الكاتب: سالم عمر مسهور – بوعمر ها هي حضرموت تتداعى لوقفة الثامن عشر من يناير 2012م ، تتداعى تنشد ذاتها لترسل صوتها المبحوح إلى ما حولها ، فلنكن مع حضرموت … لاشك أن هذه التجربة تأتي في توقيت زمني صعب جداً في ظل التوترات السياسية التي تعيشها اليمن ، خاصة وأن مرحلة الاستقطاب السياسي وصلت إلى حد كسر العظم بين مختلف التيارات السياسية ، ومع ذلك علينا وقد جاءت الدعوة للوقفة الاحتجاجية من مجلس حضرموت الأهلي أن نحضر شيئاً من قدراتنا لأجل قضيتنا الحضرمية العادلة …
لن نفلت التواريخ الحضرمية بل سنعيدها إلى صيرورتها ، ففي الأول من سبتمبر 2007م كانت النقلة النوعية في كل مجريات العمل السياسي في الجمهورية اليمنية عندما خرج عشرات الآلاف من أبناء حضرموت في العاصمة المكلا يرفعون شعار ( حضرموت تاريخية قبل الوحدة والشرعية ) ، كانت فكرة السقف الحضرمي هي حجر الزاوية الذي غير بوصلة كل الأحداث السياسية في اليمن ، وأن توارى شعار حضرموت فيما بعد إلا أن حضرموت التي قدمت التغيير السلوكي العام في العمل السياسي ظلت قادرة على احتواء كل الأطراف المتصارعة على أرضها ، وهذا امتياز آخر حضرمي هو ما يرسم القدرة الحضرمية في قبول الآخر ، وهو دافع من دوافعنا ليوم الثامن عشر من يناير …
مع توقيع المبادرة الخليجية في العاصمة السعودية الرياض ، ظهر للفور الملف الأكثر إغراءً لكل الناظرين لحضرموت ، هو الملف النفطي ، فمع عملية التسليم والاستلام لحقل نفطي حضرمي تكشفت واحدة من أكبر جرائم السطو والسلب والنهب ليس من النظام السياسي في الجمهورية اليمنية فحسب فللمسألة عناوين أخرى تحتاج إلى رصد وتتبع للقبض على كل المتسببين في هكذا جريمة نكراء بحق حضرموت الإنسان والثروة ، وهذا ملف لا يمكن بحال من الأحوال طيه بلا محاسبة …
ولعل من محاسن الوضع اليمني الحالي هو التفات أبناء حضرموت من نخبة العلماء ثم المفكرين والمثقفين إلى وطنهم ، فظهرت عديد من التوجهات ضد الفساد المنتشر في حضرموت التي فقدت الكثير من قيمها الاجتماعية وسماتها الأخلاقية فيما بعد 22 مايو 1990م وما أحدثه النظام الوحدوي في المجتمع الحضرمي من اختراقات مؤسفة بداية من انتشار تعاطي القات ، وتنامي البطالة ، وتزايد الرشاوى بين أبناء حضرموت تحت ذريعة تسيير أمورهم ، كثير من الاختراقات حدثت في حضرموت تحتاج إلى وقفة للتعبير الأول عن رفضها ثم العمل الجاد إلى معالجتها …
أن الدعوة للوقفة الاحتجاجية في الثامن عشر من يناير 2012م لا يجب أن ترفع سقفها السياسي بأي مطالبة بمقدار أن تكون وقفة حضرمية تستدعي أولاً وأخيراً الانتماء إلى حضرموت ، الانتماء إلى القيم الاجتماعية التي أبرزت الشخصية الحضرمية عبر العصور التاريخية ، وهي السمة الأكثر احتواءً للحضرمي في وطنه وفي المهاجر كلها ، لا نحتاج في هذه الوقفة إلى الآخرين فالآخرين سيعترفون بكل مطالبنا ما ارتفع منها وما هبط عندما يرون التفافاً إلى خصالنا ، إلى قيمنا ، إلى تاريخنا ، وإلى هويتنا الحضرمية …
إعلان الانتماء إلى حضرموت هو الأولوية التي يجب أن يستحضرها كل منتمي لكل التيارات السياسية من حراك أو إصلاح أو مؤتمر أو اشتراكي أو غير ذلك ، ما يجمعنا في الثامن عشر من يناير هو حضرموت ، هو الحق الحضرمي في الحرية والعدالة والكرامة ، حقنا هو حضرموت ثم تأتي كل اعتبارات أخرى يمكن أن تستوفي حقها داخل الحق الحضرمي ، لذلك بقدر من التطلع إلى مستقبل أبناءنا يجب ان تكون الدعوة حول حضرموت أولاً وثانياً وألفاً ….
ندرك تماماً الحسابات السياسية لأبناء حضرموت المنتمين للتيارات السياسية ولكن في الثامن عشر من يناير هنالك دعوة ليعطوا لانتمائهم الحضرمي شيئاً من مقدار الوفاء ، فمن الواجب الحتمي هو حماية حضرموت من سلب ونهب ثرواتها ، وحماية حضرموت من الانفلات الأمني الغير معروف في حضرموت منذ صلح قبائلها في العام 1937م وحتى الآن ، وحماية حضرموت هي حق لكل منتمي لحزب من الأحزاب وليس في هذا تأطير لشيء غير حضرموت …
همسة .. أن مر الثامن عشر من يناير مروراً خجولاً ، فلا يجب أن تنحني الرؤوس الحضرمية ، علينا أن نعاود الوقوف ، ثم نسير بالخطى وأن تثاقلت ، فحتماً سنصل إلى ما تريده حضرموت ، ولن يضيع الحق وراءه مطالبون جديرون بالحياة الكريمة على أرض الكرام ….. وتأتي على قدر الكرام المكارم