هي لحظة عجيبة – وكثيرة هي عجائب هذا الزمان – تلك التي أخصها بالحديث هي عندما كانت حضرموت – الأرض والإنسان – تتهيأ لإحياء ذكرى انطلاق هبتها ومعها تحيي ذكرى استشهاد الشهيد كان محبوك في موعد معك عبر مقال منتظر منك لم تعد به شفاهة , لكنهم لم يتعودوا من قلمك في مناسبة كتلك أن يستكين , بل ألفوا منك متابعة دائمة للأحداث تشخيصا وتحليل . وانتظرت أنا وكثير من عشاق قلمك الأنيق على أمل أن لا يطول الانتظار .. ففي ذات اليوم وبين كثرة المقالات التي زخرت بها المواقع الإلكتونية بحثت لك عن مقال , فلم أجده . ففتشت عن صورتك بين كل الصور لعلي أهتدي من خلالها إلى كلام لك عن المناسبة , فلم يكن هناك كلام … لتأتيني بعدها صورتك وقد غادرت مقالها إلى الأبد معلنة بأنك عن هذه البسيطة قد رحلت . لحظات وإذا بمواقع التواصل الاجتماعي مليئة بصورك وخال إلى حينها ان هذه ليس صورا بل سيل عارم يجتاح كل مكان وكل صورة مرفقة ببيان نعي قصير من محب لك .. ومن صديق , عندها أحسست بالفاجعة وكانت بحجم الوطن , كيف لا ؟!! وقد رحلت قامة من قاماته وهو – أي الوطن – في أشد الحاجة إليها وعند ذاك عادت بي الذاكرة إلى زمن ليس بالبعيد حين ألتقيتك قبلها لقاء دون موعد تحدثنا فيه عن كثير من الأحداث التي تعصف بالبلاد , توقفنا خلاله في بعض المحطات , وقد أوحى حديثك لي لحظتها بأن في داخلك موضوعا يتخلق سنشهد ولادته عما قريب , فكنت حاضر في لحظة الميلاد التي توقعت . ولكنه لم يأت بحثت عنه بين كل المواليد الفكرية التي أنجبتها المناسبة , فلم أجد بينها مولوداً يحمل ملامحك ولا مقال مذيل باسمك ولامزين بصورتك لأنك لحظتها كنت قد غادرت . الكل حزن لفراقك .. بكاك قلمك .. بكتك أوراقك وكتبك .. حزن عليك طلابك .. أفتقدتك جامعتك .. كل من ألتقاك يوما بكاك .. حزن عليك حتى من لم يلتقك إلا عبر المقال أو عبر صفحة ( الفيس بوك ) فهم لم يروا فيك إلا حسن خلقك وجم تواضعك . ولم يسمعوا منك إلا سديد الرأي وطيب الكلام وقد أيقنوا اليوم بان عليهم أن يتجرعوا بعدك كأسا مر المذاق هو كاس الفراق . لم يكن رحيلك عنهم قرارك ولكنه القدر الذي لا نقول فيه إلا ما أمرنا الله في قوله : (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) تغمد الله الفقيد الدكتور ( عبدالرحمن سعيد بلخير ) برحمته وغفرانه وأسكنه فسيح جناته . إنا لله وإنا إليه راجعون . مراد الشوافي [email protected] 20.12.2014