عاجل: قوات العمالقة تقضي على مجموعة حوثية في أطرف مأرب اليمنية    المستشار سالم.. قائد عتيد قادم من زمن الجسارات    عدن تستغيث: لا ماء، لا كهرباء، لا أمل    استشهاد نجل مستشار قائد محور تعز العميد عبده فرحان سالم في مواجهات مع المليشيا    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    صنعاء تصدر قرار بحظر تصدير وإعادة تصدير النفط الخام الأمريكي    عقد أسود للحريات.. نقابة الصحفيين توثق أكثر من 2000 انتهاك خلال عشر سنوات    هذا ما حدث وما سيحدث.. صراع العليمي بن مبارك    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    مسلحون يحاصرون مستشفى بصنعاء والشرطة تنشر دورياتها في محيط المستشفى ومداخله    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانفجار السكاني في اليمن.. ثقافة التناسل والرّزق على الله!
نشر في نبأ نيوز يوم 13 - 12 - 2007

انفجار سكاني.. يدوي صوته في كل الأروقة الرسمية وغير الرسمية، ولكن من يكترث لإيقاف هذه الغريزة البشرية التي ما انفكت تتناسل، وتتناسل، ولا تغمض عينيها إلاّ وهي تحلم بالتناسل، فثمة صوت يرتجع صداه في الأذنين منذ دخلها من إحدى المنابر، قائلاً: (تكاثروا فأني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة)!
اليوم تقف اليمن حيرى أمام هذه الكتل البشرية الهائلة التي تنهم كل شيء، ولا تترك شبراً من الأرض دونما أن تتزاحم عليه.. زحام على آبار المياه، وزحام على أبواب البقالات، والجزارين، والباصات، ومقاعد الدراسة.. بل وحتى على مكاتب تحصيل فواتير الهاتف، والكهرباء!! فيما يقول الرئيس علي عبد الله صالح :"أن كل ما تأتي به التنمية تبتلعه الزيادة السكانية"، ويبدو أنه محتار ماذا عساه أن يفعل ورئيس حكومته إزاء شعب يشقى النهار كله، لينفقه عصراً في بضع غصون قات، حتى إذا أدركه الإفلاس ليلاً بدد سأمه بليلة حمراء لاهبة!!
يوم أمس الاثنين (10/ ديسمبر) اجتمعت أطراف وطنية ودولية عديدة تحت مظلة المؤتمر الوطني الرابع للسكان، وكان حضور تسعة وزراء وعاشرهم رئيس الوزراء، وكبار مسئولي الأمم المتحدة، وسفراء أجانب وعرب، مؤشر كافٍ بأن ثمة مشكلة سكانية هائلة تواجه اليمن.. فالعالم كله قلق من ماكينة الإنجاب اليمنية التي ترفض التوقف..!
• 61 مليون نسمة عام 2033م
أحدث دراسة سكانية تحليلية- أعدها فريق من الخبراء في كل من وزارة التخطيط والتعاون الدولي، والمجلس الوطني للسكان، وبإشراف خبراء من شركة "كونستلا فيوتشرز" Constella Futures المتخصصة عالميا، أكدت: أن عدد سكان اليمن سوف يتجاوز ال(50) مليون نسمة، بحلول عام 2033م، إذا ما بقي النمو السكاني على ما هو عليه في الوقت الراهن بمعدل خصوبة (6.1 طفل/ طفلة لكل سيدة يمنية).. أما إذا لم يحدث أي تدخل حكومي للمعالجة فإن العدد مرشح للارتفاع إلى (61) مليون نسمة..
وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان: فإن نتائج الدراسة التحليلية المعروفة باسم (رابيد)، أوضحت أن ارتفاع عدد سكان اليمن إلى (50) مليون نسمة يعني أن هذا العدد سوف يحتاج إلى خلق (2.2) مليون فرصة عمل، كما سيبلغ عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الأساسي إلى (14.7) مليون طالب وطالبة، وسيحتاجون إلى (490) ألف مدرس ومدرسة.
