لايخفى علينا حال الصحافة اليوم , وكيف يبدو بعض الصحافيين في حال من التسرع , بل وأصبحت صفة التلعن والشتم ملازمة للبعض لزام ظله له , وكم تكثر الأرآء المتضاربة التي تعج بها الصحف والمواقع والحسابات الشخصية من فيس بوك وتويتر وغيره , وكلاً يصنف ويدثر كلماته بعبارة واحدة " حرية رأي ! " تقول الحكمة " فكر مرتين ثم لاتقل شيئاً " ونحن هنا لسنا لفرض القيود والحدود , فالأصل في الصحافة الحرية , ففكيف لنا أن نكبتها وقد كفلتها المواثيق العربية والدولية , ولكن الأولى والأحرى بنا قبل أن ننشر ونتبجح بأرآءنا أن نسحب نظرة على مانقول ونكتب , فديننا علمنا وأدبنا فنون الصمت والكلام ,عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ، ... ) رواه البخاري ومسلم كما وقد ثبت في البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ينزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) وفي حديث معاذ بن جبل مع الرسول صلى الله عليه وسلم " قوله صلى الله عليه وسلم : رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة،وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال : كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " رواه الترمذي في السنن ولكن البعض يعتقدون أن الحرية وكما يزعمون " سقفها السماء !" عالية عالية, وقد أصطلح الكثيرين بتسميتها صاحبة الجلالة وما الى ذلك من تسميات بلغت حد الزهو , أو ليس والأجدر بنا فهم العلل المحيطة بأفكارنا وتنقيتها وإزالة كل شائبة منغصة منها , حتى تتضح الأرآء ولايصير حالنا في تخبط , فأنا اليوم مع فلان وغداً مع فلان آخر ,فلا نكون منحازين لتيار أو لحزب أو لقضية أو لفكرة . ولعله قد أصبح إتخاذ منحى الحياد في الصحافة أشبه بخرافة من الخرافات , فالبعض يصرح بعدم قدرته إنتهاج هذا المبدأ , والبعض الآخر يفتح القول على " حرية الصحافة والإعلام " بل ويدافع عنها دفاع المسميت في سبيل إرضاء نفسه واهواء الناس . وأوليس أيضاً حال الصحافة يستدعي منّا التفكر وإحالة بعض ضمائرنا للتساؤل , فليس كلما يخطر على البال يُكتب , فنحن كمسلمين يجب أن نكون أكثر إلتزاماً فيما نقول ونكتب , وكل كلمة تنساب منّا على حين غفلة وتمرد هي في طريقها لكي تحصى أما لنا أو علينا , فلا تتعجب أخي / اختي الصحفية , فنحن اليوم في غمرة همومنا نزرع من الكلمة جسراً أو سداً , فأنثروا السماد جيداً وأحرصوا على سلامة التربة حتى تكونوا على موعد مع حصاد مبارك ووافر , يبني المجتمع ويرسخ في النفوس القيم الشامخة , ويعلو من الهمم لسده النجاح , وأحذروا تمام الحذر من " الهدم الغير متعمد" ففي الكلمات تكمن أسرار القوة الدافعة لإيجاب أو لسلب , كما وتوجب على كل من يحمل قلماً أن يبتعد عن العصبية وقضاياها الشائكة فالتعصب كالنار ما ان تشعل منها فتله حتى لاتدرك النهاية فيها . أخوتي الكرام أن للحرية فيما نقول شقين , الشق الأول فيها سيحاسبنا عليه المجتمع وقد يكون عاجلاً , والشق الآخر أن نُحاسب عليها أمام الله يوم الحساب , والخوف من الآجل حيث لايمكننا أن نتعرف على معالمه , فلايكن الكاتب منّا حرفاً إلا وقد أستوفى شروط التفكير قبل الإجادة . وفي الأخير لايسعني سوى قول ( ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد ) [سورة ق: 18] وأختم بدعاء لطالما طابت به نفسي " الّلهم أجعلنا ممن يؤتون كتابهم بيمينهم " اللّهم آمين .