على رغم حداثة تجربة اليمن مع الديموقراطية، تنحو المشاركة السياسية في شكل عام والانتخابية في شكل خاص إلى الانحسار، لا سيما في أوساط الشباب. وربما تعد البطالة وانتشار الفقر والبنية التقليدية للأحزاب اليمنية أسباباً رئيسة لمشكلة إحجام الشباب عن المشاركة الانتخابية. إلا أن هذا لا يعني ان علاقة الشباب اليمني بالانتخابات معدومة تماماً، إذ تعتبر المواسم الانتخابية «فرصة سانحة» لبعض الشباب للحصول على فرص عمل «موقتة»، من خلال المشاركة في اللجان الانتخابية والدعاية للمرشحين، كما بدأت بعض المراكز تجنّد الشبان للرقابة على الانتخابات أو لتنفيد استطلاعات رأي. وترى ليلى (28 سنة) في هذه الفرص «شعرة معاوية» التي ما زالت تربط كثيراً من الشباب بالسياسة والانتخابات، وبحسب ليلى التي سبق وشاركت ضمن لجان القيد والتسجيل، فإن «معضلة الديموقراطية في البلدان العربية تكمن في التباعد المطرد بين الخطاب والممارسة». وكانت تجارب الانتخابات اليمنية كشفت عن اتساع الهوة بين النخبة السياسية والشارع، ما فاقم أزمة الثقة بقدرة «الديموقراطية» على إحداث تغيير. ويذكر بسيم عبدالرحمن (24 سنة) انه شارك في اللجان التي أشرفت على انتخابات اتحاد الطلاب قي كلية الطب، كما شارك في لجان القيد والتسجيل خلال الانتخابات البرلمانية والمحلية، إلا انه لم يشارك في اقتراع وليست لديه بطاقة انتخابية. ويعتبر ماجد (29 سنة) ان عجز المؤسسات المنتخبة عن اجتراح تغيير ملموس يفاقم شعور الشباب بالإحباط ويصرفهم عن المشاركة. ويقول ماجد، الذي لا يمتلك بطاقة انتخابية أيضاً، لكنه شارك في لجان الاقتراع اثناء الانتخابات البرلمانية، انه أدلى بصوته خلال الانتخابات الطلابية على أساس شخصي ودعماً لمرشحين أفراد ممن تربطه بهم علاقة. وفيما تفيد سلوى (26 سنة) انها لا تعلم بالانتخابات التي تجرى في كليتها إلاّ من خلال لافتات الدعاية وحوادث الصخب والمشاجرات التي تنشب بين الجماعات الطالبية، يتفق ماجد وبسيم ومعهما عدد كبير من الطلاب على ان الاهتمام بالانتخابات الطلالبية ما زال محصوراً بالمنتمين الى أحزاب. ويشير ماجد الى فئتين من الطلاب غير المنتمين الى أحزاب: الأولى تحجم عن المشاركة لأنها تعي ان الهيئات الطالبية غير قادرة علىإحداث تغيير، والثانية غير ملتزمة حزبياً لكنها قد تنقاد لتصوت لجماعات سياسية محافظة. وترى ليلى أن العملية السياسية في اليمن، لم تحصل بعد على مرتكزات حقيقية تنهض بها لتصبح جزءاً من اهتمام الشباب، لافتة إلى «تخشّب كثير من القيادات السياسية واستمرار إقصاء الشبان والفتيات في شكل خاص عن المشاركة في القيادة علاوة على وجود أحزاب أسرية». وينتقد ماجد «التشوه الحاصل»، والذي يسفر عن انتخاب الاشخاص نفسهم مراراً وتكراراً، وأمور أخرى كدعوته، وهو خريج جديد في كلية الطب، المشاركة في انتخابات نقابة الأطباء والصيادلة على رغم انه لم ينتسب الى النقابة. ويوضح: «أبلغوني انه يكفي ان أحضر معي شهادة التخرج». وفيما يبدو ماجد غير واثق بالسلوك الذي يعتزم القيام به، تلفت سلوى الى «الفوضى السائدة والتي باتت تطاول ما هو سياسي وغير سياسي»، على حد قولها. وتشير إلى «شيوع المال السياسي الذي يدفع كثيراً من الشباب الى بيع أصواتهم مقابل الحصول على زربة قات»، موضحة ان هذه الحال باتت حاضرة في غير مستوى، من الانتخابات البرلمانية إلى انتخابات الصحافيين واتحاد الطلاب.