وتضيف الدراسة: أما تأثير هذه الزيادة السكانية على القطاع الصحي، فقد أظهر التحليل حاجة إلى ما يزيد عن (16) ألف طبيب وطبيبة. وعلى صعيد الموارد الطبيعية فإن الاحتياج من الموارد المائية سوف يبلغ (8392) مليون متر مكعب، فضلا عن الآثار الأخرى المرتبطة باحتياجات الطاقة والأمن وغيرها.
كما قدمت الدراسة التحليلية افتراضاً ثانياً، هو في حالة انخفاض معدل الخصوبة إلى (3.3) بحلول عام 2020م وفقا للإستراتيجية الوطنية للسكان، فإنه من المتوقع أن يصل عدد سكان اليمن إلى (43) مليون نسمة.
• حملة من منزل إلى منزل
في الآونة الأخيرة تعالت صيحات ذوي الاختصاص والمسئولية منادين بضرورة تنظيم الأسرة.. فالدكتور زهير الإرياني- الذي شغل في السابق مدير مركز العلفي لرعاية الأمومة والطفولة وتنظيم الأسرة بأمانة العاصمة- لم يكتف بالنداء، بل تبنى الدعوة إلى حملة وطنية شاملة لتنظيم الأسرة "حتى لو اضطررنا لجعلها حملة من منزل إلى منزل- على غرار الحملة الوطنية الشاملة لمكافحة شلل الأطفال، والتي نجحت اليمن فيها بسبب الجدية التي أعطيت إليها، وللإحساس بحجم الخطر الناجم عن تجاهلها".
وحذر الدكتور الإرياني في لقاء مع "نبأ نيوز" من تفاقم مشاكل النمو السكاني الكبير في اليمن، وانعكاساته السلبية على الخطط التنموية، داعياً إلى حملة توعية وطنية لتنظيم الأسرة على غرار حملة مكافحة شلل الأطفال، تُحشد إليها الجهود الحكومية، والدولية ومنظمات المجتمع المدني، ومتطوعين يتنقلون من منزل إلى منزل لتوعية المواطنين بأهمية تنظيم أسرهم.
ويقول أيضاً: "اليمن تشهد انفجارا سكانياً من خلال ارتفاع نسب الولادات فيه بمعدلات عالية جداً أخذت تنعكس سلبياً على فاعلية دور الأسرة في المجتمع، والجانب النوعي التربوي لأفرادها، علاوة على أن إبقاء الباب مفتوحاً أمام هذه الزيادة من شأنه تكريس حالة الفقر، وإفشال كل برامج وخطط مكافحة الفقر – سواء المبذولة من قبل الحكومة أو جهات دولية مختلفة خاصة في ظل الموارد المحدودة التي لدى اليمن".
• في الثانوية ولا يعرف من أين تلد المرأة!
لكن الدكتورة جميلة أحمد أبو أصبع – مديرة المؤسسة التنموية للمرأة والطفل- تطمح "لأن تكون هناك توعية كاملة أولا في برامج المدارس .. يعني أنا ما اقدر أوعي واحد عمره (40 – 50) سنة بالصحة الإنجابية، فمن الضروري أن يكون ضمن البرنامج المدرسي ما يسمونه بالصحة الجنسية أو الإنجابية يدخل ضمن برامج الثانوية أو الجامعات، لأنه أنت تؤهل الجيل للمستقبل.. عندنا بدايات، لكن ليس لدينا الطاقم المؤهل لإلقاء البرنامج- يعني تفهمه أن الجنس ينطلق عن طريق كذا وكذا، وضروري نتفادى كذا وكذا، وأنه فيه أمراض الآن أصبحت منتشرة في العالم وتفهمهم كيف يتركب الجهاز التناسلي ، فبعض الأطفال يوصل للثانوية وما يعرف من أين تلد المرأة!".
