يواصل أعنف إعصار سياسي ضرب معاقل القوى الانفصالية، وإلحاق دمار شبه شامل بتياراتها في الداخل والخارج، كاشفاً النقاب عن رهان جديد للكبار على سحق الصغار، واجتثاث "المشاريع التفكيكية" لتسوية أرضية الملعب السياسي اليمني- ضمن حقائق جديدة فرضت معادلاتها الكواليس، وتكشفها "نبأ نيوز". ففي أحدث تطور، أكدت مصادر قيادية في الحراك الانفصالي ل"نبأ نيوز" أن عدداً من القيادات الجنوبية "البارزة" عقدت مساء أمس السبت بمدينة عدن اجتماعاً مغلقاً بحثت فيه الخلافات المحتدمة بين المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي برئاسة حسن باعوم والهيئة الوطنية العليا للحراك الجنوبي برئاسة ناصر النوبة، ووقفت خلاله على خطورة الانشقاق وتداعياته على الحراك الجنوبي، وأقرت عقد اجتماع لاحق تم الاتفاق على موعده، لتشكيل لجنة تحضيرية تتولى الإعداد لما وصفته ب"ملتقى وطني عام". وأكدت المصادر: أن نخباً سياسية واجتماعية بارزة من مختلف المحافظات الجنوبية، وتكوينات الحراك- بما فيها مجلس باعوم وهيئة النوبة- اتفقت على عقد الملتقى، بهدف تشكيل صيغة تنظيمية موحدة يتم الإعلان عنها كممثل شرعي وحيد للجنوب يتولى قيادة نضال أبنائه من أجل "الاستقلال"، وتمثيلهم في مختلف المحالف الداخلية والخارجية، وأي مباحثات أو مفاوضات تجري مع أي جهة كانت، لافتاً إلى وجود تنسيق مع بعض قيادات الحراك في الخارج. وأوضحت المصادر: أن ما تم الاتفاق عليه جاء على ضوء دراسة مستفيضة للخلافات القائمة، وبعد الوصول إلى قناعة بأن حجم الشرخ بين باعوم والنوبة قد بلغ حداً خطيراً، وتوسعت رقعته وأطرافه، بما يهدد بالقضاء على القضية الجنوبية، وضياع الجهود النضالية، ويمنح "نظام السابع من يوليو- على حد تعبيره- الفرصة لسحق الحراك"، لذلك فإن الرؤية التي تم وضعها للملتقى الوطني هي إعلان صيغة جديدة تلغي كل الوصايات الحالية- يقصد مجلس باعوم وهيئة النوبة- مؤكداً أن عدداً كبيراً من أبرز الشخصيات الوطنية الموجودة مع باعوم والنوبة أعطت موافقتها مسبقاً، وتؤيد الملتقى، وبعضها شارك في اجتماع أمس السبت. وفيما أكدت المصادر أن المتبنين للملتقى حرصوا على العمل بهدوء تفادياً لمن وصفهم ب"المفتنين"، فإنها نفت أن يكون ذلك انقلاباً على أحد، وإنما هو تقديم المصلحة العليا على كل الحسابات الضيقة. ورفض المصدر الكشف عن موعد الاجتماع القادم الذي ستتشكل فيه اللجنة التحضيرية للملتقى، مكتفياً بالقول "أكيد بعد العيد"..! وفي الوقت الذي تستعد فيه التيارات الانفصالية لإعلان انشقاق ثالث يسحب بساط قيادة الحراك من تحت أقدام حسن باعوم وناصر النوبة، فإن مصادر "نبأ نيوز" تؤكد أن الخلافات تأججت مؤخراً على نحو خطير جداً بين قيادات المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي والهيئة الوطنية العليا للحراك الجنوبي، على خلفية مهرجان الهاشمي في عدن. حيث أثار البيان الذي أصدره مجلس باعوم استياءً واسعاً لدى مختلف التكوينات الجنوبية نظراً لمصادرته جهود الآخرين والاستئثار بالنشاط الذي جرى لصالح باعوم وأنصاره، في الوقت الذي كان باعوم غائباً، ولم يشارك أنصاره إلاّ بعدد بسيط لا يستحق الذكر.. وهو الأمر الذي ردت عليه هيئة النضال السلمي بعدن بخطاب شديد اللهجة، قالت في بعضه: أن (النضال الحقيقي هو الذي يجري في الميدان لا عبر البيانات، والمناضلون الحقيقيون هم من يكونون بين الجماهير ووسطهم، ويتصدون بصدورهم العارية وقلوبهم العامرة بالإيمان والصلابة والنضال لكل أدوات القمع ورصاصات الموت التي تنهال عليهم من كل حدب وصوب.. والمناضلون الحقيقيون- وكما قال الأخ المناضل العميد ناصر علي النوبة- لا يتحدثون عن أمجاد شخصية يسعون لتحقيقها وهم في مخابئهم أو بعيدين عن حركة الجماهير ومنعزلين