لشهر رمضان المبارك الكثير من الخصوصيات في كل المجتعمات الاسلامية، وله عاداته وتقاليده الخاصة التي تميزه عن غيره من سائر شهور السنة. وتعتبر تلك العادات جزءاً من الموروث الشعبي الذي يجب الحفاظ عليه وحمايته من المسخ والاندثار. وتعتبر مدينة صنعاء القديمة هي النموذج للمدينة العربية الإسلامية بما تحمله من طراز معماري وموروث شعبي أصيل ولها طقوسها وعاداتها الخاصة بشهر رمضان المبارك. فالمدينة التي تقادمت عليها آلاف السنين واختلط سكانها الأصليين بمختلف الوافدين سواء من اليمن أومن الهواة للمدن التاريخية من العرب المسلمين أو حتى من غير العرب ، أحالتها إلى مجتمعات فقيرة بأواصر الحلقات الاجتماعية الداخلية، بينما ظل أهالي المدينة يذيبون حداثة العصر بقالب تراثهم الشعبي التاريخي ليحافظوا على هويتهم الحضارية. انعكاس المشهد: يتحول المشهد الرمضاني في مدينة صنعاء منذ حلول اليوم الأول لهلال رمضان ؛ حيث يتحول فيه سكون الليل وانعدام الحركة فيه الى نهار بكل تفاصيل الحياة المدنية وصخبها، فالناس يتناولون الحلوى ويستعدون للسهر وممارسة العادة الاجتماعية المنتشرة (تناول القات ) أثناء الليل كنوع من الطقوس الرمضانية الليلية، وكنوع المنبهات المساعدة على السهر.
ويستمر الناس على هذه الحال حتى وقت السحور، فيتناولون سحورهم ويذهبون لأداء صلاة الفجر ثم ينامون حتى ساعات متأخرة من نهار اليوم التالي.
أما الموظفون في أجهزة الدولة فهم ملزمون بدوام يبدأ عند العاشرة صباحا وينتهي الثالثة ظهرا أي بعد الموعد المقرر عليهم في الأيام العادية بساعتين، ومع ذلك تتحول الحياة في النهار إلى حالة جمود غير عادية وكأن الوقت ليل، حتى ما بعد صلاة العصر حيث تدب الحركة وتزدحم الشوارع ويخرج الباعة وأصحاب البسطات لعرض بضائعهم على المتسوقين. الأطعمة جزء من التراث الرمضاني يختص رمضان بالعديد من الأطعمة والمشروبات في صنعاء، ويزداد الإقبال الشديد عليها وخاصة من أهالي المدينة القديمة ،وتضم المائدة الصنعانية في وجبة الافطار أو العشاء في رمضان صنوفا من الاطعمة ومنها (الشفوت) وقوامه (اللحوح) واللبن.. و(اللحوح) خبز طري لين يصنع من دقيق القمح أو الذرة الرومية حيث توضع العجينة على وعاء فخاري أو معدني لتطبخ على نار هادئة حتى تنضج وبعدها يتم ترتيبه في اناء عريض على شكل طبقات رقيقة يضاف اليها اللبن والخضار المهروسة. وهناك (بنت الصحن) حيث يتم تشكيل عجينة مكونة من الدقيق المخلوط بالسمن والبيض والخميرة وحبة البركة على هيئة اقراص رقيقة جدا ثم توضع في الفرن حتى تنضج وبعدها يضاف اليها العسل.. فضلا عن اطباق اخرى منها (السلتة) وقوامها الارز واللحم والخضار المهروسة والحلبة المخفوقة وتفضل طباختها في اناء من الفخار حتى يحتفظ بدرجة الحرارة خلال الاكل. ويزداد الطلب كثيرا على بعض الحلويات التي يرتبط بعضها برمضان فقط ومن أشهر هذه الحلويات - الرواني والقطائف والشعوبية والسمينة ولايقتصر الإقبال على محلات الحلويات الشعبية فمحلات بيع العصائر الشعبية هي الأخرى تشهد إقبالا كبيراً عليها في شهر رمضان من قبل الصائمين الذين يفضلون الإفطار على هذه العصيرات وهي الزبيب والشعير المنقع وكذلك عصير الدبا.وعادة ما تنتعش الأسواق الشعبية اليمنية بصفة عامة في شهر رمضان فالزائر لها يشعر بولوج حقبة تاريخية قديمة لبدائية صناعاتها وطريقة عرض بضائعها بأساليب تقليدية قديمة تشعر الزائر بأنه يقلب صفحات من التاريخ فهنا يرى معمل طحن البن والجمل يدور حول المطحنة معصوب العينين وهناك معمل آخر لعصر السمسم وبطريقة مشابهة للأولى وفي ألجمه الأخرى أنواع مختلفة من الحبوب والبهارات المعروضة بأكياس وأواني لتمثل في ألوانها المختلفة شكلا يجذب الزبون ويلفت النظر. الفطور له عادته أيضاً قبل الإفطار بوقت معين يتجه غالبية السكان الى المساجد وهناك يقومون بالاستعداد لوجبة الافطار، حيث يقومون بفرش بساط كبير، أو قطعة "مشمّع" في الباحة الخارجية للمسجد، ويضعون عليها كل لوازم الافطار من التمر وقهوة البن وبعض العصائر وينتظرون حتى يسمع صوت الآذان أو كما هي العادة المألوفة ، مدفع رمضان، ويتناولون فطورهم. ويختص كل مجموعة ببساط خاص بهم كالأب وابنائه أو الجيران أو غيرهم ويكونون حلقات حول تلك البساطات لتناول وجبات الإفطار