نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الكارثة المعمارية وضياع التراث: نماذج من اليمن

بينما تُواصل مدن الخليج القاحلة شراء مشاريع «الثقافة» والتطوير المدني، بما فيها رموز العمارة العالمية (من أعمال نورمن فوستر ورام كولهاس)، مروراً بعدد كبير من المعماريين النجوميين (Starchitects) والأقل شهرة أيضاً، يتابع أفراد (تجار) المؤسسات الخاصة والحكومية في الدول العربية (عبر شركائهم العقاريين أو الممولين والمقاولين) بيع وشراء الأراضي، وهدم معالم المدن المعمارية (الثقافية والتراثية منها)، تلك العائدة الى تراث حقبة «عمارة الاستعمار» ( Colonial) أو مبان أخرى لحقتها في الخمسينيات وحتى السبعينيات من القرن الماضي، وأصبحت نادرة، وهي مميزة معمارياً بكونها تمثل أفضل نماذج العمارة الحديثة، مقارنة خاصة بنتاج العقود الثلاثة الأخيرة (الثمانينيات الى الآن).
فدول مثل العراق ولبنان ومصر منهمكة بدرجات متفاوتة في إزالة هذه العمارة والأشجار والحدائق المحيطة ببيوتاتها ومبانيها الرحبة، وتوسعة رقع البناء لفسح المجال للمضاربة وإنشاء هياكل سيئة التصميم أو خالية منه، ومتخلفة عن مفهوم تفاعل البيئة والمدينة وتآلف أو توافق نسيجها الحضاري.
أما مفهوم التخطيطي المديني، والالتزام بقوانين الانشاء ومراعاة مكونات الحي (أو الشارع) المحيط، فلقد سقط مع نقص الوعي والثقافة والتعليم، أو الذوق، عند أصحاب المشاريع الجهلة. وايضا مع توظيف الاراضي للمشاريع التي تجلب اكبر قدر من الاموال بعض النظر عن الحفاظ على الهوية المعمارية لكل بلد عربي.
بيروت تتوق للتشبه بدبي!
والجهل بل التخريب (لأن ما يتم عمله الآن هو تخريب مع سابق الإصرار بهدف الحصول على الاموال) في العالم العربي، يتسم بعدم احترام أي معْلم أو حديقة أو مؤسسة تخص المصلحة العامة.
ويتفشى التباهي بالفساد لدى أفراد في الدول العربية، وخاصة المرموقين منهم والقائمين على مناصب حساسة في تطوير المدن، مثل وزارة البيئة والمياه او الانشاءات...الخ. وفي غياب المساءلة، فإن الوضع السائد هو استمرار البناء الاستهلاكي والتخريب المديني. وقد أصبحت مدن مثل بيروت تتوق الى التشبه بدبي أو الدوحة. فأي مستقبل حضري هذا!
أهمية اليمن
اليمن هو أهم بلد عربي في الجزيرة العربية بمعيار تفوقه في مخزونه العمراني وتاريخه الثقافي على باقي دول الخليج قاطبة (السعودية، الكويت، الإمارات، قطر، البحرين..). والإهمال الذي تتعرض له العمارة اليمنية في احياء ومدن صعدة أو صنعاء (على سبيل المثال لا الحصر) ليس ناجماً عن حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي فقط، بل هو يحصل بسبب ضلوع مؤسسات رسمية في أعمال المخالفات (الهدم أو البناء)، وتجاوز قوانين الحفاظ على التراث المعماري والاشتراك في تخريب أو التشجيع على تشويه العمارة، والعلاقة القائمة بينها وبين النسيج المحيط بها.
