شكيب راجح للأولى : شهدت مدينة عدن، أمس الجمعة، مصادمات بين شبان محتجين غاضبين، وقوات الأمن، في عدد من مديريات المحافظة، أبرزها المنصورة والمعلا والشيخ عثمان، قُتل على إثرها طفل في العاشرة من عمره، وجرح 4 على الأقل. وحدثت هذه المصادمات في أول أيام "الهبة الشعبية" التي دعت لها قبائل حضرموت، احتجاجاً على مقتل أحد مشائخها، على أيدي جنود نقطة أمنية في حضرموت، مطلع الشهر الجاري. وقال ل"الأولى" شهود عيان إن طفلاً يبلغ من العمر 10 أعوام، قُتل برصاص قوات الأمن بمدينة المنصورة، وأصيب 4 آخرون، أحدهم طفل يبلغ من العمر 12 عاما، في حالة خطرة، منوهين إلى أن القوات الأمنية أطلقت الرصاص على شبان محتجين، مغرب أمس، أثناء محاولتها فتح الشارع العام بالمدينة، الذي كان المحتجون أغلقوه، عصر أمس. وفيما أفادت مصادر متطابقة أن القوات الأمنية أطلقت النار باتجاه شبان محتجين أغلقوا الشارع الرئيسي لمدينة المنصورة، أصيب على إثره 4 منهم، أكد مصدر عامل بمستشفى النقيب بالمنصورة، أن 4 شبان مصابين وصلوا إلى المستشفى، بعد مغرب أمس، بينهم طفلان إصابتهما خطيرة. وبحسب المصدر، فإن الطفل عمر محمد عمر البيتي، توفي في المستشفى، متأثرا بطلقتين في رأسه، فيما الطفل الآخر، ويدعى محمد علي ناصر (12 عاما)، أصيب بطلقة في البطن، موضحاً أن حالته حرجة، وقال إن الشاب طارق أنور النمرش (18 عاما)، أصيب بطلقة في ظهره، غير أن حالته مستقرة، حد قوله. وبيّن المصدر ذاته أن الشاب وجدي أحمد نعمان نقل إلى المستشفى من مديرية المعلا، وهو مصاب بطلقة نارية بالرجل. وفي حين أشارت مصادر بمدينة عدن إلى أن شللاً تاماً أصاب المدينة، منذ صباح أمس؛ قالت إن عشرات الآلاف من الجنوبيين أقاموا خطبتي وصلاة الجمعة في شارع الشهيد مدرم بالمعلا، أعقبتها مسيرة حاشدة طافت الشارع الرئيسي للمدينة، واتجهت صوب ساحة العروض بمدينة خور مكسر. وقال للصحيفة مشاركون في المسيرة، إنهم رددوا شعارات مناوئة لما سموها "قوات الاستعمار"، في إشارة إلى قوات الأمن بعدن. في السياق، أغلق شبان محتجون الشوارع الرئيسية والفرعية في معظم مديريات عدن، منذ الصباح الباكر، حيث أفاد سكان محليون بمدينة كريتر، كبرى مدن عدن، أن شارع الملكة أروى الممتد من العقبة حتى شارع البنوك، بالإضافة إلى شوارع المدينة الفرعية، أغلقت، وتوقفت حركة السير فيها تماما، مبينين أن قوات الأمن كانت تطلق الرصاص في الهواء لفترات متقطعة. وقال القيادي في الحراك الجنوبي بمدينة كريتر حسن زيد، إن الآلاف نفذوا عقب صلاة الجمعة، مسيرة راجلة إلى ساحة العروض بخور مكسر، مبينا أن جنود الأمن اعترضوا المسيرة بمنطقة الحمراء جبل حديد بمدينة المعلا، وأطلقوا الرصاص في الهواء، بهدف تفريق المسيرة التي واصلت سيرها حتى ساحة العروض. وأوضح زيد أن مسيرة أخرى انطلقت عند الساعة ال3 والنصف، من المدينة، وقام المشاركون فيها برفع الأعلام الجنوبية فوق المؤسسات الحكومية والمدارس، وبيّن أن قوات الأمن أطلقت الرصاص في الهواء من أطقم ومدرعات عسكرية. وأضاف أن جنوداً بلباس مدني على متن سيارات مدنية، من أفراد الأمن القومي، قاموا بمطاردة الشبان في الحارات والشوارع، واعتقلوا شاباً يدعى "مؤمن"، واقتادوه إلى مدينة خور مكسر، وقاموا بالاعتداء عليه، قبل أن يعيدوه إلى المكان الذي اعتقل فيه، وأطلقوا سراحه. وقال للصحيفة شهود عيان إن شباناً بمدينة الشيخ عثمان أغلقوا الخط الرئيسي لطريق عدن -تعز المحاذي لمنطقة القاهرة، وأفادوا أن مدرعة أطلقت الرصاص باتجاه الشبان، قبل أن تفتح الطريق لاحقا، في حين أفاد سكان بمنطقة الممدارة أن شباناً أغلقوا شوارع المدينة، منذ أمس الأول، وقالوا إن قوات الأمن لم تتورع في إطلاق الرصاص منذ أمس الأول، بشكل متقطع، على حد قولهم. وفي