بعد ربع قرن من عمر حديقة حوبان تعز، يكتشف الأحفاد أن كل ما هو قائم يعود إلى عام 1985م، حين قدم أجدادهم بآبائهم يوم كانوا أطفالاً إلى نفس المكان.. وأن الدولة، رغم كل الملايين التي تدرها الحديقة سنوياً، وعلى امتداد 25 عاماً، عجزت أن تضيف لعبة واحدة للأطفال، لكنها بنت (25) سوقاً للقات..! "نبأ نيوز" تضع تقريرها التالي على طاولة الرأي العام، وصناع القرار: سبع ساعات قضاها احمد ذو الثمان سنوات منتظرا دوره في ركوب لعبة الحصان في حديقة "الحوبان" بتعز خلال زيارته الحديقة ووالده في إجازة عيد الفطر المبارك, أما علي ابن الست سنوات الذي قدم برفقة أسرته من إحدى ضواحي المدينة فقد احتفظ بإحدى تذكرتيه لليوم التالي لان مشرف اللعبة أعلن فجأة للجمهور الغفير العودة يوم غد.. مشهد من زحام يتكرر كل سنة مع قدوم كل عيد في حديقة حوبان تعز التي أنشئت قبل نحو ثلاثة عقود بأربعة ألعاب فقط هي لعبة "الحصان، والطائرة، والسيارة، والفيل", ومنذ ذلك التاريخ لم تشهد الحديقة أي تطور يذكر حتى تطوع أحد المهندسين اليمنيين المبدعين فصمم قطارا للأطفال يعمل في الحديقة المنهكة على مدار اليوم. حق اللعب للأطفال ليس متاحا لأطفال تعز الذين عجزت السلطات المحلية المتعاقبة عن توفير لعبة الكترونية تعود بالمتعة عليهم وترفد خزينة الدولة بالمقابل بملايين الريالات شهريا, لاسيما والإقبال شديد على الحديقة في المناسبات وغير المناسبات. قاسم غالب دبوان- أحد زائري الحديقة- عبر عن أسفه البالغ إزاء ما اسماه بالعقلية المتخلفة التي تشجع مجالس القات والتوسع في أسواقه على التوسع في إنشاء المتنفسات في كل مكان وتهيئتها لكل الزائرين من كل الأعمار بخدمات مناسبة تلبي كل الرغبات. ويقول دبوان: من غير المعقول أبدا أن نجد أسواق القات في تعز قد توسعت لتصبح بعد 25 عاماً 25 سوقاً، فيما لم تشهد المدينة غير حديقة واحدة وغير مهيأة ومكتملة! فالألعاب هي نفسها التي مارستها قبل 25 وأنا طفل يمارسها ابني اليوم.. ليس ذلك فحسب بل ويتوجب عليه البقاء في الطابور يومين حتى يمارس حقه في اللعب. ويتساءل: ما فائدة كل هذه المساحة المحجوزة منذ ربع قرن؟ لماذا لا يتم تأجيرها للقطاع الخاص مثل الحديقة المجاورة؟ لماذا يريدون لنا البقاء مع أطفالنا أسرى القات؟ لماذا تحولت الحديقة إلى (لوكندة) يقدم فيها كل لوازم القات من مداكي ومياه غازيه؟ كيف تقوم إدارة الحديقة بهدم سورها وإنشاء سور آخر جديد وكان الأجدر بها تسخير تلك الأموال المهدورة لصالح شراء ألعاب جديدة للحديقة؟ ويعتبر محمد عبده مهيوب– أب لخمسة أطفال- أن الإقبال الشديد على حديقة تعاون تعز يعود إلى ندرة الحدائق عموما الآمر الذي لم يخلق منافسة بين الحديقة العامة التي لا يوجد فيها ألعاب منافسة، والحدائق الخاصة التي يتوفر فيها ألعاب متنوعة غالية الثمن. أبناء مهيوب الخمسة لم يتمكنوا من اللعب بالتذاكر الخمس التي قطعوها, واحد فقط منهم استطاع الوصول إلى نهاية الطابور الذي ظل واقفا فيه تحت هجير الشمس الحارقة منذ الصباح الباكر. خالد طربوش حضر مع أطفاله الثلاثة، وقال ل"نبأ نيوز": إن عامل الحديقة أجبر ابنه ليكون أحد ثلاثة أطفال مشاركين في لعبة ركوب الحصان، موضحا له إن تلك أوامر إدارة الحديقة التي تقضي بركوب ثلاثة أطفال على ظهر حصان واحد دفعة واحدة بسبب قلة الألعاب والضغط الشديد على الحديقة. أما ابنه عمرو خالد (4 سنوات) الذي كان يبكى رغبة في اللعب وحسرة على مغادرة الحديقة دون أن يتمكن من استغلال تذكرته التي وضعها في جيبه.. لم يكن بمقدور احد إقناع الطفل بمغادرة الحديقة بتذكرته إلا بعد تدخل والده الذي قال له أن العيد الكبير قريب وربما يحتاج إليها. وأمام الإقبال الشديد من المواطنين على حديقة حوبان تعز اعترف المهندس/ فؤاد احمد عبد الله- مدير الحديقة- في تصريح ل"نبا نيوز": أن ألعاب الحديقة هي نفسها منذ العام 1985م وأن الحديقة لم تقدم شيئا جديدا للمواطنين منذ ذلك التاريخ، اللهم إلا لعبة قطار تمكن من صناعته مهندس يمني مبدع ويستخدم كوسيلة نقل تطوف الحديقة الواسعة ذهابا وإيابا بسعر خمسين ريال للراكب الواحد. ويعزي مدير الحديقة الإقبال الشديد على حديقة التعاون إلى السعر المنخفض (50 ريال للتذكرة) مقارنة بحديقة القطاع الخاص المجاورة. مدير الحديقة ضم صوته إلى صوت المواطنين مناشدا السلطة المحلية العمل على تطوير الحديقة وإدخال ألعاب جديدة لها, منوها إلى أن هناك توجه من المجلس المحلي بإضافة ألعاب جديدة للحديقة مع نهاية هذا العام آو بداية العام القادم, وقال: إن العمل جار الآن لإنشاء السور الجديد للحديقة الذي سيعمل على منع المتطفلين من دخول الحديقة بدون تذاكر من بوابة الحديقة. يبقى القول أن كثير من الأهالي بمدينة تعز أمضوا فترة عيد الفطر السعيد في منازلهم مضطرين لمضغ القات الذي ازدهرت مجالسة بصورة لافتة في السنوات الأخيرة، خاصة في صفوف الأطفال. إذ لا متنفسات متاحة، ولا حدائق مكتملة، ولا برامج عيدية قد تخلق شيئا جديداً لهم ويميز أيام أعيادهم عن بقية أيام السنة مما يدفعهم الأمر لتبديل تلك العادة التي يجمعون على مخاطرها وأضرارها.. ولكن ما باليد حيلة- مكرهاً أخاك لا بطل! "نبأ نيوز" تتساءل: يا ترى ما سرّ حرص المجلس المحلي بتعز على وضع العربة أمام الحصان، وإنشاء سور جديد للحديقة قبل الاهتمام بمكوناتها؟ وأين تذهب عائدات الحديقة إن لم تستثمر في تطويرها- طبقاً للقانون؟