إن الحياة السياسية تتطلب النظر في عمق البنية الدفاعية للجوانب الفكرية والعسكرية ، كما تتطلب رؤى في الثبات والتطور والانفتاح ،والانغلاق والمثالية، والواقعية المحلية والإقليمية والدولية ، كما يجب أن تتوافق على رؤية الواقع من أفق الواجب والنهوض الصحيح والالتزام بالواجب الوطني . ففي ليلة حضرمية خالصة استمعنا للباحث التاريخي الأستاذ علي بن محمد بابطين ولمسنا من شخصية الباحث روح التفكير والتنظير والتفاؤل والإيمان والارتقاء الفكري والروحي ، فالواضحون هم من يؤثرون فينا في حال كلامهم، بل وحتى حال صمتهم ففي الحالتين هم إشعاع للمجتمعات المحتاجة للوعي الجديد ،لقد أذهلنا أستاذنا القدير علي بن محمد بابطين بمحاضرته القيمة بعنوان (العسكرية الغائبة ، والثمن الباهض ) . ما استمعنا إليه من التساؤلات التي قرأها علينا الباحث التاريخي الأستاذ علي بن محمد بابطين ، ما هي إلا كشف الظاهرة التي تكاد غائبة عن أبناء شعب حضرموت ، والذين يقبلون الحياة بمفهوم الطيبة والطاعة وتجاهل الفكر العسكري الذي هو مواز لحفظ التوازن بين الشعوب لممارسة ادوار الحياة . لقد أشار أستاذنا الفاضل إلى أفضل المشاريع العسكرية التي كانت على واقع أرض حضرموت هومشروع الجيش البدوي الحضرمي، الذي أعتمد على العنصر الوطني الحضرمي ، والعسكرية الغائبة يجب أن تنتهي اليوم ، فحضرموت محتاجة إلى كل قواها في صراعها من أجل دولة حضرمية مستقلة ، وهي غنية بكل مقومات الفكر العسكري في الجانب الدفاعي والهجومي ، وهي تمتلك قدرات بشرية عسكرية كانت ضمن جيوشها - الجيش البدوي الحضرمي والجبش النظامي القعيطي والجيش الكثيري – وهذه الجيوش ممتدة من أرض الواحدي إلى المهرة اليس هذا المد الحضرمي يغنينا عن المد اليمني الشمالي والجنوبي . لماذا لانبهر العالم بفكرنا العسكري الحديث، كما أذهلنا العالم بفكرنا الإسلامي والحضاري؟ لماذا لا نكتفي بعناصرنا الوطنية التي تختلف اختلاف كلي عن العناصر الدخيلة ؟ أليس الاعتماد على النفس فضيلة ؟ يجب علينا من الآن وصاعدا أن ندرك وأن نضيف إلى سجل تاريخنا الحضاري فكراً عسكرياً جديداً لنكون قدوة لمن حولنا الذين لم يعطوا هذا الفكر العسكري حقه في الحياة ، بل انحرفوا به إلى منعطف خطير خارج عن نطاق النظام والقانون للدولة ، فقد أثبتت الحياة لديهم أنه لا وجود للدولة في الفكر العسكري بل وجود الدولة القبيلة وعسكرتها القبلية والاقتصادية والسياسية ، والخوف الآن من التوسع والانتشار لهذا النهج على اغلب المناطق الجنوبية يضر بحضارة شعب حضرموت الذي لا يرضى ولا يقبل بالفوضى وعدم الأمن والاستقرار، فحضرموت تؤمن بسلوكها ومبادئها ولا تقبل أن تدمر قواعد السلوك لديها عن عمد . فأيها الناس الذين تتجاذبهم أهواؤهم وشهواتهم و تضغط عليهم مصالحهم الدنية ، لا تجورون على مبادئكم التي ورثتموها عن أبائكم وأجدادكم وتجعلوها فجوة بين ما تؤمنون به وبين ما تعملونه ، أحذروا فالحياة هي حضرموت وحضرموت هي الحياة لأبنائها . ونحن نقول سوف نظل في صلب القضية الحضرمية ،مستمرين في التحدي والالتزام بتنفيذ اما تمليه علينا ضمائرنا الحية المحبة لحضرموت ولو على نطاق ضيق من أجل للوصول إلى النهاية المطلوبة والمشرّفة ، حتى لو نترك قاعدة صلبة تتوارثها الأجيال من بعدنا . عضو تجمع كتاب من اجل حضرموت مستقلة