مدينة المنصورة، قال ل"الأولى" شهود عيان إن مسلحين مجهولين أطلقوا رصاصاً كثيفاً باتجاه بوابة السجن المركزي بالمدينة، صباح أمس، وإن حراسة السجن ردت عليهم، دون وقوع إصابات. وأفاد مصدر بالحراك الجنوبي أن جنوداً أمنيين "قناصة" تمركزوا فوق قسم شرطة المنصورة، أثناء انطلاق مسيرة من أمام القسم، وأن الطفل البيتي قتل من سلاح قناص أطلق على المسيرة الرصاص، وجرح آخرين، وبيّن أن شباب المدينة ظلوا متواجدين في شوارع المدينة حتى وقت متأخر من مساء أمس. ولفت إلى أن الشباب نظموا مسيرات ليلية في المدينة، غير مبالين بتواجد قوات الأمن المنتشرة في أرجاء المدينة، وإطلاقها الرصاص بشكل متقطع، مؤكداً أن الشوارع الرئيسية بالمنصورة وكريتر وخور مكسر مغلقة حتى وقت متأخر من مساء أمس، وأن الشباب قاموا برفع أعلام الجنوب في ما تبقى من مؤسسات للدولة في هذه المدن. إلى ذلك، شهدت مدينة التواهي احتجاجات غاضبة قام خلالها شباب عند الساعة ال4 عصرا، برفع علم دولة الجنوب سابقا، فوق مبنى شرطة التواهي، رغم تواجد قوات الأمن التي لم تعترضهم، في حين أفاد شهود عيان أن الشباب ظلوا متواجدين في شارع المدينة، بالقرب من قسم الشرطة، غير أنهم تركوا المكان، مساء أمس، دون أن تحدث مصادمات بينهم وبين قوات الأمن. كما طالت الاحتجاجات مدن البريقة وخور مكسر ودار سعد، حيث أفاد شهود عيان أن الشبان المحتجين بمدينة البريقة قطعوا الطريق على مدخل المدينة، وأحرقوا الإطارات التالفة وسط الشارع العام، قبل أن يطلق جنود الأمن الرصاص في الهواء لتفريقهم وفتح الشوارع المغلقة، لتتمكن، مساء أمس، من إعادة الحياة إلى طبيعتها مجددا. في الجانب الآخر، قال شهود عيان إن مروحية عسكرية شوهدت تحلق، صباح أمس، على علو منخفض، في سماء مدن الشيخ عثمان والقاهرة ودار سعد، ورجحوا أن تكون المروحية تنفذ أعمال تمشيط قبيل خروج المسيرات التضامنية مع أهالي حضرموت. وكانت مساجد عدن أكدت في خطبتي الجمعة على حرمة دم المسلم وعرضه وماله، وشدد الخطباء على عدم التعرض والاعتداء على الآمنين، حيث دعا خطيب جمعة المعلا الشيخ بن شعيب، من سماهم بالمرابطين في معسكرات الجيش اليمني من أهالي الجنوب، إلى الإسراع لدولة الجنوب والالتحاق بالهبة الشعبية التي انطلقت من حضرموت، حسب تعبيره. وفيما أعرب بن شعيب عن أسفه لما لحق من أضرار لمواطنين شماليين ومضايقات وإحراق محلاتهم، أمس، في حضرموت؛ أكد أن أهالي الجنوب لا ينجرون إلى افتعال المشاكل وإلحاق الضرر بالمواطنين الشماليين، على حد تعبيره. إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الحكومية "سبأ" مساء أمس، عن مصدر مسؤول في اللجنة الأمنية بمحافظة عدن قوله إن "الأوضاع الأمنية في المحافظة حاليا مستقرة والمواطنين يمارسون أنشطتهم بصورة اعتيادية، مشيرا إلى أن عناصر فوضوية حاولت في وقت سابق إقلاق السكينة العامة باستغلال دعوات الفوضى المشبوهة بالتعاون مع عناصر إرهابية لتوفير غطاء سياسي لأعمال العنف والتخريب" . وقال إن "الأجهزة الأمنية تعاملت بروح عالية من الحيطة والحذر وبالتعاون مع المواطنين الشرفاء من أبناء المحافظة لإفشال تلك المخططات والتي كان من ضمنها التخطيط لإخراج سجناء متهمون بقضايا الإرهاب" . وأضاف :"إن تلك المحاولات كان الغرض منها جر المحافظة إلى الفوضى والتسبب في سقوط ضحايا ليتسنى لتلك العناصر استغلالها لاحقا في عمليات استرزاق قذرة"- حسب تعبيره. ودعا المصدر المواطنين إلى عدم الالتفات لما سماها الشائعات والأخبار المفبركة التي لا غرض منها سوى إحداث مزيد من الفوضى. وحسب مصادر "الأولى"، فقد دارت اشتباكات في محيط مركز شرطة المنصورة حتى وقت متأخر من مساء أمس الجمعة، دون أن يتسن الوقت لمتابعة ما أسفرت عنه كون الصحيفة كانت ماثلة للطبع.
