الخطر القادم من محطات وخزانات تعبئة الغاز ظاهرة جديدة انتشرت بسرعة داخل الأحياء وعلى الشوارع العامة مخاوف من استخدامها لأعمال إرهابية ضخمة على غرار استهداف خزان الغاز بدار الرئاسة في جمعة رجب قد يضرب موكب رئاسي أو حكومي أثناء مروره الاعتيادي من أي مكان بطريقة اغتيال حريري لبنان القوة التدميرية هائلة وانفجار محطة صغيرة يحدث كارثة داخل مساحة واسعة تمتد لنصف كيلو مربع شيء لافت استجد على شوارع وطرقات بلادنا خلال العامين الأخيرين.. متمثلاً بالانتشار المتسارع لمحطات تعبئة الغاز للسيارات والاسطوانات المنزلية، عبر منشآت صغيرة يبدو أنها تحتاج لتكاليف إنشاء كبيرة.. كل ما يتطلبه المشروع مساحة أرض صغيرة لا تتجاوز "لبنة"، وصهريج متوسط بحجم خزان وايت الماء الصغير، وطرمبة واحدة تشبه طرمبات المحطات البترولية.. يديرها عامل واحد من دشمة أو كرسي.. ربما لا طائل من الشرح، لأن الجميع يكون قد لاحظ هذه المحطات التي لم تقتصر على الطرق العامة في المدن والمناطق الحيوية بل امتدت لتشمل الأحياء والتجمعات السكانية.. حيث جرى ويجري استحداث محطات تعبئة الغاز داخل الحارات وفي الأرياف والقرى.. ويبدو أن الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع الصغيرة شجعت كثيرين على الاستثمار في هذا النشاط دون إدراك لما يترتب عليه من أخطار، وفي ظل الغياب شبه الكامل للجهات المعنية لضبط ومراقبة وتطبيق اللوائح والإجراءات القانونية والأمنية على هذه المحطات.. التي قد تكون قنابل موقوتة وسبباً في كوارث دامية لا سمح الله.. لو تعرضت أي محطة غاز للانفجار أو التفجير داخل حارة أو على شارع حيوي. في السابق كانت الدولة تحتكر هذا النشاط بمحطات ضخمة مخصصة لتعبئة اسطوانات الغاز المنزلي أقيمت منشآتها بمناطق خارج المدن بعيدا عن التجمعات السكانية لاحتياطات أمنية.. ذات الشيء تم تطبيقه على المستثمرين في هذا النشاط الذي كان يتطلب ما يزيد عن مائة مليون ريال لإنشاء محطة واحدة.. فيما لا يكلف اليوم سوى مليون ونصف فقط.. كما أن السوق الآن قد توسع بدخول آلاف السيارات العاملة بالغاز لليمن.. بعدما كانت المحطات تقدم الخدمات سابقا لأغراض الاستخدام المنزلي.. ارتفاع أسعار المحروقات في السنوات الأخيرة دفع بالكثيرين إلى إيجاد بدائل تتناسب مع وضعهم الاقتصادي وأحوالهم المادية.. وبدأت شركة تدعى تكنوغاز تدشين خدماتها في تحويل السيارات العاملة بالبنزين للعمل بالغاز رخيص السعر لكنها فشلت في مواصلة المشوار جراء التكاليف الباهظة التي تفوق قدرة صاحب السيارة على دفعها مقابل أجهزة التحويل.. عوضا عن المعاناة من الأزمات الخانقة في مادة الغاز.. إضافة لندرة المحطات التي تقدم للمواطن خدمة تعبئة غاز السيارات حينها.. لتأتي الأحداث القريبة لتنعش هذا السوق اثناء انعدام المشتقات البترولية ومادة الغاز في جميع المحافظات وارتفاع أسعارها إثر أحداث 2011م، مما اضطر أعداداً ضخمة من المواطنين لتشغيل مركباتهم بالغاز عبر ابتكار محلي منخفض التكاليف ومتاح للجميع.. وجاء تحديد سعر دبة البنزين بسعر 3500 ريال قاصماً لظهور معظم ملاك سيارات وباصات الأجرة، وأجبرتهم على استخدام اسطوانة الغاز بطريقة بدائية لا تخضع لمعايير السلامة. من هنا جاءت مواكبة الحاجة بفكرة هذه المحطات الصغيرة المخصصة لتعبئة السيارات بالغاز.. قبل أن تتطور إلى استخدامها لتعبئة الاسطوانات المنزلية وتمكين المواطن البسيط من شراء مادة الغاز حسب قدرته الشرائية إن كان لا يستطيع توفير القيمة الكاملة للاسطوانة فبإمكانه التعبئة بالمبلغ الذي يمتلكه.. وهي الإغراءات والتسهيلات التي ساعدت على انتشار هذه المحطات وساهمت في وصولها للحارات والأحياء مع توفر إمكانيات تزويدها بالغاز عبر ناقلات متوسطة تقوم بمهام التفريغ كما لو أنها وايت يفرغ المياه لخزان منزل.. إذ لا حاجة لتلك القاطرات الكبيرة وصهاريجها الطويلة المخصصة لتزويد خزانات المحطات الكبيرة بمادة الغاز.. الأمر الذي يهدد بإغلاق هذه المنشآت الحكومية والخاصة، وتعريضها للإفلاس وتسريح