مجدداً يعيد السيد "آنس فوراسمسون" – رئيس وزراء الدنمرك- عقارب التاريخ الى الخلف، بوقفته الوقحة أمام الشاشات ليخبر العالم أن "التطرف يقف وراء تأجج الغضب عند المسلمين" إزاء الرسوم الكاريكاتورية.. ليضفي على الإساءة الدنمركية لدين الإسلام مبرراً "شرعياً" يكفل ممارسة الإرهاب الفكري ضد المسلمين بمنطق ما أوحى للعالم من تفسير للغضب الإسلامي ! يا لدهاء هذا "المحترم" الذي ينهي به معاناة بحثنا الطويل عن إجابة لسؤال محير هو: كيف نجح اليهود بابتزاز أوروبا بأسرها بقصة "الهولوكوست" المستوحاة من حكايا العجائز! ومَنْ يقف وراء تعويم منطق الحاخامات فوق أجراس الكنائس الأوروبية لتصطبغ ممارسات الدولة بمنطق (شعب الله المختار) الذي يدفع له المواطن الأوروبي والأمريكي ضريبة من دخولهم الشهرية "وهم صاغرون"! ربما تأخر اليهود قليلاً في اللعب بورقة الهولوكوست، واستدرار عطف العالم ومنظماته الدولية، لكنه تأخير بعد تمكن من استنزاف القدرات الأوروبية في توطيد يهود العالم في (أرض الميعاد)، واستخدامهم دروعاً لدرء العالم الإسلامي من استرداد أرضه المغتصبة؛ ليصبح الزمن – بعد ذلك- مواتياً لخطوة أخرى باتجاه ما يستحقه (شعب الله المختار) من نفوذ مالي وسياسي يرتقي به الى ما فوق الأديان الأخرى، أو كرامة البشر الآخر. وفي ظل المصير الذي انتهت إليه "النازية" في أوروبا، أصبح كل شيء متاحاً لبدء رحلة الهولوكوست من عمق دوائر الاستخبارات والمخابرات لعدد من دول أوروبا التي كان اليهود يتجسسون لحسابها، ويتعاملون بصورة مباشرة مع قياداتها العليا، لتغدو قصص المذابح المليونية التي ارتكبها الجنرال "أدولف هتلر" – في روايات اليهود- هي كل التراجيديا الإنسانية التي ينبغي على العالم التعاطف معها، ودعم ضحاياها، ومناصرة مواقفهم المختلفة.. بل وتمكينهم من تبوء مراكز سياسية، واقتصادية، واجتماعية تكفل لهم استعادة كرامتهم، وثقتهم بالمجتمعات التي يعايشونها. وفي الحقيقة لم يكن اليهود، ومن ورائهم الصهيونية العالمية، يفكرون بالأمر على نفس النحو الذي روّجت له وسائل الإعلام التي يسيطرون على أهمها، أو حتى المنظمات الحقوقية، بقدر تطلعهم الى مسخ الأديان الأخرى بقيم ومفاهيم لطالما عُرفوا بها على مدى التاريخ لا تقل دهاءً عن سيناريوهات المجازر التي ارتكبتها النازية بحق أسلافهم ؛ وبالتالي فإن الانتقام لن يتحقق بغير فرص صدام ثقافي وحضاري يكون عنوان هولوكوس حقيقي لفناء الأمم الأخرى، وبقاء اليهود لتأكيد مصداقية ما وعدوا به بأنهم (شعب الله المختار)! ولعل انسياق سلطة الدولة في معظم دول أوروبا خلف الخديعة اليهودية- الصهيونية، والوقوع موضعاً للابتزاز ترجم حجم مخاوف السياسية الأوروبية من بعض فصول تأريخهم الذي خضعت فيها الدولة لسلطة الدين – ممثلاً بالكنيسة – الأمر الذي سمحوا في ظله بدفع الأحداث نحو مسخ مفاهيم الكنيسة، وثقافتها الروحية بالمنطق الإباحي القادم في جعبة الهولوكوست، والذي لا يعترف بحدود أخلاقية للممارسة الإنسانية. أعتقد أن الأمور الآن اتضحت كثيراً للسيد "آنس فوراسمسون" ، وأصبح بمقدوره وضع تفسير منطقي للحرب على الحجاب الإسلامي، وحملات وصم الإسلام بالإرهاب، والمجازر اليومية التي يتعرض لها مسلمو فلسطين والعراق وأفغانستان، وجرائم الحرب التي أُرتكبت في البوسنة، والممارسات الوحشية في "غوانتنامو" و "أبو غريب"، والحرب الكاريكاتورية على الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم" وأمته الإسلامية التي تستميت حكومة السيد "فوراسمسون" في الدفاع عن المتطرفين الحقيقيين الذين يروجون لثقافة " معاداة الإسلام "، ويدفعون الحضارات والثقافات المختلفة الى صدام تأريخي يعيد الأحداث الى مربع ما أطلقت عليه أوروبا " الكشوف الجغرافية". ذلك هو الهولوكوست يا سيد "فوراسمسون" الذي حظرت الدنمرك وأوربا تداوله في وسائلها الإعلامية بقانون، ولم تجرؤ على كشف عوراتها السياسية للأجيال لتقف على حقيقة المذابح النازية لليهود التي أممت أوروبا بشعبها، وقيمها، وحتى مقدساتها التي كانت تحرّم انتهاك الأديان! وأخيراً- فأنا أتحدى السيد "فوراسمسون" أن ينقل هذا الرأي لشعبه، أو حتى لصحيفة دنمركية مغمورة.. وإن فعل- فأتحداه أن يمكث في منصبه لأكثر من شهر واحد فقط..!! فالقرار ما تمليه دوائر صناعة الهولوكوست ، وليس ما يراه معالي "آنس فوراسمسون"..! ................................ * رئيسة تحرير "نبأ نيوز"