وبرغم القوانين والمؤسسات أو الصناديق التي يتم وضعها لدعم العمارة، فان اصحاب المناصب وموظفي الدولة بدرجات مختلفة، منشغلون في المكاسب المادية والمناصبية، أو في السعي لتأمين المستحقات للموظفين. ومتحف عدن التاريخي أهم نموذج على ذلك، فعلى مدى سنين طوال، جرى تهميشه وإهمال المبنى وصيانة مرفقاته أو تأمين أمن وسلامة التحف والآثار الموجودة فيه. وكأنما عدن مدينة نائية ومتحفها لا يستحق الدعم والاهتمام. ولولا إدارة الدكتورة رجاء باطويل التي تستمر دون كلل بالصرف من معاشها على أبسط المتطلبات والمتفرقات، ودفع فاتورة الكهرباء، لكان هذا المتحف انتهى أمره، وتفرقت باقي تحفه الثمينة (بعضها تمت سرقته فعلاً، والبعض الآخر خرج للعرض العالمي ولم يعد الى عدن، ويقال إن الصناديق موجودة في كاراج دار أحد مسؤولي إدارة متاحف صنعاء، والله أعلم).
مؤسسات بلا طائل وأهمال
المؤسسات ك«صندوق التراث» و«الصندوق الاجتماعي للتنمية»، يحتوي كلاهما على ميزانية ضخمة وفرتها الدول الأجنبية المانحة عبر سنين من الدعم والتغطية. يعمل هؤلاء بموجب منهج سياسي واجتماعي خاص، ويستغلون الوضع الانسيابي (أو الفراغ الدستوري الذي يمر به البلد) سياسياً واقتصادياً، تحت غطاء الفوضى التي أصبحت هي القاعدة، لجدولة وبرمجة المشاريع والميزانيات حسبما يروق لمصالحهم أو مصالح شركائهم. «صندوق التراث» أنشئ لدعم وترميم مدن صنعاء وشبام، وليس لدعوة المطربين والممثلين من القاهرة بشكل متواصل، مما يحجب أموال الصندوق عن صيانة صنعاء وباقي مدن اليمن التراثية العريقة وقراها.
كما تهمل الدولة كلياً وقطعياً الاهتمام بصيانة عمارة المدن الجنوبية وترميمها (أو ما يسمى بالمحافظات الجنوبية)، وبالأخص حضرموت، أكبر محافظة في اليمن وأغناها اقتصادياً بالموارد، في حين ان شبوة والضالع ويافع وعدن ما زالت تتمتع بقدر لا يستهان به من التراث المعماري والعمارة الهامة المصنوعة من المدر والحجر والقرف في مبانٍ متعددة الطبقات. أما عمارة عدن الكولونيالية التي أنشئت في فترة حكم الاستعمار البريطاني والمعروفة بالطابع الفكتوري (Victorian)، فهي على وشك الاندثار تحت طم الاهمال والاهتراء.
إن هذا التراث والمخزون ليس يمنياً فقط، بل عربي وعالمي، وهو البرهان أو الدليل المادي على التاريخ الحضاري والانساني للمنطقة.
تم تأسيس «صندوق التنمية الاجتماعي» ليكون مؤسسة شفافة حتى تتمكن الدول الغربية المانحة من ادخار أموال المساعدات في تنمية اليمن الحضرية والريفية (وتولّي مشاريع اجتماعية أو زراعية عدة مثل المياه والسدود، أو تأهيل البنية التحتية.. الخ) خاصة في القرى وخارج دائرة العاصمة صنعاء. وقد تقلصت أعمال ومشاريع الصندوق وغاب بشكل شبه كلي عن رعاية أي من المشاريع الملحة (في حضرموت والمحافظات الجنوبية بشكل خاص)، واقتصر نشاطه على الحفاظ على معالم هامة وبارزة وإعادة تأهيلها المعماري (مسجد الجامع في صنعاء أو الجامع الكبير)، أو أعمال افراده المعماريين (مشروع ترميم مدينة ثلاء التاريخية مثلاً، الذي تم تقديمه لجائزة الأغا خان في الدورة الأخيرة العام 2013).
