هل كان تنظيم القاعدة سيخرج إلى المسرح السياسي العالمي إذا لم توجد الحاضنة السياسية الكاملة له في أفغانستان؟ والسؤال هنا أن القاعدة التي خلقتها الاستراتيجية الغربية في مواجهة المد الاشتراكي أصبحت العدو الرئيسي للحلف الغربي والخطر الذي يتهدد الدول الحاضنة والداعمة والممولة للجهاد الأفغاني. وفي سوريا, يتكرر النموذج الأفغاني للجهاد بعنوان مختلف وأسماء بديلة, فمن إسقاط الشيوعية إلى إسقاط الاستبداد, ومن تنظيم القاعدة إلى جبهة النصرة ثم تنظيم الدولة الإسلامية, وفي المشترك الجامع بين أفغانستانوسوريا يبرز التحالف بين حلف الأطلسي على تمويل وتجنيد ودعم وتدريب مرتزقة الجهاد الجدد, والقيام بما تقتضيه مهامهم القتالية من إعلام وتسليح وتدريب. لا تتطابق البداية والمسارات بين الجهادين الأفغاني والسوري فحسب, بل تتطابق أيضاً المآلات والختام, فهؤلاء الذين كانوا ثواراً أو جيشاً حراً انتقلوا إلى مقاتلة بعضهم بعضاً كما أصبحوا أعداء لمن حشدهم وجندهم وخدموا تحت رايته وأهدافه, ثم ظهروا كخطر يتهدد العالم ويفرض على التحالف الأطلسي إقامة تحالف دولي جديد للقضاء على الإرهاب المنبعث من سوريا والعراق باسم الدولة الإسلامية. الحرب على مسميات الإرهاب المتجدد فتحت للهيمنة الغربية عموماً والأمريكية تحديداً مواقع جديدة للمصالح والنفوذ, وباسمه تحركت الاستراتيجيات العسكرية في جغرافيا واسعة ومجالات كثيرة, بدءاً من أفغانستان مروراً بالعراق, ووقوفاً عندما يجري الآن في سوريا وعنها من إرهاب وإجراءات لقيام تحالف دولي جديد لمحاربته التي لا تعني سوى إنجاز ما عجز عن إنجازه مرتزقة الجهاد وهو تقسيم سوريا أو إسقاط النظام والحكم. ربما نجح المرتزقة في سوريا في تدمير القوى والقدرة السورية وإضعاف الدور الذي كان لدمشق, وذلك إلى وقت ليس بالقصير حين يستطيع الشعب السوري استعادة موقعه الجغراسياسي، وتفعيل دوره في هذا الموقع ومحيطه العربي والإقليمي, لكنه النجاح الذي لن يؤول بهم إلى غوانتانامو, كما فعل بأسلافهم في أفغانستان؛ لأن الدول التي حشدتهم ووظفتهم لخدمتها في سوريا, قررت ألا يخرجوا من سوريا وأن يموتوا فيها إما بسلاح الجيش العربي السوري, أو بسلاح هذه الدول عبر الائتلاف الدولي الذي احتشد مؤخراً للقضاء على ما يراه خطيراً في مسمى داعش.