أثار احتواء بعض الأعمال الدرامية التي يتم عرضها في شهر رمضان على ألفاظ ومشاهد تتنافى مع العادات والتقاليد الخاصة بالشهر الفضيل، امتعاض بعض المشاهدين والنقاد والفنانين الذين رأوا في هذه الطروحات، نوعا من الاعتداء على حرمة البيوت وإساءة لشهر رمضان الذي يتمتع بخصوصية دينية. فالدراما المصرية تتضمن هذا العام مسلسلات بطلاتها من الراقصات، أبرزهن الفنانة منى زكي عن دورها في مسلسل ‘آسيا' والفنانة التونسية درة في مسلسل ‘مزاج الخير'. ومن أكثر الأعمال التي أثارت انتقادات الجمهور والنقاد مسلسل ”مزاج الخير” وذلك لما ظهر في البرومو ومشاهد الحلقات من رقص وغناء وشرب خمور وألفاظ ‘بذيئة' أدت إلى قيام أحد المستشارين بتقديم بلاغ يطالب بوقف عرض المسلسل في رمضان، أو تأجيله لما بعد رمضان. كما تعرض المسلسل لموجة من الإنتقادات بسبب استخدام بطل المسلسل مصطفى شعبان للألفاظ الجارحة والمشاهد الجريئة مع زوجته رمانة (درة) التي انتقدها البعض على بدل الرقص غير المحتشمة التي ارتدتها. وفي لقاء مع الإعلامي خالد صلاح في برنامج ”الضحية والجلاد” على فضائية النهار ردت درة على الإنتقادات قائلة أن ملابسها في المسلسل تتسم بالحشمة وليست خليعة مثل بدل الرقص التي ترتديها الراقصات، كما اعتبرتها أكثر حشمة من فساتين السهرة التي ترتديها معظم النساء. وفي السياق نفسه، لم تلتفت منى زكي لمن انتقد ظهورها الرمضاني، مؤكدة أنها فنانة ومن حقها أن تؤدي مختلف الأدوار، وأن الرقص ليس معناه الفاحشة، ولن يثنيها أحد عن دور أعجبها، حسب موقع دنيا الوطن. من جهة أخرى تناول المسلسل الدرامي موجة ”حارة” موضوع الشذوذ الجنسي حيث احتو أحد المشاهد على علاقة مثلية بين كل من بطلة المسلسل هنا شيحة وإحدى صديقاتها ما دفع شبكة قنوات (ام بي سي) الفضائية لحذف المشهد من الحلقة. وبحسب التقارير، فإن فريق عمل المسلسل أبدى استياءه الشديد مما فعلته القناة، بسبب تأثير ذلك على السياق الدرامي. هذا الحذف أغضب المخرج محمد ياسين الذي أكد أن كل فريق عمل المسلسل يشعر بحالة من الإستياء من موقف القناة غير المتوقع، وأوضح أن القناة ليس لها حق فى الحذف خصوصاً أنها كانت تعرف منذ البداية قصة المسلسل والمشاهد التي يتضمّنها. وأكدت السيناريست مريم ناعوم أن كل القنوات التي اشترت مسلسل ‘موجة حارة' تعرف جيداً أنه مأخوذ عن رواية ‘منخفض الهند الموسمي' للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، وبالتالي تقوم الأحداث على مشهد العلاقة الجنسية المثلية ولا يمكن للسياق الدرامي أن يكتمل من دونه. وأثارت هذه الطروحات الدرامية الجريئة لهذا الموسم الرمضاني ردود فعل متباينة بين النقاد والفنانين حيث إعتبر بعضهم أن هذه الأعمال الدرامية تنقل الواقع كما هو ومن الضروري أن تعالج الدراما هذه التابوهات فيما رأى آخرون أن الطرح المفرط لهذه الموضوعات لا يتلائم مع أخلاقيات شهر رمضان المبارك. وفي تصريحات صحفية حول هذا الجدل، أكد المخرج محمد خان أن الواقع مؤلم جدا، ومن يتأمل حال الناس فى الشارع سيكتشف أن لغة الحوار قد تغيرت، وأن هناك حوارا جديدا فرضه الجيل الجديد على المجتمع المصري، هذا الجيل الذي يتعامل مع ‘الإنترنت' ويرى العالم قرية صغيرة بالفعل، وأضاف أن الفن الحقيقي هو الذى يقدم صورة صادقة ومعبرة عن الواقع، ‘ولا أقصد بكلامى المبالغة فى الحوار والألفاظ الصادمة، ولكني أقصد كسر ‘التابوهات' التي تعد قيدا على حرية الإبداع′. من جهته قال الفنان حسين فهمي: ”من خلال المتابعة البسيطة أعترف أن هناك حواراً جريئاً وغريباً على الدراما المصرية، ربما يرى البعض أن هذا أمر طبيعي لأن الفن محاكاة للواقع، ولكني أختلف مع هذا الرأي وأرى أن الفن رسالة والإسفاف مرفوض، فالدراما التليفزيونية تدخل كل بيت ومن الحكمة مراعاة العادات والتقاليد المصرية، كما أن هناك ألف طريقة وطريقة حتى يصل المعنى أو الرسالة للجمهور، لذا أنا ضد الحوار الهابط ومع الحوار الذي يرتقي بثقافة المشاهد'. وترى الفنانة صابرين أن الأعمال الدرامية هذا العام تحتوي على مشاهد وملابس مثيرة لا تتناسب مع الشهر الكريم، وتقول إن لغة الحوار فى عدد من الأعمال الفنية هابط جداً ويحمل إشارات ودلالات خطيرة. أما الناقد رامي عبد الرازق فإعتبر أن المبدع لا يحتاج إلى الألفاظ الخادشة والمشاهد الخارجة حتى ينقل الواقع، الذى يقوم بهذا الفعل ضعيف الحجة يهدف إلى الإثارة الرخيصة، وأكثر المسلسلات التي امتلأت بهذه النوعية ‘حكاية حياة' لغادة عبدالرازق، حيث احتوى العمل على ألفاظ تكاد تكون ‘بورنو جراف' حيث يدل كل لفظ على معنى فى عالم البورنو وهذا ما فاجأنا. واضاف: كذلك مسلسل ‘مزاج الخير' الذي أعتبره عملا استفزازيا بكل المقاييس واعتمد على القبح في تقديم الألفاظ، اعتماداً على أنه يطرح قضايا وخفايا تجارة المخدرات، وكان ‘موجة حارة' أيضاً شديد الجرأة لكنه كان ملتزما بالتنويه بأن المسلسل ‘للكبار فقط'، بينما غيره من المسلسلات خاف أصحابها من هذه اللافتة ولم يتحلوا بالشجاعة، وأضيف إلى هذا أن الجرأة الشديدة التى صدمتنا ربما تعود إلى تصوير المسلسلات فى عهد ‘الإخوان' مع إحساس صناع الدراما بالكبت، فكانت النتيجة هذه الجرأة الزائدة وغير المعتادة نوعاً من التحدي الساخر للإخوان'.