يدرك الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أن المعركة الحقيقية التي ينبغي عليه خوضها هي مواجهة القوى النافذة والتقليدية التي لا تزال صانعة قرار ومؤثرة في مسيرة الأحداث الحياتية اليومية للوطن والمواطن .
ويحشى هادي من مواجهة اي طرف من تلك الاطراف حتى لا يكون السبب في إعادة تحالفها السابق فإذا ما فكر هادي بالإطاحة ب علي محسن الأحمر أو ب صالح دون أن يكون صالح أداة للقضاء على محسن أو العكس فإن هادي سيبقي على تلك القوى ويتعامل معها بمنطق المهادنة واللاسلم واللاحرب .
وقد أكدت احداث المنطقة العسكرية في المكلا أن خلافات حادة نشبت بين هادي وعلي محسن إثر تورط الأخير في تلك الاحداث ومحاولتة مواصلة السيطرة على القوات المسلحة وقادتها .
ولهذا فإن هادي يخشى من الإطاحة ب علي محسن الاحمر لاسباب عديدة منها :
في اللحظة التي يشعر بها علي محسن الاحمر بالخطر الحقيقي من هادي فإنه قد يعود مرة اخرى للتحالف مع صالح من اجل الإطاحة ب هادي وبالتالي فإن الرئيس هادي لن يتخذ اي خطوة تكون سبباً في جمع صالح ومحسن مرة اخرى .
وحسب معلومات انفردت المساء برس بنشرها يوم أمس فإن هادي سارع وبعد ساعات من خلافة مع علي محسن الى إعادة فتح قنوات التواصل مع الرئيس السابق صالح .
وعلى ما يبدو انها خطوة ذكية من هادي حتى يقطع الطريق على محسن في التواصل مع صالح وهذا ما يؤكد ان هادي ليس غبياً ويحفظ الكيفية التي يفكر بها كلاً منهما (صالح ومحسن)
ولعل من أسباب تأجيل الصراع وحسم المواجهة مع محسن على وجه التحديد هو أن علي محسن الاحمر لا يزال يمتلك سطوة ونفوذ كبيرين ولا يزال يتحكم ويدير ببراعة شديدة أدواته السياسية كالتجمع اليمني للإصلاح وأدواته القبلية وأذرعه الممتده الى الأمن والقوات المسلحة وجماعات أخرى كانت هي الاكثر نشاطاً خلال الفترة الماضية .
وما زاد محسن قوة هو أنه صار يتحدث بإسم الثورة التي جاءت ب هادي وكانت السبب في وصوله للرئيس حسب ما يعمل إعلام الإصلاح على ترويجه للرأي العام بهدف تطويق الرئيس وجعله تابعاً للجماعة بقيادة محسن .
أما موقف الرئيس السابق صالح فقد تحول من الهجوم الى الدفاع ف صالح وخلال السنوات الاخيرة كان يحاول بإستماته الإبقاء على نفوذة التجاري والسياسي ونفوذة كذلك في الأجهزة الامنية والجيش إلا أن هادي وبمساعدة محسن نفذوا عملية "تقليم أضافر صالح" فصار بلا قوة عدا القوة التقليدية المال والنفوذ والمليشيات القبلية التي قد تتشكل بأي لحظة من مجاميع وأنصار وموالين .
وخلال السنوات الماضية أبدا الرئيس هادي إنحيازاً واضحاً ل علي محسن الأحمر الذي أنتقل من مقر الفرقة الاولى مدرع الى القصر الرئاسي وبعد ان نجح في تعيين مسؤولين حول وبجوار هادي نفسه ليصبح علي محسن هو الرجل الاول في هذه المرحلة .
وحسب مصادر سياسية فإن الرئيس السابق ساهم الى حد كبير في توتر العلاقة بينه وهادي سيما في أحداث إقالة قائد القوات الجوية وما تلاها من خلافات وتحركات وتهديدات بين الطرفين إضافة الى الخلافات المتعلقة برئاسة المؤتمر الشعبي العام .
ولا يمكن لنا ان ننسى إنجازات حققها هادي بالنسبة ل صُنع نفسه طرفاً في المعادلة من خلال تعيين القادة العسكريين الموالين له حتى صارت كعكة الجيش بين أتباع علي محسن وأتباع هادي وأتباع وموالين لنجل الرئيس السابق وهم الحلقة الاضعف .
لكن هل يستطيع هادي مواجهة علي محسن الاحمر أم أن الأمر كله مجرد خلافات سرعان ما سيتم التفاهم من اجلها وهذا ما يتوقعه الكثير فالرئيس هادي حذر جداً من خوض مثل هكذامواجهة ويبدو انه سيترك مسألة الإطاحة بأهم قوتين في اليمن صالح ومحسن للأيام والشهور بل والسنوات القادمة وستحدد طبيعة الصراعات والمعادلات والتفاهمات السياسية ملامح ومعالم المستقبل اليمني الجديد .
تذكروا أن هناك أسباب وعوامل أخرى قد تدفع صالح ومحسن الى التحالف من جديد وعلى رأس تلك الأسباب ما يتعلق بالقضية الجنوبية ومخرجات الحوار الوطني ف صالح عبر المؤتمر ومحسن عبر الإصلاح يرفضان مشروع الأقليمين وأي مقترحات اخرى تفضي لإخراجهما من الجنوب والقضاء على مصالحهما هناك .