عنها).. ولم تتوقف ردود الأفعال عند هذا الحد، بل أن مجموعة من قيادات الحراك في عدن أعادت نبش ملفات الماضي، وبعثت برسالة خطية إلى حسن باعوم- تم تسريبها إلى بعض الصحف التابعة للحراك- تحذره فيها بان "عدن لم تعد مسلخاً للقرويين من يافع وغيرهم الذين يدخلوها لتصفية حساباتهم داخلها"، وأنها "لن تسمح لأي كان فرض وصايته عليها، ولا على الجنوب"، مذكرة باعوم بأن "للعمل النضالي الوطني قواعد وأصول يجب احترامها"، وأسهبت بالتذكير ببعض مواقف أبناء عدن أيام التشطير. الرسالة التي تلقاها حسن باعوم يوم 3/12/2008م، ورغم أنها قادمة من خارج قيادات الهيئة الوطنية العليا للحراك الجنوبي التي يرأسها النوبة، إلاّ أن أنها فجرت حرباً باردة ضروساً في أوساط تيارات الحراك الانفصالي، ما زالت مستمر في تصاعد حتى هذه الساعة، حيث أن باعوم يتهم جناح النوبة باستخدام ورقة عدن لإقصائه من ساحة الحراك، و"للتآمر على القضية الجنوبية"، وأنه "أصبح ألعوبة بيد الحزب الاشتراكي".. وهي ذات الاتهامات التي يوجهها النوبة أيضاً لنده باعوم وأنصاره. على صعيد متصل، كشفت مصادر قيادية في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني ل"نبأ نيوز" عن تحركات واسعة يقوم بها الاشتراكي داخل عدن، في محاولة لاستعادة نفوذه، وإزاحة التيارات الانفصالية، التي وصفها أمين عام الحزب الدكتور ياسين سعيد نعمان ب"المشاريع التفكيكية"، وحذر من خطورة إخلاء الساحة لها، وما يمكن أن تجره على اليمن. وأكدت المصادر: أن ضرراً كبيراً لحق بالحزب الاشتراكي وتاريخه النضالي بسبب "المشاريع التفكيكية"- أي التيارات الانفصالية- التي بات هناك من يخلط بينها وبين الحزب ويلحق إساءة بسمعة الحزب، مشيراً إلى أن قواعد الاشتراكي وقياداته باشرت منذ فترة غير قصيرة نشاطاً ميدانياً واسعاً، وتحركات على مختلف الأصعدة لتأكيد وجودها في الساحة، وقيادة الشارع الجنوبي خلال هذه المرحلة باعتبار أن الحزب الاشتراكي هو "القوة السياسية الشرعية الوحيدة القائمة بموجب الدستور والتي لها حق تمثل الجنوب، والتحدث باسم القضية الجنوبية". وأشار عضو اللجنة المركزية بفرع عدن- في معرض رده على سؤال "نبأ نيوز" حول تحركات الحزب لاستقطاب قيادات في التيارات الصغيرة الأخرى- بأن هناك اتصالات وحوارات مستمرة تجريها قيادة الحزب مع الجميع دون استثناء بقصد توحيد رؤى المسار النضالي، وتصويب أفكار البعض، كاشفاً النقاب عن "تراجع أعداد كبيرة من العناصر التي كانت تحت مظلة المشاريع الصغيرة، وأغلبهم من العناصر القيادية، وهم اليوم يتحركون في الساحة ضمن صفوف الحزب، ولدينا اعتقاد بأن الجميع خلال الفترة القادمة سيعود إلى مكانه الطبيعي، ولن تسمع أي أصوات غريبة". مصادر سياسية خاصة ل"نبأ نيوز" في عدن أكدت أن القيادات العليا في الحزب الاشتراكي رمت بكل ثقلها وإمكانياتها في عدن، وأنها تقوم باتصالات وتحركات غير مسبوقة لاستقطاب العناصر الناشطة في تيارات الحراك الانفصالي، ورجحت وقوف الاشتراكي وراء الانشقاقات المتتالية التي شهدتها هيئات الحراك الانفصالي مؤخراً، ضمن برنامج يهدف إلى تفكيك هذه التيارات، وصهرها في الساحة السياسية، وقد شجعت النتائج الايجابية الاشتراكي لمد نشاطه إلى عدد من المحافظات اليمنية الجنوبية. وتعتقد المصادر ذاتها أن التحركات الحالية للحزب الاشتراكي تؤكد أنه ماضٍ بتسوية أرضية ملعبه السياسي، وتهيئة نفسه لمرحلة جديدة لا يمكن التكهن بطبيعتها، وفيما إذا كانت جزءً من عملية توافق مع السلطة في إطار صفقة سياسية، أم سعياً لاستعادة الذات الاعتبارية السياسية للحزب، ومعاودة بسط نفوذه في الجنوب- بعد سحق "المشاريع التفكيكية" التي تواجه حالياً أعنف إعصار سياسي يفتك بفصائلها، ويلحق بها دماراً شبه شامل..!