لأن مستقبلها مرتبط به. تتجلى الجماعة كحالة انتقام ثأرية من ثورة سبتمبر، وتعمل على تعزيز ذلك دون إبداء أي قدر من الحصافة والمسؤولية الوطنية لإخفاء هذا النزوع الذي يؤكد سعيها لإعادة الماضي بكل طائفيته وتخلفه. عظمة ثورة سبتمبر لا تأتي من تخلصها من كهنوت الإمامة واستبدادها، بل في كونها خلقت هوية وطنية يمنية لم تكن موجودة من قبل. والانتقام من هذه الثورة لن يكون إلا عبر ضرب ما تبقى من الهوية الوطنية التي خلقتها، والعودة باليمن إلى زمن الإمام الديني المذهبي. صارت اليمن أكبر من الهويات المذهبية، ولا يُمكن إعادتها إلى حضيرة الأئمة. النزعات الثأرية ضد ثورة سبتمبر واضحة لدى الحوثي وجماعته، وتظهر في رفضها الواضح والمستمر للعلم الوطني. مخاطر هذه النزعات الثأرية تأتي من كونها قد تدفع نحو استعادة المشروع الذي طُرح، في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي، لإيقاف الحرب بين ثوار سبتمبر والملكيين، عبر إقامة دولة زيدية ملكية في شمال الشمال، ودولة شافعية في المناطق الشافعية. كانت لدينا مشكلة هوية وطنية جغرافية في الجنوب، والآن ستظهر لدينا أزمة هوية مذهبية. هذا أمر مقلق يقتضي من الحوثي التعامل بحذر. هذه مشكلة حقيقية؛ بعيداً عن محاولة مراكز القوى استخدام الجمهورية وثورة سبتمبر في حربها مع الحوثيين.