قائمة التراث العالمي لا تحمي
نجحت اليمن في ادراج ثلاثاً من مدنها في قائمة التراث العالمي: صنعاء وشبام في بداية الثمانينيات، ثم لحقت بهما مدينة زبيد (الاسلامية)، وهذا بعد أن تم هدم وخراب الجزء القيم والأكبر من تراثها المعماري. ووضع المدن الثلاث اليوم مزرٍ بدرجات. فصنعاء تخضع للمخالفات والتجاوزات في الهدم أو البناء يومياً، بترخيص من السلطات المحلية وموافقتها على تشويه شواهد معالمها ومبانيها المأهولة. وفي الأشهر الماضية، تمّ توجيه إنذار أخير بإخراج مدينة زبيد من قائمة التراث العالمي التي ترعاها اليونسكو (بينما تلقت صنعاء «إنذاراً أولياً» لعدم اتخاذها إجراءات ميدانية للحدّ من التدهور المتواصل خلال العشرين سنة الماضية).
أما شبام (في حضرموت)، فمنذ حصلت على جائزة الأغا خان العام 2007، عادت فنسيت وأهملت، وتراكم العبث والاهتراء في بنيتها التحتية، وزاد عليه اضراب عمال البلدية والنظافة لانقطاع مستحقاتهم.
العام 2005، بعد زيارة الى وادي حضرموت، اتخذتُ قراراً بتركيز العمل في وادي دوعن (المتفرع من وادي حضرموت)، وقمنا مع بعض الزملاء المهندسين هناك بإنشاء «مؤسسة دوعن للعمارة». وجاء التركيز على دوعن بسبب غنى الوادي معمارياً وبقاء الجزء الأكبر من النسيج المعماري في المدن والقرى وازدهاره مقارنة بوادي حضرموت. فسوء الإدارة في شبام والفساد لدى المسؤولين في صنعاء هدر معظم المخصصات المستحقة لشبام وتريم وسيئون، وهي أهم المراكز المدينية في وادي حضرموت. وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية كانت الجهة المسؤولة مباشرة، إلا أن طاقمها وأفرادها أو ميزانيتها كانت غير جدية أو مجدية.
شبام آنذاك كانت تتمتع بوجود مؤسسة التعاون الألمانية GTZ التي قامت بإنشاء «مشروع تنمية شبام الحضرية» الذي نال جائزة الآغا خان العام 2007. أما تريم فلاقت نصيبها من «التجديد» في عمارة مساجد عدة هُدمت وأعيد بناؤها بحجة «التوسعة»، على غرار مفهوم التوسعة السعودي الذي خضعت له كل من مساجد مكة والمدينة ومحيطهما.
والعام 2011، حين تمّ اختيار تريم عاصمة إسلامية، قام وزير الثقافة آنذاك بصرف الملايين (يُقال 200 مليون ريال، أي ما يعادل مليون دولار، وهو مبلغ ليس زهيداً للعمل به خاصة في ترميم مبانٍ في حضرموت)، من أجل ترقيع وتجميل واجهات أهم المباني في تريم (دور الكاف الشهيرة). وأدى ذلك الى جعلها فعلاً متبرجة من الخارج بالألوان الفاقعة، وأبقيت على حالها مهترئة من الداخل بسبب إهمال الخمسين سنة الماضية، منذ أن أممت قصور المدر في عهد الاشتراكيين في أوائل عقد السبعينيات.
كما تم صرف مبلغ لترميم مبنى قصر الحكم، «حصن الرناد»، بعد أن تنقل التمويل من يد مقاول الى آخر. الا انه وعلى الأقل، فقد تم تنظيف المبنى وإعادة تأهيله وإزالة آثار السجن الذي كان قد تم تشييده داخله، وكل المخالفات والإنشاءات التي بنيت على جدار القصر. وهذه قصة تريم التي انتعشت من خلال دار «المصطفى»، المؤسسة الدينية التي يؤمها الطلبة من جميع أنحاء العالم لتعلم الاسلام المعتدل، بينما فقدت المدينة روحها المعمارية المميزة وأسس التخطيط في مبانيها وشوارعها وساحاتها المميزة، وبقيت مآثرها في مقبرتها المشهورة التي حافظت على تنظيمها وإرثها الهندسي، وبعض المساجد المتفرقة مثل المحضار وعيديد. وما زال أمهر بناؤو حضرموت من تريم، وعماد المعالمة (جمع مُعلِّم) ينتسبون إلى تلك المدينة.