وتحدد الدكتورة أبو أصبع أحد جوانب المشكلة السكانية بقولها: " في اليمن يزوجوا الطفل وعمره 18 سنة ويزوجوا البنت وعمرها 15 سنة.. أسرة شابة ولا تمتلك الموارد المادية لإعالة الأسرة، ولا وعي كيف يربوا الأطفال الجدد، ففي هذه الأعمار يصبحوا مع مولودهم عالة على رب الأسرة ولهذا نحن عندنا ارتفاع كبير بالخصوبة لأن الطفلة بمجرد أن بلغت يمكن تحمل، وكذلك لا يوجد عندنا مسئولية ولادية ‘ فالطفل عمره 18 سنة نحمله مسئولية وما أن يبلغ 25 سنة حتى يصبح عنده 4-5 أطفال و- طفش- من الحياة ، لذلك نسبة كبيرة من الذين يبلغوا 30-35 سنة نجدهم قد ملوا من الزوجة الأولى فيذهب يبحث عن زوجة ثانية."
وتؤكد:" كلما كبرت الأسرة كلما ضاقت فرص الإبداع ومساعدة الآخرين .. هذه مشكلة كبيرة خاصة عندنا في اليمن.. يخلف ثمانية أطفال وتنشغل المرأة بأكلهم وطبخهم ونظافتهم ومدارسهم، وزواجاتهم، فيظل الهم الرئيسي للأم والأب هو هذا.. هذه من القضايا المهمة التي نحب التوعية بها".
• حذار من التطرف والإرهاب
ما زلت أتذكر الأخ عبد الرحمن الأكوع- عندما كان وزيراً للشباب والرياضة- تحدث ذات يوم في إطار استعراضه للتحديات أمام الشباب، عن المشكلة السكانية، فأشار إلى أن نسبة النمو في اليمن بلغت 3.2% وهي نسبة كبيرة جداً، وأن معدل الخصوبة يقدر ب 6.2 مولود لكل امرأة، فيما نوه إلى أن تقديرات رسمية تقول أن سكان اليمن في عام 2025 من المتوقع أن يصلوا إلى حوالي 35 مليون نسمة.
وقال الأكوع: أن أعداد الشباب من الفئة العمرية (15-24) عاماً يقدرون حالياً بحوالي خمسة ملايين نسمة.. وحذر من أن تجاهل الشباب وعدم رعايتهم قد يقود إلى تحولهم إلى فريسة للتطرف والإرهاب والغلو، والعملة غير الشرعية، ناهيكم عن الفقر والبطالة وغيرها من المشاكل.
• نريد حلاً..!؟
بحثنا عن الحلول في كل مكان ، وعدنا إلى مركز العلفي لنسأل الدكتور زهير الارياني، فأشار علينا بتنظيم الأسرة، وقال : "الدولة وفرت وسائل تنظيم الأسرة بأسعار رمزية، ودعمتها إلاّ أن ذلك وحده لا يكفي إطلاقاً لمواجهة مشكلة الزيادة السكانية الهائلة، بل على الدولة أن تتبني حملة وطنية شاملة لتنظيم الأسرة، ونشر هذه الثقافة من خلال حشد جهود الجامعات، والمدارس، والجوامع، ووسائل الإعلام المختلفة، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الطبية الأهلية، ودوائر المرأة ومؤسساتها المختلفة، وكل المؤهلين للقيام بحملات التوعية".
وأشار الدكتور الإرياني الى أن "الخطة الخمسية لم تستطع استيعاب أعداد العاطلين عن العمل، ولو ازدادت المواليد على مدى الخمس سنوات القادمة بنفس الوتيرة ستكون كارثة، لأن الأمر مثلما وصفه الأخ الرئيس علي عبد الله صالح " أي زيادة في موارد هذا البلد يبتلعها السكان".
