شابٌ معلَّقٌ من إحدى قدميه، ويتم تقطيع أجزائه، فيما يتولَّى مسلحون آخرون حَرْق أشخاص أحياء داخل أخدود بعد أن تم تكبيلهم.. وفي شارع آخر تصطف على محاذاته مجاميع لمشاهدة حفلة سحل لأشخاص تم ربط أقدامهم على مؤخرة سيارات كانت تسحبهم على وجوههم، وآخرون تسحب جثثهم دراجاتٌ نارية. وحول مشاهد الرُّعب، تعلو الزغاريد والتكبيرات، بينما يرقص آخرون فوق دماء ضرجت الشوارع احتفاءً بسقوط العقل، وبسقوط مدينة تعز، ونُخبها وتاريخها كمعلم سياسي واقتصادي وثقافي. عمليات الإبادة بتلك الصورة لخصوم مفترضين، شوَّهت الوجه المُشع لمدينة تعز لتحيلها عاصمة للأعمال البربرية. التوحُّش الذي تمارسه ما تسمى (المقاومة) في مدينة تعز يضعها في مصاف التهديد الاستراتيجي والمباشر لأمن ومستقبل البلاد، ولا يمكن لصور ومشاهد الذبح والسحل للأسرى والخصوم في الشوارع، وأعمال النهب واستباحة البيوت بمرجعية طائفية، أن تجعل منها حالة منفصلة عن تنظيم داعش الإرهابي، وما لم يكن لهؤلاء ارتباط مباشر بداعش فهم تنظيم إرهابي يتساوق في الفعل والثقافة والبشاعة، مع الظاهرة الداعشية، التي يتوخى العالم خطرها. داعش تمارس تلك الشناعات استناداً إلى خلفية فكرية ومذهبية تستحل الدماء والحقوق، وما حدث في تعز من قبل تلك العصابة يستند إلى خلفية مناطقية وتاريخ طائفي دموي، واسترجاع لأحداث مماثلة منذ عهد الإمامة وما تلاها، وبذات الروح الشريرة المقيتة، وبنفس الخلفية والثقافة التي لا تنتمي إلى تاريخ اليمنيين كافة بمن فيهم أبناء تعز. ليس في مصلحة المحافظة وأبنائها تصدُّر اللهب المناطقي بعد تصدّرها مشاعل العلم والنور، وليس في مصلحة نخب المحافظة، سياسيين ومشايخ ورجال أعمال ومثقفين ومبدعين، الصمت المطبق والمريب حيال الانحراف الأخلاقي والإنساني بوجه المحافظة التي يتوزع أبناؤها على كل محافظاتاليمن. السكوت تواطؤ يتساوق جنباً إلى جنب مع الفعل المجرّم، ويستهدف بالدرجة الأولى التأليب على أبناء تعز، واستنهاض دورات من الثارات وردود الفعل من أبناء المحافظات الأخرى ضد أبناء تعز، وإحداث شرخ في وحدة النسيج الاجتماعي. إنها مؤامرة، والسكوت عليها مؤامرة. أما بالنسبة لما حدث من دمار ونهب وحرق لمنزل الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله فلا يمكن أن نضع ذلك كحادث منفصل، فمنزل الرئيس صالح واحد من مساكن أبناء محافظة تعز التي تعرضت للتدمير والحرق والنهب من قبل تلك العناصر والعصابات، والرئيس صالح واحد من أبناء محافظة تعز، وواحد من أبناء كل محافظات الجمهورية اليمنية الشرفاء الذين يطالهم اذى العدوان الخارجي . أخيراً، ما حدث أصبح عاراً في وجوه سياسيي ومشايخ ووجهاء ومثقفي تعز وكافة أبناء المحافظة في الداخل (أو في الرياض أو خارج الرياض)، فمنزل الزعيم صالح لم يكن ثكنة عسكرية، ولم يكن فيه سوى ستة من أفراد حراسته من أبناء محافظة تعز نفسها.