أما شبام فهي ما لبثت أن كرمت بوفد من أكثر من 40 شخصاً من اليمن أتوا ليشاركوا في التألق في ماليزيا، واستلام الجائزة. وما أن غادر فريق ال GTZ وانتقل الى «زبيد»، حتى تمّ إغلاق الحقول التي يعملون عليها لسوء الحالة الأمنية. واليوم تعاني المدينة من تراكم اهمال صيانة بيوتها الشاهقة، الى أن انهار أحد المباني المأهولة. وكان برنامج ترميم مباني شبام استمر الى آذار/مارس 2010 ، وتم التدخل في حوالى 310 مباني، وبقي 130 مبنى لم ترمم، وبعضها في حالة خطيرة.
شيء من الاكتراث يا قوم!
وفي بداية شهر آذار/مارس 2013 نزلت على وادي حضرموت أمطار غزيرة عرّضت المدينة والمباني الطينية الى أضرار، شملت تشققات وتصدعات في بعض سطوح المباني مما أدى الى تسرب المياه الى الداخل وانهيار السقف بالكامل. وحدث ذلك ايضاً بسبب عدم وجود مشروع متين للصرف الصحي، حيث ان اغلب البيوت تحولت الى نظام صرف حديث مما تسبب بتسرب كميات كبيره من المياه أسفل مدينة شبام مقارنة بأسلوب الصرف القديم الذي بنيت على أساسه هذه المدينة.
وفي غياب ميزانية للصيانة أو للترميم أو للقيام بأعمال طارئة بعد اخطار السيول أو الانهيار، أصبحت شبام تعاني من تراكم الإهمال والاهتراء والأعطال التي تفتك في هياكل السقوف والمباني. ومن الجدير بالذكر ان أعمال البناء وإعادة التأهيل التي قامت بها مؤسسة دوعن (بالتعاون والشراكة مع سواها) أدت الى حيازتها جائزة لوكاس (Locus) (الجائزة العالمية للعمارة المستدامة). وقد نجحت المؤسسة بعد ستة أشهر من المراسلات وتبادل التقارير الى تمويل الجزء الطارئ والسريع من الأعمال المطلوبة. وأهم هذه، تقوية وإعادة تدعيم وبناء الأجزاء المنهارة من الدور ومعالجة ترميم أسطح المباني وتصريف المياه لتفادي أي تسرب الى داخل المباني، وصيانة المناطق الحساسة وحمايتها. هذا على المدى المباشر. علماً ان المبلغ المطلوب للصيانة والأعمال على المدى المتوسط (تنفيذ برنامج ترميم 50 مبنى) كمرحلة أولى لا تتعدى كلفته 150.000 دولار، وهو مبلغ زهيد مقارنة بالمردود الذي ينتجه هذا المبلغ في صيانة وإعادة تأهيل المباني، بما في ذلك ترميم الواجهات المهترئة منها. كما ان صيانة السور ومصارف المياه بدورها تفتقر للعناية، وشوارع المدينة بحاجة ماسة الى الرصف بما يتناسب وطبيعة المدينة من الحجارة المحلية لإزالة التراب وتسرب المياه.
... هذا فيما تنفق الأموال على المؤتمرات والمآدب والحروب، وتتم معاقبة حضرموت بقصفها بطائرات «من دون طيار» كما تعرَّف ال Drones في اليمن.
___ مع الشكر للمهندسين في مؤسسة دوعن: عبد الله باغميان علي باسعد عبد الرحمن بابقي، ولمدير إدارة الحفاظ على شبام، حسن عيديد

* رئيسة المهندسين في مؤسسة دوعن ومؤلفة لأبحاث عدة حوال المعمار في العالم العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.