صعّدت قوات الأمن اليمنية من إجراءاتها القمعية ضد الحريات الصحفية في البلاد، وأخذت الأسبوع الماضي منحى تصعيديا وصل حد المصادرة والإحراق للصحف الأهلية والحزبية واعتقال عدد من موزعيها. وقال صحفيون وناشطون إن إجراءات الحرق والمصادرة للصحف الأهلية والحزبية زادت حدتها في الآونة الأخيرة، مع ارتفاع وتيرة الاحتجاجات التي تشهدها معظم المدن اليمنية منذ منتصف فبراير/شباط الماضي للمطالبة بإسقاط حكم الرئيس علي عبد الله صالح.
وأعربت نقابة الصحفيين اليمنيين في سلسلة بيانات عن قلقها لما تتعرض له الصحافة المستقلة والحزبية ومراسلو وسائل الإعلام المحلية والخارجية من حرب شرسة قالت إنها "تستهدف روح الصحافة وحياة الصحفيين". خمس ضحايا وأشارت النقابة إلى ما أسمته "محرقة كبرى" تتعرض لها الصحافة في اليمن لم يشهد مثيلا لها أيُّ بلد في العالم، أدت إلى عمليات قتل واختطاف للعاملين في المؤسسات الإعلامية. وقال الوكيل الأول لنقابة الصحفيين اليمنيين سعيد ثابت إن النقابة فقدت منذ اندلاع الاحتجاجات خمسة صحفيين ورصدت مئات الانتهاكات ضد الصحافة من مصادرة وإحراق وإغلاق صحف ومواقع إلكترونية بشكل واسع خلال هذه الفترة.
وأشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن السلطة تتبنى هجمة شرسة ضد الصحافة تعاظمت في الآونة الأخيرة مع اندلاع الثورة، وأصبح معها الصحفيون وكل من يحمل آلة تصوير في مرمى الاستهداف من قبل قوات السلطة، وكأنهم العدو الأول للأمن والاستقرار في اليمن.
ولفت ثابت إلى أن "قوات الأمن الموالية لنظام صالح أصبحت في تعاملها مع الصحف والصحفيين تجسد شخصية الإمبراطور نيرون الذي أحرق روما وشعبها، وصارت لا تعرف إلا لغة الحرب والإحراق، خاصة تجاه الصحافة والمطبوعات".
وأعرب عن إدانة النقابة لما سماها الأساليب البوليسية المتبعة ضد الصحافة، وتحويل النقاط العسكرية المحيطة بمداخل المحافظات إلى أخاديد لحرق الكلمة ومنع وصول الحقيقة إلى الجمهور، داعياً الشركاء الدوليين إلى التدخل السريع والعاجل لوقف حملة القمع للصحافة والصحفيين.
اختطاف
من جهته أكد رئيس تحرير صحيفة "أخبار اليوم" إبراهيم مجاهد على ارتفاع وتيرة الاعتداء على الصحافة والصحفيين من قبل الأجهزة الأمنية اليمنية بشكل يومي، لافتاً إلى تجاوز اعتداءات تلك الأجهزة مسألة إحراق الصحف ومصادرتها ومنع توزيعها إلى الإرهاب بالاختطاف.
وقال في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إن قوات الأمن لا تزال تختطف مدير إدارة التوزيع بصحيفة "أخبار اليوم" منذ أربعة أيام في مكان مجهول، ولم يكشف عن مصيره حتى اللحظة، بالإضافة إلى اختطاف موزع الصحيفة هيثم عبد الله المحيا أمس الخميس بمحافظة تعز ومصادرة أكثر من عشرة آلاف نسخة من الصحيفة وسيارة التوزيع. وأشار مجاهد إلى أنه في وقت سابق تمت مصادرة وإحراق دفعتين من الصحيفة في تعز وإحراق جزء من السيارة التابعة لها.
وكانت مؤسسة الشموع للصحافة والإعلام قد عبرت في بيان لها الخميس عن قلقها البالغ في ظل ما وصفته بتهديد مستمر باقتحام مقرات المؤسسة وفروعها في المحافظات والاعتداء عليها وعلى العاملين فيها. ودعت المؤسسة في بيانها الذي تلقت الجزيرة نت نسخة منه، كل المعنيين والمهتمين بحقوق الإنسان والحريات ونقابة الصحفيين اليمنيين والاتحاد العالمي للصحافة والمنظمات الحقوقية المحلية والعربية والدولية إلى التضامن الجاد، وإدانة هذه الانتهاكات والجرائم التي ترتكب بحق الصحافة والصحفيين.
إحراق نسخ وفي إطار الانتهاكات أفاد رئيس تحرير صحيفة "الأولى" محمد عائش بتعرض أعداد الصحيفة خلال هذا الأسبوع للمصادرة وإحراق لكامل نسخها المخصصة للتوزيع في أكثر من خمس محافظات، بينها عدنوتعز وإب ولحج والضالع. وأشار عائش في حديث للجزيرة نت إلى أن نقطة عسكرية على المدخل الجنوبي للعاصمة صنعاء تابعة للحرس الجمهوري، سبق أن صادرت وأحرقت الأسبوع الماضي أكثر من عدد من أعداد الصحيفة المخصصة للتوزيع في أمانة العاصمة، مشيراً إلى أن الصحيفة تتعرض منذ انطلاقتها بداية هذا العام إلى سلسلة مضايقات واعتداءات ممنهجة.
ولفت إلى أن الإعلام المستقل الحريص على توسيع قاعدة جمهوره عبر تقديم الخدمة الإعلامية الكاملة والمحايدة، يتعرض في اليمن لضربات متتالية، مشيراً إلى أن نقابة الصحفيين إزاء ذلك لا يزال أداؤها ضعيفا للغاية ولا تستطيع حماية أحد. وسبق للنقابة أن أعلنت مع بدء اندلاع الثورة الشبابية في اليمن انضمامها إلى الثورة وتأييدها لمطالب الثوار المعتصمين. وكانت الشرطة العسكرية المرابطة في نقاط أمنية على مداخل محافظة صنعاءوعدنوتعز والحديدة ولحج والضالع ومحافظات أخرى، قد صادرت وأحرقت على مدى الشهرين الماضيين الآلاف من نسخ الصحف الأهلية والحزبية ومنعت توزيعها في تلك المحافظات.