• تدخّل المنظمات الحقوقية
ونوّه الأرياني أيضاً إلى أن المنظمات الحقوقية النسوية معنية بدرجة كبيرة في الدفاع عن حقوق المرأة في هذا الجانب، حيث أن الزواج المبكر له آثاره السلبية جداً على المرأة، إذ أنها تحمل في وقت مبكر بين (13 – 18) عاماً ، وتبقى في حالة ولادات متكررة، وما أن تبلغ سن (30) عاماً تكون صحتها قد أنهكت، واستهلكت نضارة شبابها، وقدرتها على أن تحيا بسلامة صحية أو بحيوية أسوة بغيرها من نساء العالم؛ وهذا ما ينبغي أن تعطيه المنظمات الحقوقية المدافعة عن المرأة أولوية في القضايا التي تبحثها.
وأكد أن من مخاطر الانفجار السكاني في بلد ضعيف الموارد الاقتصادية هو انخفاض الجانب النوعي للمواليد لعدم قدرة الأسرة على كفايتهم من احتياجاتهم الأساسية كالتغذية، والتهذيب السلوكي، والتعليم وغير ذلك من الأمور التي يؤدي الافتقار إليها إلى ارتفاع معدلات الفساد والجريمة في المجتمع، وبالتالي تفاقم مشاكل المجتمع وتعقيدها.
• نتائج مخيبة للآمال
في استطلاع أجراه (نادي أطباء اليمن)، كشفت النتائج أن (32%) من المشاركين بعدم وجود تنظيم للأسرة، بينما انقسمت النسبة المتبقية بين (34%) لمن يستخدمون الواقي الذكري، و(34%) لمن يستخدمون الأدوية المانعة للحمل كوسائل لتحديد وتنظيم النسل.
ووصف نادي أطباء اليمن نتيجة أن (32%) لا يستخدمون ولا يقومون بتنظيم النسل والإنجاب هي "نتيجة مخيبة للآمال"، حيث وأن معظم مشاركي الاستطلاع من طبقة المثقفين، ولم تشارك في الاستطلاع الشريحة المعبرة عن الغالبية العظمى من اليمنيين والمتمثلة في مواطني الأرياف ومحدودي الدخل الذين لم يلجوا عالم الإنترنت بعد.
• ظلت المساجد تقول للناس تكاثروا!
حاولنا أيضاً الوقوف على حقيقة الأمر من الدكتورة جميلة العنسي– المسئولة في مركز العلفي عن الأسرة– فأكدت العنسي: أن إقبال سكان الأرياف أكبر من سكان المدن على طلب المساعدة من قبل المركز في تنظيم أسرهم ، كما أن الكثير من الأزواج يأتون إلى المركز مع زوجاتهم ، ويستمعون للمحاضرات التي نقيمها بشكل منتظم، أو إلى الاستشارات التي نقدمها إلى زوجاتهم، ويتفهمون الحالة جيداً.
وأشارت إلى أن الغالبية العظمى ممن يرتادون مركز تنظيم الأسرة هم من فئة (30 – 35) عاماً، بعد أن دب التعب فيهم ، وضاقوا ذرعاً بالوضع الذي آلت إليه أسرهم جراء الولادات المتكررة.
سألناها عن الإشكالية في رسوخ ثقافة التوالد عند المجتمع، فقالت: أنه جزء من موروث ديني أحياناً ظلت المساجد تقول للناس تكاثروا.. تكاثروا.. دونما اهتمام بالجانب النوعي التربوي الذي يكون موضع التفاخر الحقيقي للرسول صلى الله عليه وسلم بتكاثر الأمة ، فالرسول لا يباهي بالعاطل، أو الجاهل الذي عجز والديه من منحه القدر الكافي من التربية والتعليم والرعاية..الخ ، فبعض رجال الدين لا يفرقون بين قطع النسل وبين تنظيمه.. فنحن لا ندعو الناس إلى عدم التناسل بل إلى أن تكون الفترة الفاصلة بين مولود وآخر لا تقل عن عامين ، وهذا جزء من شرع الله الذي حدد فترة الرضاعة والفصام بحولين كاملين.
