بدأت شركات عاملة في قطاع النقل البحري في تحويل مسار أساطيلها إلى رأس الرجاء الصالح بدلا من قناة السويس خشية التعرض لخطر الوقوع في أيدي القراصنة الصوماليين، بما يهدد حركة الملاحة في القناة، فيما تواصلت عمليات اختطاف السفن في خليج عدن. ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن روب لوماس الأمين العام لمجموعة إنتركارجو التي تمثل ملاك سفن نقل البضائع الجافة، أن بعض الشركات أصبحت تتجنب قناة السويس، وهو إجراء وصفه بأنه "إجراء غير عادي في زمن السلم". وقال لوماس: "على مدى مئات السنين من الخبرة في مجال الشحن، قابلنا أحداثا من قبل أغلقت فيها قناة السويس، بعد حرب 1967 بين العرب وإسرائيل على سبيل المثال، لكن هذا الأمر لم يسبق له مثيل في القرصنة". وأضاف قائلا: "فيما يخص البضائع الجافة، نعلم أن ثمة شركات توازن بين المرور عبر قناة السويس أو رأس الرجاء الصالح، ونعلم أن شركات قررت المرور عبر رأس الرجاء الصالح". وأعلنت ثلاث من شركات الشحن الكبرى على الأقل أنها ستتجنب المرور خلال قناة السويس، وهذه الشركات، هي: شركة سفيتزر، التي تعد أكبر شركة في العالم لتشغيل سفن القطر، ومجموعة أودفييل النرويجية لناقلات المواد الكيماوية، وشركة كبيرة أخرى لتشغيل سفن نقل الغاز المسال لم تذكر رويترز اسمها، كما تقوم حاليا سفن نقل الحاويات بتقييم موقفها، وبحث خياراتها المتاحة. جاء ذلك بعد أن استولى قراصنة صوماليون على ناقلة النفط السعودية العملاقة "سيريوس ستار" في أكبر عملية قرصنة للسفن في العالم. وذكر لوماس الذي امتنع عن تحديد الشركات الأعضاء في مجموعته التي قررت تفادي المرور بقناة السويس أن بعض الشركات ربما تحول مسار سفنها "لأسباب تجارية بحتة". وقال: "الشركات قد تحدد مسار سفنها بصورة طبيعية عبر رأس الرجاء الصالح لأسباب اقتصادية، نواجه سوق شحن ضعيفة جدا في الوقت الحالي فيما يتعلق بنقل البضائع الجافة؛ ولذا سيقيم الناس الخطر الإجمالي بما في ذلك التكاليف". وذكر أن الشركات ستضع في اعتبارها رسوم المرور من قناة السويس وكلفة الوقود والتأمين والزمن الإضافي للرحلات. وقال لوماس: إن أسعار التأمين على السفن ذاتها زادت بحوالي 10% منذ الصيف للرحلات التي تمر في خليج عدن، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع تكلفة المرور عبر قناة السويس. ولم يتضح ما إذا كان سماسرة وشركات التأمين سيرفعون الأسعار بدرجة أكبر بعد اختطاف الناقلة السعودية، لكن بعض خبراء صناعة التأمين في العالم ذكروا أنه من المرجح أن تواصل أقساط التأمين الإضافية الارتفاع. وقال لوماس: "إذا حسبنا كل هذه العوامل ربما نجد أن رأس الرجاء الصالح خيار جذاب على أي حال". وأعلنت البحرية الأمريكية أن القراصنة اقتادوا ناقلة النفط السعودية التي خطفوها في مطلع الأسبوع، وهي محملة بشحنة من النفط قيمتها 100 مليون دولار إلى ميناء هاراديري الواقع في منتصف ساحل الصومال الطويل، وأبلغ خاطفو الناقلة وكالة الأنباء الفرنسية بأنهم بصدد طلب فدية للإفراج عنها. لكن