في سابقة تعد الأولى من نوعها على مستوى الجزيرة العربية، أطلقت سيدة يمنية موقعاً الكترونياً للدفاع عن أرضيتها التي تعرضت للنهب من قبل "مافيا الفساد"، وللترويج لقضيتها بعد أن طرقت كل المنافذ القانونية، وبعد أن تدخلت أطراف محلية ودولية، وصدرت توجيهات رئاسية، دون أن تفلح في استعادة أرضها. السيدة أروى الهمداني التي تحمل جوازاً بريطانياً، وعادت من المهجر للاستثمار في الوطن- لم يشفع لها جوازها، ولا رسالة البرلمان البريطاني، ولا تدخل السفير البريطاني، ولا حتى رسالة جامعة الدول العربية، وتوجيهات الأخ رئيس الجمهورية.. إلاّ أن أسفارها المضنية في أروقة القضاء، والدوائر الأمنية، ومكاتب المسئولين- والتي أقعدتها الفراش- لم تثنِ عزيمتها عن مواصلة رحلة كفاحها، ولو عن طريق موقع إلكتروني يسرد للرأي العام واحدة من أطول قصص ضحايا مافيا السطو على الأراضي في اليمن. الموقع الالكتروني للسيدة أروى الهمداني يقدم بطاقة تعريفية بالسيدة الهمداني، ويوثق ملفات قضيتها عبر عشرات المواد الإخبارية، والاستطلاعية التي تناولت قضيتها في وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية- بينها موقع "نبأ نيوز" الذي بدأ النشر في القضية منذ ديسمبر 2006م.. ولأن السيدة الهمداني لم تكن يوماً إعلامية، فقد اجتهدت في إضفاء شيئاً من الجذب لموقعها الإلكتروني – علّه يشفع لها في الترويج فتسترد حقها- فكانت أن ربطته بشريط أخبار هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، وفتحت نافذة لمقالات الرأي، إلى جانب منتدى، وأدلة مواقع وبرامج.. ولم تستطع كتمان سخطها، فوضعت إعلاناً يقول: ((أراضي للبيع في جميع أنحاء الجمهورية اليمنية... مساحات مختلفة بأسعار خيالية... فرصة رائعة لن تتكرر))! موقع "الشيخة أروى الهمداني"- كما سمته- ترجم إرادة امرأة تتحدى جبروت فساد.. وهو يعيد لذاكرة المرء صوراً من رهان ذلك التحدي الذي سطرته أنامل "أرنست همنغواي" في رواية "الشيخ والبحر"..! قصة الهمداني بدأت منذ سنوات، ولم تنته فصولها بعد- فالسيدة أروى تملك أرض في "كود بيحان"، كانت انتهت من تسويرها، وأخرى في الشيخ عثمان من محافظة عدن كانت عليها مدرسة، وقد حكمت المحكمة بدفع إيجارها للسيدة الهمداني. "نبأ نيوز" التقت بالسيدة أروى، فسردت حكايتها قائلة: اعتزمت التخطيط لمشاريع استثمارية على الأرض المملوكة لي وواجهت مسئولون نافذون زرعوا في طريقي عقبات لم اخرج منها حتى الآن.. فالمدرسة المقامة على أرضيتي في الشيخ عثمان كانت مكتباً للجبهة الوطنية إبان النظام الشطري، ومؤخراً حكمت المحكمة بتسليمها لي ودفع إيجارها عن السنوات التي كانت بحوزة المدعى عليه، وهو عضو مجلس سابق ويدعى فؤاد النجار.. لكن النجار رفض دفع الإيجار واكتفى بتسليم المدرسة ليعود عبر مراوغة أخرى تمثلت في الإيعاز إلى آخرين ليدعوا أنهم أبناء شخص يدعى محمد رزق توفي في 1985م ولا أحد يدري كيف حدث هذا والمرحوم معه ولد عمره 16 سنة- ويزعمون أحقية ملكيتهم لأرض في المدرسة دون أي دليل حتى أنهم رفضوا الحضور مراراً إلى قسم الشرطة رغم استدعائهم. وبدلاً من ذلك ذهبوا إلى مكتب الإسكان لتقديم طلب بتمليك عقار بالمدرسة غير أن المكتب رفض، وإذا بهم يعودون ليبنوا على أرضيتنا بناءً عشوائياً في المدرسة ولم تحرك شرطة الشيخ عثمان ساكناً. وتضيف مستغربة: إن كل