حذر اللقاء التشاوري الثالث لقيادات أحزاب اللقاء المشترك من تجاوز الأزمة الوطنية لحدود قدراتها وإمكانات أي طرف سياسي منفرد، مشيراً إلى أنها باتت بتحدياتها ومآلاتها الكارثية تهدد حاضر ومستقبل الشعب والوطن، وأضحت تتطلب أكثر من أي وقت مضى حشد كل الطاقات والإمكانات الوطنية المتاحة لإنتاج الحلول والمعالجات الشاملة في إطار جهد وطني يستوعب كل الأطراف السياسية والوطنية والاجتماعية ذات العلاقة والفاعلة في البلاد، تضمن إخراج البلد من أتون الأزمة الراهنة وإجراء إصلاحات سياسية وطنية نوعية وشاملة. وأعرب اللقاء الموسع- في بيان ختامي أوردته "الصحوة نت"-عن تأكيده، لصواب ما ذهب إليه المشترك في هذه المبادرة الوطنية، مشدداً على ضرورة تفعيل هذه الدعوة واستكمال الآليات الضامنة لنجاحها، والشروع بإجراء عملية التشاور الوطني مع كافة القوى والشخصيات السياسية والمثقفين والأكاديميين وكل الذين يؤمنون بضرورة إجراء إصلاح سياسي ووطني شامل، عبر حوار وطني جاد ومثمر يتعاطى تحت سقف الوحدة والديمقراطية مع كل الملفات والقضايا والأجندة الراهنة بعقل وقلب مفتوحين لإنقاذ البلاد، وإخراجها من الأزمة الراهنة التي أوصلت الوطن والشعب إلى حافة الانهيار. كما أقر اللقاء الموسع للمشترك (الأمانات العامة، والكتل البرلمانية، واللجان التنفيذية في المحافظات) المنعقد في 19/6/2008م بصنعاء، استكمال تشكيل لجنة التواصل والاتصال على المستوى المركزي والمحلي في مختلف محافظات الجمهورية في موعد أقصاه أسبوع من تاريخه. كما حذر اللقاء الموسع من التداعيات الخطيرة التي أنتجتها السياسيات الافقارية للسلطة على الغالبية العظمى من السكان الذين باتوا مصنفين تحت خط الفقر ومهددين بالمجاعة، كنتيجة للخلل العميق في توزيع الثروة مع استشراء الفساد وغياب التنمية وتراجع معدلات الاستثمار ارتفعت معها معدلات البطالة وتدنت القيمة الحقيقية للأجور، الأمر الذي يضعها تحت طائلة المسائلة والمحاسبة القانونية والأخلاقية نظراً للنتائج المأساوية التي أفضت إليها سياساتها الإفقارية والتي ألقت بضلالها الكئيبة على الحياة المعيشية البائسة للغالبية العظمى من المواطنين. وطالب السلطة بالاضطلاع بمسئوليتها الدستورية والقانونية تجاه الشعب، والعمل على الوفاء بالتزاماتها القانونية بما في ذلك خفض أسعار المواد الغذائية وفي مقدمتها القمح والأرز بما يتناسب ومستوى الانخفاض في الأسعار الدولية، داعيا في الوقت ذاته إلى التوزيع العادل للمعونة الغذائية المجانية التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة مشكورة للشعب اليمني والمقدرة ب(10) مليون كيس من القمح لكافة أفراد الشعب. وعلى صعيد أوضاع المحافظات الجنوبية، حذر اللقاء الموسع من المخاطر المترتبة عن غياب الرؤية الوطنية لدى السلطة في التعاطي مع القضية الجنوبية وعدم الاعتراف بها كقضية وطنية تعني كافة اليمنيين، وحذر من التلكؤ في معالجة هذه القضية الحيوية بأبعادها الحقوقية والسياسية كما عبر عنها الحراك السياسي والجماهيري السلمي، بعيداً عن الإقصاء والتهميش، وفي إطار شراكة وطنية حقيقية في السلطة والثروة ومصادرة صناعة القرار كحق مشروع لهم ولكل أبناء اليمن. وأكد اللقاء الموسع بأن نهج القوة والعنق الذي تعتمده السلطة لإخماد الحراك السلمي أسلوب عقيم، ولن يخمد المشكلة، معتبرا استمرار محاصرة النشاط السلمي الديمقراطي للقوى السياسية والقوى