• نخاف المتشددين
وحول إمكانية نشر الثقافة الإنجابية في مدارس الثانويات للبنات، قالت الدكتورة العنسي: البنات يمكن أن يتقبلن الثقافة الأسرية برحابة صدر وسهولة ، ولكن المشكلة في بعض المتشددين الذين سيفسرون الأمر على أننا نعلمهن أمور جنسية غير شرعية.
وتقول أيضاً: أن مراكز تنظيم الأسرة لا تعطي المرأة وسائل التنظيم إلاّ بعد فحصها، وتحديد الوسيلة التي تلائمها، ومراقبتها بصورة دورية، وهذه الوسائل ابتداءً من اللولب إلى الحبوب وغيرها موجودة لدينا في المراكز بأسعار مدعومة من قبل الدولة أو مجانية.
• صندوق الأمم المتحدة يلجأ للأوقاف
في بادرة لانتشال اليمن من كارثة الانفجار السكاني، قام صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA يوم 21 نوفمبر 2007م بتوقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية لتقوم وزارة الأوقاف بموجبها برفع الوعي بين خطباء المساجد والمرشدين الدينيين العاملين في أربع مديريات من محافظتي: إب والحديدة حول الموضوعات والقضايا المتعلقة بالسكان والصحة الإنجابية، وتزويدهم بالمعارف الخاصة بهذه القضايا، وتدريبهم على الطرق والأساليب التي تمكن خطيب المسجد والمرشد الديني من التعاطي الفاعل والمقنع لهذه القضايا نظرا لأهمية دور علماء الدين في ما يتعلق برفع الوعي بين الجمهور إزاء هذه القضايا الحيوية والهامة بالنسبة للمجتمع اليمني.
ويقع هذا النشاط من ضمن أعمال البرنامج القطري الجديد للصندوق في اليمن، والذي بدأ العمل به في عامنا الجاري ويستمر حتى عام 2011، ويستهدف بناء القدرات البشرية، وتقديم الدعم والمساعدة الخاصة بالقضايا السكانية في كل من محافظات: الحديدة، وعدن، وحضرموت، وإب، والمحويت، وحجة.
• ناقوس الخطر دق مرتين
الدكتور صالح الشيخ- مساعد ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان- وفي اجتماع مع لجنة البرلمان يوم 12/ نوفمبر/2007م، اعتبر نتائج التحليل "الرابيد" بأنه ناقوس يدق الخطر، مضيفا أن من ما يؤسف له بأن هذا الخطر قد دق مرتين أثناء المؤتمر الوطني للسياسات السكانية في عام 1996 و2002، وهذا يعنى بأن هناك فرصة ضائعة ونرجو ألا تضيع هذه الفرصة مرة أخرى، على قوله، وفيما يتعلق بالأرقام التي انتهى إليها تحليل "الرابيد" وقدمت في هذا اللقاء فقد وصفها "الشيخ" بأنها مفزعة جدا، مؤكدا على أن هذه النتائج قد تم التوصل إليها من خلال أساليب وأدوات علمية معروفة، ومن ثم فهي بمثابة حقائق، وتغني عن عشرات المحاضرات وعددا من الكتب، على حد وصفه.
• البرلمان: أننا قادمون على كارثة
النائب البرلمان نبيل باشا- رئيس اللجنة الخارجية بمجلس النواب- فقد وصف الوضع في حال استمرار الزيادة السكانية على ما هي عليه الآن "بأننا قادمون على كارثة حقيقية"، وأردف قائلا: بأن هذا لا يعنى أن الصورة سوداوية، ولكن يدعونا إلى العمل فنحن بلد قليل الموارد ونمونا السكاني مرتفع.
