الجهود المبذولة في الوقت الحاضر من قبل الكثير من النقابين الجنوبيين لتشكيل نقابات جنوبية مستقلة أو بالأصح فك ارتباطها بمراكز رئيسية لها في صنعاء من أمثال نقابة الصحفيين أو المهندسين وغيرهما تؤكد على أن الهوية الجنوبية رافضة سياسة الضم والإلحاق وعودة الفرع إلى الأصل . تلك السياسة القديمة جدا وان طبقت بحذافيرها في ستينات وتسعينات القرن الماضي وبأوقات مختلفة ولكن بهدف واحد وان اختلفت مراحل تنفيذه ونوعية القائمين عليه ، فقد ذاق الجنوبيين بسببها الكثير من الويلات وأسوأها كان طمس الهوية وتطبيق التبعية في أبشع صورها المريرة . ولو عدنا لتلك السياسة . لتأكد لنا أنها طبقت فعليا من خلال مجموعة انخرطت في الفكر القومي العربي شكلا وهدفها قبر لينين مضمونا أما عروقها ونبضات قلوبها تهيم حبا وعشقا بباب اليمن . ولهذا فرضت التسمية لدولة الجنوب العربي المستقل حديثا عن بريطانيا العظمى في 30 نوفمبر 1967 م. (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) والتي تحولت بعد اقل من عامين إلى الديمقراطية بدلا من الجنوبية وطبعا اسما فقط وليس سلوكا وممارسة . أما الممارسة والسلوك فكانت نتائجه قوافل من القتلى والمعتقلين والمشردين وهكذا الحبل على الجرار لم يتوقف بل توقفت حركة النمو وعودة الجنوب إلى القهقرى . هذا كان هو الضم والإلحاق . أما عودة الفرع إلى الأصل فقد كانت في العام 1994 م. بعد اجتياح الجنوب أرضا وإنسانا ودولة وما تبقى من هوية وقام بتطبيقها قادة النظام في صنعاء من ساسة ومشايخ وعلى رأسهم علي عبدالله صالح (الأحمر ) في ذلك الوقت و (عفاش) في الوقت الراهن قبل سحب اللون الأحمر منه ومعه شيخه عبدالله بن حسين الأحمر . وبعدها عاش الجنوب فترات من التيه والضياع . فلا فروع الأحزاب اليمنية في الجنوب حافظت على الخصوصية الجنوبية ولا شخصيات اجتماعية أو قبلية جنوبية كانت تحمل كاريزما مؤثرة من نوع خاص تقول نحن هنا ويكون شعارهم (لنا الصدر دون العالمين أو القبر) بل تقاطر الوجهاء والمشايخ والأعيان (إلاّ من رحم الله) إلى بوابة مصلحة شئون القبائل في صنعاء وسمعنا بعد ذلك عن شيخ مشايخ مدينة وشيخ مشايخ قرية وشيخ مشايخ لذلك الوادي الأخضر أو تلك الصحراء المجدبة وهكذا عودة لما قبل الدولة . بعودة الفرع للأصل بزعمهم ومن قبلها كان الضم والإلحاق كما أسلفت. ولهذا فان خطوات الأخوة النقابيين هي في الاتجاه الصحيح وهي خطوات رائعة وجيده لتثبيت الهوية أولا. وللندية ورفض التبعية ثانيا ،تلك الخطوات لو تلتها خطوات أخرى مماثلة من أحزاب ومكونات سياسية عريقة وذات ثقل في الساحة الجنوبية واعني بهم فروع التجمع اليمني للإصلاح في محافظات الجنوب وما تبقى من الأخوة الرفاق في فروع الحزب الاشتراكي اليمني وأقول ما تبقى لأنهم في المغنم مع الرفيق ياسين وفي المغرم عليه أن يسد هو وأصحابه في اللقاء المشترك وهم قدهم موزعين على كل مكونات الحراك فأماكنهم محجوزة كما كانت أماكنهم محجوزة في ظلال خيول المؤتمر الشعبي العام . فلو أقدمت هذه الفروع وأعني بها الإصلاح والاشتراكي وغيرهما على خطوة كخطوة النقابيين فستكون من اروع الخطوات وسيسجلها لهم التاريخ بأحرف من نور وسينسفون بذلك سياسة الضم والإلحاق المجاني التي طبقها رفاق الستينات وسياسة الفرع وعودته للأصل التي ابتدعها شركاء حرب التسعينات . فكم هو مؤلم جدا أن ترى كثير من قواعد الإصلاح وقياداته يصطفون بالوجدان والمشاعر مع قضية أهلهم ووطنهم ويعجزون ان يخطوا الخطوة الصحيحة في الاتجاه الصحيح . وكم كانت تلك الكلمات مؤثرة في النفس وأنا اسمعها من السياسي المخضرم وناشر صحيفة الأيام الغرّاء الأستاذ هشام باشراحيل وهو طريح سرير المرض في مستشفى الملك فهد العسكري بجده بقسم العناية المركزة لأمراض القلب . والذي كان يتحدث هاتفيا مع احد رؤساء فروع الإصلاح وبجوارنا رئيس فرع آخر للإصلاح وكان يقول له اسمع يا ابني لن يكون فلان ولا فلان ولا فلان أحن عليك وأقرب اليك من إخوانك واهلك أبناء بلدك . خذها نصيحة من محب ستعرفها ولو بعد حين . وانتهى كلام أبو باشا شافاه الله وعافاه وأعاده لأهله ووطنه سالما . وأعاد معه الأيام شعلة مضيئة في سماء الجنوب لتأدية رسالتها الاعلامية على أكمل وجه في وقت قلّ فيه الصادقون وتسلق المتسلقون ،كما نأمل ان نرى بقية مكونات الجنوب السياسية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني وقد سارت نحو الهدف النبيل . خاتمة : للشاعر احمد مطر أيها الحزن الذي يغشى بلادي أنا من أجلك يغشاني الحزن أنت في كل مكان أنت في كل زمن دائر تخدم كل الناس من غير ثمن . عجبا منك .. ألا تشكو الوهن ؟! أي قلب لم يكلفك بشغل ؟ أي عين لم تحملك الوسن ؟ ذاك يدعوك إلى استقبال قيد تلك تحدوك لتوديع كفن . تلك تدعوك إلى تطريز روح ذاك يحدوك الى حرث بدن . من سترضي أيها الحزن، ومن ؟! ومتى تأنف من سكنى بلاد أنت فيها ممتهن ؟! إنني ارغب أن ارحل عنها إنما يمنعني حبّ الوطن !