أصدر البرلمان الإيراني اليوم الأربعاء موافقته المبدئية في جلسة خاصة على مشروع قانون يطالب برفع دعوى ضد الولاياتالمتحدة لضلوعها في انقلاب أطاح برئيس الوزراء الإيراني الأسبق محمد مصدق المنتخب ديموقراطيا منذ 60 عاما. وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) قد أقرت بأنها خططت للانقلاب الذي اطاح مصدق في 18 أغسطس/آب عام 1953 بعد قراره تأميم النفط الإيراني، وذلك وفق وثائق رفعت عنها السرية أخيرا.
ومنذ اعوام، شكل دور ال"سي أي إيه" في هذه الواقعة سرا كبيرا، لكن وثائق داخلية تعود الى السبعينيات ونشرت منذ أسبوعين كشفت بوضوح هذا الدور.
وقالت الوكالة في إحدى وثائقها إن "الانقلاب العسكري الذي اطاح مصدق وحكومته نفذ بإشراف ال'سي أي إيه'" في خطوة تندرج في إطار السياسة الخارجية الأميركية".
وكان مصدق قد قام عام 1951 بتأميم شركة النفط البريطانية الإيرانية، ما أثار استياء لندن التي كان النفط الإيراني حيويا بالنسبة إليها للنهوض باقتصادها بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي بداية عام 1953، تسلم الرئيس دوايت أيزنهاور مقاليد السلطة في الولاياتالمتحدة وأظهر تفهما أكبر لهواجس بريطانيا بخلاف سلفه هاري ترومان.
وأظهرت الوثائق ان ال"سي أي ايه" كانت تتفهم أسباب الموقف الذي تبناه مصدق، لافتة إلى أن السياسيين ومسؤولي الشركات البريطانية كانوا لا يحترمون الإيرانيين، معتبرين أنهم "غير فاعلين وفاسدون ويخدمون مصالحهم الخاصة".
لكن الوكالة عزت ما قامت به إلى ظروف الحرب الباردة والخشية من أن يستولي الاتحاد السوفياتي حينها على السلطة في طهران في حال أرسلت لندن بوارجها، الأمر الذي قامت به بريطانيا بعد ثلاثة أعوام إثر تأميم قناة السويس في مصر.
وأضافت الوكالة في تقاريرها "في وضع كهذا، فإن الغرب لم يكن ليخسر النفط الايراني فحسب، بل كان سيتم أيضا كسر الحلقة الدفاعية حول الاتحاد السوفياتي، وهي أحد مكونات السياسة الخارجية الأميركية".
واثر الإطاحة بمصدق، تولى الشاه محمد رضا بهلوي العرش في إيران وبات أحد حلفاء واشنطن حتى أسقطته الثورة الإسلامية عام 1979.
يشار إلى أنه عام 2000، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت أن الولاياتالمتحدة "اضطلعت بدور كبير" في الاطاحة بمصدق، معتبرة أن هذا الانقلاب شكل "ضربة لتطور إيران السياسي".