ما فعلته الشرطة في الشيخ عثمان هو أن منعت ابن أروى الهمداني من دخول الأرضية، الأمر الذي منحهم ضوءاً أخضراً لبناء آخر على هيئة سلم موصل إلى البيت المجاور للأرضية ومساعده من أقربائهم اللي بنوا في الأرضية خمس ادوار والأخرى من دورين. وقالت السيدة أروى: حين تطورت القضية، نزل محافظ عدن أحمد الكحلاني إلى موقع الأرضية في كود بيحان وأكد أنها ملك للهمداني لكنه لم يتخذ خطوات لنقلها إليها. وإزاء تأكيد المحافظ ملكية أروى للأرض في كود بيحان كان أن رفعت نيابة عدن قضية ضدها كاذبة وإن الغرض منها احتجازها وإدخالها في متاهات ومرافعات لا نهاية لها وبالتالي ضياع قضيتها الحقيقية واتهمت نيابة عدن أروى بناء على بلاغ كاذب ادعى أن حاويات تابعة لهم كانت في الأرضية قبل التسوير وبها أخشاب بقيمة 25 مليون ريال مع أنهم أدخلوا الحاويات بعد التسوير ورفضوا إخراجها حتى الآن ويشهد على ذلك المحافظ الكحلاني ونائب المحافظ ورجال الأمن. وتتهم الهمداني شخصين يدعيان اليافعي والمصري بتدبير حيلة إدخال الحاويات إلى أرضيتها في منطقة كود بيحان والادعاء بنهب ما فيها. وكانت السيدة أروى الهمداني اتهمت- في رسالة مناشدة إلى رئيس الجمهورية- رئيس النيابة بعدن بعرقلة توجيهات رئاسة الجمهورية، وكذا توجيهات قضائية بإعادة الأرض لها كونها المالك لها. وبينت في رسالتها بأن النيابة العامة بعدن وقفت إلى جانب احد النافذين ورفاقه الذين يدعون أحقيتهم للعقار مستقوين بالنائب العام رغم عدم امتلاكهم أي وثائق تؤكد ذلك. وقالت السيدة الهمداني- المقيمة في اليمن حاليا- أنها تعرضت للتهديد بالسجن أثناء متابعتها للقضية بعدن، مشيرة إلى أن المتنفذين في عدن يريدون الاستيلاء بالقوة على أرضيتها، رغم الوثائق التي تؤكد ملكيتها للعقار رقم (304 س 50) بالشيخ عثمان، شارع الأردن، منطقة كود بيحان، مضيفة: أن توجيهات صدرت إلى محافظ عدن احمد الكحلاني من عدد من القيادات في الدولة منهم على محمد الآنسي، مدير مكتب رئاسة الجمهورية، الذي طالب المحافظ في الرسالة الإطلاع على الأوليات والتوجيه إلى الجهة المختصة بتنفيذ الأحكام طبقا للشرع والقانون.
كما صدر توجيه أخر من دولة عبد القادر باجمال، رئيس مجلس الوزراء (آنذاك)، إلى محافظ عدن أيضا طالبه فيه بالإطلاع والتوجيه بسرعة إعادة ملكية العقار كاملا للمالكة الشرعية بحسب الوثائق الثبوتية والشرعية التي توجد بحوزتها. كما صدر توجيه من رئيس مصلحة عقارات الدولة يحيى عبد الله دويد إلى المحافظ أيضا يقول فيه: "يرجى الإطلاع والتوجيه لجهة الضبط بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإخلاء العقار وتسليمه لصاحب الحق وضبط الأشخاص الذين قاموا بالاستيلاء على العقار بتلك الطرق التي لا يقرها الشرع". نائب المحافظ عبد الكريم شائف- مدير أمن محافظة عدن- وعد بتمكين السيدة أروى من العقار الذي تملكه والعمل بالتوجيهات وأي شخص يتظلم يتجه إلى القضاء.. لكن لم يحدث أي جديد في الموضوع. أروى الهمداني- اليوم- ما زالت تترقب "إلتفاتة أخوية" من لدن رئيس الجمهورية لإعطاء قضيتها الأولوية في المعالجات التي يتولاها منذ فترة، خاصة وأنها امرأة ليس بجانبها رجل يعينها على المزيد من الترحال المضني، بعد أن استنفذت قواها في أعوام من المراجعات، والمعاناة، والانتظار لانتصار قانون الدولة على "بلطجة" الفساد!!