لا توجد أدلة تذكر على أن شركات الناقلات الكبرى التي تنقل معظم شحنات النفط الخام في العالم تتفادى المرور عبر قناة السويس، برغم أن كثيرا منها يبدي قلقا عميقا إزاء نشاط القراصنة الصوماليين. واستبعد ثلاث من أكبر الدول المصدرة للنفط في الخليج، وهي السعودية وإيران والكويت أمس الثلاثاء تغيير مسار الأساطيل التي تملكها بسبب هجمات القراصنة الصوماليين. وفي أحدث حلقة من حلقات القرصنة، قال برنامج مساعدة ملاحي شرق إفريقيا أمس الأربعاء: إن قراصنة صوماليين استولوا على سفينة نقل بضائع يونانية أخرى في المياه الدولية قبالة السواحل الصومالية. وقال برنامج مساعدة ملاحي شرق إفريقيا، وهو هيئة إقليمية تراقب الملاحة البحرية: إن قراصنة صوماليين استولوا على السفينة في المياه الدولية قبالة الصومال. ونقلت وكالة "رويترز" عن أندرو موانجورا منسق الهيئة التي يوجد مقرها في مدينة مومباسا الكينية: "القراصنة يرسلون رسالة إلى العالم مفادها أننا يمكننا أن نفعل ما نريد". وأضاف أن عدد أفراد طاقم السفينة اليونانية يتراوح ما بين 23 إلى 25 فردًا. جاء ذلك بعد ساعات من الإعلان عن اختطاف سفينة أخرى ترفع علم هونج كونج؛ وذلك برغم وجود قوة بحرية دولية كبيرة في المياه الإقليمية والدولية قبالة سواحل الصومال وشرق إفريقيا، من بينها سفن حربية أمريكية. وخطف قراصنة السفينة في خليج عدن بينما كانت في طريقها إلى إيران وعلى متنها شحنة من الحبوب، وهي ثالث سفينة ترفع علم هونج كونج تخطف في المنطقة في فصل الخريف الحالي. وقال مسئول بمركز تنسيق الإنقاذ البحري في هونج كونج ل"رويترز" هاتفيا: إن السفينة "ديلايت" التي يبلغ عدد أفراد طاقمها 25 فردًا خطفت في بحر عُمان قبالة سواحل اليمن، وإنها تبحر حاليا باتجاه الصومال. وقال متحدث باسم إدارة البحرية في هونج كونج: "ما زلنا نحاول معرفة أحدث الأوضاع على متن السفينة"، ورفض ذكر تفاصيل عن طلب فدية أو أي مطالب أخرى. وذكرت الإدارة أن السفينة ما زالت في أيدي القراصنة، لكن الاتصال بأفراد الطاقم المخطوفين ما زال ممكنا. وقالت نشرة شركة لويدز البريطانية لأعمال التأمين: إن السفينة تديرها خطوط الملاحة البحرية الإيرانية، وكانت تحمل 36 ألف طن من القمح إلى ميناء بندر عباس في إيران، وأعضاء طاقم السفينة من جنسيات هندية وباكستانية، وأيضًا من الفلبينوإيران وجيانا. ونقلت "رويترز" عن متحدث باسم مركز الإبلاغ عن أعمال القرصنة التابع للمكتب البحري الدولي في العاصمة الماليزية كوالالمبور أن قوات بحرية تابعة للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو تتعقب السفينة، وتراقبها حاليا. ومنذ مطلع العام الحالي قام القراصنة الصوماليون بمحاولة اختطاف حوالي 64 سفينة، ونجحت منها 32 عملية قرصنة، وتقول "رويترز" إن القراصنة لا يزالون يحتجزون حاليا حوالي 12 سفينة، وأكثر من 200 رهينة معظمهم قرب قرية إيل على الساحل الشمالي للصومال. ومن بين هذه السفن ناقلة أوكرانية كانت في طريقها إلى كينيا، تحمل 33 دبابة ومعدات عسكرية أخرى.