الأستاذ القدير الدكتور عبد الكريم الارياني.. أنا شخصيا اعتبره هامه كبيرة، وعلم بارز من أعلام اليمن، وسياسي متمكن وبارع، وصادق وأمين في طرحه للقضايا الوطنية. ولن ينسى له اليمنيون أبدا رحلاته المكوكية أبان المشكلة التي طرأت في 1994م، وكان النجاح حليفه والحمد لله، لان الهدف في هذه القضية هو الحق، والوقوف بصلابة في وجه الباطل، حفاظا على وحدة اليمن الحبيب. كيف لا، وهو ينادي بالتوحد وغيره ينادي بالتمزق، ولا أظن أن هناك عاقل يرغب بالتقزم إلا من كانت له مصالح شخصية.. ولن اسرد المناصب التي تقلدها ذلك الرجل الجدير بها وبأكبر منها، وقد قلده الرئيس شرف أن يكون مستشارا له، ونعم الاختيار- فهو الشخص المناسب في الموقع المناسب. والسيد حيدر العطاس كان أول رئيس وزراء للجمهورية اليمنية بعد إعادة تحقيق الوحدة ألمباركة.. ولست بصدد السؤال أين كان العطاس، ولماذا أبان أحداث 1986م، وأحداث 1994م؟ فقد أجاب هو على ذلك السؤال. لكنني هنا أود فقط أن اذكر القارئ الكريم بهذا العبد الكريم (الارياني) في مقابلته التي بثت على قناة "الحرة" في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر، ونشرتها أكثر من وسيلة إعلامية، واليوم نرى وضوح ما قاله الارياني من رأي فيما تناقلته الأيام.. وأتذكر سؤال المذيع للارياني عن حيدر العطاس، فماذا عساه قال عنه في ذلك الوقت، وفي تلك المقابلة!؟ لقد قال الارياني: إن من أراد أن ينقض هذا العمل التاريخي (يقصد الوحدة اليمنية) فهو انفصالي حتى العظم.. هذا رأيه عن العطاس. ذلك الحكم الذي أطلقه الارياني عنه كان في سبتمبر، والرسالة التي قرأناها قبل أيام في شهر أكتوبر. وقد نشرت صحيفة "الأيام" الصادرة في عدن، والتي تحضى بكثير من الاهتمام لدى الذين كانت لهم صولات وجولات أبان الحكم الاشتراكي في الشطر الجنوبي من اليمن تلك المقابلة بنصها، بل ودافع البعض عن العطاس، رادين الاتهامات أو الأحكام التي قالها الارياني عن العطاس، بل والبعض اتجهوا إلى نفي تلك التهمة للأرياني ودافعوا عن "وحدوية" العطاس!! وقبل أيام، وفي الذكرى 45 لثورة 14 أكتوبر، نشرت جريدة "الأيام" تصريحاً زعمت فيه انه من العطاس موجه لصحيفة الأيام. وقد تعجبت من إرسال ذلك التصريح ل"الأيام" لدرجة أنني اعتقدت إن تلك الصحيفة ربما هي التي فجرت ثورة 14 أكتوبر، وليس "راجح لبوزه".. لكن تعودنا أن نفهم المعنى، ونقرأ ما بين السطور، فلا غرابة في ذلك بعد كل ذلك. المهم في الرسالة أو التصريح بعد قراءته بتمعن، وتفحص محتواه من اختيار الكلمات والألفاظ المعبرة عما يحمله صاحبه من فكر وقناعة، نجد أن الدكتور الارياني لم يخطئ في مقابلته، بل هنا نجد فيه الحصافة الدبلوماسية، والحدس السياسي والرؤية لأبعد مما يراه الآخرين. ولكم أن تتصوروا أن تصريح الارياني قد سبق الرسالة، فهذا هو بعد النظر. وأجدني أعطف كثيرا على الذين شمروا السواعد للدفاع عن قضية محسومة وواضحة المعالم والأدلة ولا تحتاج للذكاء.. وأجد نفسي في هذه المقارنة أسأل من لا يريد أن يعترف بالحقيقة بعد كل ذلك: أليس ما قاله الارياني تؤكده الأيام؟ يخطر ببالي شخصان في هذه اللحظ: سوار الذهب "السوداني"، ونلسون مانديلا "الجنوب إفريقي"، تركا السياسة وارتاحا وريحا الآخرين، وتفرغا لحياتهما الخاصة، وتركا الجمل بما حمل، ولا أظن أن حياتهما الآن أقل حالا من ذي قبل إطلاقاً.. فهل يشبع من كانوا سياسيين بما أخذوه من المناصب، أم إن الإنسان طماع، ولو على حساب شعب ووطن بكامله!؟ [email protected]