آلاف العمال، وإلحاق الأضرار بالمستفيدين غير المباشرين من وكلاء التوزيع وأصحاب القاطرات. لكن الضرر الأكبر.. يتعلق بالأخطار الجسيمة المترتبة على ما تمثله محطات الغاز الصغيرة من خطر كبير أمنيا.. نظرا لعدم توفر متطلبات الأمان لدى معظمها ونوعية التصنيع للصهريج التي تأتي من الصين بجودة صناعية لا تخضع للمراقبة أو يجري تصنيعها محليا في ورش ليست مؤهلة لصناعة هذا النوع من الخزانات ذات المواصفات الاحترازية.. بالإضافة إلى أسلوب البناء والإنشاء المتبع للمحطات وطريقة تشغيلها والتعامل مع ظروف الخدمة المقدمة.. دون وعي المالك والمستهلك بالأضرار والمخاطر الأمنية والصحية والبيئية المتعلقة بهذا النشاط.. إذا ما قمنا بمقارنة ما ينتج من دمار وضحايا عن انفجار دبة غاز داخل مطبخ يؤدي لخراب المنزل وقتل سكانه وتضرر البيوت المجاورة.. فما بالك بما قد يحدث من تدمير كبير وخسائر ضخمة في الأرواح والممتلكات لو انفجر خزان أو صهريج إحدى هذه المحطات المنتشرة في الأحياء والشوارع لا قدر الله.. وهو الذي يحتوي مخزونه ما يقدر بمئات الاسطوانات المنزلية. لا شك أن التدمير سيكون هائلا والنتائج مأساوية لا قدر الله.. وبالتالي فإن القضية لا تحتمل السكوت والتجاهل كون الخطر يهدد الأمن وسلامة وحياة الناس في عموم المحافظات.. بصورة تفرض على الجهات المسئولة التدخل السريع وعلى رأسهم وزير النفط المهندس عبدالله دارس، ووزير الداخلية اللواء عبدالقادر قحطان، ورئيس جهاز الأمن القومي الدكتور علي حسن الأحمدي.. لاعتبارات عدة.. أبرزها الاحتمالات المحتاجة لاتخاذ الاحتياطات والتدابير.. لو أقدمت جماعات إرهابية أو عناصر تخريبية على تنفيذ مخططاتها الإجرامية عن طريق تفجير صهاريج وخزانات الغاز في أي محطة.. تخيلوا ما الذي قد يحدث لو جرى التفكير أثناء مرور موكب رئيس الجمهورية، أو كبارات رجال الدولة والجيش بجوار محطة غاز.. من الممكن تنفيذ عمليات اغتيال بهذه الطريقة غير المتوقعة.. خصوصا مع قيام كثير من المسئولين والشخصيات الرفيعة بإنشاء خزانات غاز كبيرة داخل منازلهم لأغراض الاستخدام المنزلي. صهاريج الرئاسة المستهدفة ليس في التحذير مبالغة.. إذا عدنا بالذاكرة إلى عملية تصفية رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وسط بيروت قبل سنوات.. واغتيال رئيس مخابرات لبنان باسم الحسن العام الماضي أثناء مرور موكبه في الشارع.. وغير بعيد عنا ما حدث قبل عامين في دار الرئاسة من تفجير جامع النهدين واستهداف الرئيس السابق وأركان النظام اثناء الصلاة في جمعة رجب.. هل نسينا أن صهاريج الغاز الخاصة بدار الرئاسة كانت ضمن الأهداف وجرى محاولة تفجيرها بقذائف شاء القدر ألا تصيبها، وإلا لكان الدمار والخسائر والضحايا والأضرار يفوق الخيال -حسب تأكيدات وتصريحات المسئولين والخبراء الأمنيين- ما يعني ان صهاريج الغاز ما زالت ضمن أدوات عناصر الإجرام وإذا كانت عملية تفجيرها في دار الرئاسة فما الذي يمنع تكرار التجربة بذات الآلية ولذات الهدف في مكان آخر يخضع لظروف الزمان والمكان والقابلية لتحقيق الغرض بنجاح.. مهما اختلفت الوسيلة أو تغيرت الأهداف. لست هنا أكشف مؤامرة جهنمية بقدر ما أحاول التنبيه من أخطار محتملة.. ولا أقصد التحريض على اصحاب محطات الغاز الجديدة وأسعى لإغلاقها ومنعها -كما قد يفهم البعض-، بقدر ما أهدف إلى حماية أرواح وأملاك أصحاب هذه المحطات قبل أن يكونوا ضحايا أبرياء نتيجة عدم وجود من يقوم بالتوعية والإشراف والمراقبة والتشجيع على اتخاذ الاحترازات المناسبة.. الذي هو دور تقع مسئوليته على الجهات الحكومية.. من خلال الاضطلاع بواجباتها في تنظيم وضبط عملية إنشاء وعمل محطات الغاز بالمعايير الأمنية وشروط الحماية ومواصفات السلامة.. وليس عن طريق الإغلاق والمنع وقطع أرزاق عباد الله.. لأن بالإمكان معالجة القضية قبل فوات الأوان.. وما زال الوقت مناسبا لمحاصرة الأخطار المحدقة ومعالجة جوانب القصور باتخاذ التدابير الكفيلة بردم الثغرات والزوايا الباعثة على المخاوف. (صحيفة الديار)