وأضاف: أن هناك دور وطني للمجلس الوطني للسكان، ولكن المسألة ليست مهمته فقط فلا بد من تضافر جهود القيادة السياسية والأحزاب السياسية والعلماء، فإذا لم تتضافر الجهود فنحن لن نحقق شيئا في هذا المجال، مشيرا إلى أن معالجة القضية السكانية ينبغي أن يتم في إطار منظومة متكاملة، فالمؤشرات الحالية تدل على أن الوضع ليس في تحسن، فالأرقام الخاصة بموازنات الدولة تقل كل عام عن السابق، ومن ثم فأمامنا مسيرة طويلة وصعبة وعلينا أن نعمل مع الجميع، فإذا لم تعالج القضية السكانية فلن تتحقق التنمية.
• الأرياف أكثر حماساً لتنظيم النسل
كشفت دراسة أكاديمية متخصصة عن ارتفاع معدلات الأسر اليمنية المتحمسة لتنظيم النسل، وأماطت اللثام عن ظاهرة، وصفتها ب"النادرة"، تؤكد أن نسبة سكان الأرياف الذين يرتادون مراكز رعاية الأسرة من أجل تنظيم النسل يفوقون بكثير نسب الأسر القادمة من الحواضر المدنية اليمنية، وأنهم أكثر انضباطاً في التردد، وأن 77% من إجمالي الأعداد المهتمة بتنظيم الأسرة هم من الفئة العمرية الواقعة ما بين (30 – 35) عاماً.
وأوضحت الدكتورة رجاء خالد العنسي – التي أعدت الدراسة- في لقاء مع "نبأ نيوز": أن معدل أعداد النساء اللواتي لجأن إلى أربع مراكز لرعاية الأسرة في أمانة العاصمة صنعاء للنصف الأول من العام 2007م بلغ (4122) امرأة شهرياً ، بينما معدل أعدادهن للنصف الثاني من العام نفسه بلغ (4909) امرأة – بفارق (787) امرأة، وهي نسبة زيادة "عالية جداً" قياساً إلى فترة المقارنة.
وأشارت إلى أن نسبة 77% من الذين ارتادوا مراكز تنظيم الأسرة الأربعة- التي أجريت الدراسة عليها- هم من الفئة العمرية ما بين (31- 35) عاماً، فيما لم تتجاوز نسبة الشباب من الفئة (21 – 25) عاماً 2.2% ، والفئة العمرية (26 – 30) عاماً نسبة 4.6% ، أما النسبة المتبقية 16.2% فهي من الفئة العمرية (36 – 45) عاماً.
وأضافت: أن الظاهرة النادرة التي كشفتها بيانات البحث هي أن حوالي 62% من المترددات على مراكز تنظيم الأسرة قادمات من مناطق ريفية، بينما نسبة المترددات من المناطق الحضرية- المدن- لا تتجاوز 38% ، كما أن نسبة المتسربات من المتابعة الصحية الدائمة بين الأسر القادمة من الريف لا يتعدى 31% بينما في الفئة الثانية تصل النسبة إلى حوالي 35%، في الوقت الذي يفترض فيه العكس- بحسب الباحثة- باعتبار أن نسبة الوعي في المدن أكبر مما عليه في الأرياف.
• تطوير الصحة الإنجابية بتطوير التعليم
من جهتها قالت الدكتورة جميلة أبو إصبع أن اليمن تطمح الآن أن تكون لكل أم خمسة أطفال، مشيرة إلى أن 36.5 من الأسر اليمنية أصبحت اليوم تستخدم وسائل تنظيم الأسرة.. لكنها تعود للتأكيد بأن المشكلة جذرية ولا يمكن تطوير الصحة الإنجابية بدون تطوير التعليم، ورفع الوعي بأهمية تنظيم الأسرة.
وهكذا تسير عجلة الحياة اليمنية على نفس الوتيرة، والعارفون بالأمر وحدهم يحذرون، بينما الجميع يهم العودة للبيوت بحثاً عن فراش دافئ، وجنس ناعم، ولذة لا يهم بعدها إنجاب كتيبة أطفال.. فللمخلوق ربّ يتولاه في كل حين.. أوليس الرازق ربّ اسمه الكريم!؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.