الفاعلة الأخرى من شأنه أن يستقطب كثيراً من قوى النضال السلمي إلى مشاريع أخرى. وحمل البيان الختامي الصادر عن اللقاء الموسع السلطة مسئولية المضي بعيداً في تجاهل هذه القضية الحقيقية ومنع التعبير عنها بالوسائل السلمية والديمقراطية، الأمر الذي يهيئ مناخات لأعمال وخيارات أخرى. وعبر اللقاء الموسع عن إدانته لنهج القوة والعنف وأعمال القتل بمختلف صوره وأشكاله، وطالب بضرورة محاكمة المتورطين في هذه الممارسات القمعية، بما في ذلك قتلة الناشطين في الاحتجاجات السلمية، والإفراج الفوري عن السجناء السياسيين وسجناء الرأي والكتاب والصحفيين ووقف المحاكمات السياسية التعسفية المخالفة للإجراءات الدستورية والقانونية النافذة، كما دان اللقاء الموسع مظاهر الفساد السياسي الذي تمارسه السلطة وأجهزتها الأمنية، وتدخلها السافر في الشئون الداخلية للأحزاب السياسية والنقابات العمالية والاتحادات الشبابية والطلابية والنسوية والمنظمات المهنية، عبر الضغوط الرسمي وأساليب الإقصاء والإكراه والتفريخ والهيمنة عليها لصالح الحزب الحاكم، بمختلف الأساليب اللامشروعة لإفراغها من محتواها ومضامينها النضالية وتهجينها كما جرى في الانتخابات الأخيرة التي شهدتها اتحاد النقابات واتحاد النساء على سبيل المثال. وحول حرب صعدة، عبر اللقاء الموسع عن إدانته لاستمرار الحرب والاقتتال، لما يترتب عليها من آثار وتداعيات مهددة للسلم الاجتماعي والوحدة الوطنية على نحو أصبح معه الدعوة إلى إيقافها مطلباً شعبياً ملحاً. وفيما بارك الجهود التي تبذل في سبيل حقن الدماء ووقف الاقتتال، دعا في ذات الوقت الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية إلى القيام بواجباتها في إثارة النازحين والمشردين وتيسير سبل وصول هذه المساعدات إليهم. وأكد على تفعيل الوسائل السياسية السلمية والديمقراطية في التعاطي مع البؤر الملتهبة في البلاد وفي سياقاتها الوطنية من خلال مصالحة وطنية شاملة تعالج الاسباب المنتجة لهذه الحروب بما يكفل عدم تكرارها مجدداً بما في ذلك إزالة آثار الحروب والصراعات السياسية السابقة وفي المقدمة منها حرب صيف 94م. وفي الختام أعرب اللقاء الموسع عن تقديره العالي للنضالات السلمية الديمقراطية التي يخوضها أبناء الشعب والناشطين السياسيين والحقوقيين والكتاب والصحفيين في سبيل الدفاع عن المشروع الوطني الديمقراطي للوحدة وانتصاراً للحقوق والحريات العامة المكفولة دستورياً، وحيا في هذا الصدد تحية إكبار لشهداء النضال السلمي ولأولئك المناضلين الذين طالتهم الإجراءات القمعية التعسفية والانتقامية للسلطة والذين يقبعون بصمود نادر خلف القضبان في زنازين سجون السلطة في العاصمة صنعاء والعديد من محافظات الجمهورية خلافاً للدستور والقانون النافذ، داعيا في ذات الوقت إلى مواصلة النضال السلمي الديمقراطي وديمومته كآلية حضارية للدفاع عن الديمقراطية وحماية الحقوق والحريات العامة حتى تحقيق الغايات الوطنية في الدستور وفي المقدمة منها بناء دولة المؤسسات والقانون والمواطنة المتساوية وتحقيق الحكم المحلي كامل الصلاحيات بما في ذلك حق الممارسة الديمقراطية والتنافس السلمي والمتكافئ عبر انتخابات حرة ونزيهة وعادلة تفضي إلى تحقيق التغيير الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وصولاً إلى يمن ديمقراطي عادل تصان فيه حرية الإنسان وكرامته وأمنه الغذائي والمعيشي في حاضره ومستقبله.