هل لديكم شك بأن الجنة تحت أقدام الأمهات؟ وهل نختلف على أن فضل الأم على أبنائها أكبر من فضل الأب؟ وهل منا من لا يحفظ الوصية "أمك.. ثم أمك.. ثم أمك.. ثم أباك"؟ برغم كل ذلك.. قوبل خبر القانون الجديد الذي طبق للمرة الأولى في فرنسا ويعطي الأم مثل الأب الحق في إعطاء اسمها للمولود ليحمل الاسمين معا (اسم الأب واسم الأم) باستهجان ونشر إلى جانبه علامة استفهام(!).. مع أن المولود سوف يحمل اسم والديه معا. هذا القانون الذي جاء ليلغي القانون القديم المعترف به عند العصور الوسطى والذي يحتم إعطاء المولود اسم أبيه فقط وان تعددت الأمهات حظي بتأييد نسبه كبيرة في استفتاء أجرته مجلة (جينيا لوجي) الفرنسية، مما يعكس تقبل المجتمع الفرنسي الذي لم يواجه الفكرة أو القضية بالاستهجان والاستنكار. يحدث هذا في الوقت الذي تواجه فيه مجتمعاتنا التي لا زالت في بعض فئاتها تخجل من التصريح باسم الزوجة أو الأم باعتباره عورة مشاكلها وقضاياها بأسلوب متحجر جامد كما حدث في قضية هند والفيشاوي وابنتهما لينا التي خرجت إلى الحياة بعد فضيحة مدوية كانت في غنى عنها لكنه الإصرار الغريب على استجداء أو انتزاع اسم الأب حتى وان لم يكن يستحقه أو يريده، وهي لم تكن إلا واحدة كما كثير من القضايا التي تفضح عورات النظام الطبقي الأبوي بشكل صارخ. إذا كان نسب الولد يثبت من أبيه بالفراش أو الإقرار أو البينة، فان نسب الولد من أمه يثبت بمجرد ولادته إلا أننا مستعدون دوما لان نغفر للوالد حتى سؤ أخلاقه في سبيل تصدقه بالاعتراف بهذا النسب وكأن الأم بلا نسب يذكر أو يكفي لحل المشكلة مؤقتا إلى أن يتم إثبات نسب الأب. تاريخيا.. وقبل أن يثبت النظام الطبقي الأبوي أقدامه على الأرض كان هناك من الإعلام الكثيرين ممن نسب إلى أمه دون حرج أو استنكار فأمير العراق (المنذر بن ماء السماء) في عصر المناذرة قبل الإسلام كان نسبه إلى أمه "ماء السماء". والشاعر الرماح ابن ميادة المري نسب إلى أمه ميادة وكانت فارسية فيقال (الرماح بن ميادة)، كان من الشعراء المخضرمين في الدولتين الأموية والعباسية. كذلك محمد بن علي بن أبي طالب كان ينسب إلى أمه "الحنفية" فيقال (محمد ابن الحنفيه)... الخ. ويبقى المسمار الأخير الذي يتكئ عليه معظمنا في حالة تعدد الزوجات وهي حالة يفترض أنها خاصة وليست للعموم، فإننا إذا ما قبلنا بها في عصرنا هذا فان ذلك سيبرر للمرأة مستقبلا تعدد الأزواج بعد اكتشاف فحص (دي .ان. ايه) للمولود الذي لم يكن معروفا في أزمان سابقه، من منطلق أن ظروف ما قبل 14 قرنا تختلف عن ظروفنا الحالية التي تتطور وتتغير باستمرار. يقول "البرت اينشتاين".. "المشاكل الموجودة في العالم اليوم لا يمكن أن تحلها عقول خلقتها" وأحيانا لا نحتاج لأكثر من ثلاثة دقائق لكي نتخلى عن قناعاتنا.. لكن كيف ومتى؟ طبعا لا أتوقع الحل لكثير من مشاكلنا المعلقة لأننا نريدها كذلك.. إنما بعضنا فقط يهوى إلقاء الحجر في المياه الراكدة ليس إلا... وأنا منهم.